#1
|
|||||||||
|
|||||||||
رحيل الشباب
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته قال تعالى: ﴿فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ الأعراف آية34 اختطف الموت شابة في ربيع العمر عُرفت بالجد والنشاط والإيمان والأخلاق الفاضلة بين زملائها في مقر العمل، كانت في صراع مع المرض... حتى رحلت إلى الرفيق الأعلى... رأيت الحزن والأسى في وجوه عائلتها وأحبتها «رحمها الله»... إن ظاهرة وقائع موت الشباب المفاجئ بسبب الأزمات القلبية أصبحت منتشرة بصورة كبيرة خلال الفترة الماضية دون أن يعرف لها سبب، فهناك الكثير من الشباب الذين يذهبون إلى نومهم ليلا ولا يطلع عليهم ضوء النهار في اليوم التالي وهى ما تمثل فجيعة كبيرة لأسرهم الذين لا يعرفون سبب ذلك ويأتي التقرير الطبي بأن السبب وراء الوفاة أزمة قلبية مفاجئة[1] . ولنا أن نتوقف لحظة نتأمل في حياة ومسيرة الشباب، ونذكر بالنقاط التالية: فقد الشباب... فقد الطاقات عندما نفقد الشباب فإننا نفقد تلك الطاقات وتلك الآمال التي كنا نتطلع أن ترتقي بمجتمعها من خلال مساهمتها في بناءه ورفده بالحيوية والنشاط والتقدم والازدهار. مما يؤسف له أننا نجهل قيمة الشباب وكما روي عن الإمام علي : شيئان لا يعرف فضلهما إلا من فقدهما: الشباب، والعافية[2] . وعي الشاب لذاته روي عن رسول الله ﷺ: إن أحب الخلائق إلى الله عز وجل شاب حدث السن في صورة حسنة جعل شبابه وجماله لله وفي طاعته، ذلك الذي يباهي به الرحمن ملائكته، يقول: هذا عبدي حقا[3] . أيها الشاب عليك أن تعي ذاتك وأنك كائن مقدس على هذه الأرض، وأنك مسؤول عن ذاتك وعن كل خطوة تخطوها في هذه الحياة حيث ورد عن رسول الله ﷺ: لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، و[عن] شبابه فيما أبلاه،.."[4] لذا على الشاب أن يبني ذاته وفق المنهج الرباني وأن لا يفرط في هذا العمر في مجالات اللهو واللعب. ضاعف رصيدك بالعمل الصالح قال الإمام علي : القرين الناصح هو العمل الصالح[5] . ويقول الإمام الباقر : إن العمل الصالح يذهب إلى الجنة فيمهد لصاحبه كما يبعث الرجل غلامه فيفرش له، ثم قرأ ﴿وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلأنفسهم يمهدون﴾[6] . وأنت في قوة الشباب عليك أن تعمل الصالحات، وتسارع في كل عمل يقربك إلى الله، فهذا أفضل رصيد للأخرة. يقول تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النحل: 97] حافظ على وقتك روي عن الامام الحسين أنه قال: «يا ابن آدم إنما أنت ايام كلما مضى يوم ذهب بعضك[7] . لا تدع الأيام تمضي، وتتقدم بك السنون وأنت لم تتقدم!! اهتم بتنظيم وقتك وعليك أن تفكر في استثمار كل دقيقة من يومك. حدد بعض الأعمال اليومية التي من شأنها أن تسهم في بناء شخصيتك. احرص على التعلم المستمر من خلال حضور الدورات التنموية، أو قراءة الكتب النافعة، أو الاستماع للمحاضرات الهادفة. لا تقضي وقتك في القيل والقال، أو قضاء الساعات في تصفح مواقع التواصل دون أي هدف. أخيراً: إننا مطالبون بالمحاسبة الذاتية، والاستعداد لتلك الرحلة المفاجئة. يقول الإمام علي : عجبت لمن يرى أنه ينقص كل يوم في نفسه وعمره وهو لا يتأهب للموت [9] . [1] صحيفة اليوم السابع [2] ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 2 - الصفحة 1400 [3] ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 2 - الصفحة 1401 [4] ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 1 - الصفحة 622 ([5] ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 3 - الصفحة 2124 [6] ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 3 - الصفحة 2124 [7] إرشاد القلوب: ج1: ص40 [8] ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 2 - الصفحة 1570 [9] ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 4 - الصفحة 2967 اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.
|
|
|
|