|
#1
|
|||||||||
|
|||||||||
دِمَاءٌ في عاشوراء.. تَصبَغُ الأرضَ والسماء !
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته سنة 61 للهجرة - في أرض الطّف.. سالت الدماء الزاكية. - وفي المدينة المنورة.. ترابُ قارورة أمّ سَلَمَة يستحيلُ دَمَاً ! - في أرض الطّف.. يرى العالمُ على الأثير مباشرةً تكراراً لما جرى في قارورة أم سلمة.. ويتناقل العالمُ صوراً لترابٍ ينقلبُ دماء ! إنَّهُ صدى كربلاء. شاهد الحاضرون في أرض الطّف الدَّمَ يومَ العاشر من المحرم، والغائبون أسعفتهم التقنيّة بنقل الصورة فورَ حدوثها، فكانت معجزةً من معاجز الحسين المستمرة.. معجزةٌ بعبق الدم الحسيني الزاكي. وللدِّماء مع عاشوراء ألفُ حكايةٍ وحكاية. لقد خَبرَ الناس تَردُّدَ صدى الأحداث الكبيرة بعد وقوعها، لكنهم ما اعتادوا ولا سمعوا صدىً يسبقُ الحَدَث !! لكن لكربلاء فَرادَتُها.. فإذا رجعتَ إلى سِنِيِّ آدم.. ترى عثرَةً لأبي البشر في أرض الطف.. فسال الدم من رجله موافقةً لدم الحسين ! يعقبه إبراهيم خليل الله .. بِشَجَّةِ رأسٍ.. فيسيل دمه كآدم مواساة للحسين (ع). ويلحقهم موسى كليم الله فيشاركهم إراقة الدماء. أنبياءٌ اختار الله تعالى لهم مواساة الحسين بدمهم، وآخرون بدَمعهم قبل يوم عاشوراء! إنها معادلة تتخطى الزمن. لا نعلَم سرَّ الدماء في عاشوراء.. دماءٌ كان الخُلدُ مسكنَها.. والأنبياءُ صداها المتقدّم.. ولكننا نعلَم أن صداها المتأخر يُسمَع كلَّ عامٍ في أرض الطف.. بين مواكب المعزين المواسين بدمهم دمَ سيّد الشهداء.. ولو أَجَلنا النظر لوجدنا لدمِ الحسين أثراً في كل مكان.. ففي يوم الطف العجائب.. تسيلُ الدماء الزاكية.. فيلتقطها رسول الله (ص) قائلاً لأم سلمة: (لم أزل منذ الليل ألتقط دم الحسين وأصحابه)! وترى فَرَساً يتمرَّغُ بدم الحسين !! وتشتركُ الجمادات.. أحجارٌ ما رُفِع أحدُها إلا وُجِدَ تحته دمٌ عبيط ! سماوات.. تبكي أربعين صباحاً دَماً وتمطر! والعالِمَةُ غير المُعَلَّمة.. تواسيه بدمها: فَنَطَحَتْ جَبِينَهَا بِمُقَدَّمِ الْمَحْمِلِ حَتَّى رَأَيْنَا الدَّمَ يَخْرُجُ مِنْ تَحْتِ قِنَاعِهَا ! ما السِّرُّ في دَم الحسين ؟ إذ سالَت دماءُ الخلق لمّا سال ! ما السرُّ حتى صار ظهور الحجة نَصراً لدم الحسين وأخذاً بثأره ؟! فَإِذَا جَاءَ نَصْرُ دَمِ الْحُسَيْنِ (ع): (بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيار) ! وينتقل دمُه على قميصه إلى يوم القيامة! فهذه الزَّهراء: تَأْخُذُ قَمِيصَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (ع( بِيَدِهَا مُضَمَّخاً بِدَمِه ! أيُّ دماءٍ هذه ؟! وماذا فعلت ؟! ما السرُّ في دَم الحسين وبنيه ؟ إذا ما أُلقيَ إلى السَّماء لم ينزل للأرض منه قطرة ؟ 1. حيثُ تَلَقَّى الإمام (ع) دمَ طفله الرَّضيع بكفّه ورمى به نحو السماء، فلم تسقط منه قطرة ! 2. وحيث يرفع دمَ الأكبر الى عنان السماء لا يرجع منه قطرة ! 3. وحيث وضع يده تحت جرحه فلما امتلأت رمى به نحو السماء فلم يسقط من ذلك الدم قطرة الى الأرض ! لقد امتزج دمُهم الطاهر بالأرض، لكن لماذا لم يسقط إليها بعدما رماه للسماء ؟! لَعَلَّ بين دمهم المبارك وبين الدم الطاهر لحبيب الله محمد (ص) وحدة حال واشتقاق، كما اشتقَّ نورُهم من نور الله تعالى.. فإنَّ الثائر لدَمهم، الحجة بن الحسن المهدي عليه السلام يخرج كما في الرواية بقميص رسول الله صلى الله عليه وآله، وعلى كمِّه الأيسر دمه صلى الله عليه وآله، كان القميص عليه يوم أحد حينما ضُرِبَت رباعيته.. فسال دمُه على لحيته ووجهه، وكان يتلقى الدم بيده ويرمي به نحو السماء والملائكة تختطفه وتتبرك به!! لم يسقط حينها دم الرسول إلى الأرض لما رمى به إلى السماء ! وكذا دماء الحسين وبنيه ! وروينا عن رسول الله قوله: إن دمي إذا وقع على الأرض يغضب الله سبحانه وتعالى على أهل الأرض ويهلكهم بالعذاب، وقد بعثني ربي رحمةً للأمّة فلا أكون نقمةً عليها! كما روي عن الباقر قوله في دماء الرَّضيع: لو وقعت منه إلى الأرض قطرةٌ لنزل العذاب ! وكأنَّ الرحمة استمرّت فلم ينزل من دم الحسين وبنيه قطرةٌ لئلا يُهلِكَ الله تعالى أهل الأرض بالعذاب بعد الغضب! إنها رحمةُ رسول الإنسانية محمد بن عبد الله (ص)، وكأنَّها تَجَلَّت في بَنيه في الطف من بعده رغم المأساة! إلى أن يأذن الله للمنتقم صاحب شعار: (يا لثارات الحسين) بالظهور.. فيكون الطالب بالأوتار.. قاصم كل جبّار.. الذي لو قتل أهل الأرض بالحسين ما كان مسرِفاً !! ولعلّ الرحمة تنزل على المؤمنين المواسين لسيد الشهداء بدمهم في هذا العام كما في كل عام.. ولعلّ الله بمواساتهم وسائر المعزين يرحمنا بتعجيل فرج ولينا.. ويجعلنا من أنصاره وأعوانه.. والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.
|
|
|
|