.::||[ آخر المشاركات ]||::.
المهدوية في آخر الزمان‏ [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 6695 ]       »     وانفصمتْ والله العروةُ الوُثقى... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 6654 ]       »     21 رمضان .. ذكرى أليمة استشها... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 4420 ]       »     نتقال الامام الى روضة الخلد وا... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 4415 ]       »     مجلس شهادة أمير المؤمنين الإما... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 6202 ]       »     الامام علي ابو الأيتام [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 2817 ]       »     عقيلة الطالبيين مدرسة لنسائنا ... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 4611 ]       »     كيف نكون قريبين من الإمام المه... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 2601 ]       »     الإمام علي قدر هذه الأمة وقدره... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 2797 ]       »     ما سَرُ تَعلق اليَتامى بالإمام... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 2606 ]       »    



 
 عدد الضغطات  : 14637



إضافة رد
#1  
قديم 03-13-2012, 01:08 AM
المراقبين
نورجهان غير متواجد حالياً
Saudi Arabia     Female
اوسمتي
المشرفة المميزة وسام شكر وتقدير المراقب المميز المراقب المميز 
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 15
 تاريخ التسجيل : Apr 2011
 فترة الأقامة : 4824 يوم
 أخر زيارة : 04-23-2023 (08:33 PM)
 المشاركات : 4,993 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي التدبر في القرآن - السيد محمد رضا الشيرازي




التدبر أم التحجر؟
هل يجوز لنا التدبر في القرآن؟ لكي نجيب على هذا السؤال لابد أن نعود إلى مصادر الإسلام النقية، ونستخرج منهل الإجابة الحاسمة.


(1)
عندما نلقي نظرة سريعة على القرآن الكريم نجد فيه دعوة صريحة إلى التدبر في آياته:
1. في البداية يؤكد القرآن أن الهدف من نزوله هو أن يتدبر الناس فيه، فيقول: ((كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ))1، ذلك لأن من الطبيعي أن يعتبر التدبر الهدف المبدئي لنزول القرآن.
2. وفي سبيل الوصول إلى هذه الغاية جعل الله القرآن كتاباً ميسراً للفهم، وفي هذا ا لمجال يقول القرآن: ((وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِر))2 ولأهمية هذا الأمر يكرر القرآن هذه الآية الكريمة في سورة القمر أربع مرات. ويقول أيضاً: ((فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُون))3، ويقول: ((فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُّدًّا))4.
3. والقرآن ليس فقط يدعو الناس إلى التدبر في آياته، وإنما يطلب منهم أن يمارسوا التدبر العميق أيضاً، كما نفهم من قوله سبحانه: ((أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا))5، قال العلامة الطباطبائي في الميزان:
الآيةُ تحضيضٌ في صورة الاستفهام. والتدبر هو أخْذ الشيء بعد الشيء، وهو في مورد الآية: التأمل في الآية عقيب الآية، أو التأمل بعد التأمل في الآية /الواحدة/، لكن لمّا كان الغرض بيان أنّ القرآن لا اختلاف فيه، وذلك إنما يكون بين أزْيَد من آية واحدة، كان المعنى الأول - أعني: التأمل في الآية عقيب الآية - هو العمدة، وإن كان ذلك لا ينفي المعنى الثاني أيضاً.
فالمراد ترغيبهم أن يتدبروا في الآيات القرآنية، ويراجعوا في كل حكم نازل أو حكمة مبينة أو قصة أو عظة أو غير ذلك في جميع الآيات المرتبطة به مما نزلت مكيتها ومدنيتها ومحكمها ومتشابهها، ويضموا البعض إلى البعض حتى يظهر لهم أنه لا اختلاف بينها.
فالآيات يصدق قديمها حديثها، ويشهد بعضها على بعض، من غير أن يكون بينها أي اختلاف مفروض - لا اختلاف التناقض: بأن ينفي بعضها بعضاً أو يتدافعا، ولا اختلاف التفاوت: بأن تتفاوت الآيتان من حيث تشابه البيان أو متانة المعاني والمقاصد. فارتفاع هذه الاختلافات من القرآن يهديهم إلى أنه كتاب منزل من الله، وليس من عند غيره.6
وإذا لاحظنا:
أ. أن هذه الآية نزلت في المنافقين والمترددين، كما يظهر من الآيات السابقة.
ب. أنها تدعو هؤلاء إلى التدبر في القرآن حتى يطمئنوا بأنه من عند الله، ويزول بذلك نفاقهم وترددهم.
ج. أن كشف عدم الاختلاف وعدم التناقض بين الآيات القرآنية المختلفة يحتاج إلى تدبر عميق، وتأمل كبير.
إذا لاحظنا ذلك لوجدنا أن القرآن يفتح للناس أبواب "التدبر الذاتي" في قضايا عميقة من القضايا القرآنية، وليس هذا فقط، بل وأنه يدعوهم إلى ذلك.
4. ثم يؤكد القرآن: أن هناك "أقفالا" معينة تغلق قلوب البشر، وتصرفهم عن التدبر في آياته، ويقول: ((أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا))7. ولكن ما هي هذه القلوب <الأقفال>8؟ إنها أقفال الجهل والهوى والتهرب من المسؤوليات الثقيلة9. وكما كانت هذه الأقفال قديماً، فهي موجودة حديثاً، ولكن بصور حديثة، وأشخاص جدد، وشعارات جديدة. وعلينا أن نحطم هذه الأقفال، ونفتح قلوبنا أمام نور الله المضيء عن طريق التدبر في الآيات القرآنية الكريمة10.

