.::||[ آخر المشاركات ]||::.
المهدوية في آخر الزمان‏ [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 6689 ]       »     وانفصمتْ والله العروةُ الوُثقى... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 6652 ]       »     21 رمضان .. ذكرى أليمة استشها... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 4418 ]       »     نتقال الامام الى روضة الخلد وا... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 4412 ]       »     مجلس شهادة أمير المؤمنين الإما... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 6201 ]       »     الامام علي ابو الأيتام [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 2814 ]       »     عقيلة الطالبيين مدرسة لنسائنا ... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 4606 ]       »     كيف نكون قريبين من الإمام المه... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 2599 ]       »     الإمام علي قدر هذه الأمة وقدره... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 2796 ]       »     ما سَرُ تَعلق اليَتامى بالإمام... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 2603 ]       »    



 
 عدد الضغطات  : 14637



إضافة رد
#1  
قديم 06-16-2011, 02:11 AM
المراقبين
نورجهان غير متواجد حالياً
Saudi Arabia     Female
اوسمتي
المشرفة المميزة وسام شكر وتقدير المراقب المميز المراقب المميز 
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 15
 تاريخ التسجيل : Apr 2011
 فترة الأقامة : 4824 يوم
 أخر زيارة : 04-23-2023 (08:33 PM)
 المشاركات : 4,993 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي الموضوع الشامل حول الإمام علي (ع)




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أقدم اليكم أعزائي الموضوع الشامل حول الإمام علي
وهو يُعنى بجنابه من جميع النواحي منذ تولده وحتى الشهادة بالاضافة الى بعض الفقرات الخاصة وما يتعلق به في آخر الزمان .

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة :
عن النبى: " من أحب أن ينظر إلى اسرافيل فى هيبته، و إلى ميكائيل فى رتبته، و إلى جبرئيل فى جلالته، و إلى آدم فى سلمه، و إلى نوح فى خشيته، و إلى ابراهيم فى خلته، و إلى يعقوب فى حزنه، و إلى يوسف فى جماله، و إلى موسى فى مناجاته، و إلى أيوب فى صبره، و إلى يحيى فى زهده، و إلى يونس فى سنته، و إلى عيسى فى ورعه، و إلى محمد فى حبسه و خلقه فلينظر إلى على، فإن فيه تسعين خصلة من خصال الأنبياء جمع الله فيه ولم يجمع لأحد غيره " .

__________________________________________________ _

النسب الشريف :

أبوه : سيد البطحاء أبو طالب بن عبد المطلب ( رض ) .
أمه : فاطمة بنت أسد بن عبد المطلب (رض ) .

محمد وعلي قبل آدم :

«كنت أنا وعليّ عن يمين العرش، نسبّح اللّه‏ قبل أن يخلق آدم بألفي عام. فلمّا خلق آدم جعلنا في صُلبه، ثمّ نقلنا من صُلبٍ إلى صُلبٍ في أصلاب الطاهرين وأرحام المطهّرات، حتّى انتهينا إلى صُلب عبد المطّلب، فقسمنا قسمين: فجعل في عبد اللّه‏ نصفاً، وفي أبي طالب نصفاً، وجعل النبوّة والرسالة فيَّ، وجعل الوصيّة والقضيّة في عليٍّ. ثمّ اختار لنا اسمين اشتقّهما من أسمائه، فاللّه‏ المحمود وأنا محمّد، واللّه‏ العليّ وهذا عليّ، فأنا للنبوّة والرسالة، وعليّ للوصيّة والقضيّة. (1)

الولادة المعجزة :

تاريخ توهج النور العلوي الدنيوي : وكانت الولادة الشريفة يوم الجمعة في الثالث عشر من شهر رجب، بعد مضي ثلاثين سنة من عام الفيل.
وقيل: أقل من ذلك، والله العالم.


أحست السيدة فاطمة بنت أسد بوجع الولادة وهي في الشهر التاسع من الحمل، وأقبلت إلى المسجد الحرام وطافت حول الكعبة، ثم وقفت للدعاء والتضرع إلى الله تعالى ليسهل عليها أمر الولادة، قائلة: يا رب إني مؤمنة بك وبكل كتاب أنزلته، وبكل رسول أرسلته ومصدقة بكلامك وكلام جدي إبراهيم الخليل ()، وقد بنى بيتك العتيق، وأسألك بحق أنبياءك المرسلين، وملائكتك المقربين وبحق هذا الجنين الذي في أحشائي إلا يسرت عليّ ولادتي.
روى الشيخ الطوسي عليه الرحمة ـ في أماليه ـ عن الإمام الصادق (): كان العباس بن عبد المطلب ويزيد بن قعنب جالسين ما بين فريق بني هاشم إلى فريق بني عبد العزى إزاء بيت الله الحرام، إذ أتت فاطمة بنت أسد بن هاشم، وكانت حاملة بأمير المؤمنين () لتسعة أشهر، وكان يوم التمام، فوقفت إزاء البيت الحرام، وقد أخذها الطلق، ورمت بطرفها نحو السماء ودعت بهذا الدعاء . انتهى دعاء السيدة، وانشق جدار الكعبة من الجانب المسمى (بالمستجار) ودخلت السيدة فاطمة بنت أسد إلى جوف الكعبة، وارتأب الصدع، وعادت الفتحة والتزقت , فوصل الخبر إلى أبي طالب، فأقبل هو وجماعة وحاولوا ليفتحوا باب الكعبة حتى تصل النساء إلى فاطمة ليساعدنها على أمر الولادة، ولكنهم لم يستطيعوا فتح الباب، فعلموا أن هذا الأمر من الله سبحانه وتعالى.
وحدثت السيدة فاطمة بما جرى عليها في الكعبة، قالت: فجلست على الرخامة الحمراء ساعة، وإذا أنا قد وضعت ولدي علي بن أبي طالب ولم أجد وجعاً ولا ألماً.
وبقيت السيدة في الكعبة ثلاثة أيام، وانتشر الخبر في مكة، وجعل الناس يتحدثون به حتى النساء، وازدحم الناس في المسجد الحرام، ليشاهدوا مكان الحادثة، حتى كان اليوم الثالث، وإذا بفاطمة قد خرجت ـ من الموضع الذي كان قد انشق لدخولها ـ وعلى يدها صبي كأنه فلقة قمر وأسرعت الجماهير المتجمهرة إليها فقالت: معاشر الناس، إن الله عز وجل اختارني من خلقه وفضلني على المختارات ممن مضى قبلي، وقد اختار الله آسية بنت مزاحم فإنها عبدت الله سراً في موضع لا يحب أن يعبد الله فيه إلا اضطراراً، ومريم بنت عمران، حيث هانت ويسرت ولادة عيسى فهزت الجذع اليابس من النخلة في فلاة من الأرض حتى تساقط عليها رطباً جنياً وإن الله تعالى اختارني (فضلني) عليها وعلى كل من مضى قبلي من نساء العالمين لأني ولدت في بيته العتيق، وبقيت فيه ثلاثة أيام آكل من ثمار الجنة وأرزاقها.

أمير الكون مولوداً :

استقبل سيدنا أبو طالب السيدة فاطمة بنت أسد مهنئاً، وأخذ أبو طالب وليده الحبيب وضمه إلى صدره ثم رده إلى أمه، وأقبل رسول الله وذلك قبل أن يبعث فلما رآه علي جعل يهش ويضحك كأنه ابن سنة، من حيث المشاعر والإدراك فأخذه النبي (صلّى الله عليه وآله) وقبله وحمد الله على ظهور هذا المولود الذي كان يعلم أنه سيكون له أحسن وزير وخير أخ وأول مؤمن به، وتتحقق به آمال رسول الله وأمانيه بنشر دينه الذي سيبعث به فسلم علي على رسول الله ثم قرأ هذه الآيات: (بسم الله الرحمن الرحيم.
قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون)(4) إلى آخر الآيات، فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قد أفلحوا بك.
وقرأ تمام الآيات إلى قوله (أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون)(5).
فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): أنت والله أميرهم تميرهم من علومك فيمتارون، وأنت والله دليلهم وبك يهتدون.
وأذن أبو طالب في الناس أذاناً جامعاً وقال: هلموا إلى وليمة ابني علي.
قال: ونحر ثلاث مائة من الإبل وألف رأس من البقر والغنم واتخذوا وليمة عظيمة وقال: معاشر الناس، ألا من أراد من طعام علي ولدي فهلموا وطوفوا بالبيت سبعاً سبعاً، وادخلوا وسلموا على ولدي علي فإن الله شرفه(6).


الهوامش :
(2) البحار ـ ج9.
(3) نفس المصدر.
(4) سورة المؤمنون، الآيتان: 1 و2.
(5) سورة المؤمنون، الآيتان: 10 و11.
(6) البحار ـ ج9.

- يُتبع -












 توقيع : نورجهان


رد مع اقتباس
قديم 06-16-2011, 02:13 AM   #2
المراقبين


الصورة الرمزية نورجهان
نورجهان غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 15
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 04-23-2023 (08:33 PM)
 المشاركات : 4,993 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي




