#1
|
|||||||||
|
|||||||||
شهر رمضان جنة من العقاب
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته. فرض الله على عبادة عبادات خاصة، منها الصلاة والزكاة والصيام والحج وغيرها، ولكل منها خصائصه وثوابه، وحدد الباري عز وجل للصيام أياما معينة قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ* أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ...))([1])، وقال جلَّ من قائل: ((شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ))([2]). فأيام شهر رمضان هي الأيام التي فرض الله تعالى صيامها على المؤمنين، وهذه الفريضة كانت مفروضة فيما سبق، وقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): (إن للجنة بابا يدعى الريان لا يدخل منه إلَّا الصائمون)([3]). و قال (صلى الله عليه و آله): (وهُوَ شَهْرٌ أَوَّلُه رَحْمَةٌ وأَوْسَطُه مَغْفِرَةٌ وآخِرُه الإِجَابَةُ والْعِتْقُ مِنَ النَّارِ)([4])، فهذا الشهر الفضيل له من المنزلة العظيمة عند الله وفيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، فخصص سبحانه للصائمين بابا من أبواب الجنة تكريما لهم، وجعل أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره الإجابة والعتق من النار، والأحاديث كثيرة في فضل شهر رمضان وصيامه. وقد ذكر أمير المؤمنين (عليه السلام) فضل صيامه إذ يقول: (وَصَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ جُنَّةٌ مِنَ الْعِقَاب)([5])، فصيامه أمن من العقاب. ومن ثم بين أمير المؤمنين (عليه السلام) حال المؤمنين الصائمين بقوله: (خُمْصُ الْبُطُونِ مِنَ الصِّيَامِ)([6])، أي أنهم لا بطون لهم فقد أذابها الصيام، وبين في موضع آخر أنهم يجاهدونه، ويراد به جهادهم لأنفسهم بحرمانها من ملذات الدنيا طلبا لما عند الله من الخير الوفير، يقول (عليه السلام): (وَعَنْ ذلِكَ مَا حَرَسَ اللهُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالصَّلَوَاتِ وَالزَّكَوَاتِ، وَمُجَاهَدَةِ الصِّيَامِ فِي الأيَّامِ الْمَفْرُوضَاتِ، تسْكِيناً لأطْرَافِهِمْ، وَتَخْشِيعاً لأبْصَارِهمْ، وَتَذْلِيلاً لِنُفُوسِهِمْ، وَتَخْفِيضاً لِقُلُوبِهِمْ، وَإِذْهَاباً لِلْخُيَلاَءِ عَنْهُمْ، لِما فِي ذلِكَ مِنْ تَعْفِيرِ عِتَاقِ الْوُجُوهِ بالتُّرَابِ تَوَاضُعاً، وَالْتِصَاقِ كَرَائِمِ الْجَوَارِحِ بِالأرْضِ تَصَاغُراً، وَلُحُوقِ الْبُطُونِ بِالمُتونِ مِنَ الصِّيَامِ تَذَلُّلاً)([7])، فالصيام ليس الامتناع عن الطعام والشراب، بل لا بد له من رياضة للروح أيضا، والابتعاد عن المعاصي، وإلا فلا أجر فيه، لا يصل الصائم من صيامه إلا الجوع والعطش، يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): ( كَمْ مِنْ صَائِم لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلاَّ الظَّمَأُ، وَكَمْ مِنْ قَائِم لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلاَّ الْعَنَاءُ، حَبَّذَا نَوْمُ الاكْيَاسِ وَإِفْطَارُهُمْ!)([8]). وإذا أتم المؤمن صيام هذا الشهر على ما ذكره أمير المؤمنين (عليه السلام) نال فضل ذلك الصيام وأجره العظيم، وهذا يوم فرح وسرور فيكون له عيدا بغفران ذنبه وقبول صيامه ونيله لأجره يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في ذلك: ((إِنَّمَا هُوَ عِيدٌ لِمَنْ قَبلَ اللهُ صِيَامَهُ وَشَكَرَ قِيَامَهُ، وَكُلُّ يَوْم لاَ يُعْصَى اللهُ فِيهِ فَهُوَ يَوْمَ عِيد))([9]). وختاما نسأل الله العلي القدير أن يمن علينا صيام شهره الفضيل وأن يتقبل منا أعمالنا فيه وطاعاتنا، إنه سميع الدعاء. الهوامش: ([1]) سورة البقرة: 183- 184. ([2]) سورة البقرة: 185. ([3]) معاني الأخبار، الصدوق: 409. ([4]) الكافي: 4/ 67. ([5]) نهج البلاغة، تحقيق: صبحي الصالح: 163. ([6]) المصدر نفسه: 178. ([7]) المصدر نفسه: 294. ([8])المصدر نفسه: 495. ([9])المصدر نفسه: 551. اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.
|
|
|
|