(2)
وعندما نعود إلى الروايات نجدها تؤكد المعنى ذاته11:
أ. فهي تأمر بالتأمل بالقرآن الكريم، من أجل استخراج معارفه وكنوزه الدفينة. ففي الحديث المروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "أعربوا القرآن (أي أحكموا إعراب الكلمات والجمل) والتمسوا غرائبه (أي تأملوا فيه، وتفهموا معانيه الغريبة)." وفي الكافي عن علي بن الحسين (عليهما السلام) أنه قال: "آيات القرآن خزائن، فكلما فتحت خزينة ينبغي لك أن تنظر ما فيها."
ب. ومن أجل ذلك ورد الأمر بترتيل القرآن لأنه أقرب إلى التركيز والتأمل، فقد قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في تفسير قوله تعالى ((وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً)): "بينه تبيينا ولا تهذه هذ الشعر، ولا تنثره نثر الرمل، ولكن أفزعوا قلوبكم القاسية، ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة."12 فالهذ: سرعة القراءة، ونثر الرمل هو التباطي فيها بحيث لا ترتبط كلماتها، والتدبر في كلمات القراءة هو التأمل في الآيات، والتدبر في كلمات الله. وعن الإمام الصادق (عليه السلام): "((وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً)) قف عند وعده ووعيده، وتفكر في أمثاله ومواعظه."
ج. وتعطينا الروايات نماذج عملية في هذا المجال، فعن الإمام الصادق (عليه السلام): "كان أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) يقرأ أحدهم القرآن في شهر واحد أو اقل، إنَّ القرآن لا يُقرأ هذرمة، ولكن يرتل ترتيلا، فإذا مررت بآية فيها ذكر الجنة فقف عندها واسأل الله الجنة، وإذا مررت بآية فيها ذكر النار فقف عندها وتعوذ بالله من النار." وفي حديث آخر أن الإمام الرضا (عليه السلام) كان يقرأ القرآن في فترة غير قصيرة، وعندما سُئل عن ذلك أجاب: "ما مررت بسورة إلا فكرت في مكيتها ومدنيتها وعامّها وخاصها وناسخها ومنسوخها" الخ.
د. ونجد في بعض الروايات دعوة ضمنية إلى التدبر في آيات القرآن، واستنباط الأحكام والقيم الإسلامية منها - لمن كان من أهله. فعن الكافي والتهذيب والاستبصار، عن عبد مولى آل سام، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):" عثرت، فانقطع ظفري، فجعلت على إصبعي مرارة13، فكيف أصنع بالوضوء؟" قال (عليه السلام): "يُعرف هذا وأشباهه من كتاب الله عز وجل. قال الله عز وجل ((مَا جَعَل عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج)) امسح عليه."14 والمفهوم من قول الإمام "يُعرف هذا وأشباهه من كتاب الله عز وجل" هو أن الأمر لا يحتاج إلى السؤال، علماً بأن الحكم يحتاج إلى تأمل، ذلك لأن الآية الكريمة تدل على عدم وجوب مسح الرجل مباشرة لأنه حرج، فيدور الأمر - في النظرة الأولية - بين:
سقوط المسح رأساً، وبين
بقائه، ولكن مع سقوط شرط (مباشرة الماسح للممسوح).
إذن، فالآية بظاهرها لا تدل على لزوم المسح على المرارة، ولكن التأمل الدقيق يقضي بأن المسح (بما هو مسح) لا حرج فيه، إنما الموجب للحرج هو اشتراط المباشرة في المسح. إذن، فالمنفي في الآية الكريمة هو المسح المباشر وليس أصل المسح، ولذلك فالمفروض في هذه الحالة المسح على الإصبع المغطاة15.
وهنا يجد<ر> بنا أن نشير إلى كلمة "وأشباهه" في وقول الإمام: "يُعرف هذا وأشباهه من كتاب الله عز وجل،" فالإمام (عليه السلام) لم يقصر الحكم على هذه الآية الكريمة، وإنما سحب الحكم إلى كافة الآيات القرآنية المشابهة، وهكذا نجد أن الإمام (عليه السلام) يدعو أصحابه إلى التأمل في الآيات القرآنية، واستنباط المفاهيم والأحكام الدقيقة منها. هذا كله بالإضافة إلى:
1. أن القرآن هو رسالة الله إلى الإنسان، كما قال الله سبحانه:
((شَهْر رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاس))16
((هَـذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ))17
ومن الطبيعي أن تكون الرسالة متناسبة مع فهم المُرسَل إليه.
2. القرآن يصدر خطاباته - عادة - بكلمة ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ)) أو ((يَا أَيُّهَا الذِّينَ آمَنُوا))، أو ما أشبه، وليس صحيحاً أن يوجِّه أحدٌ الخطاب لمن لا يفهم من كلماته شيئاً.
3. القرآن نزل حجة على الرسالة، وقد تحدى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) البشر أن يأتوا بسورة من مثله، ومعنى ذلك أن العرب كانوا يفهمون القرآن من ظواهره، ولو كان القرآن من قبيل الألغاز لم تصح مطالبتهم بمعارضته، ولم يثبت إعجازه لأنهم ما كانوا يستطيعون فهمه.
4. لقد استوعب المسلمون الأولون معاني كثير من الآيات، وفهموها بمجرد نزولها عليهم، باستثناء آيات معينة سألوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عنها، ولم يتعاملوا يوماً مع آيات القرآن تعاملهم مع الأحاجي والألغاز.
وفي ختام هذا الفصل ينبغي أن أشير إلى نقطة هامة وهي: أن الاستنباط من آيات الأحكام ونحوها يتوقف على "خِبروية" معينة، لا تحصل إلا ببلوغ الإنسان مرحلة "الاجتهاد،" فالتدبر في هذه الآيات يكون وقفاً على المجتهدين بالطبع، أما التدبر في الآيات الأخرى فهو أمر مفتوح لغيرهم أيضاً، وسنفصل الكلام في هذه النقطة في البحوث القادمة بإذن الله.