أمير المؤمنين استشهادياً :
فداك أبي وأمي ونفسي ومحياي ومماتي يا ليث الحجاز

توفيت السيدة خديجة الكبرى وبعد مدة يسيرة توفي سيدنا أبو طالب، وكانا بمنزلة جناحين لرسول الله، وخيمت الأحزان على قلب الرسول حتى سمي تلك السنة (عام الحزن).
وعند ذلك خلا الجو للمشركين، واستضعفوا النبي لفقدان الناصر، وعزموا على اغتيال النبي وقتله، وإليكم التفصيل:
اجتمع المشركون في دار الندوة وتذاكروا حول قتل النبي (صلّى الله عليه وآله) وتقرر أخيراً أن يجتمع من كل قبيلة رجل واحد ويهجموا على النبي (صلّى الله عليه وآله)، ويقتلوه في بيته، واجتمع أربعون رجلاً من أربعين قبيلة واجتمعوا على باب دار النبي (صلّى الله عليه وآله) ونزل جبرائيل على النبي وأخبره بمكيدة القوم وأمره بالهجرة من مكة إلى المدينة، فأرسل النبي إلى علي وقال له: يا علي إن الروح هبط علي يخبرني أن قريشاً اجتمعت على المكر بي وقتلي وأنه أوحى إلي عن ربي أن أهجر دار قومي وأن أنطلق إلى غار ثور، تحت ليلتي، وأنه أمرني أن آمرك بالمبيت على مضجعي لتخفي بمبيتك عليه أثري فما أنت قائل وصانع؟
فقال علي (): أوَ تسلمنّ بمبيتي هناك يا نبي الله؟ قال: نعم، فتبسم علي () ضاحكاً، وأهوى إلى الأرض ساجداً، شكراً لما أنبأه به رسول الله (صلّى الله عليه وآله) من سلامته، فكان علي () أول من سجد لله شكراً، وأول من وضع وجهه على الأرض بعد سجدته من هذه الأمة بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فلما رفع رأسه قال له: امضي لما أمرت، فداك سمعي وبصري وسويداء قلبي، ومرني بما شئت أكون فيه كمسرتك وأقع منه بحيث مرادك، وإن توفيقي إلا بالله، وقال النبي (صلّى الله عليه وآله): أو أن ألقي عليك شبهة مني، أو قال: شبهي، قال: أن يمنعوني نعم، قال: فارقد على فراشي واشتمل ببردي الحضرمي، ثم إني أخبرك يا علي أن الله تعالى يمتحن أولياءه على قدر إيمانهم ومنازلهم من دينه، فأشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، وقد امتحنك يا ابن أم وامتحنني فيك بمثل ما امتحن به خليله إبراهيم () والذبيح إسماعيل ()، فصبراً صبراً، فإن رحمة الله قريب من المحسنين، ثم ضمه النبي (صلّى الله عليه وآله) إلى صدره وبكى إليه وجداً به، وبكى علي () جزعاً على فراق رسول الله (صلّى الله عليه وآله).
وفي رواية: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ـ لعلي () ـ : أرضيت أن أُطلب فلا أُوجد وتوجد؟ فلعله أن يبادر إليك الجهال فيقتلوك؟ قال: بلى يا رسول الله رضيت أن يكون روحي لروحك وقاءً ونفسي لنفسك فداء، بل رضيت أن يكون روحي ونفسي فداء أخ لك أو قريب...
وهل أحب الحياة إلا لخدمتك، والتصرف بين أمرك ونهيك، ولمحبة أوليائك ونصرة أصفيائك ومجاهدة أعدائك.
لولا ذلك لما أحببت أن أعيش في هذه الدنيا ساعة واحدة.
وقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): لعلي () فإذا قضيت ما أمرتك من أمر فكن على أهبة الهجرة إلى الله ورسوله، وسر إلي لقدوم كتابي عليك، ولا تلبث بعده.
فانطلق النبي إلى الغار، ونام علي في مكانه ولبس برده، فجاء قريش يريدون أن يقتلوا النبي (صلّى الله عليه وآله)، فجعلوا يرمون علياً وهم يرون أنه النبي وكان علي () يتضور (يتلوى) من الألم ولا يتكلم لئلا يعرفوه، وكان القوم يريدون الهجوم على البيت ليلاً، فيمنعهم أبو لهب ويقول لهم: يا قوم إن في هذه الدار نساء بني هاشم وبناتهم، ولا نأمن أن تقع يد خاطئة إذا وقعت الصيحة عليهن، فيبقى ذلك علينا مسبة وعاراً إلى آخر الدهر في العرب.
فجلسوا على الباب حتى طلع الفجر، فتواثبوا إلى الدار شاهرين سيوفهم، وقصدوا نحو مضجع النبي ومعهم خالد بن الوليد، فقال لهم أبو جهل: لا تقعوا به وهو نائم لا يشعر، ولكن ارموه بالأحجار لينتبه بها ثم اقتلوه، أيقظوه ليجد ألم القتل، ويرى السيوف تأخذه!! فرموه بأحجار ثقال صائبة، فكشف عن رأسه، وقال: ما شأنكم؟ فعرفوه، فإذا هو علي () فقال أبو جهل: أما ترون محمداً كيف أبات هذا ونجا بنفسه لتشتغلوا به؟ وينجو محمد، لا تشتغلوا بعلي المخدوع لينجو بهلاكه محمد، وإلا فما منعه أن يبيت في موضعه إن كان ربه يمنع عنه كما يزعم.
ثم قالوا: أين محمد؟ قال: أجعلتموني عليه رقيباً؟ ألستم قلتم: نخرجه من بلادنا؟ فقد خرج عنكم.
فأرادوا أن يضربوه فمنعهم أبو لهب، وقالوا لعلي: أنت كنت تخدعنا منذ الليلة (أي بنومك على فراش النبي خدعتنا وظننا أنك محمد) .
وكان أوحى الله عز وجل إلى جبرائيل وميكائيل: إني قد آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من الآخر، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة؟ فاختار كل منهما الحياة، فأوحى الله عز وجل إليهما: ألا كنتما مثل علي بن أبي طالب؟ آخيت بينه وبين محمد (صلّى الله عليه وآله) فبات على فراشه يفديه بنفسه، ويؤثره بالحياة، اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه، فنزلا، فكان جبرائيل عند رأسه، وميكائيل عند رجليه، وجبرائيل يقول: بخ بخ! من مثلك يا بن أبي طالب، يباهي الله بك ملائكته؟؟ فأنزل الله عز وجل على رسوله (صلّى الله عليه وآله) وهو متوجه إلى المدينة في شأن علي بن أبي طالب () (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد)(سورة البقرة، الآية: 207 ) .
قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): نزل علي جبرائيل صبيحة يوم الغار، فقلت: حبيبي جبرائيل أراك فرحاً، فقال: يا محمد وكيف لا أكون كذلك وقد قرت عيني بما أكرم الله به أخاك ووصيك وإمام أمتك علي بن أبي طالب ()، فقلت: بماذا أكرمه الله؟ قال: باهى بعبادته البارحة ملائكته، وقال: ملائكتي! انظروا إلى حجتي في أرضي بعد نبيي وقد بذل نفسه، وعفر خده في التراب تواضعاً لعظمتي، أشهدكم أنه إمام خلقي ومولى بريتي.

علي هو أول من هاجر :

وأما السبق إلى الهجرة، فليس المقصود من الهجرة الانتقال من بلد إلى آخر، ولا يعد هذا فضيلة، فما أكثر المهاجرين! ولعل المقصود من الهجرة هو ترك الوطن وكل ما فيه لله وفي الله، وقد قال تعالى: (ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله)(1) وهذه الآية في شأن المجاهدين الذين يقتلون في سبيل الله والحجاج الذين يموتون في طريق الحج.

واستخلفه الرسول (صلّى الله عليه وآله) لرد الودائع، لأنه كان أميناً، فلما أداها قام على الكعبة فنادى بصوت رفيع: يا أيها الناس هل من صاحب أمانة؟ هل من صاحب وصية؟ هل من عدة له قبل رسول الله؟ فلما لم يأت أحد لحق بالنبي.
وقال ابن شهر آشوب أيضاً: أمره النبي أن يؤدي عنه كل دين وكل وديعة وأوصى إليه بقضاء ديونه، فأذن من كان معه من ضعفاء المؤمنين فأمرهم أن يتسللوا ويتخففوا ـ إذا ملأ الليل بطن كل واد ـ إلى ذوي طوى، وخرج علي () بفاطمة (عليها السلام) بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم، وفاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب، وقد قيل: هي ضباعة، وتبعهم أيمن بن أم أيمن مولى رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وأبو واقد رسول رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فجعل يسوق بالرواحل فأعنف بهم، فقال علي (): ارفق بالنسوة أبا واقد! إنهن من الضعائف، قال: إني أخاف أن يدركنا الطالب ـ أو قال: الطلب ـ فقال علي (): أربع عليك، فإن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال لي: يا علي إنهم لن يصلوا من الآن إليك بأمر تكرهه، ثم جعل ـ يعني علياً () ـ يسوق بهن سوقاً رفيقاً وهو يرتجز ويقول:
ليس إلى الله فارفع ظنكا يكفيك رب الناس ما أهمكا
وسار، فلما شارف ضجنان أدركه الطلب سبع فوارس من قريش مستلئمين وثامنهم مولى الحارث بن أمية يدعى جناحا، فأقبل علي () على أيمن وأبي واقد وقد تراءى القوم فقال لهما: أنيخا الإبل وأعقلاها.
وتقدم حتى أنزل النسوة، ودنا القوم فاستقبلهم علي () منتضياً سيفه، فأقبلوا عليه فقالوا: ظننت أنك يا غدار ناج بالنسوة، ارجع لا أبا لك، قال: فإن لم أفعل؟ قالوا: لترجعن راغماً، أو لنرجعن بأكثرك شعراً، وأهون بك من هالك.
ودنا الفوارس من النسوة والمطايا ليثوروها، فحال علي () بينهم وبينها، فأهوى له جناح بسيفه فراغ علي () عن ضربته، وتختله علي () فضربه على عاتقه، فأسرع السيف مضياً فيه حتى مس كاثبة فرسه، فكان علي () يشد على قدمه شد الفرس، أو الفارس على فرسه، فشد عليهم بسيفه وهو يقول:
خلوا سبيل الجاهد المجاهد آليت لا أعبد غير الواحد
فتصدع القوم عنه، فقالوا له: اغن عنا نفسك يا ابن أبي طالب، قال: فإني منطلق إلى ابن عمي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بيثرب، فمن سره أن أفري لحمه وأهريق دمه فليتبعني، أو فليدن مني، ثم أقبل على صاحبيه أيمن وأبي واقد فقال لهما: أطلقا مطاياكما، ثم سار ظاهراً قاهراً حتى نزل ضجنان، فتلوم بها قدر يومه وليلته، ولحق به نفر من المستضعفين من المؤمنين، وفيهم أم أيمن مولاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فلبثوا هناك هو والفواطم: أمه فاطمة بنت أسد رضي الله عنها، وفاطمة (عليها السلام) بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وفاطمة بنت الزبير يصلون لله ليلتهم ويذكرونه قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم، فلم يزالوا كذلك حتى طلع الفجر، فصلى علي () بهم صلاة الفجر، ثم سار لوجهه، فجعل وهم يصنعون ذلك منزلاً بعد منزل يعبدون الله عز وجل ويرغبون إليه كذلك حتى قدموا المدينة، وقد نزل الوحي بما كان من شأنهم قبل قدومهم: (الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً)(3) إلى قوله: (فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى)(4).
ولما نزل الرسول (صلّى الله عليه وآله) بقباء خارج المدينة بقي ينتظر قدوم علي ()، فقال له أبو بكر: انهض بنا إلى المدينة فإن القوم قد فرحوا بقدومك، وهم يستريثون إقبالك إليهم فانطلق بنا ولا تقم هاهنا تنتظر علياً، فما أظنه يقدم إليك إلى شهر، فقال له رسول الله (صلّى الله عليه وآله): كلا، ما أسرعه.
ولست أريم حتى يقدم ابن عمي وأخي في الله عز وجل وأحب أهل بيتي إلي فقد وقاني بنفسه من المشركين فبقي النبي (صلّى الله عليه وآله) خمسة عشر يوماً فوافى علي بعياله وقد تفطرت قدماه فاعتنقه النبي وبكى رحمة لما بقدميه من الورم.
وتفل في يديه وأمرهما على قدميه فلم يشتكهما بعد ذلك أبداً.


