#1
|
|||||||||
|
|||||||||
التشابه والتقارب بين فاطمة الزهراء وليلة القدر
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته في تفسير نور الثقلين والبرهان وكتاب بحار الأنوار (:42 105) عن تفسير فرات بن إبراهيم الكوفي مسندآ عن الإمام الباقر (ع) في تفسير سورة القدر، قال : «إنّ فاطمة هي ليلة القدر، مَن عرف فاطمة حقّ معرفتها فقد أدرک ليلة القدر، وإنّما سمّيت فاطمة لأنّ الخلق فطموا عن معرفتها، ما تكاملت النبوّة لنبيّ حتّى أقرّ بفضلها ومحبّتها، وهي الصدّيقة الكبرى وعلى معرفتها دارت القرون الاُولى ».عن أبي عبد اللّه الإمام الصادق (ع) أنّه قال : (إنَّا أنْزَلْناهُ في لَيْلَةِ القَدْرِ) الليلة فاطمة الزهراء والقدر اللّه ، فمن عرف فاطمة حقّ معرفتها فقد أدرک ليلة القدر، وإنّما سمّيت (فاطمة ) لأنّ الخلق فطموا عن معرفتها .(لَيْلَةُ القَدْرِ وَما أدْراکَ ما لَيْلَةُ القَدْرِ لَيْلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِنْ ألْفِ شَهْر)، وهذا يعني أنّه يمكن للإنسان الذي بعمره الطبيعي أي : ما يقارب الثمانون ونيّف أن يطوي مراحل الكمال ويسلک طريق اللّه وصراطه المستقيم ، ليصل إلى قمّة الكمال والسعادة ، قاب قوسين أو أدنى ، يمكنه في ليلة واحدة بنيّة خالصة ومعرفة كاملة ، أن يطوي هذا المسير النوراني فيصل إلى قمّة كماله والمقصود من خلقته ، وفاطمة الزهراء 3 ليلة القدر فمن عرفها حقّ المعرفة فقد أدرک ليلة القدر وعظمتها ومقامها الشامخ ، إلّا أنّ الخلق فطموا عن معرفتها ـكما يفطم الطفل عن ثدي اُمّه ـ بل وما تكاملت النبوّة لنبيّ ـوالنبوّة خلاصة التوحيدـ فما تكاملت إلّا لمن أقرّ بفضلها ومحبّتها، وبالأولوية ما دون النبوّة ... فما تكاملت الإمامة ، وما تكامل العلماء في علومهم ، والحكماء في حِكَمهم ، والاُدباء في آدابهم ، والأتقياء في تقواهم ، وكلّ كامل في كماله ، حتّى يُقرّ بفضلها ويؤمن بمحبّتها، فهي الصدّيقة الكبرى وعلى معرفتها دارت القرون الاُولى والاُخرى. وحبّها من الصفات العالية عليه دارت القرون الخالية بأبي فاطم وقد فطمت باسمها نار حشرها ولظاها هي واللّه كوثر قد اُعدّت لبنيها وكلّ مَن والاها هي عند الإلـه أعظم خلق وبها دار في القرون رحاها ثمّ هناک تشابه وتقارب كثير بين فاطمة الزهراء (س) وبين ليلة القدر، التي يُفرق فيها كلّ أمر حكيم ، وذلک من خلال عدّة اُمور كما تبادر ذلک إلى ذهني القاصر والمقصّر، وذلک بلطف من اللّه وعناية من رسوله وأهل بيته :. الأوّل ليلة القدر وعاء وظرف زماني لنزول كلّ القرآن الكريم (إنَّا أنْزَلْناهُ في لَيْلَةِ القَدْرِ)،(ذلِکَ الكِتابُ لا رَيْبَ فيهِ هُدىً لِلْمُتَّقين )، لا يأتيه الباطل من بين يديه ، وفيه كلّ شيء، وتبيان كلّ شيء، وسعادة الدارَين . وكذلک الحوراء الإنسية فاطمة الزكيّة ، فإنّ قلبها ظرف مكانيّ وروحانيّ، وصدرها وعاء إلهي للقرآن الكريم والمصحف الشريف ، وإنّها كانت محدَّثة تحدّثها الملائكة ، فهي وعاء للإمامة وللمصحف الشريف .