#1
|
|||||||||
|
|||||||||
الائمة لم يثأروا للحسين . .
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته نص الشبهة: أنتم تصرخون في عاشوراء من كل عام يا لثارات الحسين بإشارة واضحة منكم للإنتقام ممن قتل الحسين ! السؤال هنا : لماذا لم يأخذ الأئمة بثأر أبيهم من قتلته كما تزعمون ؟! فهل أنتم أكثر شجاعة منهم ؟! إن قلتم : نحن أكثر شجاعة ، انتهى الأمر . وإن قلتم : لم يقدروا بسبب الأوضاع السياسية ، فسأقول لكم : وأين الولاية التكوينية التي تخضع لسيطرتها جميع ذرات الكون ؟! أم هي خرافة فقط في رؤوسكم ؟! ثم من هم الذين ستأخذون ثأر الحسين منهم ؟! الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . . فإنني أجيب بما يلي : أولاً : ليس شعار يا لثارات الحسين ـ إن صح أن أحداً قد صرخ به في يوم عاشوراء ـ جزءاً من المراسم العاشورية التي تدور عليها تلك المراسم ، أو لا تقوم إلا بها . . ولا هو من مكوناتها الأساسية ، أو غير الأساسية . . بل المكون الأساسي لعاشوراء : هو إظهار الحب والولاء للحسين « عليه السلام » من جهة ، ورفض الباطل وإدانته وتقبيح ممارسات الظالمين ، وإدانة العدوان على الدين وأهل الدين ، في كل مكان وزمان . . فلم يبق معنى للسؤال عن سبب عدم أخذ الأئمة بثأر أبيهم . . ثانياً : إن المختار الثقفي قد قتل الكثيرين من الذين شاركوا في قتل الحسين « عليه السلام » ، وأهل بيته في كربلاء . . ومات يزيد وكل من أعان يزيد على ظلمه ، وعلى هتك حرمات الدين وأهله ، ومات أيضاً كل من شارك في كربلاء ، وفي وقعة الحرة ، وفي هدم الكعبة . . لكن الظلم الذي أسسوه ، والإنحراف الذي أشاعوه لم ينته بموتهم ، والحق لم يرجع إلى أهله ، ولا زال أهل الباطل يفسدون في الأرض ، ويهتكون الحرمات ، ويعملون على محق الدين ، وإذلال المسلمين والمستضعفين ، لأن هذا هو ما أسس له يزيد بقتله للإمام الحسين « عليه السلام » ، وفتكه بأهل بيته وأصحابه . . فالأخذ بثأر الحسين « عليه السلام » لا يعني : قتل الشخص الذي تولى قتله ، بل يعني : إسقاط الباطل الذي أقام يزيد صرحه ، وإحياء الحق والدين الذي أراد يزيد إماتته بقتل « عليه السلام » . وإنما يتحقق ذلك حين تمتلىء الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً . . وذلك على يد المهدي الذي وعد الله به أمة محمد ، لينقذها من براثن أعدائها ، ويحي الله به الأرض بعد موتها . ويتم نعمته على الإنسانية كلها . ثالثاً : قد ذكرت في إجابة سابقة : أن الولاية التكوينية ليست مما يقول بها جميع علماء الشيعة ، بل بعضهم فقط . . وليست هي من العقائد التي يجب التزام كل شيعي بها ، بل يلتزم بها من تثبت عنده . ومن يقول بالولاية التكوينية ، فإنما يقصد بها : إعطاء النبي أو الإمام كل القدرات التي تمكنه من القيام بالمهمات ، وإنجاز المسؤوليات الموكلة إليه ، من دون أن تصادم اختيار الناس ، أو أن تتعرض لقهرهم بواسطة وسائل خارجة عن اختيار البشر . . فكما أن سليمان وداود « عليهما السلام » قد سخر الله لهما الريح ، والوحوش والطير والجن ، وألان الله لداود الحديد ، من دون أن يسمح لهما باستخدامها في إجبار البشر على الإيمان ، فكذلك الحال بالنسبة للقدرات التي أعطاها الله للأنبياء وأوصيائهم ، فإنما يسمح لهم بالإستفادة منها في دائرة الشرع والدين ، وفي النطاق الذي لا يؤثر على حرية الناس في الإختيار والممارسة . . وقد ذكرنا