- يُتبع -









 
 توقيع : نورجهان



رد مع اقتباس
قديم 06-16-2011, 02:16 AM   #3
المراقبين


الصورة الرمزية نورجهان
نورجهان غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 15
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 04-23-2023 (08:33 PM)
 المشاركات : 4,993 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي




زواج النور من النور :
علي يتزوج من فاطمة

لما أدركت فاطمة بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) مدرك النساء خطبها أكابر قريش من أهل الفضل والسابقة في الإسلام، والشرف والمال، وكان كلما ذكرها رجل من قريش لرسول الله (صلّى الله عليه وآله) أعرض عنه رسول الله بوجهه، حتى كان الرجل منهم يظن ـ في نفسه ـ أن رسول الله فيه وحي من السماء.
ولقد خطبها من رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أبو بكر، فقال له رسول الله: أمرها إلى ربها، وخطبها بعد أبي بكر عمر بن الخطاب، فقال له رسول الله (صلّى الله عليه وآله) كمقالته لأبي بكر.
فجاء أبو بكر وسعد بن معاد إلى علي () وهو خارج المدينة يسقي نخلاً له، وسألاه عما يمنعه عن خطبة فاطمة (عليها السلام) فقال لهما علي: ما يمنعني إلا الحياء وقلة ذات اليد (المال) فقال له سعد: اذهب إلى رسول الله واخطب منه فاطمة، فإنه يزوجك، والله ما أرى رسول الله يحبسها إلا عليك.
فقال علي: فأقول ماذا؟ فقال سعد: تقول: جئت خاطباً إلى الله ورسوله فاطمة بنت محمد.
فأقبل علي () يقصد دار النبي، وهبط جبرائيل على الرسول وأخبره بمجيء علي، وكان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في دار أم سلمة، فدق علي الباب، فقالت أم سلمة: من بالباب؟ فقال لها الرسول ـ من قبل أن يقول علي: أنا ـ : قومي يا أم سلمة فافتحي له الباب، ومريه بالدخول، فهذا رجل يحبه الله ورسوله ويحبهما.
فقالت أم سلمة: فداك أبي وأمي، ومن هذا الذي تذكر فيه هذا وأنت لم تره؟ فقال: مه يا أم سلمة، فهذا رجل ليس بالخرق ولا بالنزق هذا أخي وابن عمي وأحب الخلق إلي.
فقامت أم سلمة وفتحت الباب وإذا هو علي بن أبي طالب قالت أم سلمة: والله ما دخل حين فتحت الباب حتى علم أني رجعت إلى خدري، ثم دخل على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته.
فقال النبي: وعليك السلام اجلس.
فجلس علي، وجعل ينظر إلى الأرض، كأنه قصد لحاجة وهو يستحي أن يبديها، فهو مطرق إلى الأرض حياء من رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فقال النبي: إني أرى أنك أتيت لحاجة، فقل ما حاجتك؟ وأبد ما في نفسك فكل حاجة لك مقضية.
فقال علي (): فداك أبي وأمي، إنك لتعلم أنك أخذتني من عمك أبي طالب ومن فاطمة بنت أسد وأنا صبي، فغذيتني بغذائك وأدبتني بأدبك، فكنت إلي أفضل من أبي طالب ومن فاطمة بنت أسد في البر والشفقة، وأن الله تعالى هداني بك وعلى يديك وأنت (والله) يا رسول الله ذخري وذخيرتي في الدنيا والآخرة.
يا رسول الله: فقد أحببت ـ مع ما شد الله من عضدي بك ـ أن يكون لي بيت وأن يكون لي زوجة أسكن إليها، وقد أتيتك خاطباً راغباً، أخطب إليك ابنتك فاطمة! فهل أنت مزوجي يا رسول الله؟ فتهلل وجه رسول الله فرحاً وسروراً، ثم تبسم في وجه علي وقال: فهل معك شيء أزوجك به؟ فقال علي: فداك أبي وأمي، والله ما يخفى عليك من أمري شيء، أملك سيفي ودرعي وناضحي (البعير الذي يحمل عليه الماء) وما لي شيء غير هذا.
فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): يا علي أما سيفك فلا غنى بك عنه، تجاهد به في سبيل الله وتقاتل به أعداء الله.
وناضحك تنضح به على نخلك وأهلك، وتحمل عليه رحلك في سفرك ولكني قد زوجتك بالدرع، ورضيت بها منك.
يا علي أبشرك؟.
فقال: نعم فداك أبي وأمي، بشرني فإنك لم تزل ميمون النقيبة، مبارك الطائر، رشيد الأمر، صلى الله عليك.
فقال (صلّى الله عليه وآله): ابشر فإن الله قد زوجكها في السماء من قبل أن أزوجك في الأرض.. إلى آخر كلامه.
ثم قال: يا علي إنه قد ذكرها قبلك رجال فذكرت ذلك لها فرأيت الكراهة في وجهها ولكن على رسلك حتى أخرج إليك فدخل عليها فقامت فأخذت رداءه ونزعت نعليه وأتته بالوضوء فوضئته بيدها وغسلت رجليه ثم قعدت فقال لها: يا فاطمة فقالت: لبيك ما حاجتك يا رسول الله؟ قال: إن علي بن أبي طالب من قد عرفت قرابته وفضله وإسلامه وإني قد سألت ربي أن يزوجك خير خلقه وأحبهم إليه وقد ذكر عن أمرك شيئاً فما ترين؟ فسكتت ولم تول وجهها ولم ير فيها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) كراهة، فقام وهو يقول: الله أكبر، سكوتها إقرارها، فمضى علي إلى المسجد، وجاء رسول الله في أثره، وفي المسجد المهاجرون والأنصار، فصعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) على درجة من المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: معاشر المسلمين إن جبرائيل أتاني آنفاً فأخبرني عن ربي عز وجل أنه جمع الملائكة عند البيت المعمور وأنه أشهدهم جميعاً أنه زوج أمته فاطمة بنت رسول الله من عبده علي بن أبي طالب، وأمرني أن أزوجه في الأرض وأشهدكم على ذلك، ثم جلس وقال لعلي: قم يا أبا الحسن فاخطب أنت لنفسك: فقام وحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي (صلّى الله عليه وآله) وقال: الحمد لله شكراً لأنعمه وأياديه، ولا إله إلا الله شهادة تبلغه وترضيه، وصلى الله على محمد صلاة تزلفه وتحظيه، والنكاح مما أمر الله عز وجل به ورضيه، ومجلسنا هذا مما قضاه الله وأذن فيه، وقد زوجني رسول الله ابنته فاطمة، وجعل صداقها درعي هذا وقد رضيت بذلك فاسألوه واشهدوا.
فقال المسلمون لرسول الله (صلّى الله عليه وآله): زوجته يا رسول الله؟ فقال: نعم.
فقالوا بارك الله لهما شملهما.
وانصرف رسول الله إلى أزواجه وأقبل فقال: يا علي انطلق الآن فبع درعك وائتني بثمنه حتى أهيئ لك ولابنتي فاطمة ما يصلحكما قال علي: فانطلقت فبعته بأربعمائة درهم سود هجرية وقيل بأربعمائة وثمانين أو خمسمائة من عثمان بن عفان فلما قبضت الدراهم أقبلت إلى رسول الله وطرحت الدراهم بين يديه، فدعا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بأبي بكر فدفعها إليه وقال: اشتر بهذه الدراهم لابنتي ما يصلح لها في بيتها، وبعث معه سلمان وبلالاً ليعيناه على حمل ما يشتريه، قال أبو بكر: أحصيت الدراهم التي أعطانيها ثلاثة وستين درهماً فانطلقت واشتريت فراشاً من خيش مصر محشواً بالصوف، ونطعاً من أدم، ووسادة من أدم حشوها من ليف النخل، وعباءة خيبرية، وقربة للماء، وكيزاناً، وجراراً، ومطهرة للماء، وستر صوف، رقيقاً وحملناه جميعاً حتى وضعناه بين يدي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فلما نظر إليه بكى، وجرت دموعه ثم رفع رأسه إلى السماء وقال: اللهم بارك لقوم جل آنيتهم الخزف! قال علي: ودفع رسول الله باقي ثمن الدرع إلى أم سلمة فقال: اتركي هذه الدراهم عندك.
ومكثت بعد ذلك شهراً لا أعاود رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في أمر فاطمة بشيء استحياء من رسول الله غير أني كنت إذا خلوت برسول الله يقول لي: يا أبا الحسن ما زوجتك سيدة نساء العالمين.
قال علي: فلما كان بعد شهر دخل علي أخي عقيل بن أبي طالب فقال: يا أخي ما فرحت بشيء كفرحي بتزويجك فاطمة بنت محمد (صلّى الله عليه وآله)، يا أخي فما بالك لا تسأل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يدخلها عليك فتقر عيناً باجتماع شملكما؟ قال علي: والله يا أخي إني لأحب ذلك وما يمنعني من مسألته إلا الحياء منه، فقال: أقسمت عليك إلا قمت معي.
فقمنا نريد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فلقيتنا في طريقنا أم أيمن مولاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فذكرنا ذلك لها فقالت لا تفعل ودعنا نحن نكلمه، فإن كلام النساء في هذا الأمر أحسن وأوقع بقلوب الرجال.
ثم انثنت راجعة فدخلت على أم سلمة فأعلمتها بذلك وأعلمت نساء النبي فاجتمعن عند رسول الله وكان في بيته عائشة فأحدقن به وقلن: فديناك بآبائنا وأمهاتنا يا رسول الله قد اجتمعنا لأمر لو أن خديجة في الأحياء لقرت بذلك عينها.
قالت أم سلمة: فلما ذكرنا خديجة بكى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ثم قال: خديجة! وأين مثل خديجة؟ صدقتني حين كذبني الناس وآزرتني على دين الله وأعانتني عليه بمالها!! إن الله عز وجل أمرني أن أبشر خديجة ببيت في الجنة من قصب الزمرد، لا صخب فيه ولا نصب.
قالت أم سلمة فقلنا: فديناك بآبائنا وأمهاتنا يا رسول الله إنك لم تذكر من خديجة أمراً إلا وقد كانت كذلك، غير أنها قد مضت إلى ربها فهنأها الله بذلك وجمع بيننا وبينها في درجات جنته ورضوانه ورحمته، يا رسول الله وهذا أخوك في الدنيا وابن عمك في النسب علي بن أبي طالب () يحب أن تدخل عليه زوجته فاطمة تجمع بها شمله.
فقال: يا أم سلمة فما بال علي لا يسألني ذلك؟ فقلت: الحياء منك يا رسول الله.
قالت أم أيمن: فقال لي رسول الله (صلّى الله عليه وآله): انطلقي إلى علي فآتيني به، فخرجت من عند رسول الله، فإذا علي ينتظرني، ليسألني عن جواب رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وحضر علي () عند رسول الله (صلّى الله عليه وآله).
فقال له رسول الله (صلّى الله عليه وآله): هيئ منزلاً حتى تحول فاطمة إليه، فقال علي (): يا رسول الله ما هاهنا منزل إلا منزل حارثة بن النعمان وكان لفاطمة (عليها السلام) يوم بنى بها أمير المؤمنين () تسع سنين، فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): والله لقد استحينا من حارثة بن النعمان قد أخذنا عامة منازله.
فبلغ ذلك حارثة فجاء إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله أنا ومالي لله ولرسوله، والله ما شيء أحب إلي مما تأخذه والذي تأخذه أحب إلي مما تتركه، فجزاه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) خيراً، فحولت فاطمة إلى علي () في منزل حارثة، وبسطوا في بيت علي كثيباً (الرمل)، ونصبوا عوداً يوضع عليه السقاء (القربة) وستروه بكساء ونصبوا خشبة من حائط إلى حائط للثياب وبسط جلد كبش ومخدة ليف.
فقال النبي (صلّى الله عليه وآله): يا علي اصنع لأهلك طعاماً فاضلاً، فجاء أصحابه بالهدايا، فأمر النبي فطحن البر (الحنطة) وخبز، وذبح الكبش واشترى علي تمرأ وسمناً، وأقبل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وحسر عن ذراعيه، وجعل يشدخ التمر في السمن فقال النبي: يا علي ادع من أحببت.
قال علي: فأتيت المسجد وهو غاص بالناس، فناديت: أجيبوا إلى وليمة فاطمة بنت محمد، فأجابوا من النخلات والزروع، وأقبل الناس إرسالاً وهم أكثر من أربعة آلاف رجل، وساير نساء المدينة، ورفعوا منها ما أرادوا، ولم ينقص من الطعام شيء، ثم دعا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بالصحاف (الأواني) فملئت، ووجه بها إلى منازل أزواجه ثم أخذ صحفة، وقال: هذه لفاطمة وبعلها.
(عن ابن بابويه): أمر النبي (صلّى الله عليه وآله) بنات عبد المطلب ونساء المهاجرين والأنصار أن يمضين في صحبة فاطمة سلام الله عليها وأن يفرحن ويرجزن ويكبرن ويحمدن ولا يقولن ما لا يرضي الله.