كما كان لها كتابٌ سُمّي بمصحف فاطمة ، ويعدّ من التراث العلمي عند الشيعة وأئمّتهم الأطهار :.سُئل الإمام الصادق (ع) عن جدّته فاطمة الزهراء (س) فأجاب قائلا: إنّ جدّتي فاطمة مكثت بعد أبيها رسول اللّه (ص) خسمة وسبعون يومآ، وكان قد دخل عليها من الحزن على أبيها، وكان جبرئيل يأتيها فيحسن عزاءها ويطيّب نفسها ويخبرها بما يكون بعدها في ذرّيتها، وكان علي (ع) يكتب ذلک فهذا مصحف فاطمة .ولا يخفى أنّ نزول جبرئيل الأمين (ع) إنّما لم يكن بعد رسول اللّه بعنوان الوحي والتشريع الجديد؛ لأنّ برحلة النبيّ انقطع عنّا الوحي التشريعي ، أمّا تسليته وحديثه مع سيدة نساء العالمين فإنّه لا ضير فيه ، فإنّ فاطمة الزهراء كان يحدّثها الملائكة ، فهي المحدِّثة ـبالكسرـ وإنّها المحدَّثة ـبالفتح ـ.عن إسحاق بن جعفر بن محمد بن عيسى بن زيد بن علي ، قال : سمعت أباعبداللّه 7يقول : إنّما سمّيت فاطمة محدَّثة ـبالفتح ـ لأنّ الملائكة كانت تهبط من السماء فتناديها كما تنادي مريم بنت عمران فتقول : يا فاطمة إنّ اللّه اصطفاکِ وطهّرکِ واصطفاکِ على نساء العالمين ، يا فاطمة اقنتي لربّک واسجدي واركعي مع الراكعين . فتحدّثهم ويحدّثونها. فقالت لهم ذات ليلة : أليست المفضّلة على نساء العالمين مريم بنت عمران ؟ فقالوا: إنّ مريم كانت سيدة نساء عالمها، وإنّ اللّه جعلک سيدة نساء عالمک وعالمها وسيدة نساء الأوّلين والآخرين .فمريم العذراء لم تكن نبيّة ولكن كانت الملائكة تحدّثها، وكذلک اُمّ موسى بن عمران ، وسارة امرأة إبراهيم الخليل (ع) قد عاينت الملائكة فبشّروها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ولم تكن نبيّة .ومَن أنكر ذلک فإنّه ينكر آيات القرآن وهو كافر، وكذلک فاطمة الزهراء(س) كانت الملائكة تحدّثها ولم تكن نبيّة ، وممّا اتّفقت الاُمّة عليه من العامّة والخاصّة أنّ الملائكة قد حدّثت اُناسآ من الرجال والنساء في الاُمم الماضية وفي هذه الاُمّة ـكما يذكر ذلک العلّامة الأميني في كتابه القيّم الغدير (:5 42) فراجع ـ.وفي حديث طويل عن أبي عبد اللّه (ع): وإنّ عندنا لمصحف فاطمة (س) ، وما يدريهم ما مصحف فاطمة ؟ قال : مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرّات ، واللّه ما فيه من قرآنكم حرف واحد، إنّما هو شيء أملاها اللّه وأوحى إليها. قال : قلت : هذا واللّه العلم .وهناک أحاديث كثيرة في شأن مصحف فاطمة الزهراء (س) ، ما هو قرآن ولكنّه كلامٌ من كلام اللّه عزّ وجلّ ، فيه خبر ما كان وخبر ما يكون حتّى فيه أرش الخدش ، ويعدّ من مصادر علوم أهل البيت :، وكانوا يرجعون إليه ، ثمّ المصحف كما جاء في معاجم اللغة بمعنى قطعة من جلد أو قرطاس كتب فيه ومنه مصحف فاطمة (س) ، والشيعة بُراء ممّا ينسب إليهم من قبل بعض المغرضين من أعدائهم ، بأنّ لهم قرآنآ غير القرآن المجيد، ويسمّى عندهم