أمثلة لذلك عدة مفردات ، مثل : أن الله تعالى حين أراد الظالمون إحراق إبراهيم « عليه السلام » لم يمسك أيدي وأرجل النمرود وأصحابه ، ولم يمنعهم من السعي لجمع الحطب ، والإتيان بالمنجنيق وإضرام النار ، بل سمح لهم بأن يفعلوا كل ما أرادوه ، ولكنه تدخل في نطاق آخر لا يصادم اختيارهم ، فمنع النار من أن تحرق إبراهيم « عليه السلام » ، ﴿ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ ﴾ 1 . كما أن الله أطلق للمشركين في مكة الحرية في فعل كل ما أحبوا فعله ضد رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، ولكنه سخر العنكبوت لتنسج على باب الغار ، فكانوا هم الذين اختاروا الرجوع عن الغار وعدم دخوله . فإعطاء الولاية التكوينية للأنبياء وأوصيائهم ـ عند من يقول بها ـ كإعطاء القدرة الجسدية للإنسان ليستفيد منها ، وفق ما رسمه الله له ، فلا يتعداه . . ولا يعطي الله تعالى هذه الولاية لمن يتعدى حدوده ، ويخالف ويعصي أوامره . . رابعاً : ان القول بالولاية التكوينية لا يرتبط بموضوع نبوة النبي « صلى الله عليه وآله » ، أو بطلان إمامة الإمام ؟! إن الإمامة تثبت بالنص ، والنبوة تثبت بالمعجزة ، وبالأدلة الأخرى ، وليست الولاية التكوينية من أدلة هذه ولا تلك ، وإنما هي ـ عند القائلين بها ـ من ألطاف الله تعالى بالنبي وبالإمام ، ومن عطاياه له . . شأنها شأن سائر العطايا التي حبا الله تعالى بها أنبياءه ، وأوصياءه ، فهي مثل طي الأرض الذي يكرم الله به أنبياءه وأولياءه ، بل قد يكرم به بعض الخلص من المؤمنين . . وكشفاء المرضى يمنحه الله تعالى لبعض أنبيائه وأوليائه . . فلماذا التهويل بهذا الأمر . . خامساً : إن الولاية التكوينية لا تعني التسلط على جميع ذرات الكون ، بل تعني القدرة على التصرف في بعض الأمور المادية ، وتجاوز بعض السنن ، مثل شفاء المرضى بدعائهم ، أو بمسح يدهم ، أو بملامسة ثوبهم ومثل تحريك الشجرة التي أشار إليها الرسول « صلى الله عليه وآله » لكي تأتي إليه ، فجاء تخدّ الأرض خداً . . وهي مثل ما فعله إبراهيم « عليه السلام » بيد ذلك الملك حين مدها إلى زوجته سارة ، فيبست ، فلما تعهد بالإقلاع عن الإساءة إليها أطلقها إبراهيم له ، فلما مدها ثانية فيبست بطلب إبراهيم ، ثم لما وعد بعدم العود أطلقها له . . وهكذا حصل في المرة الثالثة . . ومن ذلك أيضاً : حديث استسقاء النبي « صلى الله عليه وآله » لأهل المدينة فمطرت السماء حتى ضج الناس ، فقال « صلى الله عليه وآله » : « اللهم حوالينا ولا علينا ، فانسحب السحاب عن المدينة كالإكليل ، فضحك رسول الله حتى بدت نواجذه ، ثم قال لله در أبي طالب لو كان حياً قرت عيناه ، من ينشدنا قوله ؟! فقام علي « عليه السلام » فقال : يا رسول الله لعلك أردت : و أبـيض يستسقى الغمام بوجهه *** ربيـع اليتامى عصمة للأرامل يـلوذ به الهلاك من آل هاشـم *** فهـم عنده في نعمة وفواضل 2 والأمثلة للولاية التكوينية في حياة الأنبياء والرسل لا تكاد تحصى ، والمسلمون يؤمنون بها ، فلماذا ينكرها هذا السائل ؟! بل إن طوائف من المسلمين يثبتون لكثير من أولياء الصوفية ما يدخل في هذا السياق ، إلا إذا اعترفوا بأنه كله مكذوب ومخترع ، ولكن لا ريب في أن ما ورد عن الأنبياء ليس بمخترع . والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله . . 3 . اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.
|
|
|
|