![]() |
#2 |
مشرف
![]() |
![]() فخرج علي (عليه السلام) و معه المهاجرون و الأنصار، فسار بهم سيرا غير سير أبي بكر و عمر، و ذلك أنه أعنف بهم في السير حتى خافوا أن ينقطعوا من التعب و تحفى دوابهم، فقال لهم: لا تخافوا، فإن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قد أمرني بأمر، و أخبرني أن الله سيفتح علي و عليكم، فأبشروا فإنكم على خير و إلى خير، فطابت نفوسهم و قلوبهم، و ساروا على ذلك السير و التعب، حتى إذا كان قريبا منهم حيث يرونه و يراهم، أمر أصحابه أن ينزلوا، و سمع أهل وادي اليابس بمقدم علي بن أبي طالب (عليه السلام) و أصحابه، فخرج إليهم منهم مائتا رجل شاكين في السلاح، فلما رآهم علي (عليه السلام) خرج إليهم في نفر من أصحابه، فقالوا لهم: من أنتم؟ و من أين أقبلتم؟
و أين تريدون؟ قال: أنا علي بن أبي طالب، ابن عم رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أخوه، و رسوله إليكم، أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله، و لكم إن آمنتم ما للمسلمين و عليكم ما عليهم من خير و شر. فقالوا له: إياك أردنا، و أنت طلبتنا ، قد سمعنا مقالتك و ما عرضت علينا، [هذا ما لا يوافقنا]، فخذ حذرك، و استعد للحرب العوان ، و اعلم أنا قاتلوك و قاتلوا أصحابك، و الموعود فيما بيننا و بينك غدا ضحوة، و قد أعذرنا فيما بيننا و بينك. فقال لهم علي (عليه السلام): ويلكم تهددوني بكثرتكم و جمعكم، فأنا أستعين بالله و ملائكته و المسلمين عليكم، و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم فانصرفوا إلى مراكزهم، و انصرف علي (عليه السلام) إلى مركزه، فلما جن الليل أمر أصحابه أن يحسنوا إلى دوابهم و يقضموا و يحسوا و يسرجوا، فلما انشق عمود الصبح صلى بالناس بغلس، ثم أغار عليهم بأصحابه، فلم يعلموا حتى وطئتهم الخيل، فما أدرك آخر أصحابه حتى قتلمقاتليهم، و سبى ذراريهم، و استباح أموالهم، و خرب ديارهم، و أقبل بالأسارى و الأموال معه، و نزل جبرئيل (عليه السلام)، فأخبر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بما فتح الله على علي (عليه السلام) و جماعة المسلمين، فصعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) المنبر، فحمد الله و أثنى عليه، و أخبر الناس بما فتح الله على المسلمين، و أعلمهم أنه لم يقتل منهم إلا رجلان، فنزل، و خرج يستقبل عليا (عليه السلام) في جميع أهل المدينة من المسلمين حتى لقيه على ثلاثة أميال من المدينة، فلما رآه علي (عليه السلام) مقبلا نزل عن دابته، و نزل النبي (صلى الله عليه و آله) حتى التزمه، و قبل ما بين عينيه، فنزل جماعة المسلمين إلى علي (عليه السلام) حيث نزل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأقبل بالغنيمة و الأسارى و ما رزقهم الله به من أهل وادي اليابس». ثم قال جعفر بن محمد (عليهما السلام): «ما غنم المسلمون مثلها قط إلا أن يكون من خيبر، فإنها مثل خيبر، فأنزل الله تبارك و تعالى في ذلك وَ الْعادِياتِ ضَبْحاً يعني بالعاديات الخيل تعدو بالرجال، و الضبح: صيحتها في أعنتها و لجمها فَالْمُورِياتِ قَدْحاً فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً فقد أخبرتك أنها أغارت عليهم صبحا». قلت : قوله: فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً؟ قال: «يعني الخيل، فأثرن بالوادي نقعا فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً». قلت: قوله: إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ؟ قال: «لكفور». وَ إِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ؟ قال: «يعنيهما جميعا، قد شهدا جميعا وادي اليابس، و كانا لحب الحياة حريصين». قلت : قوله: أَ فَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ وَ حُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ؟ قال: «نزلت الآيتان فيهما خاصة، كانا يضمران ضمير السوء و يعملان به، فأخبر الله خبرهما و فعالهما، فهذه قصة أهل وادي اليابس و تفسير العاديات». |
![]() |
|
|
|