#1
|
|||||||
|
|||||||
![]() المرأة البنت : قد تكون المرأة بنتاً في بيت أبيها ، وفي هذه الحالة ، فالأب له ولاية على بنته غير البالغة ، ولاية مطلقة في الأموال والزواج ، فيتمكّن الأب في هذه الصورة من التصرّف في أموال الصغيرة ، وأن يزوّجها فيما كان فيه مصلحة لهذه البنت الصغيرة . فإن بلغت هذه البنت وبان رشدها فقد ارتفعت ولاية الأب عليها إلاّ في الزواج ، بمعنى أنّ زواجها موقوف على رضى الأب ورضاها معاً(1) . وطبعاً تكون ولاية الأب في زواجها في هذه الصورة من باب مصلحتها واختيار مايناسبها ، فإنّها تحتاج إلى من له خبرة في هذا الأمر الكبير ، وهو الزواج . وفي هذه المرحلة يجب على الأب والاُمّ تربية هذه البنت تربية حسنة والرعاية الكاملة لها التي تحتاجها في هذه المرحلة ، كما يلزمها البرِّ بوالديها ، ويحرم عليها أن تكون عاقّة للوالدين ، وقد اعتبرت الروايات العقوق من الكبائر حتى ورد في صحيح عبدالله بن المغيرة عن الصادق (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في قوله : "كن باراً وأقصر على الجنة وإن كنت عاقّاً فاقصر على النار"(2) . ____________ 1- هذا القول هو المنصور ، وإلاّ فالأقوال خمسة في هذه المسألة ، ولعلّ المشهور هو أنّه لا ولاية عليها إذا بلغت . 2- وسائل الشيعة 14 : باب 104 من أحكام الأولاد ، حديث 1 . وقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال : "أدنى العقوق اُفٍّ ، ولو علم الله شيئاً أهون منه لنهى عنه"(1) . وعلى هذا فإنّ الأب وإن لم يكن له ولاية على البنت بعد بلوغها إلاّ في الزواج ، إلاّ أنها يجب عليها أن لا تقدم على شيء يلزم منه الأذى للاُبوين ; لأنّه من العقوق المحرّم . وبهذا نفهم أنّ هذه البنت في هذه المرحلة يجب أن تكون علاقاتها بالوسط العام الاجتماعي في مرأى من الأبوين ، فهي بحاجة إلى إجازة وإخبار الأبوين عند مغادرتها البيت ، وإعلام لهما عن وجهتها خارج البيت ، وإخبارهما عن المسائل المهمة التي تصادفها خارج البيت ، وتستشيرهما وتستجيزهما قبل إقدامها على اتخاذ أيّ قرار يتعلّق بمصيرها وسمعتها وما شابه ذلك ، لأنّ هذه الاُمور لو تفاجأ بها الأبوان في حال اشتباه البنت وعدم إخبارها لهما بما تعمله خارج البيت ، لسبب ذلك أذىً شديداً لهما وهو من العقوق . المرأة الزوجة : إنّ الزواج الذي يقدم عليه الذكر والاُنثى بالإضافة إلى أنّه حاجة جسدية يطلبها كلّ من الذكر والاُنثى ، إلاّ أنّه له هدفان : الأوّل : السكن والطمأنينة التي تحصل من الزواج ويقدّمها كلّ صنف للآخر . الثاني : المعاشرة بالمعروف التي تحقّق السكن لكلّ من الزوجين . أمّا الهدف الأوّل : فأشارت إليه آيتان مباركتان من القرآن الكريم ، قال تعالى : {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَات لِّقَوْم يَتَفَكَّرُونَ}(2) . ____________ 1- المصدر السابق : حديث 2 . 2- الروم : 21 . وقال تعالى : {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْس وَاحِدَة وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا}(1) فالسكن : هو الاطمئنان الذي يقدّمه كلّ من الزوجين للآخر ، وبعبارة أُخرى : هو التعامل اليومي بين الزوجين الذي يزرع بينهما السعادة والاطمئنان والراحة ، فيكون الجوّ العائلي جوّاً ساكناً يبعث على الاطمئنان والهدوء لكلّ من الزوجين ، بعيداً عن التوترات والاضطرابات والمشاحنات التي تنفرّ كلّ واحد من صاحبه . وقد جاء في الأثر ما عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : "من كان له امرأة تؤذيه لم يقبل الله صلاتها ولا حسنة من عملها حتى تعينه وترضيه وإن صامت الدهر وقامت ، وأعتقت الرقاب وأنفقت الأموال في سبيل الله ، وكانت أوّل من ترد النار" ، ثمّ قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : "وعلى الرجل مثل ذلك الوزر إذا كان مؤذياً"(2) . المعاشرة بالمعروف : قال تعالى : {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}(3) ، وهذه الآية تدلّ على أنّ التعامل بين الزوجين الذي يجب أن يؤدي إلى السكن يجب أن يكون بالمعروف الشرعي والعرفي ، فيؤدي كلّ منهما حقّ الآخر بالمستوى المتعارف أو المنصوص عليه بالشكل الذي ينظر إليه العرف العام ، ما لم يلزم منه تجاوز لحكم شرعي آخر . وبعبارة أُخرى ، المعروف : هو الذي يعرفه الناس إذا سلكوا مسلك الفطرة من هداية العقل وحكم الشرع وفضيلة الخلق وسُنن الآداب . ثمّ لابدّ أن نعلم أنّ المعروف هو عنوان يختلف من زمان إلى آخر ومن مكان إلى آخر ; لأنّ المراد من المعروف هو الشائع المستساغ وما أمرت به الفطرة ، وهذا ____________ 1- الأعراف : 189 . 2- عقاب الأعمال ، للشيخ الصدوق : 46 . 3- البقرة : 228 . يختلف من زمان لآخر ومن مكان لآخر ، قد يكون المستساغ والمعروف في هذا الزمان هو أتمّ وأكمل ممّا كان معروفاً وسائغاً في غابر السنين ، بحيث خرج ذلك الحدّ السابق عن المعروفية والاستساغة الآن نتيجة اختلاف الظروف الفكرية والاجتماعية والاقتصادية ، فسوف يتوسّع عنوان المعروف ممّا عليه سابقاً ، فيجب المعروف في هذه المرتبة من الحقوق ولا تكفى المراتب السابقة التي كانت فيما سبق . وهذا عبارة عن تدخّل العرف العام والسيرة العقلائية في تكوين الموضوع الشرعي من ناحية التوسعة . وقد ينعكس الأمر ، كما لو تغيّرت الظروف الاقتصادية والاجتماعية والفكرية الحالية إلى التدهور والرجوع إلى مجتمع بدائي كالمجتمعات السابقة ، أو سافرنا إلى مجتمع يعيش الحالة السابقة للاقتصاد والتفكير ، وكان المجتمع كلّه على هذا النحو ، فيصدق عنوان المعروف بالحدّ الضيّق السابق . ولعلّ ما جاء في قصة قضاء الرسول (صلى الله عليه وآله) بين علي وفاطمة (عليهما السلام) ، هو من باب المعاشرة بالمعروف في ذلك الزمان ، فقد روى عبدالله بن جعفر في قرب الإسناد عن السندي بن محمّد ، عن أبي البختري ، عن الإمام الصادق (عليه السلام) عن أبيه أنّه قال : "تقاضى علي وفاطمة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الخدمة ، فقضى على فاطمة بخدمتها ما دون الباب ، وقضى على علي (عليه السلام) بما خلفه . قال: فقالت فاطمة: فلايعلم ما دخلني من السرور إلاّ الله باكفائي رسول الله (صلى الله عليه وآله) تحمّل أرقاب الرجال"(1) . ____________ 1- قرب الإسناد ، عبدالله بن جعفر الحميري : 5 . وهو يدلّ على أنّها سلام الله عليها كانت تقوم ببعض أعمال الأُسرة خارج البيت ، وقد كفاها رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذلك بهذا القرار . وبعد هذه الإلمامة نستفيد أمرين : الأمر الأوّل : وجوب طاعة الزوجة لزوجها في أمر الجنس وتلبية طلبه ، ولكن بشرط أن يكون طلبه معروفاً ; لأنّها معاشرة له ، وقالت الآية {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} ، فإن كان طلبه خارجاً عن حدّ المعروف لا يجب عليها الطاعة . الأمر الثاني : إنّما تجب الطاعة إذا لم يكن مانع شرعي من ذلك ، وحينئذ إذا توفّر الشرطان يحرم عليها تفويت حقّ الزوج في الاستمتاع الجنسي . ولعلّ وجوب إطاعة الزوجة لزوجها في الاستمتاع قد يكون لصالح الزوجة ، لأنّ فطرتها وطبيعتها تميل إلى الجنس كما يميل إليه الذكر ، إلاّ أنّ الرجل تكون رغبته دفعيّة ، أمّا رغبة المرأة فتحصل بالتدريج ، فهي قابلة والذكر فاعل . ولعلّ هذه الطاعة إذا حصلت من قبل الزوجة تكون كافية لاستغناء الزوح عن زوجة اُخرى ، لا يسعى إلى التثنية أو الزيادة عليها ما دام قد استكمل نصيبه وحقّه بطاعة الزوجة له جنسياً . وفي قبال هذا الحقّ للرجل ، جعل الإسلام وجوب النفقة على الزوج ، فنفقة الزوجة واجبة على الزوج
|
![]() |
|
|
|