 توقيع : نورجهان



آخر تعديل نورجهان يوم 03-13-2012 في 01:24 AM.
رد مع اقتباس
قديم 03-13-2012, 01:27 AM   #2
المراقبين


الصورة الرمزية نورجهان
نورجهان غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 15
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 04-23-2023 (08:33 PM)
 المشاركات : 4,993 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



هنالك بعض الشُبَه والإشكالات التي قد يتمسك بها البعض للتدليل على عدم جواز التدبر في القرآن الكريم، بل ولاعتبار التدبر في القرآن معصية كبيرة تهوي بصاحبها في نار جهنم وساءت مصيرا!


فما هي هذه الشبهة؟ وما هي الإجابة عنها؟1
الشبهة الأولى: الروايات نهت عن ذلك
يقولون: لقد نهت الروايات الشريفة عن "التفسير بالرأي"، وهددت من يفعل ذلك بنار جهنم، وقالت:
"من فسر القرآن برأيه إن أصاب لم يؤجر، وإن أخطأ فهوى أبعد من السماء."2
"من فسر برأيه آية من كتاب الله فقد كفر."3
ولكن ما هي النتيجة؟ عن ذلك يجيبنا حديث آخر فيقول: "من فسر القرآن رأيه فليتبوأ مقعده من النار."4
وفي مواجهة هذا المنطق نقول: إن "التفسير بالرأي" لا يعني "التدبر في القرآن". إذ إن هذه الروايات لا يمكن أن تنهى عن نفس ما أمر به القرآن الكريم والروايات الأخرى5، بل إنها تعني أحد المحتملات التالية:
(1)
أن تحمل الفرد آراؤه الشخصية على تفسير معاني آيات القرآن بأحد الأشكال التالية:
أ- حمل اللفظ على خلاف ظاهره.
ب- حمل اللفظ القرآني على أحد احتماليه دون دليل. مثلا: يحمل "القرء" في قوله تعالى: ((وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْن بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ))6 على الحيض دون الطهر (باعتبار أن القرء لفظة مشتركة بين الطهر والحيض) من أي دليل.
ج- التعسف في تأويل الآيات القرآنية، وسوف نضرب على ذلك بعض الأمثلة فيما بعد - إن شاء الله تعالى.
أما الأسباب الكامنة وراء هذا "التحريف المعنوي" الذي يأتي تلبية لآراء الفرد هي:
أولا، الأهواء الشخصية للفرد
إن بعض من لم يدخل نور الإيمان قلوبهم يحاولون أن يخضعوا آيات القرآن لأهوائهم وشهواتهم، لذلك فهم يحاولون فهم الآيات القرآنية "بآرائهم" - أي حسب أهوائهم وشهواتهم.
فهذا يحي بن أكثم - القاضي الشهير - كان يعاني من الشذوذ الجنسي حتى قال عنه ابن خلكان: "ألوط قاض بالعراق نعرفه." وكان محبوب المأمون، فقال له يوما: "لمن هذا الشعر؟



