.::||[ آخر المشاركات ]||::.
اخذ مني تحياتي وسلامي --- ميلا... [ الكاتب : خادم خدام الزجيه - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 1 - عدد المشاهدات : 5884 ]       »     خذ مني تحياتي وسلامي -- ولاد... [ الكاتب : سيد عدنان الحمامي - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 3 - عدد المشاهدات : 4822 ]       »     ولادة الامام الرضا ع --- مغرم ... [ الكاتب : سيد عدنان الحمامي - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 5 - عدد المشاهدات : 7182 ]       »     ابوذيات ونعي للأمام جعفر الصاد... [ الكاتب : سيد عدنان الحمامي - آخر الردود : سيد عدنان الحمامي - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 2337 ]       »     ولادة الحسن المجتبى ع [ الكاتب : سيد عدنان الحمامي - آخر الردود : سيد عدنان الحمامي - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 3070 ]       »     اعمل ما يفرح الامام المهدي في ... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 4496 ]       »     الإمام المهدي غيب الله وسره [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 2825 ]       »     الإِمَامُ المَهدِي قَائِدٌ عَا... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 2904 ]       »     بماذا ننتظر الإمام المهدي؟ [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 3001 ]       »     15 شعبان.. مولد الإمام المهدي ... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 2535 ]       »    



 
 عدد الضغطات  : 14938



 
المشاركة السابقة   المشاركة التالية
#1  
قديم 12-19-2011, 09:17 PM
نـــائب المدير
المعارف غير متواجد حالياً
    Male
اوسمتي
وسام الاداري المميز Default Medal المشرف المميز العضو المميز 
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 118
 تاريخ التسجيل : May 2011
 فترة الأقامة : 5137 يوم
 أخر زيارة : 10-30-2012 (10:36 PM)
 المشاركات : 1,850 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
Arrow أبو طالب عمّ الرسول المُصطفى‏ صلى الله عليه وآله‏ مؤمن بني هاشم‏




أبو طالب عمّ الرسول المُصطفى‏ صلى الله عليه وآله‏ مؤمن بني هاشم‏


الحمد لله على فواضل آلائه وسوابغ نِعَمِه ، وله الشكر على مزيد إحسانه وجزيل كرمه ، وصلوات الله وتسليماته على‏ رسوله محمّدٍ الداعي إلى‏ رضوانه ، وعلى‏ آله الطيّبين الطاهرين وصفوة صحبه وأعوانه .
(أمّا بعد) : فإنّ شيخ الأباطح أبا طالب بن عبد المطلب - رضي الله تعالى‏ عنهما - وإن تحقّق إسلامه ، وثبت إيمانه بنبوّة محمّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم بالأدلّة الصحيحة ، والشواهد الصريحة ، وانعقد عليه إجماع أهل الحقّ قاطبةً - تبعاً للخلفاء الراشدين ، والأئمّة الهادين ، صلوات الله عليهم أبد الآبدين - إلّا أنّ جمهور مخالفينا قطعوا عليه بالكفر ، ورَمَوه بالموت على‏ الشّرك - والعِياذ بالله - فاختلقوا لذلك حديثَ الضَّحضاح ، ونَظَموه في سِلْك المسلّمات الصحاح .
ولَعَمْر الله إنّهم ما فعلوا ذلك إلّا تحامُلاً على‏ وَلده أمير المؤمنين ، ومحاولةً لإخمال سيّد الوصيّين صلوات الله وسلامه عليه (1) { يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ الله بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى الله إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ‏ } .
فَسنَحَ لي أن أتكلّم على‏ هذا الحديث بما يُظهر من علله القوادح ، ويُبين ما فيه من الأمور الفَوادح ، فجمعتُ هذا الجُزءَ (الوضّاح ، لاختلاق حديث الضَّحْضاح) عسى‏ الله أن ينفع به عبادَه الذين يستمعون القولَ فيتّبعون أحسنَه ، إنّه وليّ ذلك والقادر عليه ، لا ربَّ غيرُه ، ولا خَيْرَ إلّا خيرُه .
ثمّ اعلم أنّ هذا الحديث قد رَوَوْهُ عن العبّاس بن عبد المطّلب ، وأبي‏سعيدٍ الخُدريّ ، وجابر بن عبد الله الأنصاريّ ، والنُّعمان بن بَشيرٍ ، وابن عبّاسٍ ، وأبي‏هُريرة ؛ مرفوعاً .
ورواه عُبيد بن عُمير بن قَتادة اللّيثيّ الجُنْدَعيّ ، والشَّعبيّ ، ويزيد الرقاشيّ ؛ مُرسلاً (2) .

