#1
|
|||||||||
|
|||||||||
التأييد الإلهي لزيارة الأربعين
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته يوم الأربعين هو اليوم المخصص لزيارة سيّد الشهداء الإمام الحسين(عليه السلام) إنه يوم مهيب وشعاراته تُدوّي في آفاق العالم وخلوده يتجدد في كل عام بل في الدهر كله والسر في تخليده واستمراريته هو "التأييد الإلهي"، لأنه يوم عظيم وتَحسب له الأمم والشعوب ألف حساب وقد فرض نفسه على الساحتين الإسلامية والعالمية لهيبته ومكانته الزمانية.. وفي يوم العشرين من شهر صفر في كل عام تخرج الجماهير الولائية تُقدَّر بالملايين في مواكب حاشدة تهزّ الأرض بأقدامها وتزلزل العالم بذلك الدويّ الممتزج بالبكاء والعويل على السبط المظلوم الشهيد(عليه السلام) الذي مازال دمه يغلي في صدور المحبّين والموالين، وحمرة عشقه تتدفّق في شرايين قوافل العاشقين المعزّين من الأجيال السابقة واللاحقة. ماذا يرى العالم في يوم زيارة الأربعين؟ إنه يرى أمواجاً بشرية متلاطمة تزحف زحفاً نحو كربلاء وهم يسندون إلى صدورهم الرايات الملونة بالأسود والأخضر والأحمر، والكثير من هذه الشعارات والأشعار الحسينية الخالدة يحفظها الكبير والصغير من شيعة وأتباع أهل البيت (عليهم السلام) وهم يهتفون بلوعة المصاب المدمي وهم في جزع ولطم وكآبة وعويل يقولون: لو قطّعوا أرجلنا واليدين نأتيك زحفاً سيّدي يا حسين يوم تجديد العهد للإمام الشهيد(عليه السلام) ومن عظمة تخليد يوم أربعينية سيد الشهداء(عليه السلام) والألطاف الربّانية التي حظيت بها أن الله تعالى أفرد لهذه الزيارة المقدّسة مساحة عاطفية في أفئدة المؤمنين فأخذوا يواظبون عليها رغم قساوة الظروف وتقلّب الأحوال، فأصبحت الملايين من الناس تتقاطر وتتوافد وتتجشّم العناء بانجذاب إلى إحياء هذه الشعيرة بلهفة وشوق، حيث أنك تلاحظ في كل أنحاء المعمورة تلك الحسينيات وقد لُفَّت بالسّواد لتخليد هذه الذكرى الأليمة، ثم تعود قوافل المعزين إلى المواكب العزائية من جديد بعد مُضيّ أربعين يوماً على ذكرى عاشوراء لتجديد العهد والبيعة للإمام المعصوم المظلوم الشهيد فيكون لهذا المشهد الولائي الحسيني صدى يتأثّر بمشاهدته حتى غير المسلمين وهذا هو قمة الدعم "المعنوي الإلهي" لتخليد ذكرى أبي عبدالله الحسين(عليه السلام) الذي لا يضاهيه يوم في التأريخ ولا يفوق عليه أي حدث مؤثّر مهما كانت فضاعته على وجه الأرض. ولهذا اطَّردَت عادة الشيعة على تجديد العهد بِتِلكم الأحوال يوم الأربعين من كل سنة ولعلّ رواية أبي جعفر الباقر(عليه السلام): (إنَّ السماء بكت على الحسين أربعين صباحاً تطلع حمراء وتغرب حمراء)(1). تلميح إلى هذه العادة المألوفة بين المحبين والزائرين، فالحسين(عليه السلام) حيٌّ لا يموت في ضمير ووجدان محبيه وستندفع الأجيال تلو الأجيال لإحياء مبادئ ثورته المظفّرة والبكاء عليه. وصدق الوحي حينما قال لرسول الله(صلى الله عليه وآله): (يخلق الله له شيعة تحيي ذكره جيلاً بعد جيل) ويومذاك تهلل وجه النبي(صلى الله عليه وآله) فرحاً وخفف من بكائه على سبطه الشهيد المذبوح.. وفي خبر آخر قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) لابنته فاطمة(عليها السلام):{يخلق الله له شيعة يبكون عليه إلى يوم القيامة}. ومن الأمور المبدئية المعنوية الظاهرة التي تدعم وتعزّز المواكب العزائية في يوم الأربعين وفي زيادة مذهلة وباستمرار هو هذا الحديث الولائي المرويّ عن الإمام علي(عليه السلام) حيث قال: {إن الله تبارك وتعالى اطّلع إلى الأرض فاختارنا واختار لنا شيعة ينصروننا يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا ويبذلون أموالهم وأنفسهم فينا أولئك منّا وإلينا}(2). ----------------------------- الهوامش 1- مقتل الحسين للسيد المقرم: ص 365. 2- مستدرك الوسائل: 2/207. اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.
|
|
|
|