يرى على من يلوط من باس




قاض يرى الحد في الزناء ولا





فأجابه: "الذي قال:



الأمة وال من آل عباس




ما أحسب الجور ينقضي وعلى





يحيى بن أكثم هذا كان "يديّن" عمله الشائن، ويتمسك بآية من القرآن في مشروعية ذلك، والآية هي: ((أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا))7، فكان يستفيد من ذلك إباحة الزواج، وإباحة الشذوذ كذلك!
إن الآية تقول: ((يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُور، أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا))8 وهي تعني أن الناس - تجاه إنجاب الذرية - على أربعة أقسام، فقسم لا يولد له إلا الإناث، وقسم لا يولد له إلا الذكور، وثالثٌ يولد له الاثنان معا، ورابعٌ لا يولد له أي واحد منهما، بل يظل عقيما.
ولكن يحيى بن أكثم اقتطع هذه الجملة من القرآن، وفصلها عن سياقها العام لكي يرضي أهواءه وشهواته.9
والآن لنستمع إلى حوار بين يحيى بن أكثم وبين الإمام الهادي (عليه السلام) في هذا الصدد، فقد سأل الإمام عن قوله تعالى: ((أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا))، فأجاب الإمام (عليه السلام): "أي يولد له الذكور، ويولد له إناث. يقال لكل اثنين مقرنين: زوجان، كل واحد منهما زوج." وأضاف وهو يضرب على الوتر الحساس: "ومعاذ الله أن يكون الجليل /أي الله تعالى/ ما لبست به على نفسك، تطلب الرخص لارتكاب المآثم،((وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْق أَثَامًا، يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيه مُهَانًا))،" واستدرك الإمام قائلا: "إن لم يتب."
أن هذا الشكل من التحريف المعنوي هو الذي يصدق عليه - حسب الاحتمال الأول - "من فسر القرآن برأيه،" أي حسب أهواءه وشهواته.
وهذا الشكل من التحريف لا تزال قطاعات من الأمة تعاني من آثاره السلبية حتى الآن، مثلا يفسرون قوله تعالى: ((وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة)) بأن على الفرد أن لا يعمل، ولا يجاهد، ولا يتحرك، لأن ذلك يعني "التهلكة" التي قد نهانا الله عنها. وقوله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُم لا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُم)) بأن مسؤولية الفرد محصورة في إطار ذاته، ولا شأن له بالآخرين فيذهب العالم كله إلى الجحيم! ليس ذلك مهما، المهم أن يحافظ الفرد على صومه وصلاته وبعض آخر من الواجبات الفردية وليس أكثر من ذلك، ويقول شاعرهم في ذلك:



وما بالي إذا نفسي تطاوعني






على النجاة بمن قد ضل أم هلكا





ويفسرون "الصبر" الذي <و>رد الأمر به كثيراً في القرآن الكريم والسنة الشريف بأنه يعني: الخضوع للطواغيت، والاستسلام لهم، و"التقية" تعني الجمود والتوقف، و"التوكل" بأنه يعني: إيكال المسؤوليات إلى الله، والجلوس في زوايا البيوت دون أي عمل، و"الزهد" بأنه يعني: اعتزال الدنيا، وترك الفاسقين والكفار يمرحون فيها ويلعبون وانتظار ثواب الله في الآخرة بدلا من ذلك، وهكذا وهلم جرا.
وهذا هو أحد مصاديق "التفسير بالرأي" المنهي عنه في الروايات، والذي يعني حمل القرآن الكريم على طبق الآراء التي تكونت للإنسان من خلال أهوائه وشهواته.
إن القضية تبدأ بهوى يسعى خلفه الإنسان، وعلى مر الزمن يتحول هذا الهوى إلى رأي ونظرية، ثم يحاول الإنسان تطويع الدين ليأتي مؤيداً بل ومشجعاً علي هذا الرأي. ومن هنا يأتي الحديث الشريف: "من فسر القرآن رأيه فليتبوأ مقعده من النار."
ثانيا: المسبقات الفكرية المترسبة في عقلية الفرد
فهنالك كثيرون يقرأون القرآن وأدمغتهم مشحونة بالأفكار والرؤى والمفاهيم المسبقة، لذلك فهم لا يرون القرآن إلا من خلال أفكارهم، ولا يجدون في القرآن إلا ما يؤيد هذه الأفكار. تماماً كالذي يضع على عينيه نظارة سوداء، إنه يرى الأشياء بلون نظارته. وكذلك هؤلاء، فهم يرون آيات القرآن بلون المفاهيم القابعة في عقولهم. إنهم يحاولن فهم القرآن كما تقتضي اتجاهاتهم وأفكارهم، بدل أن يكونوا تلامذة متواضعين بين يديه، إنهم يحاولون توجيه القرآن على حسب ما تقتضيه أفكارهم، بدل من أن يحاولوا تهذيب أفكارهم على حسب ما تقتضيه مفاهيم القرآن الرفيعة.
وهذا عين الخطأ، وهذا هو - أيضا - أحد مصاديق "التفسير بالرأي" المنهي عنه.
ونجد في التاريخ الغابر، كما في التاريخ المعاصر: أمثلة كثيرة على ذلك، وأول ما نجده في هذا المجال هو: تفسير القرآن الكريم على حسب الأفكار العقائدية المسبقة، كما نلمس في أصحاب مذاهب من أمثال "الأشاعرة" أو "الباطنية" أو "الكرامية" أو غيرهم. هذه الطوائف كانت تحمل آراء خاصة في الله و"صفاته الثبوتية" و"صفاته السلبية" وغير ذلك، وعندما اصطدمت عقائدها بالقرآن أخذت تفسر الآيات القرآنية على حسب آرائها السابقة10.
ونجد كذلك تفسير آيات القرآن حسب "الفكر الصوفي" و"الذوق العرفاني" - بشكله المنحرف - والذي جاء من أجل تدعيم أفكار هذين الاتجاهين، وإعطائهما صبغة شرعية. فمثلا، باعتبار أن مذهب بعض العرفاء هو "وحدة الوجود" لذلك فهم يفسرون قول هارون (عليه السلام) لأخيه موسى (عليه السلام): ((يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي))، يفسرونه بأن موسى (عليه السلام) بعد أن عاد من الطور، ورأى قومه قد عبدوا العجل، عاتب أخاه هارون (عليه السلام) قائلا له: "لماذا لا تدع الناس يعبدون العجل؟ ألا تعلم أن الله سبحانه يحب أن يعبد في أية صورة كان المعبود؟
وكذلك - أيضا - يفسر بعض العرفاء قوله تعالى: ((اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى)) بأن المقصود من "فرعون" ليس شخصاً معيناً، بل المقصود به "القلب القاسي"، وهذه الآية تشير إلى مجاهدة هذا القلب11.
وهنالك - أيضاً - تفسير القرآن الكريم حسب "الفكر المادي"، والذي حدث متأثراً بالفترة التي أخذت الحضارة الغربية تخطو فيها خطوات واسعة في المجالات العلمية والتكنولوجية، مما أبهر بريقها عيون بعض المسلمين. هؤلاء أخذوا يفسرون القرآن بطريقة خاصة ترك الاتجاه المادي بصماته واضحة عليها.
فالملائكة والجن والشياطين فسروها بـ" القوى الطبيعية" التي تسيّر الإنسان والكون، ومعاجز الأنبياء أخذت تعطي مدلولات جديدة، وتفسر بشكل جديد، وهكذا، وهلم جرا.
إن كل هذه الأنواع من التلاعب بمعاني القرآن الكريم، وتوجيه الآيات القرآنية على حسب الأفكار العقائدية المسبقة أو الأفكار الصوفية والعرفانية أو الاتجاهات المادية، كل هذه تعتبر من أنواع "التفسير بالرأي" المرفوض من قبل الدين - حسب الاحتمال الأول.
أما الاحتمال الثاني في معنى "التفسير بالرأي" فهو
(2)
التسرع في تفسير الآيات القرآنية على حسب ما يظهر للفرد في بادئ الرأي، ووفق ما توحي إليه ظنونه الأولية من دون الاستيقان ومن دون الرجوع إلى سائر الآيات والروايات الواردة في ذلك الموضوع.
ذلك لأن "الرأي" في اللغة العربية يعني: الظن والتخمين - كما تشير إليه بعض المصادر12. فالتفسير بالرأي - وفقا لهذا الاحتمال - يعني: أن يفسر القرآن بسبب بعض الظنون النيئة التي لم تنضج بعد، رغم ((إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا)) - كما يؤكده القرآن الكريم.