( فصل ) :

فأمّا حديث العبّاس بن عبد المطّلب ؛ فقد أخرجه أحمد في مسنده (3) ، قال : حدّثنا وكيع ، حدّثنا سفيان ، عن عبد الملك بن عُمَيْرٍ ، عن عبد الله بن الحارث ، عن العبّاس بن عبد المطّلب أنّه قال : يا رسول الله ، عمّك أبو طالبٍ كان يحُوطك ويفعل ؟ قال : إنّه في ضَحْضاحٍ من النار (4) ، ولولا أنا لكان في الدَّرْك الأسفل .
ورواه ابن أبي ‏شَيْبة أيضاً في (مصنَّفه) (5) عن وكيعٍ ، به .
وفي إسناده : وكيع بن الجرّاح بن مليحٍ الرؤاسيّ ، وقد اشتهر عنه شرب النَّبيذ المسكر وملازمته له (6) ، قال نعيم بن حمّادٍ : تعشَّيْنا عند وكيعٍ - أو قال : تَغَدَّيْنا - فقال : أيّ شي‏ءٍ أجيئكم به ، نبيذ الشيوخ أو نبيذ الفتيان ؟ قال : قلت : تتكلّم بهذا ؟! قال : هو عندي أحلّ من ماء الفرات (7) .
وقال يعقوب بن سفيان : سُئل أحمد إذا اختلف وكيعٌ وعبد الرحمن ، بقول مَن نأخذ ؟ فقال : عبد الرحمن موافق ، ويَسْلَم عليه السَّلَف ، ويجتنب شربَ النبيذ (8) .
وحكى عبد الله بن أحمد بن حنبلٍ ، عن أبيه ، قال : ابن مهديٍّ أكثر تصحيفاً من وكيعٍ ، ووكيع أكثر خطأً منه .
وقال أيضاً : أخطأ وكيعٌ في خمسمائة حديثٍ (9) .
وفي إسناده أيضاً : سفيان بن سعيدٍ الثوريّ ، وقد كان يدلّس عن الضعفاء ، وقيل : كان يدلّس ويكتب عن الكذّابين (10) ، وذكر ابن حِبّان أنّه كان إذا حدّث عن الصَّلْت بن دينارٍ الأزديّ البصريّ - أبي شُعيبٍ المجنون - يقول : حدّثنا أبو شُعيبٍ ولا يسمّيه ، وكان أبو شعيبٍ ينتقص عليّاً عليه السلام وينال منه ؛ على كثرة المناكير في روايته (11) .
وقال ابن المبارك : تحدّث سفيان بحديثٍ فجئته وهو يدلّسه ، فلمّا رآني استحيى‏ ، وقال : نرويه عنك (12) .
وقال يحيى بن سعيدٍ القطّان : جَهَدَ الثوريّ أن يدلّس عليَّ رجلاً ضعيفاً فما أمكنه ، قال مرّةً : حدّثنا أبو سهلٍ عن الشَّعْبيّ ، فقلت له : أبو سهلٍ محمّد بن سالمٍ ؟ فقال : يا يحيى ، ما رأيت مثلَك ، لا يذهب عليك شي‏ء!! (13) .
وقال الخطيب البغداديّ : كان الأعمش وسفيان الثوريّ يدلّسان تدليسَ التَّسْوية ، وهو شرّ أنواع التدليس وأقبحه - كما قال الحافظ العلائيَّ .
وقال الحافظ ابن حجرٍ : لا شكّ أنّه جَرْحٌ وإن وُصِفَ به الثوريُّ والأعمش ، فلا اعتذار أنّهما لا يفعلانه إلّا في حقّ مَن يكون ثقةً عندهما ، ضعيفاً عند غيرهما (14) .
على أنّ سفيان قد عنعن في حديثه هذا ولم يذكر سَماعاً ، والمدلِّس لا يُقبل من حديثه إلّا ما صرّح فيه بالسَّماع .
وأخرج أحمد أيضاً في (مسنده) (15) قال : حدّثنا عفّان ، حدّثنا أبو عَوَانَة ، حدّثنا عبد الملك بن عُميرٍ ، عن عبد الله بن الحارث بن نوفلٍ ، عن عبّاس بن عبد المطّلب قال : قلت : يا رسول الله ، هل نفعتَ أبا طالبٍ بشي‏ءٍ ، فإنّه كان يحوطك ويغضب لك ؟ قال : نعم ، هو في ضَحْضاحٍ من النار ، ولولا ذلك (16) لكان في الدَّرْك الأسفل من النار .
