#1
|
|||||||||
|
|||||||||
خروج الإمام الحُسَين عليه السلام إلى كربلاء – عرض تاريخي
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
بعد موت الطَّاغية معاوية بن أبي سفيان (عليهم اللعنة) أخذ الحكم ابنه يزيد، وكان شاباً فاسقاً فاجراً ملاعبً للقردة، وكان أكثر همه هو الحسين بن علي (عليهما السلام) لما له من مكانة سامية بين الناس، إضافة إلى الأحقاد التي ورثها هذا اللعين من آبائه، لذا شدد يزيد على الوليد بأن يأخذ البيعة من الحسين (عليه السَّلَام) وإن رفض قُتل لا محال وهذا هو مرادهم (فلما كان آخر نهار يوم السبت بعث الرجال إلى الإمام الحُسَين بن الإمام عَلِيّ (عليهما السَّلَام) ليحضر فيبايع الوليد ليزيد بن معاوية، فقال لهم الإمام الحُسَين: (أصبحوا ثم ترون ونرى " فكفوا تلك الليلة عنه ولم يلحوا عليه. فخرج (عليه السَّلَام) من تحت ليلته - وهي ليلة الأحد ليومين بقيا من رجب - متوجها نحو مكة ومعه بنوه وإخوته وبنو أخيه وجل أهل بيته)[1]. فبعد تلك المضايقات من قبل السلطات الأموية قرر الإمام (عليه السَّلَام) الرحيل من المدينة الى مكة، وقد شبه خروجه (عليه السَّلَام) بخروج موسى (عليه السَّلَام) حينما فر من القوم الظالمين وقد قال له أهل بيته: (لو تنكبت الطريق الأعظم كما صنع ابن الزبير لئلا يلحقك الطلب، فقال: " لا والله لا أفارقه حتى يقضي الله ما هو قاض... ولما دخل الحسين مكة كان دخوله إليها ليلة الجمعة لثلاث مضين من شعبان، دخلها وهو يقرأ : { وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ}، ثم نزلها وأقبل أهلها يختلفون إليه، ومن كان بها من المعتمرين وأهل الآفاق)[2]. وعلمت شيعة الكوفة أن معاوية هلك وأن الإمام الحُسَين (عليه السَّلَام) مقبل إلى مكة فكتبوا إلى الحسين (عليه السلام) بأن اقبل يا ابن رسول الله ( صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ) فلما رأى الإمام الحسين (عليه السلام) كتبهم واجتماعهم عليه، أرسل لهم مسلم بن عقيل ليستكشف حال الكوفة، فلما وصل مسلم الى الكوفة بايعه الناس وكانوا بالألوف فلما رأى مسلم اجتماعهم وإصرارهم على البيعة كتب الى الإمام الحُسَين (عليه السَّلَام) يخبره عن حال الكوفيين، وعلى هذا الحال خرج الإمام الحُسَين (عليه السَّلَام) من مكة قاصدا الكوفة. وقبل أن يقصد (عليه السَّلَام) الكوفة طاف في بيت الله وسعى بين الصفا والمروة ولم يحج بل جعلها عمرة وقد قيل له (بأبي أنت وأمي يا ابن رسول الله، ما أعجلك عن الحج ؟ فقال : " لو لم أعجل لأخذت)[3]. كان (عليه السَّلَام) مراقبا من قبل السّلطات الظَّالمة لذا عجّل في الرَّحيل، وقد أمر عمرو بن سعيد (لعنه الله تعالى) وكان واليًا على مكة من قبل يزيد جلاوزته (لعنهم الله تعالى) بمنع الإمام الحسين (عليه السَّلَام) ورجاله من التوجه الى العراق فقالوا للإمام الحُسَين (صلوات الله تعالى وسلامه عليه): انصرف، إلى أين تذهب، وتدافع الفريقان واضطربوا بالسياط، وامتنع الإمام الحسين (عليه السلام) وأصحابه امتناعا قويا[4]. يعلم الإمام (عليه السَّلَام) أنّه لا مفر من الموت فقد شاء الله أن يراهم صرعى، ولكن ليس في مكة ولا في الكوفة وإنَّما في أرض تدعى: (كربلاء) هذا ما أخبره به جدّه الحبيب المُصْطَفَى (صلَّى الله عليه وآله). وكان وصول الإمام الحسين (صلوات الله تعالى وسلامه عليه) الى كربلاء في الثاني من محرم الحرام، فلمَّا وصل الى كربلاء قال (صلوات الله تعالى وسلامه عليه): (((ما اسم هذه الأرض؟)) فقيل: كربلاء، فقال (عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام): (اللَّهم إنِّي أعوذ بك من الكرب والبلاء). ثم قال (عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام): ((هذا موضع كرب وبلاء انزلوا، هاهنا محط رحالنا ومسفك دمائنا وهنا محل قبورنا بهذا حدثني جدي رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)))[5]. قال الإمام عَلِيّ السَّجَّاد بن الإمام الحُسَين الشَّهِيد (صلوات الله تعالى وسلامه عليهما): (بينا انى جالس في تلك العشية التي قتل في صبيحتها أبي وعندي عمتي زينب تمرضني إذا اعتزل أبى في خباء له وعنده فلان مولى أبي ذر الغفاري رضي الله عنه وهو يعالج سيفه ويصلحه وأبى يقول: يا دهر أف لك من خليل * كم لك في الاشراق والأصيل. من صاحب وطالب قتيل * والدهر لا يقنع بالبديل. وإنما الامر إلى الجليل * وكل حي سالك سبيل. فأعادها مرتين أو ثلاثا حتى فهمتها وعملت ما أراد فخنقتني العبرة فرددتها ولزمت السكوت وعلمت ان البلاء قد نزل)[6]. وفي الختام نسأل الله تعالى أن يجعلنا من خدَّام الإمام الحُسَين (صلوات الله تعالى وسلامه عليه)... الهوامش: [1] - الإرشاد، الشيخ المفيد: 2 / 34. [2] - المصدر نفسه: 35. [3] - اللهوف: 67. [4] - ينظر: بحار الأنوار: 44 / 365. [5] - اللهوف، ابن طاووس: 49. [6] روضة الواعظين، الفتال النيسابوري: 184. اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.
|
|
|
|