ومما يجدر ذكره في هذا المجال أن امرأة على عهد عمر بن الخطاب كانت تمارس الجنس مع مملوكها، وهذا بالطبع أمر محرم في نظر الإسلام، فذُكر ذلك لعمر، فأمر أن يُؤتي بها، ولما جاءت، سألها: "ما حملك على ذلك؟" فقالت: "تأولت آية من كتاب الله، وهي: ((وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُون إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُم))13." وفي بعض الروايات: "كنت أراه يحل لي بملك يمينين كما يحل للرجل المرأة بملك اليمين."14
ومن هذا القبيل أن يقرأ الإنسان قوله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَة)) فيبادر إلى القول: "إن فكرة الشفاعة هي فكرة خرافية، وأن القرآن قد نفاها من الأساس." أو يرى قوله تعالى: ((الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)) فيتصور الله جسما قد تربع على عرشه العظيم.
إن هذا الشكل من الفهم المتسرع للآيات القرآنية - على حسب ما يقتضيه الظن والتخمين، وبعض الاستحسانات العقلية - هو ما نهت عنه الروايات السابقة - حسب الاحتمال الثاني.
(3)
فهم آيات القرآن الكريم المرتبطة بالأحكام والآيات والمتشابهة والآيات المجملة وما شابه بعيداً عن روايات أهل البيت عليهم (الصلاة والسلام)، وبدون توفير قاعدة علمية رصينة تؤهل الإنسان للاستنباط، ذلك لأنه في عهد الرسالة كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هو الذي يشرح للمسلمين الآيات الغامضة المبهمة، وفي ذلك يقول الله سبحانه: ((وَأَنزَلْنَا إِلَيْك الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِم))15، ولكن، ماذا بعد رحيل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟
لقد خلف النبي صلى الله عليه وآله وسلم من بعده كتاب الله والعترة، وقد قرن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) القرآن بالعترة في أحاديث كثيرة16، من هنا فإن أية محاولة للفصل بينهما هي محاولة خاطئة، ويؤيد ذلك أن كثيراً من الروايات التي ورد فيها النهي عن "التفسير بالرأي" جاءت ردا على أولئك الذين كانوا يحاولون فهم القرآن بعيدا عن أهل البيت (عليهم السلام)، بل ونقيضا لهم - في بعض الأحيان - كقتادة وغيره.
كما جاءت مجموعة من الروايات في هذا الصدد منها: ما روي عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام): "إنما هلك الناس في المتشابه، لأنهم لم يقفوا على معناه، ولم يعرفوا حقيقته، فوضعوا له تأويلا من عند أنفسهم بآرائهم، واستغنوا عن مسألة الأوصياء فيعرِّفونهم." ومنها ما روي عنه - أيضا: "إنهم /أي المخالفين/ ضربوا القرآن بعضه ببعض، واحتجوا بالمنسوخ، وهم يظنون أنه الناسخ، واحتجوا بالخاص، وهم يظنون أنه العام، واحتجوا بأول الآية، وتركوا السنة في تأويلها، ولم ينظروا إلى ما يفتح به الكلام وإلى ما يختمه، ولم يعرفوا موارده ومصادره، إذ لم يأخذوه عن أهله، فضلوا وأضلوا."17
وهكذا، نجد أن فهم القرآن - في طوائف من الآيات - بشكل مستقل وبعيدا عن أهل البيت أو بدون توفر القاعدة العلمية الكافية (والمتمثلة في الوصول إلى درجة "الاجتهاد") يعتبر تفسيرا بالرأي - حسب الاحتمال الثالث.
والسؤال - الآن - هو: لقد برزت أمامنا حتى الآن ثلاثة احتمالات في معنى "من فسر القرآن برأيه" وهي:
1 - فسر القرآن بآرائه الشخصية، وذلك بقسْمَيْه: فسر القرآن بهواه، وفسر القرآن بمسبقاته الفكرية.
2 - فسر القرآن بظنه.
3 - فسر القرآن بفهمه المستقل عن أهل البيت (عليهم السلام)، أو بدون توفر القاعدة العلمية الكافية.
فأي واحد منه هذه المعاني هو المقصود؟
الجواب: يمكننا أن نستفيد من إضافة كلمة "رأي" إلى "الهاء" في قول الإمام "برأيه" معنى عاما يشمل هذه المعاني، وذلك المعنى هو: "تفسير القرآن بالرأي الشخصي النابع من الذات لا من الواقع." وهذا المعنى العام يشمل القسم الأول من المعنى الأول، لأنه تفسير للقرآن بالهوى وليس الواقع، والقسم الثاني من المعنى الأول لأنه تفسير للقرآن بالتعصب والأفكار المسبقة وليس بالواقع. والمعنى الثاني لأنه تفسير للقرآن بظنه الشخصي الذي لا يغني من الحق شيئا وليس بالواقع. والمعنى الثالث لأنه تفسير للقرآن بالأفكار الشخصية وليس بالواقع - الذي مقياسه هو أهل البيت (عليهم السلام)، والذي تكشف عنه القاعدة العلمية المشار إليها)، فتأمل.
وهكذا، نجد أن الروايات التي تنهى عن "التفسير بالرأي" لا تقصد بذلك النهي عن التدبر في القرآن الكريم، وإنما تنهى عن "تفسير القرآن بالرأي الشخصي النابع من الذات لا من الواقع،" بمختلف صوره وأشكاله