وأخرجه البخاريّ في (صحيحه) عن موسى بن إسماعيل (17) ومُسَدَّدٍ (18) ، ومسلمٌ أيضاً في (صحيحه) عن عُبيد الله بن عمر القواريريّ ومحمّد بن أبي بكرٍ المقدّميّ ومحمّد بن عبد الملك الأمويّ (19) ، كلّهم عن أبي عَوَانَة الوضّاح بن عبد الله الواسطيّ .
وأخرج أحمد في (مسنده) عن يحيى بن سعيدٍ ، والبخاريّ في (صحيحه) (20) عن مسدَّدٍ ، عن يحيى‏ ، عن سفيان ، حدّثني عبد الملك بن عُميرٍ ، حدّثنا عبد الله بن الحارث ، حدّثنا العبّاس ، قال : قلت للنبيّ‏ صلى الله عليه وآله : ما أَغْنيتَ عن عمّك ، فقد كان يحوطك ويغضب لك ؟ قال : هو في ضَحْضاحٍ ، ولولا أنا لكان في الدَّرْك الأسفل من النار .
ورواه عبد الرزّاق في (مصنّفه) (21) عن سفيان الثوريّ ، وقد مرّ الكلام عليه آنفاً .
وأخرج مسلم في (صحيحه) (22) قال : حدّثنا ابن أبي عمر ، حدّثنا سفيان ، عن عبد الملك بن عُميرٍ ، عن عبد الله بن الحارث ، قال : سمعتُ العبّاس يقول : قلت : يا رسول الله ، إنّ أبا طالبٍ كان يحوطك وينصرك ويغضب لك ، فهل نفعه ذلك ؟ قال : نعم ، وجدته في غمراتٍ من النار فأخرجته إلى ضَحْضاحٍ .
قال مسلم : وحدّثنيه محمّد بن حاتمٍ (23) ، حدّثنا يحيى بن سعيدٍ ، عن سفيان ، قال : حدّثني عبد الملك بن عُميرٍ ، قال : حدّثني عبد الله بن الحارث ، قال : أخبرني العبّاس بن عبد المطّلب .
(ح) وحدّثناه أبو بكر بن أبي شَيْبة ، حدّثنا وكيعٌ ، عن سفيان بهذا الإسناد عن النبيّ‏ صلى الله عليه وآله بنحو حديث أبي عَوَانة (اهـ) .
قلت : سفيان إن كان هو الثوريّ فقد تبيّن لك حاله فيما سلف .
وإن كان ابن عُيَيْنة بن ميمونٍ الهلاليّ (24) فقد كان يدلّس - كما بترجمته في «ميزان الاعتدال» (25)- وصرّح الترمذيّ بتدليسه في حديث : اقتدوا باللَّذَيْن من بعدي أبي بكرٍ وعمر (26) .
وأخرج ابن مَنْدَة حديثَ الباب في كتاب (الإيمان) (27) نحو حديث أبي عَوانة ؛ بإسنادَيْن ينتهيان إلى عبد الملك بن عُميرٍ اللَّخميّ الكوفيّ .
وقد عرفت ممّا مرّ أنّ حديث عبد الله بن الحارث بن نوفلٍ عن عمّ جدّه العبّاس بن عبد المطّلب قد تفرّد به ابن عُميرٍ ، ومَدارُه عليه (28) ، وهو ممّن تكلّم فيه أئمّة الجرح والتعديل ونياقدة الرجال ، وطعنوا في حديثه .
قال الإمام أحمد : ضعيف يغلط ، وقال ابن خراش : كان شعبة لا يرضاه ، وقال إسحاق بن منصور : ضعّفه أحمد جدّاً ، وقال عليّ بن الحسن الهَسَنجْانيّ عن أحمد : عبد الملك مضطرب الحديث جدّاً مع قلّة روايته ، وما أرى له خمسمائة حديثٍ ، وقد غلط في كثيرٍ منها ، وقال إسحاق بن منصور عن ابن مَعينٍ : مخلِّط ، وقال ابن حِبّان : كان مدلِّساً (29) (اهـ) .