وكانت النسوة يرجعن أول بيت من كل رجز ثم يكبرن ودخلن الدار ثم أنفذ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إلى علي () ثم دعا فاطمة سلام الله عليها فأخذ يدها ووضعها في يده وقال: بارك الله في ابنة رسول الله.
يا علي: نعم الزوجة فاطمة ويا فاطمة نعم الزوج علي، ثم قال: يا علي هذه فاطمة وديعتي عندك، ثم قال النبي (صلّى الله عليه وآله): اللهم اجمع شملهما، وألف بين قلوبهما، واجعلهما وذريتهما من ورثة جنة النعيم، وارزقهما ذرية طاهرة طيبة مباركة، واجعل في ذريتهما البركة واجعلهم أئمة يهدون بأمرك إلى طاعتك ويأمرون بما يرضيك، اللهم إنهما أحب خلقك إلي، فأحبهما واجعل عليهما منك حافظاً وإني أعيذهما بك وذريتهما من الشيطان الرجيم.
ثم خرج إلى الباب وهو يقول: طهركما وطهر نسلكما، أنا سلم لمن سالمكما، وحرب لمن حاربكما، أستودعكما الله، وأستخلفه عليكما.
وباتت أسماء عندهما في البيت، وأصبح الصباح، وجاء رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إلى زيارة العروسين، وقال: السلام عليكما، أأدخل؟ ففتحت أسماء الباب فدخل النبي، فسأل علياً (): كيف وجدت أهلك؟ قال: نعم العون على طاعة الله، وسأل فاطمة فقالت: خير بعل، وجاء النبي بعس (قدح) فيه لبن فقال لفاطمة: اشربي فداك أبوك، وقال لعلي: اشرب فداك ابن عمك.
ثم قال (صلّى الله عليه وآله): يا علي آتيني بكوز من ماء، فجاء علي بكوز من ماء فتفل فيه ثلاثاً، وقرأ عليه آيات من كتاب الله تعالى ثم قال: يا علي اشربه، واترك فيه قليلاً ففعل علي ذلك.
فرش النبي (صلّى الله عليه وآله) باقي الماء على رأسه وصدره، ثم قال: أذهب الله عنك الرجس يا علي وطهرك تطهيراً.
وأمره بالخروج من البيت وخلي بابنته فاطمة وقال: كيف أنت يا بنية؟ وكيف رأيت زوجك؟ قالت: يا أبه خير زوج إلا أنه دخل علي نساء من قريش وقلن لي: زوجك رسول الله من فقير لا مال له.
فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يا بنية ما أبوك بفقير، ولا بعلك بفقير.
ولقد عرضت علي خزائن الأرض من الذهب والفضة فاخترت ما عند ربي عز وجل، يا بنية لو تعلمين ما علم أبوك لسمحت الدنيا في عينيك، والله يا بنية ما ألوتك نصحاً، إني زوجتك أقدمهم سلماً وأكثرهم علماً وأعظمهم حلماً، يا بنية إن الله عز وجل اطلع إلى الأرض اطلاعة فاختار من أهلها رجلين فجعل أحدهما أباك والآخر بعلك.
يا بنية نعم الزوج زوجك لا تعصي له أمراً .

المصدر : بحار الأنوار المجلد العاشر .



- يُتبع -



 
 توقيع : نورجهان



رد مع اقتباس
قديم 06-16-2011, 02:17 AM   #4
المراقبين


الصورة الرمزية نورجهان
نورجهان غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 15
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 04-23-2023 (08:33 PM)
 المشاركات : 4,993 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي




سننتقل الآن الى ساحات الجهاد وميادين الوغى التي لطالما اشتاقت لوجود أسدها يبطش ويرتجز ...
كان علي () له الحظ الأوفر والنصيب الأكثر من الشجاعة ومقاتلة الأبطال ومنازلة الشجعان، ولا أقصد من كلمتي هذه أن علياً كان سفاكاً للدماء، بل المقصود: أن إيمان علي () بالله كان فوق كل غريزة وكل اتجاه، مع العلم أنه كان يومذاك في ريعان الشباب، والشاب أكثر تعلقاً بالحياة من الشيخ الذي قضى وطره في حياة الدنيا، مع ذلك لم يكن علي () يعرف للخوف معنى، ولا للجبن مفهوماً في نفسه، بل كان يستقبل الموت برحابة صدر ويهرول في الحرب جانب العدو كأنه يقصد شيئاً يحبه حتى أجمع المسلمون وغير المسلمين أن علياً أشجع العرب والعجم، ولم يشهد التاريخ له مثيلاً ونظيراً فضلاً من أن يرى أشجع منه.
في بدر :
انتدب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ليلة بدر إلى الماء، فانتدب علي ()، فخرج، وكانت ليلة باردة ذات ريح وظلمة فخرج بقربته، فلما كان إلى القليب (البئر) لم يجد دلواً، فنزل في الجب تلك الساعة، فملأ قربته، ثم أقبل فاستقبلته ريح شديدة فجلس حتى مضت، ثم قام، ثم مرت به ريح أخرى فجلس حتى مضت، ثم قام، ثم مرت به أخرى فجلس حتى مضت، فلما جاء إلى النبي قال له النبي (صلّى الله عليه وآله): ما حبسك يا علي؟ قال: لقيت ريحاً ثم ريحاً ثم ريحاً شديدة فأصابتني قشعريرة.
فقال: أتدري ما كان ذلك يا علي؟ فقال: لا.
فقال: ذاك جبريل مر في ألف من الملائكة وقد سلم عليك وسلموا، ثم مر ميكائيل في ألف من الملائكة فسلم عليك وسلموا، ثم مر إسرافيا وألف من الملائكة فسلم عليك وسلموا.
ولما أصبح الصباح استعد الفريقان للحرب، وتقدم عتبة وأخوه شيبة وابنه الوليد، وقالوا: يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قريش، فبرز إليه ثلاثة نفر من الأنصار وانتسبوا لهم فقالوا: ارجعوا إنما نريد الأكفاء من قريش، فنظر رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إلى عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب وكان له يومئذ سبعون سنة فقال: قم يا عبيدة، فقام بين يديه بالسيف ونظر إلى حمزة فقال: قم يا عم، ثم نظر إلى علي فقال: قم يا علي (وكان أصغر القوم) فاطلبوا بحقكم الذي جعله الله لكم فقد جاءت قريش بخيلائها وفخرها، تريد أن تطفئ نور الله، ويأبى الله إلا أن يتم نوره فقاموا بين يدي رسول الله رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ثم قال: يا عبيدة عليك بعتبة بن ربيعة وقال لحمزة: عليك بشيبة.
وقال لعلي (): عليك بالوليد، فمروا حتى انتهوا إلى القوم فقالوا: أكفاء كرام فحمل عبيدة على عتبة فضربه على رأسه ضربة فلقت هامته، وضرب عتبة عبيدة على ساقه فأطنها (قطعها) فسقطا جميعاً وحمل شيبة على حمزة فتضاربا بالسيفين حتى انثلما، وحمل أمير المؤمنين () على الوليد فضربه على حبل عاتقه فأخرج السيف من إبطه، قال علي () لقد أخذ الوليد يمينه بشماله فضرب بها هامتي فظننت أن السماء وقعت على الأرض ثم اعتنق حمزة وشيبة فقال المسلمون: يا علي أما ترى الكلب (بهر) نهز عمك؟ فحمل عليه علي () فقال: يا عم طأطئ رأسك، وكان حمزة أطول من شيبة فأدخل حمزة رأسه في صدره فضرب علي () شيبة فطرح نصفه، ثم جاء إلى عتبة وبه رمق فأجهز عليه.
وفي رواية أخرى: أنه برز حمزة لعتبة، وبرز عبيدة لشيبة وبرز علي للوليد فقتل حمزة عتبة، وقتل عبيدة شيبة، وقتل علي الوليد، وضرب شيبة رجل عبيدة فقطعها فاستنقذه حمزة وعلي، وحمل حمزة وعلي عبيدة حتى أتيا به رسول الله رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فاستعبر فقال: يا رسول الله ألست شهيداً؟ قال: بلى أنت أول شهيد من أهل بيتي.
فقال: أما لو كان عمك حياً لعلم أني أولى بما قال منه، قال: وأي أعمامي تعني؟ فقال: أبو طالب حيث يقول:
كذبتم وبيت الله يبزى محمد ولما نطاعن دونه ونناضل
ونسلمه حتى نصرع حولــه ونذهل عن أبنائنا والحلائل
فقال رسول الله رسول الله (صلّى الله عليه وآله): أما ترى ابنه كالليث العادي بين يدي الله ورسوله وابنه الآخر في جهاد الله بأرض الحبشة، فقال: يا رسول الله أسخطت علي في هذه الحالة؟ فقال: ما سخطت عليك، ولكن ذكرت عمي فانقبضت لذلك.
كان القتلى من المشركين في يوم بدر سبعين، قتل منهم علي بن أبي طالب سبعة وعشرين، وكان الأسرى سبعين!! صورة أخرى للواقعة: فصاح بهم عتبة: اتسبوا نعرفكم، فإن تكونوا أكفاء نقاتلكم.
فقال عبيدة: أنا عبيدة وهو يومئذ أكبر المسلمين، فقال: هو كفو كريم، ثم قال لحمزة: من أنت؟ قال: حمزة بن عبد المطلب، أنا أسد الله وأسد رسوله، أنا صاحب الحلفاء، فقال له عتبة: سترى صولتك اليوم يا أسد الله وأسد رسوله قد لقيت أسد المطيبين!! فقال لعلي: من أنت؟ فقال: أنا عبد الله وأخو رسوله، أنا علي بن أبي طالب.
فقال: يا وليد دونك الغلام، فأقبل الوليد يشتد إلى علي، قد تنور وتخلق.
وعليه خاتم من ذهب، بيده السيف قال علي: قد طال علي في طول نحو من ذراع، فختلته حتى ضربت يده التي فيها السيف، فبدرت يده وبدر السيف حتى نظرت إلى بصيص (بريق) الذهب في البطحاء، وصاح صيحة أسمع أهل العسكرين فذهب مولياً نحو أبيه وشد عليه علي ()، فضرب فخذه فسقط، وقام علي () وقال:
أنا ابن ذي الحوضين عبد المطلب وهاشم المطعم في العام السغب
أوفي بميثاقي وأحمي عن حسب
ثم ضربه فقطع فخذه.
ففي ذلك تقول هند بنت عتبة:
أبي وعمي وشقيق بكري أخي الذي كانوا كضوء البدر
بهم كسرت يا علي ظهري .


