#1
|
|||||||||
|
|||||||||
الصبر الزينبي والبصيرة الزينبية
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته كانت البصيرة عند السيدة زينب (ع) حاصلة بعنوان واضح، مفاده ما وصفها به الأئمة الأطهار عليهم السلام أنّها كانت “عالمة غير معلّمة”. فصاحب البصيرة هو الذي تفيض المعرفة، ويفيض العلم من قلبه على عقله ولسانه وسلوكه وإرادته. والسيدة زينب (ع) عالمة، ولكن كيف وصلت لتكون عالمة؟ هل وصلت على طريقة الأئمة الأطهار أو طريقة أخرى؟ يمكنني القول: إنّ كلّ صاحب بصيرة إيمانية وحقيقية هو يقتبس نور معرفته الحقة من الأئمة الأطهار، ومن أهل العصمة (ع). بناء عليه، فعلم المعصوم، هو هذا العلم الفطري ولكن بأعلى مداركه وكمالاته ومستوياته. وعندما نقول بأعلى مستوياته؛ أي أنّه يوجد دون ذلك وأقلّ منه، بالتدريج، ولكن يوجد خط قد حُدّد مستواه، سواء أكان واحد بالمئة أم عشرة أم خمسين أم سبعين بالمئة، وهو يسير على درب هذا العلم الفطري والذي يسميه العرفاء أو أهل المعرفة بـ”العلم اللدنّي”؛ أي من لدن الله؛ لأنّ الله هو الذي زرعه في قابليات الإنسان، والله هو الذي غذّاه. كانت بصيرة وعلم السيدة زينب (ع) في هذا الطريق، وبنضج عالٍ ينسجم مع قابلياتها وسمو نفسها ومحيطها الذي تربّت فيه، والتربية التي نالتها من أهل العصمة في بيوتهم، بيت النبي (ص) وبيت الأمير وبيت الزهراء (ع)، وعند الإمامين الحسنين، إلى درجة أن السيدة زينب (ع) حتى بعد أن تزوجت من عبد الله بن جعفر، وهو صاحب الملك والجاه والإمكانات والقدرات، ورُزقت منه بأولاد وكوّنت عائلة وأسرة، رغم كل ذلك لم تغادر منزل الحسن والحسين بعد أبيها قط. فكل هذه الإمكانات والجاه لم تقعدها عن أن تكون في منزل مصدر الجهاد الرسالي ولم تتثاقل نحو الأرض. بل كانت حياتها اليومية في مركز الرسالة عند أخيها الحسين (ع)، تُعلِّم وتتعلّم، وتُرشّد، وتهدي، وتثبّت معالم ذكر وولاية محمد وآل محمد (ص)، حتى في لحظة خروج الإمام الحسين (ع) كان اسم وموقع السيدة زينب كأهم ركن من أركان هذا الخروج الثوري لنهضة الإمام (ع). لذلك، كانت تعيش (ع) في حاضنة الوحي والرسالة، وفي حاضنة العصمة والنبوة والإمامة، فكان علمها وبصيرتها بصيرة ولائية نابعة من معين الإمامة والعصمة. وكل موالٍ لمحمد وآله هو مفطور على هذه البصيرة إذا غذّاها. حياة السيدة زينب (ع) حينما حوّلت كل حياتها لتكون حياة رسالة، والاقتداء بسنن النبي وآل النبي، والاقتداء بأخيها الحسن وأخيها الحسين عليهما السلام. وبعد أن ارتحل الإمام الحسين (ع)، حيث كانت اللحظة التي تكون هي فيها في مورد القيادة، ولكن لكي توصل للقائد الفعلي كل الأمور وتضعها بين يديه، حفظت العائلة وحفظت الأمة وأودعتها بين يدي الإمام زين العابدين (ع). هذا هو الدور الفعلي ما بين الجهاد الزينبي بدءًا من عباءة تمثّل كامل العفة والنضج، مرورًا بالدور الذي أخذته في عبادتها وثورتها ونهضتها وعلومها ومعارفها، وفي هدايتها وبلاغها، وفي تحدّيها للظالم وإحقاق الحق وإنصاف المظلومين. هذا الدور الذي يجب أن يكون عند كل من يريد أن يبتغي من السيدة زينب (ع) أنموذجًا ومسير جهاد وولاية. اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.
|
|
|
|