قلت : قال شعبة : التدليس أخو الكذب ، وقال أيضاً : لئن أزني أحبّ إليَّ من أن أُدلِّس (30) (اهـ) .
وقال الشيخ الإمام المجدِّد أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن النُّعمان المفيد رحمه الله تعالى في (الإفصاح) (31) : عبد الملك بن عُميرٍ من أبناء الشام وأجلاف محاربي أمير المؤمنين‏عليه السلام حتّى قلّدوه القضاء ، وكان يقبل فيه الرِّشا ، ويحكم بالجَوْر والعدوان ، وكان متجاهراً بالفجور والعَبَث بالنساء .
فمن‏ ذلك أنّ الوليد بن‏ سريعٍ خاصم أخته كَلْثَم بنت سريعٍ إليه في أموالٍ وعقارٍ، وكانت كَلْثَم من أحسن نساء وقتها وأجملهنّ ؛ فأعجبته ، فوجّه القضاء على أخيها تقرّباً إليها ، وطمعاً فيها ، فظهر ذلك واستفاض عنه ، فقال فيه هُذَيْل الأشجعيّ :
أتاه وليدٌ بالشُّهود يقودهم‏
على ما ادّعى من صامت المال والخَوَلْ‏
يسوق إليه كَلْثَماً وكلامها
شفاء من الداء المخامر والخَبَلْ‏
فما بَرِحَتْ تومي إليه بِطَرْفِها
وتومض (32) أحياناً إذا خصمها غَفَلْ‏
وكان لها دَلٌّ وعينٌ كحيلة
فأدلت بحُسن الدلّ منها وبالكَحَلْ‏
فأَفْتَنَتِ القِبْطيَّ حتّى‏ قضى لها
بغير قضاء الله في المال والطَّوَلْ‏
فلو كان مَن في القصر يعلم علمه‏
لما استعمل القِبْطيَّ فينا على عَمَلْ‏
له حين يقضي للنساء تخاوصٌ (33)
وكان وما منه التخاوص والحَوَلْ‏
إذا ذات دَلٍّ كلّمته بحاجةٍ
فَهَمَّ بأن يقضي تَنَحْنَحَ أو سَعَلْ‏
وبَرَّقَ عينيه ولاكَ لسانَه‏
يرى كلَّ شي‏ءٍ ما خلا سخطها خَبَلْ‏
وقال الشيخ الإمام أبو جعفرٍ محمّد بن الحسن الطوسيّ رحمه الله تعالى في (تلخيص الشافي) (34) : كان عبد الملك بن عُميرٍ فاسقاً جريئاً على الله ، وهو الذي قتل عبد الله بن يَقْطر رسولَ الحسين بن عليٍ‏عليهما السلام إلى مسلم بن عقيلٍ ، حيث رمى‏ به ابن زيادٍ من فوق القصر - وبه رَمَق - فأَجْهَزَ عليه ، فلمّا عُوتب على ذلك قال : إنّما أردتُ أن أُريحه - استهزاءً بالقتل ، وقلّة مبالاةٍ - وكان يتولّى القضاء لبني أُميّة ، وكان مروانيّاً شديدَ النَّصْب والانحراف عن أهل البيت عليهم السلام ومَن هذه صورته لا تُقبل روايته (اهـ) .
فليت شِعْري ، كيف احتجّ به أحمد والشيخان وغيرهم ، وأدخلوا حديثه في (الصحيح) وهذه حاله لا تكاد تخفى عليهم ؟!
وما يُدريك ، فلعلّهم كانوا يتساهلون في مثل هذه الأحاديث ، ويتلقَّوْنَها بالقبول والتسليم ، ويودِعونها كتبهم من دون تحرّجٍ ولا خَشْية تأثيم ، فلا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم .
ثمّ إنّ حديث العبّاس بن عبد المطّلب هذا يعارضه ويناقضه حديثه الآخَر الذي أخرجه ابن سعدٍ في (الطبقات) (35) عن عفّان بن مسلمٍ ، قال : أخبرنا حمّاد بن سَلَمة ، عن ثابتٍ ، عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث ، قال : قال العبّاس : يا رسولَ الله ، أترجو لأبي طالبٍ ؟ قال : كلَّ الخير أرجو من ربّي .
ورواه زيد بن الحبّاب ، عن حمّادٍ ، به (36) .
فلولا عِلْم النبيّ‏ صلى الله عليه وآله بإيمان عمّه أبي طالبٍ لَما كان يرجو له كلَّ الخير من ربّه تعالى ، مع ما أخبره الله جلّ ذِكره من خلود الكفّار في النار ، وحرمان الله تعالى لهم الخيرات ، وتأبيدهم في العذاب على وجه الاستحقاق والهوان (37) .
وقال العلّامة البرزنجيّ الشافعيّ : رجاؤه‏ صلى الله عليه وآله محقَّقٌ ، ولا يرجو كلَّ الخيرَ إلّا لمؤمنٍ ، ولا يجوز أن يُراد بهذا ما حصل له من تخفيف العذاب ، فإنّه ليس خيراً ، فضلاً عن أن يكون كلَّ الخير ، وإنّما تخفيف العذاب تخفيف الشرّ ، وبعض الشرّ أهون من بعضٍ ، وحصول كلّ الخير إنّما يكون بدخول الجنّة (38) (اهـ) .
وأخرج الإمام شمس الدين ابن مَعَدٍّ رحمه الله بإسناده عن عِكْرِمة ، عن ابن عبّاسٍ ، قال : أخبَرني العبّاس بن عبد المطّلب أنّ أبا طالبٍ شهد عند الموت أنْ لا إله إلّا الله ، وأنّ محمّداً رسول الله (39) .
وأخرج الشيخ الصدوق أبو جعفر بن بابويه القمّي ‏رحمه الله في (الأمالي) (40) بإسناده عن الأعمش ، عن عباية بن رِبْعيٍّ ، عن عبد الله بن عبّاسٍ ، عن أبيه ، قال : قال أبو طالبٍ لرسول الله‏ صلى الله عليه وآله : ياابن أخي ، الله أرسلك ؟ قال : نعم ، قال : فأَرِني آيةً ، قال : ادْعُ لي تلك الشجرة ، فدعاها فأَقْبَلتْ حتّى‏ سجدت بين يديه ، ثمّ انصرف ، فقال أبو طالبٍ : أشهد أنّك صادقٌ ، يا عليُّ صَلِّ جناح ابن عمّك .
وأخرج البيهقيّ في (دلائل النبوّة) (41) قال : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب ، قال : حدّثنا أحمد بن عبد الجبّار ، قال : حدّثنا يونس بن بُكَيْرٍ ، عن ابن إسحاق ، قال : حدّثني العبّاس بن عبد الله بن مَعْبِدٍ ، عن بعض أهله ، عن ابن عبّاسٍ ، قال : لمّا أتى رسولُ الله‏ صلى الله عليه وآله أبا طالبٍ في مرضه قال له : يا عمّ ، قل : لا إله إلّا الله ، كلمة أستحلّ بها لك الشفاعة يوم القيامة ، قال : ياابن أخي ، والله لولا أنْ تكون سُبّة عَليَّ وعلى أهلي من بعدي ، يَرَون أنّي قلتها جَزَعاً عند الموت ؛ لقلتها ، لا أقولها إلّا لأُسِرَّك بها ، فلمّا ثقُل أبو طالبٍ رُؤي يُحرِّك شَفَتَيْه ، فأصغى إليه العبّاس فسمع قولَه ، فرفع رأسه عنه فقال : قد قال - والله - الكَلِمَ التي سأله عنها .
فظهر بذلك أنّ حديث الضَّحْضاح ممّا ولَّده الوضّاعون المقبوحون ، وافتعله الأفّاكون المفضوحون ، مع ما سيأتي من الوجوه الأخرى الدالّة على بطلان هذا الحديث واختلاقه ، وبالله تعالى التوفيق .