المصدر : بحار الانوار ج 6 .

- يُتبع -


 
 توقيع : نورجهان



رد مع اقتباس
قديم 06-16-2011, 02:19 AM   #5
المراقبين


الصورة الرمزية نورجهان
نورجهان غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 15
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 04-23-2023 (08:33 PM)
 المشاركات : 4,993 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي




في أحد مشهد آخر ...


أحد: اسم منطقة بالقرب من المدينة في سفح الجبل، وفيها وقعت واقعة أحد، والتقى المسلمون بالمشركين، واشتعلت نار الحرب وقامت على ساق، نقتطف من الواقعة موقف علي () فيها، وما أصابه من العناء.
وقد كانت راية قريش مع طلحة بن أبي العبدري من بني عبد الدار، فبرز ونادى: يا محمد أو يا معاشر أصحاب محمد تزعمون أنكم تجهزونا بأسيافكم إلى النار ونجهزكم بأسيافنا إلى الجنة، فمن شاء أن يلحق بجنته فليبرز إلي، فبرز إليه أمير المؤمنين () وهو يقول:
يا طلح إن كنتم كما تقول لكم خيول ولنا نصـــول
فاثبت لننظر أينا المقـتول وأينا أولـــى بما تقـــول
فقد أتاك الأسد الصؤل
بصارم ليس به فـلــــــول ينصره القاهر والرسول
فقال طلحة: من أنت يا غلام؟ قال: أنا علي بن أبي طالب، قال: قد علمت يا قضم، إنه لا يجسر علي أحد غيرك، فشد عليه طلحة فضربه، فاتقاه أمير المؤمنين () بالحجفة، ثم ضربه أمير المؤمنين على فخذيه فقطعهما جميعاً فسقط على ظهره، وسقطت الراية، فذهب علي () ليجهز عليه فحلفه بالرحم فانصرف عنه، فقال المسلمون: ألا أجهزت عليه؟ قال: قد ضربته ضربة لا يعيش منها أبداً، ثم أخذ الراية سعيد بن أبي طلحة، فقتله علي ()، وسقطت رايته إلى الأرض فأخذها عثمان بن طلحة، فقتله علي () وسقطت رايته إلى الأرض فأخذها الحارث بن أبي طلحة، فقتله علي () وسقطت رايته إلى الأرض فأخذها عزيز بن عثمان فقتله علي () وسقطت رايته إلى الأرض فأخذها عبد الله بن جميلة بن زهير فقتله علي () وسقطت رايته إلى الأرض، فقتل أمير المؤمنين التاسع من بني الدار وهو أرطأة بن شرحبيل مبارزة، وسقطت الراية إلى الأرض فأخذها مولاهم صوأب فضربه أمير المؤمنين () على يمينه فقطعها، وسقطت الراية إلى الأرض فأخذها بشماله، فضربه أمير المؤمنين () على شماله فقطعها فسقطت الراية إلى الأرض فاحتضنها بيديه المقطوعتين، ثم قال: يا بني عبد الدار هل أعذرت فيما بيني وبينكم؟ فضربه أمير المؤمنين () على رأسه فقتله وسقطت الراية إلى الأرض، فأخذتها عمرة بنت علقمة الحارثية فنصبتها.
وانهزم المشركون وتبعهم المسلمون وشرعوا بجمع الغنائم، ولما رأى المشركون ذلك ووجدوا المسلمين مشغولين بالنهب رجعوا من طريق آخر، وجعلوا المسلمين في الوسط، وحملوا عليهم حملة رجل واحد، بقيادة خالد بن الوليد، وقتلوا من المسلمين مقتلة عظيمة، وانقسم الناس آنذاك إلى قسمين: المنهزمين وهم الأكثر عدداً، والثابتين وهم ما بين قتيل وجريح، وكان علي () أكثرهم جراحاً، فقد أصيب في ذلك اليوم بتسعين جراحة يصعب علاجها وتداويها(2).
في البحار: وقال شقيق بن سلمة: كنت أماشي عمر بن الخطاب إذ سمعت منه همهمة، فقلت له: مه يا عمر؟ فقال: ويحك!! أما ترى الهزبر القثم بن القثم، والضارب بالبهم، الشديد على من طغى وبغى، بالسيفين والراية!!! فالتفت فإذا هو علي بن أبي طالب.
فقال: ادن مني أحدثك عن شجاعته وبطولته، بايعنا النبي (صلّى الله عليه وآله) يوم أحد على أن لا نفر، ومن فر منا فهو ضال، ومن قتل منا فهو شهيد، والنبي (صلّى الله عليه وآله) زعيمه، إذ حمل علينا مائة صنديد، تحت كل صنديد مائة رجل أو يزيدون، فأزعجونا عن طاحونتنا، فرأيت علياً () كالليث يتقي الذر إذ قد حمل كفاً من حصى فرمى به وجوهنا، ثم قال: (شاهت الوجوه، وقطت وبطت ولطت، إلى أين تفرون؟ إلى النار؟) فلم نرجع، ثم كر علينا الثانية وبيده صفيحة يقطر منها الموت!!! فقال: بايعتم ثم نكثتم؟ فو الله لأنتم أولى بالقتل ممن أقتل، فنظرت إلى عينيه كأنهما سليطان يتوقدان ناراً، أو كالقدحين المملوءين دماً، فما ظننت إلا ويأتي علينا كلنا فبادرت أنا إليه من بين أصحابي فقلت: يا أبا الحسن، الله الله!! فإن العرب تفر وتكر، وإن الكرة تنفي الفرة.
فكأنه استحيا، فولىا بوجهه عني، فما زلت أسكن روعة فؤادي فو الله ما خرج ذلك الرعب من قلبي حتى الساعة...
ولم يبق مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إلا أبو دجانة سماك بن خرشة وأمير المؤمنين () وكلما حملت طائفة على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) استقبلهم أمير المؤمينن (صلوات الله عليه) فيدفعهم عن رسول الله، ويقتلهم حتى انقطع سيفه.
عن عكرمة قال: سمعت علياً () يقول: لما انهزم الناس يوم أحد عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لحقني من الجزع عليه ما لم يلحقني قط، ولم أملك نفسي وكنت أمامه أضرب بسيفي بين يديه، فرجعت أطلبه فلم أره فقلت: ما كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ليفر، وما رأيته في القتلى، وأظنه رفع من بيننا إلى السماء، فكسرت جفن سيفي، وقلت في نفسي: لأقاتلن به عنه حتى أقتل، وحملت على القوم فأفرجوا عني وإذا أنا برسول الله (صلّى الله عليه وآله) قد وقع على الأرض مغشياً عليه فقمت على رأسه، فنظر إلي فقال: ما صنع الناس يا علي: فقلت: كفروا يا رسول الله، وولوا الدبر من العدو، وأسلموك، فنظر النبي (صلّى الله عليه وآله) إلى كتيبة قد أقبلت إليه فقال لي: رد عني يا علي هذه الكتيبة، فحملت عليها أضربها بسيفي يميناً وشمالاً حتى ولوا الأدبار، فقال النبي (صلّى الله عليه وآله): أما تسمع يا علي مديحك في السماء؟ إن ملكاً يقال له رضوان ينادي: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي.
فبكيت سروراً وحمدت الله سبحانه على نعمته.
وفي رواية قال الصادق (): انهزم الناس عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فغضب غضباً شديداً وكان إذا غضب انحدر من وجهه وجبهته مثل اللؤلؤ من العرق، فنظر فإذا علي () إلى جنبه، فقال: ما لك لم تلحق ببني أبيك؟ فقال علي (): يا رسول الله أكفر بعد إيماني؟ إن لي بك أسوة، فقال: أما الآن فاكفني هؤلاء، فحمل علي () فضرب أول من لقي منهم، فقال جبرائيل (): إن هذه لهي المواساة يا محمد، قال: (إنه مني وأنا منه) قال جبرائيل: وأنا منكما.
وأقبل علي () إلى المدينة وهو ثقيل بالجراحات، وبات على الفراش، ولما أصبح النبي (صلّى الله عليه وآله) جاء إلى دار علي يعوده، فبكى علي () وقال: يا رسول الله أرأيت كيف فاتتني الشهادة؟ فقال الرسول: إنها من ورائك يا علي(3).

الهوامش :
(2) البحار ـ ج6.
(3) البحار ـ ج9.

- يُتبع -




 
 توقيع : نورجهان


التعديل الأخير تم بواسطة نورجهان ; 06-16-2011 الساعة 02:26 AM

رد مع اقتباس
قديم 06-16-2011, 02:21 AM   #6
المراقبين


الصورة الرمزية نورجهان
نورجهان غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 15
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 04-23-2023 (08:33 PM)
 المشاركات : 4,993 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي




لبني النضير يوم ...


يوم توجه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إلى بني النضير عمد يحمل على حصارهم، فضرب قبته في أقصى بني حطمة من البطحاء، فلما جن الليل رماه رجل من بني النضير بسهم، فأصاب القبة، فأمر النبي (صلّى الله عليه وآله) أن تحول قبته إلى السفح، وأحاط بها المهاجرون والأنصار فلما اختلط الظلام فقدوا أمير المؤمنين ()، فقال الناس: يا رسول الله ما نرى علياً؟!، فقال (صلّى الله عليه وآله): أراه في بعض ما يصلح شأنكم.
فلم يلبث أن جاء برأس اليهودي الذي رمى النبي (صلّى الله عليه وآله)، وكان يقال له: عزوراً، فطرحه بين يدي النبي (صلّى الله عليه وآله)، فقال النبي: كيف صنعت؟ فقال: إني رأيت هذا الخبيث جريئاً شجاعاً، فكمنت له، وقلت: ما أجرأ أن يخرج إذا اختلط الظلام يطلب منا غرة، فأقبل مصلتاً بسيفه في تسعة نفر من اليهود، فشددت عليه وقتلته، فأفلت أصحابه، ولم يبرحوا قريباً، فابعث معي نفراً فإني أرجو أن أظفر بهم.
فبعث رسول الله (صلّى الله عليه وآله) معه عشرة، فأدركوهم قبل أن يدركوا الحصن، فقتلوهم وجاءوا برؤوسهم إلى النبي وأمر أن تطرح في بعض آبار بني حطمة.
وكان ذلك سبب فتح حصون بني النضير.

أما في يوم الخندق ...

