#1
|
||||||||||
|
||||||||||
كيف نشأت الوثنية؟
كيف نشأت الوثنية؟
وبما ذا بدأت؟ اتضح في الفصل المتقدم أن الانسان في مزلة من تجسيم الامور المعنوية وسبك غير المحسوس في قالب المحسوس بالتمثيل والتصوير وهو مع ذلك مفطور للخضوع أمام أي قوة فائقة قاهرة والاعتناء بشأنها. ولذا كانت روح الشرك والوثنية سارية في المجتمع الانساني سراية تكاد لا تقبل التحرز والاجتناب حتى في المجتمعات الراقية الحاضرة وحتى في المجتمعات المبنية على أساس رفض الدين فترى فيها من النصب وتماثيل الرجال وتعظيمها [صفحة 276 ] واحترامها والبلوغ في الخضوع لها ما يمثل لك وثنية العهود الاولى والانسان الاولى. على أن اليوم من الوثنية على ظهر الارض ما يبلغ مآت الملايين قاطنين في شرقها وغربها. ومن هنا يتأيد بحسب الاعتبار أن تكون الوثنية مبتدئة بين الناس باتخاذ تماثيل الرجال العظماء ونصب اصنامهم وخاصة بعد الموت ليكون في ذلك ذكرى لهم، وقد ورد في روايات أئمة اهل البيت ما يؤيد ذلك ففى تفسير القمى مضمر أو في علل الشرائع مسندا عن الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى: (وقالوا لا تذرن آلهتكم) الاية، قال: كانوا يعبدون الله عزوجل فماتوا فضج قومهم وشق ذلك عليهم فجاءهم إبليس لعنه الله وقال لهم: أتخذ لكم أصناما على صورهم فتنظرون إليهم وتأنسون بهم وتعبدون الله، فأعد لهم اصناما على مثالهم فكانوا يعبدون الله عزوجل وينظرون إلى تلك الاصنام، فلما جاءهم الشتاء والامطار أدخلوا الاصنام البيوت. فلم يزالوا يعبدون الله عزوجل حتى هلك ذلك القرن ونشأ اولادهم فقالوا: إن آباءنا كانوا يعبدون هؤلاء فعبدوهم من دون الله عزوجل فذلك قول الله تبارك وتعالى: (ولا تذرن ودا ولا سواعا) الاية. وكان رب البيت في الروم واليونان القديمين - على ما يذكره التاريخ - يعبد في بيته فإذا مات اتخذ له صنم يعبده أهل بيته، وكان كثير من الملوك والعظماء معبودين في قومهم، وقد ذكر القرآن الكريم منهم نمرود الملك المعاصر لابراهيم (عليه السلام) الذى حاجه في ربه، وفرعون موسى. وهوذا يوجد في بيوت الاصنام الموجودة اليوم وكذا بين الاثار العتيقة المحفوظة عنهم أصنام كثير من عظماء رجال الدين كصنم بوذا وأصنام كثير من البراهمة وغيرهم. واتخاذهم أصنام الموتى وعبادتهم لها من الشواهد على أنهم كانوا يرون أنهم لا يبطلون بالموت وأن ارواحهم باقية بعده، لها من العناية والاثر ما كان في حال حياتهم بل هي بعد الموت اقوى وجودا وأنفذ إرادة وأشد تأثيرا لما أنها خلصت من [صفحة 277] شوب المادة ونجت من التأثرات الجسمانية والانفعالات الجرمانية، وكان فرعون موسى يعبد أصناما له وهو إله ومعبود في قومه، قال تعالى: (وقال الملا من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الارض ويذرك وآلهتك) الاعراف: 127. أتمنى لكم مفيد تحياتي العطرة نورجهان |
|
|
|