( فصل ) :

وأمّا حديث أبي سعيدٍ الخُدْريّ ‏رضى الله عنه فقد أخرجه أحمد في (مسنده) (42) قال : حدّثنا هارون بن معروفٍ ، حدّثنا ابن وَهْبٍ ، قال حَيْوَة : حدّثني ابن الهاد أنّ عبد الله بن خبّابٍ حدّثهم عن أبي سعيد الخدريّ‏ رضى الله عنه أنّه سمع رسول الله‏ صلى الله عليه وآله - وذُكر عنده عمّه أبو طالبٍ - فقال : لعلّه أن تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيُجعل في ضَحْضاحٍ من النار يبلغ كعبَيْه ، يغلي منه دِماغه .
قلت : قال ابن سعدٍ : عبد الله بن وَهْبٍ كان كثير العلم ، ثقةً فيما قال (حدّثنا) وكان يدلّس (43) (اهـ) .
وهو هنا لم يصرّح بالتحديث كما ترى .
ورواه أحمد أيضاً ومسلم (44) عن قتيبة بن سعيدٍ ، عن اللَّيث بن سعدٍ ، عن يزيد ابن الهاد ، به .
والبخاريُّ عن عبد الله بن يوسف التِّنِّيسيّ ، عن الليث ، به (45) .
وعن‏ إبراهيم بن ‏حمزة، عن ابن أبي ‏حازمٍ (46) والدراورديّ (47) عن‏ ابن ‏الهاد (48)، به.
وبعض هذه الطرق وإن لم يكن في ظاهره علّةٌ قادحة عند القوم ، إلّا أنّ هذا الحديث سيأتي بيان بطلانه من وجوهٍ أُخرى إن شاء الله تعالى ، إذ مجرّد صحّة الطريق لا يكفي في الأخذ بالحديث ، بل لابدّ من ثبوت متنه وصحّته أيضاً ، فكم من حديثٍ باطلِ المتن رُويَ بإسنادٍ صحيحٍ كالشمس ، لا مَغْمَزَ فيه عندهم - كما لايخفى على الدَّارب في هذا العلم - فتنبّه .
وأخرج مسلم في (صحيحه) (49) قال : حدّثنا أبو بكر بن أبي شَيْبة ، حدّثنا يحيى بن أبي بُكَيْرٍ ، حدّثنا زُهَيْر بن محمّدٍ ، عن سهيل بن أبي صالحٍ ، عن النُّعمان بن أبي عيّاشٍ ، عن أبي سعيدٍ الخُدْريّ ‏رضى الله عنه أنّ رسول الله‏ صلى الله عليه وآله قال : إنّ أدنى أهل النار عذاباً ينتعل بنعلين من نارٍ يغلي دِماغه من حرارة نعلَيْهِ .
قلت : المراد بأهون أهل النار عذاباً - عند هؤلاء القوم - أبو طالبٍ رضي الله تعالى عنه وأرضاه ، بل قد وقع التصريح بذلك في حديث ابن عبّاسٍ عند مسلمٍ ، وحديث الشَّعْبيّ عند ابن جَريرٍ - كما سيأتي إن شاء الله تعالى - ولذلك ذكرنا هذا الحديث وما يأتي بعده - ممّا هو قريبٌ من لفظه - في جملة أحاديث الباب .
وفي إسناد هذا الحديث : زهير بن محمّدٍ التميميّ أبو منذرٍ الخراسانيّ المَرْوَزيّ ، قال ابن مَعينٍ والنسائيّ : ضعيف ، وذكره أبو زُرْعة في (أسامي الضُّعفاء) وقال أبو حاتمٍ : في حفظه سوءٌ ، وكان حديثه بالشام أنكر من حديثه بالعراق لسوء حفظه ، فما حدّث به من حِفْظه ففيه أغاليط ، وقال عثمان الدارميّ : له أغاليطُ كثيرة ، وقال النسائيّ : ليس بالقويّ ، وقال الحاكم أبو أحمد : في حديثه بعض المناكير ، وقال ابن حِبّان : يُخطئ ويخالف ، وقال الساجيّ : مُنكَر الحديث (50) .
وفي إسناده أيضاً : سهيل بن أبي صالح السمّان أبو يزيد المدنيّ ، قال ابن مَعينٍ : سهيل بن أبي صالحٍ والعلاء بن عبد الرحمن حديثهما قريبٌ من السَّواء ، وليس حديثهما بحجّةٍ ، وقال أبو حاتمٍ : يكتب حديثه ولا يُحتجّ به ، وقال ابن حِبّان يُخطئ ، وذكر ابن أبي خَيْثَمة في (تاريخه) عن يحيى بن مَعينٍ قال : لم يزل أهل الحديث يتَّقون حديثَه ، وقال ابن مَعينٍ أيضاً : فيه لِيْنٌ ، وقال أيضاً : ضعيفٌ ، ليس بذاك (51) .
وأخرج أحمد والبزّار في (مسنَدَيْهما) (52) والحاكم في (المستدرك) (53) بأسانيدهم عن حمّاد بن سَلَمة ، عن سعيدٍ الجريريّ ، عن أبي نَضْرَة ، عن أبي سعيدٍ الخُدْريّ ‏رضى الله عنه عن النبيّ‏ صلى الله عليه وآله قال : إنّ أهون أهل النار عذاباً يومَ القيامة رجلٌ مُنْتَعِلٌ بنعلَيْن من نارٍ يغلي منهما دِماغه - الحديث .
وفي إسناده : حمّاد بن سَلَمة البصريّ ، وسيأتي الكلام عليه عند الكلام على حديث ابن عبّاسٍ إن شاء الله تعالى .
وفيه أيضاً : أبو نَضْرَة المنذر بن مالك بن قُطَعَة العبديّ ، قال ابن سعدٍ : كان ثقةً إن شاء الله ، كثيرَ الحديث ، وليس كلّ أحدٍ يُحتجّ به (54) ، وأورده العُقَيْليُّ في (الضُّعَفاء) وابن عَدِيٍّ في (الكامل) .
قال الحافظ ابن حجر في (التهذيب) (55) : وأظنّ ذلك لِما أشار إليه ابن سعدٍ ، ولهذا لم يحتجّ به البخاري (اهـ) .

