#1
|
|||||||||
|
|||||||||
استفادة الشعراء من كلام سيد البلغاء
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته كما ان للشعر امارة وأميراً فان للبلاغة ذلك ايضا، فأميرا البيان والبلاغة رسول الله صلى الله عليه واله وامير المؤمنين عليه السلام. وكلامنا في خصوص امير المؤمنين عليه السلام، لانه من النبي كالضوء من الضوء وهو حائز على جميع الامارات الحقة والكمالية، وهذه الامارات لم تزنه عليه السلام بل هو زانها، اذ مقتضى الولاية ان يكون الولي جامعا لجميع الصفات الكمالية وبخلافه يقع الخلل فكيف يكون وليا وهناك من هو اكمل منه في جانب. ولقد كان للبلغاء من الشعراء التفاتات مهمة الى كلامه وذلك من خلال استفادتهم من بلاغته وحكمته فسارعوا الى نقل تلك المعاني الى قصائدهم كي يزينوا بها كلامهم لئن كلام الامام امام الكلام في الواقع والحقيقة. وهذه رحلة مختصرة نتناول فيها بعض الشواهد من شعر الشعراء الذين ضمنوا واستفادوا من كلام الامام علي عليه السلام في شعرهم: قال(عليه السلام) في بعض الاعياد: (إنما هو عيد لمن قبل الله صيامه، وشكر قيامه، وكل يوم لا نعصي الله فيه فهو يوم عيد). وقد قال بعض المحدثين في هذا المعنى ايضا: قالوا أتى العيد والايام مشرقة وأنت تبكي وكل الناس مسرور فقلت إن واصل الاحباب كان لنا عيد وإلا فهذا اليوم عاشور قال عليه السلام: خيار خصال النساء شرار خصال الرجال: الزهو والجبن والبخل، فإذا كانت المرأة مزهوة لم تمكن من نفسها، وإذا كانت بخيلة حفظت مالها ومال بعلها، وإذا كانت جبانة فرقت من كل شيء يعرض لها. أخذ هذا المعنى الطغرائي الشاعر فقال: الجود والإقدام في فتيانهم والبخل في الفتيات والاشفاق والطعن في الاحداق دأب رماتهم والراميات ســهامـهــا الاحداق من كلام له عليه السلام لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية، وكان قد ابتاع سبى بنى ناجية من عامل أمير المؤمنين عليه السلام وأعتقه، فلما طالبه بالمال خاس به وهرب إلى الشام، فقال: (قبح الله مصقلة ! فعل فعل السادة، وفر فرار العبيد، فما أنطق مادحه حتى أسكته، ولا صدق واصفه حتى بكته، ولو أقام لاخذنا ميسوره، وانتظرنا بماله وفوره)، وقد أخذ هذا المعنى بعض الشعراء فقال: يا من مدحناه فأكذبنا بفعــالــه وأثــــابــنا خجلا بردا قشيبا من مدائحنا سربلت فاردده لنا سملا إن التجارب تهتك المستور من أبنائها وتبهرج الرجلا قال عليه السلام: (قد خليتم وطريق النجاة عند الحرب، ودللتم عليها، وهى أن تقتحموا وتلحجوا، ولا تهنوا، فإنكم متى فعلتم ذلك نجوتم، ومتى تلومتم وتثبطتم وأحجمتم هلكتم)، ومن هذا المعنى قول الشاعر: تأخرت أستبقي الحياة فلم أجد لنفسي حياة مثل أن أتقدما قال عليه السلام: (ما أضمر أحد شيئا إلا ظهر في فلتات لسانه، وصفحات وجهه) فقال احد الشعراء: تخبرني العينان ما القلب كاتم وما جن بالبغضاء والنظر الشزر وقال آخر: وفي عينيك ترجمة أراها تدل علــــى الضــــغائـن والحقود وأخلاق عهدت اللين فيها غـــدت وكــــأنها زبــر الحـــديد وقد عاهدتني بخلاف هذا وقــــــال الله: ( أوفـــوا بالعقود ) قال عليه السلام: وقلما أدبر شيء فأقبل، وإلى هذا المعنى ذهب الشاعر في قوله: وقالوا يعود الماء في النهر بعدما ذوى نبت جنبيه وجف المشارع فقلت إلى أن يرجع النهر جاريا ويعشب جنباه يموت الضفادع وقال عليه السلام: (واعرض عليه أخبار الماضين..) معنى قد تداوله الناس، قال الشاعر: سل عن الماضين ان نطقت عنهم الاجداث والترك أي دار للــبـــــلى نـــــزلــــوا وسبيل للردى سلكوا وقوله عليه السلام: ومن عشق شيئا أعشى بصره نظر اليه الشاعر فقال: وعين الرضا عن كل عيب كليلة كما أن عين السخط تبدى المساويا وقال عليه السلام: ( مرارة اليأس خير من الطلب إلى الناس )، من هذا أخذ الشاعر قوله: إن كان طعم اليأس مرا فإنه ألذ وأحلى من سؤال الاراذل وقال البحتري: اليأس إحدى الراحتين ولن ترى تعبا كظن الخائب المغرور قال ( عليه السلام ): (رأى الشيخ أحب إليّ من جلد الغلام). قال أبو الطيب: الرأى قبل شجاعه الشجعان هو أول وهى الـــــمحل الثاني فإذا هما اجتمعا لنفس حرة بلغت من العلياء كل مكان ولربّما طعن الفتى أقرانه بالرأي قبل تطاعــــن الأقران لولا العقول لكان أدنى ضيغم أدنى إلى شرف من الإنـــسان ولما تفاضلت الرجال ودبرت أيدي الكماة عوالــــــي المران ونظر الرضي إلى قول امير المؤمنين عليه السلام : ( أولها عناء وآخرها فناء ) فقال: وأوّلنا العناء إذا طلعنا إلى الدنيا وآخرنا الذهاب ونظر إلى قوله عليه السلام ( في حلالها حساب، وفى حرامها عقاب ) بعض الشعراء، فقال: الدهر يومان فيوم مضى عنك بما فـــــيه ويـــــوم جــديد حلال يوميك حساب وفي حرام يومـــــيك عذاب شـــديد تجمع ما يأكله وارث وأنت في القـــــبر وحـــيد فريد إنــــي لغــــيري واعظ تارك نفسي وقولي من فعالي بعيد حلاوة الـــدنيا ولذّاتـــها تكــــلّـــف العــاقل مالا يريد وفي هذا المعنى أيضا قول بعضهم: حلالها حسرة تفضي إلى ندم وفي المحارم منها الغنم منزور ونظر ابن ابي الحديد إلى قوله عليه السلام: ومن أبصر بها بصرته، ومن أبصر إليها أعمته ، فقال: دنياك مثل الشمس تدني إليك الضوء لكن دعوة المهلك إن أنت أبصرت إلى نورها تعش، وإن تبصر به تدرك اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.
|
|
|
|