#1
|
|||||||||
|
|||||||||
الامام الرضا(ع) وكرمه وعطاءه وتواضعه
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته عن اليسع بن حمزة قال: "كنت انا في مجلس ابا الحسن الرضا(ع) احدثه وقد اجتمع اليه خلق كثير يسألونه عن الحلال والحرام اذ دخل عليه رجل طوال الآدم اي طويل القامة ولو ترابي فقال له السلام عليك يابن رسول الله انا رجل من محبيك ومحبي آبائك واجدادك (ع) وانا عائد من الحج وقد افتقدت نفقتي وضيعت مالي وليس معي ما ابلغ به مرحلة واصل الى بلدي فان رأيت ان تساعدني حتى اصل الى بلدي ولله علي نعمة فاذا بلغت بلدي تصدقت بالمبلغ الذي اعطيتني عنك فلست انا بموضع صدقة اي لست فقيراً. فقال له الامام الرضا(ع): اجلس رحمك الله، ثم اقبل الامام (ع) على الناس يحدثهم حتى تفرقوا. يقول اليسع بن حمزة: فما بقي الا انا وبعض اصحابه فقال أتأذنون لي في الدخول اي ان الامام(ع) استأذن اصحابه واصدقاءه بأن يفارقهم ويدخل الى البيت، فقام ودخل الحجرة وبقي ساعة ثم خرج ورد الباب واخرج يده من اعلى الباب وقال: اين الخراساني؟ اي ذلك الذي طلب منه المال والمساعدة كان خراسانياً فقال: ها انا ذا قال خذ هذه المئتي دينار واستعن بها في مؤونتك ونفقتك وتبرك بها ولا تتصدق بها عني بل هي لك واخرج فلا تراني ولا اراك. فخرج ذلك الرجل فقال له احد الاصحاب الجالسين: جعلت فداك يا بن رسول الله لقد اجزلت ورحمت واعطيته مالاً كبيراً فلما سترت وجهك عنه وقد تخيل السائل ان الامام احتجب عنه حياءاً لان المال قليل فقال: مولاي يا بن رسول الله ان المال الذي اعطيته كان كثيراً فلماذا سترت وجهك عنه؟ فقال الامام(ع): مخافة ان ارى ذل السؤال في وجهه لقضاء حاجته اما سمعت حديث رسول الله (ص) المستتر بالحسنة تعدل سبعين حجة المستتر بالحسنة تعدل سبعين حجة والمذيع بالسيئة مخذول والمستتر بها مغفور له؟ اما سمعت قول الاول متى آته يوماً لاطلب حاجة رجعت الى اهلي ووجهي بمائه؟" اجل هكذا كان ادب اهل البيت(ع) مع من يسألهم ومع من يطلب منهم مساعدة ومع من يستعين بهم ويطلب المودة منهم. لقد كانوا يغنونه وقد كانوا في نفس الوقت يحافظون على ماء وجهه, لان الشخصية المسلمة كانت محترمة عندهم فلا يريدون ان تذوب تلك الشخصية ولا يريدون ان تتحطم. ولهذا كانوا اذا ساعدوا شخصاً حافظوا على ماء وجهه، وهذا لاشك ادب اسلامي ينبغي ان نقتدي به ولم يكن اهل البيت(ع) كما لم يكن الامام الرضا(ع) يتصف بمثل هذه الصفة الكريمة الجليلة بل كان (ع) يتصف بصفة التواضع وصفات جليلة مشابهة اخرى. يقول احدهم: مر رجل بابي الحسن الرضا(ع) فقال اعطني على قدر مروتك. فقال الامام لايسعني ذلك. فقال على قدر مروتي. فقال اما اذن فنعم. ثم قال يا غلام اعطه مئة دينار. هذا عن كرمه وعن علو همته واما عن تواضعه يقول احدهم: كنت مع الامام الرضا(ع) في سفرة الى خراسان فدعا يوماً بمائدة له نجمع عليها مواليه وخدمه وغيرهم فقلت مولاي جعلت فداك لو عزلت لهؤلاء الخدم مائدة وجعلتهم على مائدة اخرى؟ فقال: مه ان الرب تبارك وتعالى واحد والامة واحدة والاب واحد والجزاء بالاعمال. اجل هذا هو خلق المسلم وهكذا ينبغي ان يكون كل من يتبع الاولياء والصالحين ويتبع هؤلاء الائمة الهداة الذين كانوا في القمة من الاخلاق ومن الادب. وشيء يلفت النظر ان مثل هذه الاخلاق وهذه الصفات كانت تستهوي كل شخص حتى لو كان على غير مذهبهم وعلى غير مسلكهم. فها هو ابراهيم بن العباس الصولي يقول: ما رأيت الرضا(ع) سأل عن شيء قط الا علمه ولا رأيت اعلم منه بما كان في الزمان الى وقت عصره وكان المأمون يمتحنه بالسؤال عن كل شيء فيجيب فيه وكان كلامه كله وجوابه وتمثله انتزاعات من القرآن وكان يختمه في كل ثلاث ويقول لو اردت ان اختمه في اقرب من ثلاثة لختمت ولكني ما مررت بآية قط الافكرت فيها وفي اي شيء انزلت وفي اي وقت، فلذلك صرت اختم في كل ثلاثة ايام. هكذا كان ادبهم مع الله واما ادبهم مع الناس فيقول ابراهيم بن العباس نفسه ايضاً ما رأيت ابي الحسن الرضا جفى احداً قط وما رأيت قطع كلامه على احد حتى يفرغ منه وما رد احداً عن حاجة يقدر عليها ولا مد رجليه بين يدي جليس له قط ولا اتكأ بين يدي جليس قط ولا رأيته شتم احداً من مواليه ومماليكه قط ولا رأيته تفل قط ولا رأيته يقهقه في ضحكه قط بل كان ضحكة التبسم وكان اذا خلا ونصبت مائدته اجلس معه على مائدته مماليكه حتى البواب والسائس وكان(ع) قليل النوم بالليل كثير السهر يحيي اكثر لياليه من اولها الى الصبح وكان كثير الصيام فلا يفوته صيام ثلاثة ايام في الشهر ويقول ذلك صوم الدهر وكان(ع)اي الرضا علي بن موسى كثير المعروف والصدقة في السر واكثر ذلك يكون منه في الليالي المظلمة فمن زعم انه رأى مثله فضله فلا تصدقوه. اجل هكذا كان الامام علي بن موسى الرضا وهكذا ومن اجل هذا كان الرضا وآباؤه وابناؤه قدوة لنا وهم الذين عناهم الباري سبحانه وتعالى بقوله: "يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين" جعلنا الله معهم في الدنيا والآخرة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.
|
|
|
|