#1
|
|||||||||
|
|||||||||
دبـاغ يغمـى عليـه فـي سـوق العطـارين
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين يروي أن دباغاً وزبالاً قصدا السوق يوماً ، وكلاهما معتادان على القذارة والرائحة الكريهة ، واتفق أن مر الدباغ بمكان لبيع العطور في سوق العطارين ، فبلغت رائحة العطر مشامة ، فصاح صيحة سقط بعدها على الأرض مغمياً عليه ، سارع العطارون لمساعدته وراحوا يرشون عليه العطر وماء الورد ، غير أن حاله ازدادت سوءاً ، وبينما هم على هذه الحال ، يحيطون به من كل ناحية ، وصل زميله الزبال في الوقت المناسب ، ورأى ما جرى لزميله ، فأدرك على الفور ما يشكو منه ، فذهب وأتى بقليل من النحاسة وضعها تحت أنف الدباغ ، فعاد إليه وعيه وثاب إلى رشده . فتحلقوا حوله ، يسألون هذا الطبيب الحادق ، عن الدواء العجيب الذي أعاد المغشي عليه إلى وعيه ! فقال : أنا لست ( أفلاطون ) ولا ( أرسطوا ) وكل ما في الأمر هو أن شغلنا في القذارة والنجاسة ، مما لنا لرائحة العطر وماء الورد ؟! تفيد هذه القصة أن كلا يأنس بعالمه ، فليكن أنسك بالعالم الأعلى ، وأن تكون من أهل الجنة ، فإذا ذكر الموت استبشرت بالموطن الدائم ، وليكن إحساسك عند ذكر الموت كمن يلقى مواطناً له وهو في سفر ، فيروح يدور حوله ، ويسأله عن أخبار الوطن ، وكل أنسه هو أن يسأل عن الوطن . يا من تريد أن يكون وطنك وموقفك ومرقدك الابدي الجنة ، وأن تكون بعد هذا العالم إلى جوار الله ، يا من أنت فوق تراب دار الغربة هذه ، تقرأ في الليل دعاء أبي حمزة ، قل صادقاً : (( ارحم في هذه الدنيا غربتي )) . إلهي ، أنا في هذه الدنيا غريب ، فارحمني . ولتكن محطتك الأخيرة التي لا تفارقها (( مقعد صدق )) ، أي الجنة . اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.
|
|
|
|