من هوان الدنيا على الله ....

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
من هوان الدنيا على الله أن يهدى رأس يحيى بن زكريا الى بغي من بغايا بني اسرائيل
سيدي يا أبا عبد الله مصابك أعظم فإن كان يحيى أُهدي رأسه إلى بغي فأنت سيد طيف برأسك وعائلتك من بلد إلى بلد لتكونوا فرجة للقاصي والداني قد أرعبت على إثر ذلك أطفالك وأبديت وجوه نساءك وشهر برأسك ليكون عرضة للشتم والسب والضرب والرجم ، فأي هوان للدنيا على الله أعظم من هوانها حينما غيبت ابنتك رقية عن هذه الحياة وأزهقت روحها وهي طفلة في الرابعة من عمرها بتروعيها وإفجاعها بك حيث جيء برأسك وألقي في حجرها لترى بعينيها فضاعة الجرم الذي حل بك فتشهق شهقة أخمدت أنفاسها لترحل عن هذه الحياة مفجوعة بك ، وأي هوان لدنيا على الله أعظم من إدخال أختك زينب العزيزة في مجالس البغاة يتصفح وجوهن القريب والبعيد والدني والشريف ويتشفى منها الفاسق الفاجر يزيد عليه لعائن الله ، وأي هوان للدنيا على الله أعظم من إهداء رأسك لشارب الخمور واللاعب بالقرود ليمسكه من شيبتك ويقرع بمخصرته ثغرك وهو ينشد مفتخراً بأشياخه الذين عجل الله بأرواحهم إلى جهنم بسيف أبيك ، ينشد فرحاً بنصره المزيف ليُحرق بذلك قلب أختك زينب وابنك السجاد وبقية حرمك منادياً صارخاً متشمتاً
ليت أشياخي ببدر شهدوا ** جزع الخزرج من وقع الأسل
لأهلوا واستهلو فرحاً ** ثم قالوا يا يزيد لا تشل
لست من خندف إن لم أنتقم ** من بني احمد ما كان فعل
سيدي إن هذه الرزايا التي حلت بك وبعائلتك تُبدي وبجلاء هوان الدنيا على الله بأعظم مما حدث ليحيى بن زكريا ، فإن كان يحيى قد ذُبح كما يُذبح الكبش فأنت سيدي ذُبحت عطشاناً وبعد ذبحك ورض جسدك وطحنت عظامك تحت حوافر الخيل ، وإن كان يحيى ابن زكريا نطق بعد ذبحه ليؤكد أن ما فعله ذلك الباغي بابنة زوجته مُحرماً فأنت سيدي نطقت بكتاب الله قائلاً أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا 9 سورة الكهف
لتبين للملأ أنك آية من آيات الله العظمى التي أذهلت من رأى رأسك وهو يتلوا هذه الآية ليشهدوا بأن رأسك أعجب وأغرب
نعم سيدي إن يحيى بن زكريا قد تأسى بك حينما شاركك في بعض ما جرى عليه ومع ذاك لم يجري عليه من عظم المصاب ما جرى عليك فأنت سيدي مصيبتك عظمى قد أبكت السماء وأدمت الحجارة وكورت الشمس ورسمت في الأفق حمرة بقيت من ذلك الزمان إلى يوم الناس هذا بل ستبقى جلية يراها كل من يدب على هذه الأرض إلى أن يمن الله على وليه والقائم بأمره لينهض ويُزيل الجور عن هذه الأرض ويأخذ بثاراتك ممن ظلمك بالسكوت والرضا على المصائب العظام التي حلت بك
أنت سيدي مصيبتك لم ولن يكون لها مثيل على هذه الأرض فهي المصيبة الراتبة التي أقيمت لها المآتم وفتحت لأجلها المجالس لتبقى تُعطي الدروس للأجيال وتُبدي الرفض للظلم وتدفع الأحرار للتحرر من استعباد الطغاة على مر السنين ، فيحيى أتى لهذه الحياة بعد أن دعا أبيه زكريا ربه وأراد أن يُفجع به ليشارك بذلك جدك المصطفى وأبيك المرتضى وأمك الزهراء عزاءهم بك من خلال ابنه وقد أعطاه الله ما أراد حيث بقي حياً ليأتيه خبر ولده فيحمد الله أن من عليه بمشاركة خاتم الرسل وسيد الخلق مأساته بك
فأنت سيدي وريث الأنبياء في مصائبهم وأنت وريثهم في إبقاء شرائعهم حية من خلال بقاء دين جدك المتمم لأديانهم بقتلك وسفك دمك ظلماً وجوراً على أيدي أبناء الطلقاء الملاعين

صــ آل محمد ــداح