 
 توقيع : نورجهان


التعديل الأخير تم بواسطة نورجهان ; 03-13-2012 الساعة 01:37 AM

رد مع اقتباس
قديم 03-13-2012, 01:42 AM   #3
المراقبين


الصورة الرمزية نورجهان
نورجهان غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 15
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 04-23-2023 (08:33 PM)
 المشاركات : 4,993 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي





الشبهة الثانية: كيف نعرف العام والخاص


والمطلق والمقيد والناسخ والمنسوخ؟

إن في القرآن عاما وخاصا ومطلقا ومقيدا وناسخا ومنسوخا، وهل يعرف ذلك إلا الراسخون في العلم؟ والجواب: إن العلم الإجمالي ينحَلُّ بالعثور على القدر المتيقن من موارد النسخ والتقييد والتخصيص، فتُحكّم في سائر الآيات "أصالة الظهور" التي تقضي بأن ظواهر الكلام حجة إذا لم تقم قرينة على الخلاف، وحيث تنتفي تلك القرينة بالفحص، يكون الظهور حجة بلا إشكال.


وينبغي هنا أن نذكر ملاحظتين:

إن الآيات التي طرأ عليها التخصيص أو التقييد أو النسخ هي آيات محدودة، ولا يمكن أن نسحب الحكم المنطبق على بعض الآيات على القرآن الكريم ككل1.


إن أغلب أو كل الآيات التي طرأ عليها التخصيص أو التقييد أو النسخ هي الآيات التي تتناول "الأحكام الشرعية" - كأحكام القتال والطلاق والزنا والعدة وما أشبه، ومن الطبيعي أن الاستنباط من آيات الأحكام ونحوها يختص بالفقهاء والمجتهدين، ولا يحق للرجل العادي أن يستنبط منها. وحديثنا هنا في التدبر في الآيات الأخرى - تلك الآيات التي تتناول القضايا الخلقية والاجتماعية والثقافية - وما أشبه - مما لا يترتب عليه حكم شرعي وليس في آيات الأحكام، فتأمل.


الشبهة الثالثة: الذين أخطأوا في فهم القرآن


لقد أخطأ الكثيرون في فهم الآيات القرآنية، وانحرفوا بذلك عن سواء السبيل، فمن يضمن لنا: عدم الوقوع في الخطأ كما وقعوا هم؟ أليس من الأفضل أن ندفن رؤوسنا في الرمال، ولا ندور حول مواضع الزلل؟


الجواب: لقد وضحنا - بشكل ضمني - فيما سبق أن خطأ البعض في فهم القرآن يعود إلى أحد عوامله التالية:

تحكيم الأهواء الشخصية في تفسير القرآن.


التعصب للمسبقات الفكرية المغروسة في أعماق الفرد، وبالتالي تطويع القرآن لهذه الآراء، بدلا من تطويع هذه الآراء للقرآن. ومما يدخل ضمن هذا الإطار: التعصب للأفكار المذهبية الخاطئة، ومحاولة تفسير الآيات القرآنية بشكل يؤيد هذه الأفكار.


التسرع في اعتناق الأفكار التي تظهر للإنسان في بادئ الرأي، وهدم التدقيق في صحة هذه الأفكار أو سقمها.


عدم الرجوع إلى روايات أهل البيت (عليهم السلام) في الآيات المجملة أو الآيات المتشابهة - وما شابه، وعدم توفر القاعدة العلمية اللازمة فيما يتوقف على ذلك.


أما عندما يكون الفرد تلميذ القرآن المتواضع، ويكيف أهواءه وأفكاره وفق قيم القرآن ومبادئه وليس العكس، ويتأنى في تقبل ما يخطر على باله من أفكار، ويعود إلى أهل البيت (عليهم السلام) فيما تشابه عليه، ويوفر في ذاته القاعدة العلمية الرصينة فيما يتوقف فهمه على وجود مثل تلك القاعدة، عندئذ تقل نسبة الخطأ في فهم القرآن إلى حدود كبيرة، ويمكن أن تنعدم بالتالي2.

