وما أروع ما روي عن الإمام الحسين (عليه السلام) في هذا المجال، حيث قال في مكة وهو متوجه إلى كربلاء: «خُطّ الموت على ولد آدم مَخَطّ القلادة على جيد الفتاة، وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف إلخ..»(2).
فقد بين (عليه السلام) حتمية الموت وأنه هو زينة الحياة، يزيدها جمالاً، وبهاءً ورونقاً، ويعطيها المزيد من البهجة واللذة، تماماً كما هو الحال بالنسبة للقلادة إذا كانت على جيد الفتاة، فإنها تكون زينة لها، تشدُّ الأنظار إليها، وتزيد من تعلق القلوب بها.
ويستوقفنا هنا التعبير بكلمة: «جيد» التي توحي بالجودة، وهو تعبير مريح للنفس، مثير للكثير من المعاني اللذيذة في أعماقها.
كما ويلفت نظرنا أيضاً اختيار خصوص الزينة التي في هذا الموقع الحساس من جسد المرأة، بما يثيره من إيحاءات تنبعث من صميم الإغراء الأنثوي، وفي النقطة المركزية والأساس فيه.
ثم إنه (عليه السلام) يختار التعبير بكلمة «الفتاة» بدلاً من كلمة «المرأة» ونحوها. لأن الفتاة وليس سواها، هي التي تمثل القمة في الحيوية، والطموح، والجمال،
وما إلى ذلك.
فهذا موقع الموت، وهذه هي حساسيته، وبذلك تظهر أهميته.