( فصل ) :

وأمّا حديث جابر بن عبد الله الأنصاريّ رضي الله عنه فقد أخرجه البزّار في (مسنده) (56) - وتفرّد به كما قال ابن كثير - قال : حدّثنا عمرو (57) - هو ابن إسماعيل ابن مُجالد - حدّثنا أبي ، عن مُجالدٍ ، عن الشَّعبيّ ، عن جابر قال : سُئل رسول الله‏ صلى الله عليه وآله - أو قيل له - هل نفعتَ أبا طالبٍ؟ قال : أخرجته من النّار إلى‏ ضَحْضاحٍ منها .
قلت : وهذا الإسناد أيضاً ممّا لا يحتجُّ به ، ولا يثبت به حديث ، فإنّ عمر بن إسماعيل قال فيه أبو حاتم : ضعيف الحديث ، وقال النسائيّ : ليس بثقةٍ ، متروك الحديث ، وقال الدّارقطنيّ : ضعيف ، وقال في موضعٍ آخر : متروك (58) .
وأمّا إسماعيل بن مُجالدٍ ؛ فقد قال النسائيّ والعِجْليّ : ليس بالقويّ ، وروى‏ الحاكم عن الدارَقُطنيّ : ليس فيه شكٌّ أنّه ضعيفٌ ، وقال الأزديّ : غير حُجّة (59) .
وأمّا مُجالد بن سعيدٍ الهمدانيّ؛ فقد قال البخاريّ : كان يحيى‏ بن سعيدٍ يضعّفه ، وكان ابن المهديّ لا يروي عنه ، وكان أحمد بن حنبلٍ لا يراه شيئاً ، وقال ابن مَعينٍ : لا يحتجّ بحديثه ، وقال أيضاً : ضعيف ، واهي الحديث ، وقال ابن سعيدٍ : كان ضعيفاً في الحديث ، وقال ابن حِبّان : لا يجوز الاحتجاج به (60) .
وأمّا الشَّعبيُّ؛ فسيأتي الكلام عليه فيما بعدُ إن شاء الله تعالى‏ .



 توقيع : المعارف



رد مع اقتباس
 


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




Loading...


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY:
! ωαнαм ! © 2010
سعودي كول