تحزبت الأحزاب ضد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في مكة وضواحيها وقصدت المدينة لمحاربة رسول الله، ونزل جبرائيل على النبي وأخبره فاستشار النبي أصحابه، فأشار عليه سلمان بحفر الخندق حول المدينة، فأقبل رسول الله ومعه المهاجرون والأنصار، وحفروا الخندق، في جانب من المدينة يشبه نصف الدائرة، فلما فرغوا من حفر الخندق، وصل المشركون، ونزلوا بالقرب من الخندق.
وخرج فوارس من قريش منهم: عمرو بن عبد ود أخو بني عامر بن لؤي، وعكرمة بن أبي جهل، وضرار بن الخطاب وهبيرة بن أبي وهب ونوفل بن عبد الله قد تلبسوا للقتال، وخرجوا على خيولهم حتى مروا بمنازل بني كنانة فقالوا: تهيئوا للحرب يا بني كنانة، فستعلمون اليوم من الفرسان؟ ثم أقبلوا تعنق بهم خيولهم حتى وقفوا على الخندق فقالوا: والله إن هذه لمكيدة ما كانت العرب تكيدها، وتعرفها قبل ذلك فقيل لهم: هذا من تدبير الفارسي الذي معه (سلمان) ثم تيمموا مكاناً ضيقاً من الخندق فضربوا خيولهم، فاقتحموا فجالت بهم في السبخة بين الخندق وسلع، وخرج علي بن أبي طالب في نفر من المسلمين حتى أخذ منهم الثغرة التي منها اقتحموا، وأقبلت الفرسان نحوهم، وكان بينهم عمرو بن عبد ود فارس قريش وكان قد قاتل يوم بدر حتى ارتث (حمل من المعركة) وأثقلته الجراح فلم يشهد أحداً، فلما كان يوم الخندق خرج معلماً ليرى مشهده، وكان يعد بألف فارس وكان يسمى: فارس يليل لأنه: أقبل في ركب من قريش حتى إذا هو بيليل وهو واد قريب من بدر عرضت لهم بنو بكر في عدد فقال لأصحابه: امضوا، فمضوا، فقام في وجوه بني بكر حتى منعهم من أن يصلوا إليه، فعرف بذلك، وكان اسم الموضع الذي حفر فيه الخندق: المداد، وكان أول من طفره عمرو وأصابه، فقيل في ذلك:
عمرو بن ود كان أول فارس جزع المداد وكان فارس يليل
وركز عمرو بن عبد ود رمحه في الأرض وأقبل يجول حوله، ويرتجز.
وذكر ابن إسحاق أن عمرو بن عبد ود كان ينادي من يبارز؟ فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): من لهذا الكلب؟ فلم يجبه أحد فقام علي () وهو مقنع في الحديد، فقال: أنا له يا نبي الله، فقال إنه عمرو، اجلس، ونادى عمرو: ألا رجل؟ وجعل يؤنبهم ويسبهم، ويقول أين جنتكم التي تزعمون أن من قتل منكم دخلها؟ فقام علي () فقال: أنا له يا رسول الله، فأمره النبي بالجلوس رعاية لابنته فاطمة التي كانت تبكي على جراحات علي () يوم أحد، ثم نادى الثالثة فقال:
ولقد بححت من النــداء بــجمعكم هـل من مبارز؟
ووقفت إذ جبن المشجع مـــــوقـف البطل المناجز
إنــــي كـــذلك لــــم أزل متسرعاً نحـــو الهزائـــز
إن السماحــــة والشجــا عة في الفتى خير الغرائز
فقام علي () فقال: يا رسول الله أنا.
فقال: إنه عمرو، فقال: وإن كان عمراً وأنا علي بن أبي طالب!! فاستأذن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فأذن له، وألبسه درعه ذات الفضول، وأعطاه سيفه ذا الفقار، وعممه عمامة السحاب على رأسه تسعة أكوار (أدوار) ثم قال له: تقدم.
فقال لما ولى: (اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوق
رأسه ومن تحت قدميه).
ثم قال: برز الإيمان كله إلى الشرك كله.
فمشى إليه وهو يقول:
لا تعجلن فـقـــــــــــد أتا ك مجيب صوتك غير عاجز
ذو نيــــة وبصيــــــــرة والصــدق منجـــي كل فائز
إني لأرجو أن أقيــــــــم عـليك نائحـــــــة الجنائــــز
من ضربة نجلاء يبـــقى ذكـــرها عنـــــد الهزاهــــز
وما زال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) آنذاك رافعاً يديه مقحماً رأسه إلى السماء داعياً به قائلاً: اللهم إنك أخذت مني عبيدة يوم بدر وحمزة يوم أحد، فاحفظ علي اليوم علياً، رب لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين.
فقال عمرو: من أنت؟ وكان عمرو شيخاً كبيراً قد جاوز الثمانين، وكان نديم أبي طالب بن عبد المطلب في الجاهلية، فانتسب علي له.
فقال عمرو: أجل، لقد كان أبوك نديماً لي وصديقاً، فارجع فإني لا أحب قتلك! فقال علي (): لكني أحب أن أقتلك! فقال عمرو: يا ابن أخي إني لأكره أن أقتل الرجل الكريم مثلك، فارجع وراءك خير لك، ما آمن ابن عمك حين بعثك إلي أن أختطفك برمحي هذا فأتركك شايلاً بين السماء والأرض لا حي ولا ميت!! فقال له علي (): قد علم ابن عمي أنك إن قتلتني دخلت الجنة وأنت في النار، وإن قتلتك فأنت في النار وأنا في الجنة.
فقال عمرو: كلتاهما لك يا علي؟ تلك إذاً قسمة ضيزى!! فقال علي (): إن قريشاً تتحدث عنك أنك قلت: لا يدعوني أحد إلى ثلاث إلا أجيب، ولو إلى واحدة منها؟ قال: أجل.
قال: فإني أدعوك إلى الإسلام، وفي رواية: أدعوك إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
قال: دع هذه!! أو نح هذا.
قال: فإني أدعوك إلى أن ترجع بمن يتبعك من قريش إلى مكة، فإن يك محمد صادقاً فأنتم أعلى به عيناً، وإن يك كاذباً كفتكم ذؤبان العرب أمره.
قال: إذن تتحدث نساء قريش عني: أن غلاماً خدعني وينشد الشعراء في أشعارها أني جبنت، ورجعت على عقبي من الحرب، وخذلت قوماً رأسوني عليهم.
قال: فإني أدعوك إلى البراز راجلاً، فجمى عمرو وقال: ما كنت أظن أحداً من العرب يرومها مني.
ثم نزل فعقر فرسه ـ وقيل ضرب وجه فرسه ففر ـ ثم قصد نحو علي () وضربه بالسيف على رأسه، فأصاب السيف الدرقة فقطعها، ووصل السيف إلى رأس علي ().
فضربه علي () على عاتقه فسقط، وفي رواية: فضربه على رجليه بالسيف فوقع على قفاه، وثار العجاج والغبار، وأقبل علي ليقطع رأسه فجلس على صدره، فتفل اللعين في وجه الإمام () فغضب ()، وقام عن صدره يتمشى حتى سكن غضبه، ثم عاد إليه فقتله.
وقال ربيعة بن مالك السعدي: أتيت حذيفة بن اليمان، فقلت: يا أبا عبد الله: إن الناس يتحدثون عن علي بن أبي طالب ومناقبه، فيقول لهم أهل البصيرة: إنكم لتفرطون في تفريط (تقريظ) هذا الرجل.
فهل أنت محدثي بحديث عنه أذكره للناس؟ فقال: يا ربيعة وما الذي تسألني عن علي؟ وما الذي أحدثك به عنه؟ والذي نفس حذيفة بيده: لو وضع جميع أعمال أمة محمد في كفة الميزان منذ بعث الله تعالى محمداً إلى يوم الناس هذا، ووضع عمل واحد من أعمال علي في كفة أخرى لرجح على أعمالهم كلها، فقال ربيعة: هذا المدح الذي لا يقام له ولا يقعد ولا يحمل، إني لأظنه إسرافاً يا أبا عبد الله!!! فقال حذيفة: يا لكع! وكيف لا يحمل؟ وأين كان المسلمون يوم الخندق وقد عبر إليهم عمرو وأصحابه؟ فملكهم الهلع والجزع، ودعا إلى المبارزة فأحجموا عنه حتى برز إليه علي فقتله؟
والذي نفس حذيفة بيده: لعمله ذلك اليوم أعظم أجراً من أعمال أمة محمد إلى هذا اليوم وإلى أن تقوم القيامة.
وجاء علي برأس عمرو إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فتهلل وجه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فقام أبو بكر وعمر بن الخطاب وقبلا رأسه، وكان علي () يقول:
أنا علي وابن عبد المطلب الموت خير للفتى من الهرب
فقال عمر: هلا سلبته درعه، فإنه ليس في العرب درع مثلها؟ فقال علي (): إني استحييت أن أكشف سوأة ابن عمي.
وفي رواية: لما جلس علي () على صدر عمرو ليذبحه قال له عمرو: يا علي قد جلست مني مجلساً عظيماً، فإذا قتلتني فلا تسلبني حلتي، فقال (): هي أهون علي من ذلك.
ولما قتل علي () عمراً انهزم المشركون وانكسرت شوكتهم، وكفى الله المؤمنين القتال بعلي ().

وقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): ضربة علي يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين.
وفي رواية الحاكم في المستدرك: لمبارزة علي بن أبي طالب لعمرو بن عبد ود يوم الخندق أفضل من أعمال أمتي إلى يوم القيامة.
وسبب ذلك أنه لم يبق بيت من بيوت المشركين إلا وقد دخله وهنٌ بقتل عمرو، ولم يبق في المسلمين بيت من بيوت المسلمين إلا ودخله عزٌّ بقتل عمرو.
ولما وصل الخبر إلى أخت عمرو قالت: من ذا الذي اجترأ عليه؟ فقالوا: علي بن أبي طالب.
فقالت: لم يعد موته إلا على يد كفو كريم لا رقأت دمعتي إن هرقتها عليه، قاتل الأبطال وبارز الأقران، وكانت منيته على يد كفو كريم من قومه، ما سمعت بأفخر من هذا يا بني عامر، ثم أنشأت تقول:
لو كان قاتل عـمــرو غـير قاتله لكنت أبكــــي عـليـــه آخر الأبد
لكـن قاتلــــه مــــن لا يعاب بــه وكان يدعــــى قــديماً بيضة البلد

نفس المصدر

- يُتبع -




 
 توقيع : نورجهان



رد مع اقتباس
قديم 06-16-2011, 02:27 AM   #7
المراقبين


الصورة الرمزية نورجهان
نورجهان غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 15
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 04-23-2023 (08:33 PM)
 المشاركات : 4,993 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي




بالضربة الساحقة يوم حُنين ...

