|
#1
|
|||||||||
|
|||||||||
اتِّهام المؤمن
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته وهي واحدةٌ من أشدِّ أساليب ابليس خُبثاً وقذارة، وأنجَحُها في إيقاع العداوة والبغضاء بين المؤمنين، فإنَّ اتِّهامَ المؤمن لأخيه المؤمن يُسبِّبُ شَرخاً هائلاً، حيثُ تهبُّ النَّفسُ للدِّفاع عمّا وُجِّهَ لها، وتتفاقمُ الأمور. على أنَّ القلوب شديدةُ التأثُّر بالمودة أو البغضاء، كما قال أميرُ المؤمنين عليه السلام في وصيَّته لأولاده قبيل شهادته: إِنَّ الْقُلُوبَ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، تَتَلَاحَظُ بِالمَوَدَّةِ، وَتَتَنَاجَى بِهَا، وَكَذَلِكَ هِيَ فِي الْبُغْض (الأمالي للطوسي ص595). وقد جعلَ الله تعالى الإيمان مقروناً برعاية جُملَةٍ من حقوق الأخ المؤمن، فمَن تَجَاوَزَ بعضها خرَجَ من ربقة الإيمان أو يكاد! فقد ورد في الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام: إِذَا اتَّهَمَ المُؤْمِنُ أَخَاهُ انْمَاثَ الإِيمَانُ مِنْ قَلْبِهِ كَمَا يَنْمَاثُ المِلْحُ فِي المَاءِ (الكافي ج2 ص361). أي أنَّ الإيمان يذوبُ في قلب المؤمن بعد اتِّهامه لأخيه المؤمن! وتسقط الحرمة بينَهما، أي أنَّ العلقة التي جعلها الله تعالى بينهما بإيمانهما قَد سقطت بإسقاط أحدهما لها! باتِّهامه أخيه! فإن قيل: أيُعقَلُ أن يكونَ اتِّهامُ المؤمن على هذا القَدرِ من الخطورة؟ وما شأنُ هذه المعصية حتى ينماثَ الإيمانُ بسببها؟ قلنا: إنَّ للمؤمن عند الله تعالى شأناً عظيماً لا يُدرك، حتى ورد في الحديث الشريف: المُؤْمِنَ لَا يُوصَف (بصائر الدرجات ج1 ص23). أليس الإنسانُ أشرفَ مخلوقات الله تعالى؟! والمؤمن من خير النّاس، ومِن صفوة الخلق، وأقرب العباد إلى الله تعالى. لذا جعل الله تعالى للمؤمن حرمةً عظيمة تفوقُ كلَّ حرمة، فعن أمير المؤمنين عليه السلام في نهجه الشريف، أنّ الله تعالى: فَضَّلَ حُرْمَةَ المُسْلِمِ عَلَى الحُرَمِ كُلِّهَا (الخطبة 167). وعن الإمام الصادق عليه السلام: وَالله، إِنَّ المُؤْمِنَ لَأَعْظَمُ حَقّاً مِنَ الْكَعْبَة (الإختصاص ص28). ههنا تزولُ الغرابة، فمَن كانت حُرمَتُهُ أعظمَ الحُرَمِ عند الله تعالى، كان في انتهاكها جُرأةٌ عظيمةٌ على الله عزَّ وجل، ومخالفةٌ لشديد أمره، فكيف لا ينماثُ الإيمان من قلب مَن يتَّهمُ أخاه؟! اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.
|
|
|
|