الشبهة الرابعة: القرآن كتاب غامض، فكيف نفهمه؟


يقولون: "القرآن يكتنفه الإبهام والغموض، ففيه غموض في الكلمة، وغموض في المغزى، فكيف نستطيع بعد بذلك أن نفهمه؟ لقد نزل القرآن قبل ألف وأربعمائة عام، وخاطب جيلا قد مات منذ أمد سحيق، فهل تستطيع أجيالنا أن تفهم القرآن الآن؟"


الجواب:

إن أغلب الآيات القرآنية هي آيات واضحة في الكلمات والمعاني والأهداف، كما قال سبحانه: ((وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِر))، وبإمكان أي فرد أن يتصفح القرآن الكريم ليجد هذه الحقيقة ماثلة أمام عينيه.


ولكن تظل هنالك مجموعة من الآيات غامضة ومبهمة، وذلك يعود إلى ابتعاد أمتنا عن اللغة العربية الأصيلة وليس إلى القرآن ذاته3.


والسؤال الآن هو: كيف نفهم هذه الآيات الغامضة؟

والجواب: هنالك ثلاث طرق:

أ - الرجوع إلى معاجم اللغة، واستخراج معاني الألفاظ منها.

ب - التدبر في السياق العام للآية، واستنباط معنى الكلمة أو الآية من خلال ذلك. ورغم أن السياق ليس عاملا نهائيا وحاسما في فهم الآيات القرآنية، إلا أنه يعيننا كثيرا في هذا المجال (إذا كان بحيث يشكّل ظهورا عرفيا للكلمة أو الجملة)، مثلا: إذا أردنا اكتشاف معنى "حول" في قوله تعالى ((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلا خَالِدِين فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلا))4 فما علينا إلا أن ننظر إلى سياق الآية الكريمة لكي نكشف أن معنى "حول" هو "التحول" و "الانتقال". أو إذا أردنا فهم "الإملاق" في قوله تعالى: ((وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّن إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُم))5 فما علينا إلا أن ننظر إلى الجو العام المحيط بالآية لنعرف أن معناه هو "الفقر" و "الحاجة"، وهكذا.

ج - التفسير: إن لمعرفة الإطار التاريخي الذي هبط فيه الوحي، والمورد الذي نزلت فيه الآية الكريمة الأثر الكبير في فهم معاني الآيات القرآنية والأهداف التي نزلت من أجل تكريسها هذه الآيات، وذلك لأن القرآن نزل بشكل تدريجي، وأكب في الأحداث التي واجهها المسلمون في عهد الرسالة، ولم ينزل على الناس مرة واحدة، ولذلك كان من الطبيعي أن تحمل الآيات طابع الظروف التي هبطت فيها.

وكتب التفسير هي التي تسلط الأضواء على هذه الظروف، وتعطي - بالتالي - الأبعاد الحقيقية للآية الكريمة (بالإضافة إلى الفوائد الأخرى الهامة الأخرى التي تمنحنا إياها كتب التفسير).

هذه كانت أهم الشبهات التي يُتمسك بها للتدليل على عدم جواز - وحتى عدم إمكان - التدبر في الآيات القرآنية، ولقد عرفنا من خلال هذا المبحث إمكان و مشروعية التدبر في القرآن الكريم، ويبقى أن نشرح ضرورة التدبر في القرآن، وهذا ما يتكفل به الفصل القادم - بإذن الله.












 
 توقيع : نورجهان



رد مع اقتباس
قديم 03-13-2012, 06:14 AM   #4
مديــر عام


الصورة الرمزية سيد عدنان الحمامي
سيد عدنان الحمامي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 05-22-2024 (02:53 PM)
 المشاركات : 7,694 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Iraq
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkgreen
افتراضي





عافاكم واغناكم الله من فضله
لحفظ وتلاة كتابه ان شاء الله
موفقين

وايبارك بجهودكم





















نور جهان


لكم منا دعاء بالعافيه

والتوفيق في خدمة الزهراء وبنيها ع

احسنتم واحسن الله اليكم



 
 توقيع : سيد عدنان الحمامي



رد مع اقتباس
قديم 03-13-2012, 02:50 PM   #5
المراقبين


الصورة الرمزية نورجهان
نورجهان غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 15
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 04-23-2023 (08:33 PM)
 المشاركات : 4,993 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي









 
 توقيع : نورجهان



رد مع اقتباس
إضافة رد


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




Loading...


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY:
! ωαнαм ! © 2010
سعودي كول