وفي يوم حنين لما تقدم أبو جرول ووراءه المشركون، وكانت الراية بيده وهو يرتجز قائلاً:
أنا أبــــو جرول لا براح حتـــى نبيح القــوم أو نباح
فقصده أمير المؤمنين فضرب عجز بعيره ثم ضربه وقتله ثم قال:
قد علم القوم لدى الصباح إني لدى الهيجاء ذو نصاح
فكانت هزيمة المشركين بقتل أبي جرول، وحمل عليهم المسلمون يقدمهم علي بن أبي طالب () فقتل منهم أربعين رجلاً وانهزم الباقون، وأُسر من أُسر منهم، وذلك بعد هزيمة المسلمين وتفرقهم عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وقد ذكر القرآن الكريم موقف المسلمين يومذاك بقوله تعالى: (ويوم حنين إذا أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين)(4) ثم أنزل الله سكينته على رسول الله وعلى المؤمنين.
ولابن أبي الحديد كلمة بالمناسبة في مقدمة شرحه على النهج:
(أما الشجاعة: فإنه أنسى الناس فيها ذكر من كان قبله ومحى اسم من يأتي بعده، ومقاماته في الحرب مشهورة، يضرب بها الأمثال إلى يوم القيامة، وهو الشجاع الذي ما فرّ قط، ولا ارتاع من كتيبة، ولا بارز أحداً إلا قتله، ولا ضرب ضربة قط فاحتاجت الأولى إلى ثانية.
وفي الحديث: كانت ضرباته وتراً، ولما دعى معاوية إلى المبارزة ليستريح الناس من الحرب بقتل أحدهما، فقال له عمرو بن العاص: لقد أنصفك! فقال معاوية: ما غششتني منذ نصحتني إلا اليوم !! أتأمرني بمبارزة أبي الحسن وأنت تعلم أنه الشجاع المطرق؟ أراك طمعت في إمارة الشام بعدي...).

نفس المصدر

هنا ينتهي باب الجهاد في حياة رسول الله

- يُتبع -




 
 توقيع : نورجهان



رد مع اقتباس
قديم 06-16-2011, 02:29 AM   #8
المراقبين


الصورة الرمزية نورجهان
نورجهان غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 15
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 04-23-2023 (08:33 PM)
 المشاركات : 4,993 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي




علي والقرآن واحد :


أليس القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان؟ أو ليس القرآن يهدي للتي هي أقوم؟ أو ليس القرآن فيه موعظة وشفاء وهدى ورحمة للمؤمنين؟ أو ليس القرآن هو الحق ويدعو إلى الحق؟ فهذا علي () عديل القرآن ويسير مع القرآن جنباً بجنب، يدعو ويهدي ويبين ويعظ ويفرق بين الحق والباطل.
إذن، فلا مانع أن يحتوي القرآن (وهو كلام الله المجيد) شيئاً من تقدير الله تعالى لمواقف علي () والإشادة بفضله وإن لم يكن التنويه صريحاً فقد تكون الكناية أبلغ من التصريح وأوقع في النفس للتحري عن الحقيقة المقصودة.
ولم يكتف القرآن بالإشارة إلى فضائل علي، فحسب، بل نجد كمية هائلة وافرة من الآيات البينات التي شملت أهل البيت () أولاً ثم بقية المسلمين ثانياً، فقد روى ابن عباس عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنه قال: ما أنزل الله آية فيها: (يا أيها الذين آمنوا) إلا وعلي رأسها وأميرها.
وروى ابن حجر في الصواعق: عن ابن عباس لما نزلت هذه الآية (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية)(1) قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): هم أنت يا علي وشيعتك، تأتي أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين، وتأتي أعداؤك غضاباً مقحمين.
إلى غير ذلك من عشرات الآيات المأولة بعلي بن أبي طالب () المذكورة في الصحاح ورواها المحدثون في صحاحهم.
وفي القرآن آيات واضحات نزلت في شأن أهل البيت () وكان علي () أحدهم بل سيدهم، كما في آية المباهلة وغيرها مما يطول الكلام بذكر تلك الآيات فلنذكر ـ بصورة موجزة ـ كلاماً حول آية التطهير وسورة هل أتى، ثم ننظر أين ينتهي بنا الكلام: لقد أجمع المفسرون والمحدثون ـ إلا الشاذ النادر منهم ـ واتفقت كلمتهم على: أن آية التطهير نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين () وإن كان هناك اختلاف في ألفاظ الحديث فالمؤدى واحد.
وخلاصة الواقعة: أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ألقى رداء أو عباءة أو كساء أو ثوباً أو قطيفة على علي وفاطمة والحسن والحسين () وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.
فقالت أم سلمة: يا رسول الله فأنا؟ وفي رواية: فأنا من أهلك أو: وأنا معكم؟ أو: ألا أدخل معكم؟ فقال النبي (صلّى الله عليه وآله): إنك على خير، أو: مكانك، أو: تنحي وفي رواية: فرفعت الكساء لأدخل فجذبه من يدي وقال: إنك على خير وإنك من أزواج النبي.
فنزلت الآية: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)(2).
قال أبو سعيد الخدري: كان النبي (صلّى الله عليه وآله) يأتي باب علي أربعين صباحاً فيقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهل البيت، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس ويطهركم تطهيرا، أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم.
وقال أبو الحمراء: خدمت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) تسعة أشهر أو عشرة أشهر ـ فأما التسعة فلا أشك فيها ـ ورسول الله يخرج من طلوع الفجر فيأتي باب فاطمة وعلي والحسن والحسين فيأخذ بعضادتي الباب فيقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الصلاة، يرحمكم الله.
فيقولون: وعليك السلام يا رسول الله ورحمة الله وبركاته.
فيقول رسول الله: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً.
أما المحدثون والمفسرون من الشيعة فكلهم متفقون على اختصاص آية التطهير بعلي وفاطمة والحسن والحسين، لا تشاركهم زوجات النبي فيها.

وهنا مقامات الأمير في التصدق بالخاتم وسورة الإنسان ومفاخرته عمه العباس وفي هذا آية وآية النجوى :

التصدق بالخاتم ...
( قد وردت فيها عدة صور لكن نكتفي بهذه )

عن الإمام الباقر () في قوله عز وجل: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا)(10) الآية قال: إن رهطاً من اليهود أسلموا، منهم: عبد الله بن سلام وأسد وثعلبة وابن صوريا، فأتوا النبي (صلّى الله عليه وآله) فقالوا: يا نبي الله إن موسى أوصى إلى يوشع بن نون فمن وصيك يا رسول الله؟ ومن ولينا بعدك؟ فنزلت هذه الآية: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) ثم قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): قوموا.
فقاموا فأتوا المسجد فإذا سائل خارج، فقال: يا سائل أما أعطاك أحد شيئاً؟ قال: نعم هذا الخاتم، قال: من أعطاكه؟ قال: أعطانيه ذلك الرجل الذي يصلي، قال: على أي حال أعطاك؟ قال: كان راكعاً.
فكبر النبي (صلّى الله عليه وآله) وكبر أهل المسجد، فقال النبي (صلّى الله عليه وآله): علي بن أبي طالب وليكم بعدي، قالوا رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً وبعلي بن أبي طالب ولياً، فأنزل الله عز وجل: (ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون)(11) فتقدم حسان بن ثابت وأنشأ يقول:
أبا حسن تفــديك نفـسي ومهجتـي وكل بطيء فـــي الهدى ومسارع
أيذهـب مــدحي والمحبر ضائــــع وما المدح فــي جنب الآله بضائع
فأنت الذي أعطيت إذ كنت راكـــعاً فـدتك نفـوس القـوم يا خـيـر راكع
فأنـــزل فـيــك الله خيــــر ولايـــة وبيّنها فـــي محكـمـــات الشرايــع

الهوامش :
(9) سورة آل عمران، الآية: 61.
(10) سورة المائدة، الآية: 55.

نفس المصدر



- يُتبع -











 
 توقيع : نورجهان



رد مع اقتباس
قديم 06-16-2011, 02:33 AM   #9
المراقبين


الصورة الرمزية نورجهان
نورجهان غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 15
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 04-23-2023 (08:33 PM)
 المشاركات : 4,993 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي




في سورة هل أتى ( سورة الانسان ) علي وأهل بيته قمة الإيثار بلا منازع ...

