#1
|
|||||||||
|
|||||||||
وانفصمتْ والله العروةُ الوُثقى...ذكرى جرح الإمام علي (عليه السلام) في محراب الصلاة
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته خل شهرُ رمضان كان أمير المؤمنين(صلوات الله وسلامه عليه) يتناول فطوره ليلةً عند الحسن وليلةً عند عبد الله بن العبّاس، وكان لا يزيد على ثلاث لُقَم، فقيل له في ليلةٍ من الليالي: ما لكَ لا تأكل؟ فقال: أحبّ أن يأتيني أمرُ ربّي وأنا خميص، إنّما هي ليلةٌ أو ليلتان فأصيب. ولمّا أراد الإمامُ أمير المؤمنين الخروج من بيته في الصبيحة التي ضُرِب فيها، خرج إلى صحن الدار فاستقبلته الإوزّ فصِحْن في وجهه فجعلوا يطردوهنّ، فقال: دعوهنّ فإنّهنّ صوائح تتبعها نوائح. وعن الشريف الرضيّ (رحمه الله) قال: سهر علي(عليه السلام) في الليلة التي ضُرب في صبيحتها، فقال: إنّي مقتولٌ لو قد أصبحت، فجاء مؤذّنه بالصلاة فمشى قليلاً، فقالت له ابنته زينب: يا أمير المؤمنين مُرْ جعدة يصلّي بالناس، فقال: لا مفرّ من الأجل، ثمّ خرج. وفي حديثٍ آخر قال: جعل (عليه السلام) يعاود مضجعه فلا ينام، ثمّ يعاود النظر في السماء، ويقول: والله ما كَذِبتُ ولا كُذَّبتُ، وإنّها اللّيلة التي وُعِدتُ، فلمّا طلع الفجر شدّ إزاره وهو يقول: أشدُدْ حيازيمك للموت فإنّ الموت لاقيكا ولا تـجـزعْ مـن المـوتِ إذا حــلّ بواديكا كما أضحكَكَ الدهرُ كذاك الدهرُ يُبكيكا وبحسب ما ذكرته المصادر أنّ معاوية قد تواطَأَ مع مجرمٍ عظيم الإجرام يُدعى عبد الرحمن بن ملجم، لاغتيال أمير المؤمنين وقتله والخلاص من وجوده على الأرض، وبالفعل جاء المجرمُ عبد الرحمن بن ملجم في ليلة التاسع عشر من شهر رمضان سنة 40 للهجرة، وكان قد أخفى تحت ثيابه سيفاً صقيلاً مسموماً بسمٍّ قاتلٍ شديد الأذى. وكان الملعونُ ابنُ ملجم في مسجد الكوفة ينتظر أن يحينَ وقت صلاة الفجر، كي يصلّي أمير المؤمنين(عليه السلام) وينقطع في توجّهه إلى الله، فيستغلّ الفرصة ويقتله بذلك السيف الصقيل، وبالفعل ما إنْ حان وقتُ صلاة الفجر وصلّى الإمامُ أميرُ المؤمنين(عليه السلام) بالناس حتّى استتَرَ المجرم عبد الرحمن بن ملجم بين صفوف المصلّين متظاهراً بالصلاة. وحينما رفع الإمامُ أميرُ المؤمنين رأسه من السجدة الأولى في الركعة الأولى أسرع المجرمُ عبدُ الرحمن بنُ ملجم شاهراً ذلك السيف الصقيل، فضرب الإمام أميرَ المؤمنين(عليه السلام) على رأسه! فسالت الدماء من رأسه وتخضّبت منها شيبتُه ولحيتُه الشريفة. فقال حينما ضُرِب: (فُزتُ وَرَبِّ الكَعبة)، نعم فقد فاز الإمام أميرُ المؤمنين علي(عليه السلام) بالشهادة، إذ أنّه قُتِل في سبيل الله وفي بيت الله وفي شهر الله، على يد ألعنِ خلقِ الله اللّعين بن ملجم وبأمرٍ من أعدى أعداء الله الطاغية معاوية بن أبي سفيان. وذُكِر في النصوص التاريخيّة أنّ الملائكة ضجّت حينها بالبكاء وهبّت ريحٌ عاصفةٌ سوداء واصطفقت أبوابُ المسجد، ونادى سيّدُ الملائكة جبرائيل في تلك اللّحظات: (تهدّمتْ والله أركانُ الهدى، وانطمستْ والله نجومُ السماء وأعلامُ التُقى، وانفصمتْ والله العُروةُ الوُثقى، قُتِل ابنُ عمّ المصطفى، قُتِل الوصيُّ المُجتبى، قُتِل عليٌّ المرتضى، قُتِل سيّدُ الأوصياء، قَتَله أشقى الأشقياء). ولم يُطِقِ الإمامُ(عليه السلام) النهوض وتأخّر عن الصفّ، وتقدّم الإمامُ الحسن(عليه السلام) فصلّى بالناس وأميرُ المؤمنين(عليه السلام) يصلّي إيماءً من جلوس، وهو يمسح الدم عن وجهه ولحيته، يميل تارةً ويسكن أخرى، والحسن(عليه السلام) ينادي: وا انقطاع ظهراه.. يعزّ والله عليّ أن أراك هكذا، ففتح عينه وقال: يا بنيّ لا جزع على أبيك بعد اليوم، هذا جدُّك محمّد المصطفى وجدّتُك خديجة الكبرى، وأمّك فاطمة الزهراء والحور العين مُحدقون منتظرون قدوم أبيك، فطبْ نفساً وقرّ عيناً وكفّ عن البكاء، فإنّ الملائكة قد ارتفعتْ أصواتُهم إلى السماء. ثمّ أحاط الناسُ بأمير المؤمنين(عليه السلام) وهو يشدّ رأسه بمئزره، والدمُ يجري على وجهه ولحيته الشريفة وقد خُضبت بدمائه، وهو يقول: هذا ما وعَدَ اللهُ ورسولُه وصدَقَ اللهُ ورسولُه. ثمّ حملوا أمير المؤمنين(عليه السلام) إلى الدار، وكانت زينب وأمّ كلثوم وباقي العلويّات واقفاتٍ عند باب الدار ينتظرنه، فلمّا رأينه بهذه الحالة بكين وقلن صائحات: وا أبتاه، وا مصيبتاه. وما عاش الإمامُ أميرُ المؤمنين علي(عليه السلام) بعد ذلك سوى ما يقرب من ثلاثة أيّام، حتّى رحل إلى الله وأخيه رسول الله شهيداً مظلوماً صابراً محتسباً في الحادي والعشرين من شهر رمضان في السنة الأربعين للهجرة. اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.
|
|
|
|