|
#1
|
||||||||||
|
||||||||||
![]() عهد الإمام الهادي (ع) يتميز بقدرة الخط الرسالي على جميع الأصعدة بالرغم من الإرهاب الذي كان يتميز به النظام العباسي ، وبالذات على عهد المتوكّل العبّاسي .
ولعلنا نجد في الشواهد التاريخية التالية بعض الملامح لوضع الطائفة في عصر الإمام (ع) . 1 - في حديث مفصل رواه الشيخ الكليني رضوان اللـه عليه عما جرى بعد وفاة الإمام الجواد (ع) جاء فيه : “ فلما مضى أبو جعفر (الإمام الجواد (ع) ) لم أخرج من منزلي حتى علمت أن رؤوس العصابة قد اجتمعوا عند محمد بن الفرج (الرخجي وكان ثقة من أصحاب الرضا والجواد ووكيلاً عن الإمام الهادي عليه السلام ) يتفاوضون في الأمر “ . وهكذا كان للشيعة يومئذ مجالس للتفاوض في الأمور المهمَّة ، ومن أبرزها معرفة الإمام والبيعة له والتسليم لأوامره ، وقد أجمعوا بعد الإمام الجواد على الإمام الهادي ، بما تناهت إليهم من الإخبار الصحيحة بذلك حيث جاء في نهاية هذه الرواية : فلم يبرح القوم حتى سلموا لأبي الحسن (ع) ، وأضاف الشيخ المفيد في كتابه الإرشاد : والأخبار في هذا الباب كثيرة جداً إن عملنا على إثباتها طال الكتاب ، وفي إجماع العصابة على امامة أبي الحسن وعدم من يدعيها سواه في وقته ممن يلتمس الأمر فيه ، غني عن إيراد الأخبار بالنصوص على التفصيل “ . وهكذا ترى الشيخ المفيد يقول بإمامة الهــادي (ع) بإجماع العصابة ، بلى وهو صفوة الأمة وكبار فقهائها ، فمعرفتهم بالإمام الذي عاصروه وعاصروا والده وجدَّه ، سبيل عقلائي إلى معرفة الإمام بعدهم . والأمر الذي نستفيده من كلام الشيخ المفيد ومن الحديث الذي يرويه هو وضع الطائفة في ذلك اليــوم . 2 - وكان فتح بن خاقان وزيراً عند المتوكل ، ولكنه كان يتحبب إلى الإمام الهادي ، إما لميله النفسي إليه أو لأنه كان من رجاله في البلاط ، ولكن ورد من الإمام بحقه الذم حفاظاً عليه ، دعنا نستمع معاً إلى الحديث التالي الذي يحكي مكرمة من مكارم الإمام ، وفي ذات الوقت يعكس جانباً من وضع الطائفة فـي تلك الأيــام ! قصدت الإمام (ع) يوماً فقلت : يا سيدي إن هذا الرجل قد اطّرحني ، وقطع رزقي ، ومللني ، وما أتهم في ذلك إلاّ علمُه بملازمتي لك ، وإذا سألته شيئاً منه يلزمه القبول منك فينبغي أن تتفضل عليّ بمسألة ، فقال : تكفى إن شاء اللـه . فلما كان في الليل طرقني رسل المتوكل رسول يتلو رسولاً فجئت والفتح على الباب قائم فقال : يا رجل ما تأوي في منزلك بالليل كدني هذا الرجل مما يطلبك ، فدخلت وإذا المتوكل جالس على فراشه فقال : يا أبا موسى نشغل عنك وتنسينا نفسك أي شيء لك عندي ؟ فقلت : الصلة الفلانية والرزق الفلاني وذكرت أشياء فأمر لي بها ويضعها . فقلت للفتح : وافي علي بن محمد إلى ههنا ؟ فقال : لا ، فقلت : كتب رقعة ؟ فقال : لا فوليت منصرفاً فتبعني فقال لي : لست أشك أنك سألته دعاء لك فالتمس لي منه دعاء . فلما دخلت إليه (ع) فقال لي : يا أبا موسى ! هذا وجه الرضا ، فقلت : ببركتك يا سيدي ، ولكن قالوا لي : إنك ما مضيت إليه ولا سألته ، فقال : إن اللـه تعالى علم منا أنا لا نلجأ في المهمات إلاّ إليه ولا نتوكل في الملمات إلاّ عليه وعودنا إذا سألناه الإجابة ، ونخاف أن نعدل فيعدل بنا . قلت : إن الفتح قال لي كيت وكيت ، قال : إنه يوالينا بظاهره ، ويجانبنا بباطنه ، الدعاء لمن يدعو به : إذا أخلصت في طاعة اللـه ، واعترفت برسول اللـه (ص) وبحقنا أهل البيت وسألت اللـه تبارك وتعالى شيئاً لم يحرمك . 3 - وكان الإمام الهادي يسكن سامراء في عاصمة الخلافة وكان يدخل على المتوكل وينقل الرواة في صفة دخوله عليه أنه كان لا يملك من يحضر باب الخليفة أن يترجل إذا طلع عليه الإمام ، يقول محمد بن الحسن بن الأشتر العلوي .. قال : كنت مع أبي بباب المتوكل ، وانا صبي في جمع الناس ما بين طالبي إلى عباسي إلى جندي إلى غير ذلك ، وكان إذا جاء أبو الحسن (ع) ترجل الناس كلهم حتى يدخل . فقال بعضهم لبعض : لم نترجل لهذا الغلام ؟ وما هو بأشرفنا ولا بأكبرنا ولا بأسننا ولا بأعلمنا ؟ فقالوا : واللـه لا ترجلنا له فقال لهم أبو هاشم : واللـه لترجلن له صغاراً وذلة إذا رأيتموه ، فما هو إلاّ أن أقبل وبصروا به فترجل له الناس كلهم فقال لهم أبو هاشم : أليس زعمتم أنكم لا تترجلون له ؟ فقالو : واللـه ما ملكنا أنفسنا حتى ترجلنا . وكان الإمام إذا دخل على المتوكل رفعوا له الستر واحترموه بكل وقار ، تقول الرواية : إن أحد الأشرار قال للمتوكل العباسي يوماً ما يعمل أحد بك أكثر مما تعمله بنفسك في علي بن محمد ، فلا يبقى في الدار إلاّ من يخدمه ولا يتعبونه بشيــل ستر ولا فتح باب ولا شيء ، ولهذا كان الناس يقولون : لو لم يعلم استحقاقه للأمر ما فعل به هذا . ويظهر من هذا الحديث المفصّل الذي أخذنا منه موضع الحاجة أنه (ع) كان مهيباً مبجلاً حتى في بلاط أشد الخلفاء العباسيين إرهاباً في عصره وهو المتوكل العباسي . وكان (ع) إذا دخل على الخليفة جابهه بالحق ، فقد دخل يوماً عليه فقال ا لمتوكل : يا أبا الحسن من أِشعر الناس ، قال الإمام فلان ابن فلان العلوي حيث يقول : لقــد فاخرتنـا من قريــش عــصابـة * بمــــط خـدود وامـــــــتــداد أصــابع فلمــــا تنازعنـا القضـاء قضــى لنا * عليــه بما فاهــوا نـداء الصوامــع قال وما نداء الصوامع يا أبا الحسن ؟ قال : أشهد أن لا إله إلاّ اللـه وأشهد أن محمداً .. جدي أم جدكم ، فضحك المتوكل كثيراً ثم قال : هو جدك لا ندفعك عنه . ومرة أخرى أدخل المتوكل الإمام (ع) إلى مجلس لهوه وطلب منه المشاركة فيما كان فيه ، فوعظه الإمام عظة بليغة تعالوا نستمع إلى قصة ذلك حسبما ينقلها المسعودي ، قال : سعي إلى المتوكل بعلي بن محمد الجواد (ع) أن في منزله كتباً وسلاحاً من شيعته من أهل قم ، وأنه عازم على الوثوب بالدولة ، فبعث إليه جماعة من الأتراك ، فهجموا داره ليلاً فلم يجدوا فيها شيئاً ووجدوه في بيت مغلق عليه ، وعليه مدرعة من صوف ، وهو جالس على الرمل والحصى وهو متوجه إلى اللـه تعالى يتلو آيات من القرآن ، فحمل على حاله تلك إلى المتوكل وقالوا له : لم نجد في بيته شيئاً ووجدناه يقرأ القرآن مستقبل القبلة ، وكان المتوكل جالساً في مجلس الشرب فدخل عليه والكأس في يد المتوكل . فلما رآه هابه وعظمه وأجلسه إلى جانبه ، وناوله الكأس التي كانت في يده فقال : واللـه ما يخامر لحمي ودمي قط ، فاعفني فأعفاه ، فقال : أنشدني شعراً فقال (ع) : إني قليل الرواية للشعر فقال : لابد ، فأنشده (ع) وهو جالس عنده : باتـوا علـى قـلـل الأجبــال تحـرسهــم * غلــب الرجــــــال فلــم تنفعهـم القـلل واستنزلــوا بعــد عــز من معــاقلهـم * واسكنــوا حفــــــراً يـا بئسما نــزلــوا نــاداهـم صـارخ مـن بعـــد دفـــنهــــم * أيــن الأســــاور والتيجـــان والحــلل أيــن الوجــوه التي كانـت منعَّـــمــــة * من دونهــا تضـــرب الأستار والكــلل فأفصح القـــبـر عنهـم حين ساءلهـم * تلــك الـــوجــوه عـــليها الــدود تقتتـل قـد طـال مــا أكلـوا دهراً وقد شربـوا * وأصبحوا اليوم بـعــد الأكــل قـد أكلوا قـال : فبكى المتوكل حتى بل لحيته دموع عينيـه ، وبكى الحاضرون ، ودفع إلى علي (ع) أربعـة آلاف دينار ، ثم رده إلى منزله مكرّماً . وحسبما نقرأ في المصادر التاريخية ، كان الكثير من بطانة الخليفة يتشيع للإمام ، أما واقعاً أو لما يجد عند الشيعة من ثقل سياسي ، مثل الفتح بن خاقان الذي كان من أعظم وزراء المتوكل ، والذي قتل معه عندما انقلب عليه عسكره من الأتراك ، كان يحاول التقرب إلى الإمام ، ويظهر من بعض الروايات أن المتوكل كان يتهمه بذلك مما يدل على أنه قد أحسَّ بأمره . وجاء فيه فقال المتوكل : يا فتح هذا صاحبك وضحك في وجه الفتح وضحك الفتح في وجهه . كما يظهر من القصة التالية أن بعض قادة النظام العسكريين كانوا يكنون للإمام الحب وربما الولاء ، كما أن القصة تعكس جانباً من انتشار حب الإمام واحترامه بين عامة الناس لا سيما في الحرمين الشريفين . نسالكم الدعاء أحبتي الغالين تحياتي لكم جميعا نورجهان ![]() |
![]() |
|
|
|