في أمالي الصدوق عن الصادق () عن أبيه في قوله عز وجل: (يوفون بالنذر)(15) قالا: مرض الحسن والحسين (عليهما السلام) وهما صبيان صغيران فعادهما رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ومعه رجلان، فقال أحدهما: يا أبا الحسن لو نذرت في ابنك نذراً إن الله عافاهما، فقال أصوم ثلاثة أيام شكراً لله عز وجل، وكذلك قالت فاطمة (عليها السلام) وقال الصبيان: ونحن أيضاً نصوم ثلاثة أيام، وكذلك قالت جاريتهم فضة، فألبسهما الله عافية، فأصبحوا صياماً وليس عندهم طعام، فانطلق علي () إلى جار له من اليهود يقال له: شمعون.
يعالج الصوف فقال هل لك أن تعطيني جزة من صوف تغزلها لك ابنة محمد بثلاثة أصوع من شعير؟ قال: نعم، فأعطاه فجاء بالصوف والشعير وأخبر فاطمة (عليها السلام) فقبلت وأطاعت، ثم عمدت فغزلت ثلث الصوف، ثم أخذت صاعاً من الشعير فطحنته وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص، لكل واحد قرصاً، وصلى علي () مع النبي (صلّى الله عليه وآله) المغرب؟ ثم أتى منزله فوضع الخوان وجلسوا خمستهم، فأول لقمة كسرها علي () وإذا مسكين قد وقف بالباب فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد، أنا مسكين من مساكين المسلمين، أطعموني مما تأكلون أطعمكم الله على موائد الجنة، فوضع علي () اللقمة من يده ثم قال:
فاطم ذات المجد واليقين يا بنت خير الناس أجمعين
إلى آخر الأبيات.
ومضمونها التعطف على المسكين ويطلب () من فاطمة (عليها السلام) أن تعطي شيئاً للمسكين.
فأقبلت فاطمة تقول:
أمرك سمع يا بن عم وطاعة ما بي من لؤم ولا وضاعة
إلى آخر الأبيات التي تذكر فيها استعدادها لمساعدة المسكين الواقف على الباب ينتظر، وعمدت إلى ما كان على الخوان فدفعته إلى المسكين، وباتوا جياعاً وأصبحوا صياماً لم يذوقوا إلا الماء القراح.
ثم عمدت إلى الثلث الثاني من الصوف فغزلته، ثم أخذت صاعاً من الشعير وطحنته وغزلته وخبزت منه خمسة أقرصة لكل واحد قرصاً، وصلى علي المغرب مع النبي (صلّى الله عليه وآله) ثم أتى منزله فلما وضع الخوان بين يديه وجلسوا خمستهم فأول لقمة كسرها علي () وإذا بيتيم من يتامى المسلمين قد وقف بالباب فقال: السلام عليكم أهل بيت محمد أنا يتيم من يتامى المسلمين أطعموني مما تأكلون أطعمكم الله على موائد الجنة، فوضع علي اللقمة من يده ثم قال:
فاطم بنت السيد الكريم قد جاءنا الله بذا اليتيم
إلى آخر أبياته التي يحرضها على إطعام اليتيم.
ثم أقبلت فاطمة وهي تقول:
فسوف أعطيه ولا أبالي وأوثر الله على عيالي
أمسوا جياعاً وهم أشبالي
إلى آخر الأبيات التي تظهر فيها الموافقة على إطعام اليتيم ثم عمدت فأعطته جميع ما على الخوان، وباتوا جياعاً لم يذوقوا إلا الماء القراح، وأصبحوا صياماً، وعمدت فاطمة (عليها السلام) فغزلت الثلث الباقي من الصوف وطحنت الباقي وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص لكل واحد قرصاً.
وصلى علي المغرب مع النبي (عليهما السلام)، ثم أتى منزله، فقرب إليه الخوان وجلسوا خمستهم فأول لقمة كسرها علي () وإذا بأسير من أسراء المشركين قد وقف بالباب فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد، تأسروننا وتشدوننا ولا تطعموننا؟ فوضع علي () اللقمة من يده ثم قال:
فاطم يا بنت النبي أحمد بنت نبي سيد مسود
إلى آخر الأبيات.
ثم أقبلت فاطمة وهي تقول:
لم يبق مما كان غير صاع قد دبرت كفي مع الذراع
ثم تذكر استعدادها لمواساة الأسير.
وعمدوا إلى ما كان على الخوان فأعطوه وباتوا جياعاً، وأصبحوا مفطرين وليس عندهم شيء.
قال شعيب في حديثه: وأقبل علي بالحسن والحسين (عليهما السلام) نحو رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وهما يرتعشان كالفراخ من شدة الجوع، فلما بصر بهم النبي (صلّى الله عليه وآله) قال: يا أبا الحسن شد ما يسوؤني ما أرى بكم!؟ انطلق إلى ابنتي فاطمة، فانطلقوا إليها وهي في محرابها قد لصق بطنها بظهرها من شدة الجوع وغارت عيناها، فلما رآها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ضمها إليه وقال: واغوثاه بالله؟ أنتم منذ ثلاث فيما أرى؟ فهبط جبرائيل فقال: يا محمد خذ ما هيأ الله لك في أهل بيتك، قال: وما آخذ يا جبرائيل؟ قال: (هل أتى على الإنسان حين من الدهر)(16) حتى إذا بلغ (إن هذا كان لكم جزاءً وكان سعيكم مشكوراً)(17).
وقال الحسن بن مهران في حديثه: فوثب النبي (صلّى الله عليه وآله) حتى دخل منزل فاطمة (عليها السلام) فرأى ما بهم فجمعهم ثم انكب عليهم فبكى وهو يقول: أنتم منذ ثلاث فيما أرى وأنا غافل عنكم؟ فهبط عليه جبرائيل بهذه الآيات: (إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافوراً، عيناً يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيراً)(18) قال: هي عين في دار النبي (صلّى الله عليه وآله) يفجر إلى دور الأنبياء والمؤمنين (يوفون بالنذر)(19) يعني علياً وفاطمة والحسن والحسين () وجاريتهم (ويخافون يوماً كان شره مستطيراً) (ويطمعون الطعام على حبه)(20) يقول: على شهوتهم للطعام وإيثارهم له (مسكيناً) من مساكين المسلمين (ويتيماً) من يتامى المسلمين (وأسيراً) من أسراء المشركين ويقولون إذا أطعموهم: (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً)(21) قال: والله ما قالوا هذا لهم ولكنهم أضمروه في أنفسهم، فأخبر الله بما في ضمائرهم، ويقولون: لا نريد جزاء تكافئوننا، به ولا شكوراً تثنون علينا به، ولكن إنما أطعمناكم لوجه الله وطلب ثوابه، قال الله تعالى ذكره: (فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة)(22) في الوجوه (وسروراً) في القلوب (وجزاهم بما صبروا جنة)(23) يسكنونها (وحريراً) يفترشونه ويلبسونه (متكئين فيها على الأرائك) والأريكة: السرير عليه الحجلة (لا يرون فيها شمساً ولا زمهريراً)(24) قال شيخنا المجلسي (رحمه الله) بعد ذكر أقوال المفسرين والمحدثين: في هذه السورة أقوال: بعدما عرفت من إجماع المفسرين والمحدثين على نزول هذه السورة في أصحاب الكساء () علمت أنه لا يريب (يشك) أريب ولا لبيب في أن مثل هذا الإيثار لا يتأتى إلا من قبل الأئمة الأخيار وأن نزول هذه السورة مع المائدة عليهم يدل على جلالتهم ورفعتهم ومكرمتهم لدى العزيز الجبار.

الهوامش :
(15) سورة الإنسان، الآية: 7.
(16) سورة الإنسان، الآية: 1.
(17) سورة الإنسان، الآية: 22.
(18) سورة الإنسان، الآيتان: 5 و6.
(19) سورة الإنسان، الآية: 7.
(20) سورة الإنسان، الآية: 8.
(21) سورة الإنسان، الآية: 9.
(22) سورة الإنسان، الآية: 11.
(23) سورة الإنسان، الآية: 12.
(24) سورة الإنسان، الآية: 13.


الامام علي من المهد الى اللحد ( المصدر ) .

- يُتبع -











 
 توقيع : نورجهان



رد مع اقتباس
قديم 06-16-2011, 02:34 AM   #10
المراقبين


الصورة الرمزية نورجهان
نورجهان غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 15
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 04-23-2023 (08:33 PM)
 المشاركات : 4,993 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي




مفاخرته لعمه العباس :


روى الحاكم أبو القاسم الحسكاني عن ابن بريدة عن أبيه قال: بينا شيبة بن أبي طلحة والعباس عم النبي يتفاخران إذ مر بهما علي بن أبي طالب () فقال: بماذا تتفاخران؟ فقال العباس: لقد أوتيت من الفضل ما لم يؤت أحد: سقاية الحاج.
وقال شيبة: أوتيت عمارة المسجد الحرام.
فقال علي () استحييت لكما فقد أوتيت على صغري ما لم تأتيا، فقالا: وما أوتيت يا علي؟ قال: ضربت خراطيمكما بالسيف حتى آمنتما بالله ورسوله.
فقام العباس يجر ذيل ثوبه حتى دخل على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وقال: أما ترى إلى ما يستقبلني به علي؟ فقال (صلّى الله عليه وآله): ادعوا لي علياً فدعي له، فقال: ما حملك على ما استقبلت به عمك؟ فقال: يا رسول الله صدمته (دفعته) بالحق، فمن شاء ليغضب ومن شاء فليرضى.
فنزل جبرائيل وقال: يا محمد إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول: أتل عليهم: (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون)(26) فقال العباس: إنا قد رضينا ـ ثلاث مرات.

في آية النجوى ...

من جملة تلك الخصائص الفريدة والمزايا الحميدة ما رواه المفسرون، في تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر)(27).
فقد أورد الثعلبي والواحدي وغيرهما من علماء التفسير: أن الأغنياء أكثروا مناجاة النبي (صلّى الله عليه وآله) وغلبوا الفقراء على المجالس عنده حتى كره رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ذلك واستطالة جلوسهم وكثرة مناجاتهم، فأنزل الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة) فأمر بالصدقة أمام المناجاة.
وأما أهل العسرة (الفقراء) فلم يجدوا، وأما الأغنياء فبخلوا، وخف ذلك على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وخف ذلك الزحام، وغلبوا على حبه والرغبة في مناجاته حب الحطام، واشتد على أصحابه، فنزلت الآية التي بعدها راشقة لهم بسهام الملام، ناسخة بحكمها حيث أحجم من كان دأبه الإقدام.
وقال علي (): إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي، وهي آية المناجاة، فإنها لما نزلت كان لي دينار فبعته بعشر دراهم وكنت إذا ناجيت الرسول تصدقت بدرهم حتى فنيت الدراهم، فنسخت (الآية) بقوله: (أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات)(28) الآية.
وقال ابن عمر: ثلاث كن لعلي لو أن لي واحدة منهن كانت أحب إلي من حمر النعم: تزويجه بفاطمة، وإعطاءه الراية يوم خيبر، وآية النجوى.
وروى الشيخ الطوسي (ره) عن الترمذي والثعلبي عن علي () أنه قال: بي خفف الله عن هذه الأمة، لأن الله امتحن الصحابة بهذه الآية فتقاعسوا عن مناجاة الرسول، وكان قد احتجب في منزله من مناجاة كل أحد إلا من تصدق وكان معي دينار فتصدقت به، فكنت أنا سبب التوبة من الله على المسلمين حين عملت بالآية، ولو لم يعمل بها أحد لنزل العذاب لامتناع الكل عن العمل بها.
وفي كتاب فرائد السمطين: أن علياً () ناجى رسول الله عشر مرات بعشر كلمات قدمها عشر صدقات، فسأل في الأولى: ما الوفاء؟ قال: التوحيد: شهادة أن لا إله إلا الله.
ثم قال: وما الفساد؟ قال: الكفر والشرك بالله عز وجل.
قال: وما الحق؟ قال: الإسلام والقرآن والولاية إذا انتهت إليك.
قال: وما الحيلة؟ قال: ترك الحيلة.
قال: وما علي؟ قال: طاعة الله وطاعة رسوله، قال: وكيف أدعو الله تعالى؟ قال: بالصدق واليقين، قال: وما أسأل الله تعالى؟ قال: العافية.
قال: وماذا أصنع لنجاة نفسي؟ قال: كل حلالاً وقل صدقاً قال: وما السرور؟ قال: الجنة.
قال: وما الراحة؟ قال: لقاء الله تعالى، فلما فرغ نسخ حكم الآية.
قال بعض الأعلام: وأنت إذا تأملت في هذه الكلمات العشر وما فيها من الحكم والخير الكثير التي لا يعطيها الله ولا يؤتيها إلا خاصة خلقه والصالحين من عباده تجد أنها جديرة بأن يبذل بإزائها الدنيا وما فيها، وكيف لا وقد بذل أمير المؤمنين () كل ما كان يملك ـ وهو دينار واحد كما استفدنا من الروايات السابقة ـ ليأخذ هذه الكنوز الغالية من الحكم...
الخ وقد ذكرنا فيما مضى نزول قوله تعالى: (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله)(29).
أنها نزلت في مبيت علي () على فراش رسول الله، وقد ذكر ذلك المفسرون من الشيعة والسنة.
وقد ذكر المفسرون والمحدثون من الفريقين آيات كثيرة نزلت في شأن علي () وأنه المقصود بها تفسيراً أو تأويلاً بأنه: الشهيد، والشاهد، والمشهود، والذكر والنور والهدى والصادق والمصدق والصديق والفضل والرحمة والنعمة، والذي عنده علم الكتاب، وقد ورد لكل اسم من هذه الأسماء حديث أو أكثر، يصرح بأن علياً () هو المقصود بذلك الاسم

الهوامش :
(26) سورة التوبة، الآية: 19.
(27) سورة المجادلة، الآية: 12.
(28) سورة المجادلة، الآية: 13.
(29) سورة البقرة، الآية: 207.

نفس المصدر

الى هنا ننتهي من مناقب الأمير في القرآن الكريم .

- يُتبع -









 
 توقيع : نورجهان



رد مع اقتباس
إضافة رد


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




Loading...


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY:
! ωαнαм ! © 2010
سعودي كول