بمصحف فاطمة ، فهذا من الكذب والافتراء و(إنَّما يَفْتَري الكَذِبَ الذينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللّهِ وَاُولئِکَ هُمُ الكاذِبونَ ) . الثاني في ليلة القدر يفرق كلّ أمرٍ أحكمه اللّه خلال السنة ، فيفرق ما يحدث فيها من الاُمور الحتمية وغيرها، وينزل بها روح القدس على وليّ العصر والزمان وحجّة اللّه على الخلق الذي بيُمنه رزق الورى وبوجوده ثبتت الأرض والسماء، وإنّ الإيمان بليلة القدر فارق بين المؤمن والكافر. كذلک بفاطمة الزهراء الطيّبة الطاهرة المطهّرة يفرق بين الحقّ والباطل ، والخير والشرّ، والمؤمن والكافر، وقد ارتدّ الناس في العمل وفي الولاية بعد رحلة رسول اللّه 9 إلّا ثلاث أو خمس أو سبع ، وفيهم سيدة النساء فهم على حق ، وغيرهم استحوذ عليهم الشيطان فأغرّهم وأضلّهم فكانوا أئمّة الضلال .وكما أنّ الصلاة من الأعمال الجوارحية هي الفارق بين المؤمن والكافر، فكذلک في الأعمال الجوانحية والقلبية الفارق بين المؤمن والكافر ولاء الرسول ومودّة أهل بيته فاطمة الزهراء وبعلها وبنيها :، كما أنّ الملائكة كانت تحدّثها وتخبرها بما كان وما يكون ويفرق فيها كلّ أمرٍ حكيم . الثالث ليلة القدر معراج الأنبياء والأولياء إلى اللّه سبحانه فيزاد في علمهم اللّدني والربّاني ويكسبوا من الفيض الأقدس الإلهي .كذلک ولاية فاطمة المعصومة النقيّة التقيّة ، فهي مرقاة لوصولهم إلى النبوّة ومقام الرسالة والعظمة والشموخ الإنساني والروحاني ، فما تكاملت النبوّة لنبيّ حتّى أقرّ بفضلها ومحبّتها وذلک في عالم (ألَسْتُ بِرَبِّكُمْ ) أو في عالم الذرّ أو عالم الأنوار أو الأرواح أو النشأة الإنسانية التي تسبق نشأتنا هذه ، وهذه إنّما هي صورة لتلک كما عند بعض الأعلام[13] .ففاطمة الزهراء قطب الأولياء والعرفاء ومعراج الأنبياء والأوصياء، صدرها خزانة الأسرار، ووجودها ملتقى الأنوار، فهي حلقة الوصل بين أنوار النبوّة وأنوار الإمامة ، فأبوها محمد رسول اللّه ، وبعلها علي وصيّه وخليفته إمام المتّقين وأمير المؤمنين ، ومنها أئمّة الحقّ والرشاد وأركان التوحيد وساسة العباد. الرابع ليلة القدر خيرٌ من ألف شهر فيضاعف فيها العمل والثواب كلّ واحدٍ بألف ، فالتسبيح والتمجيد والتهليل والتكبير والصلاة وكلّ عمل كلّ واحدٍ بألف ، فكذلک محبّة الزهراء وولايتها يوجب مضاعفة الأعمال فإنّ تسبيحها (34 مرّة اللّه أكبر و33 مرّة الحمد للّه و33 مرّة سبحان اللّه ) بعد كلّ صلاة واجبة أو نافلة يجعل كلّ ركعة بألف ركعة كما ورد في الخبر الشريف .فمودّتها هي الإكسير الأعظم ، يجعل من كان معدنه الحديد ذهبآ، وإنّ الناس معادن كمعادن الذهب والفضّة ، فمَن والاها وأحبّها وأطاعها وأطاع أبنائها الأطهار، وعادى عدوّها وأعداء ذريّتها، فإنّه يكون كالذهب المصفّى وباقي الناس كلّهم التراب ، وإنّ اللّه يضاعف الأعمال بحبّها كما تضاعف في ليلة القدر.وأمّا ما يدلّ على تضاعف العمل في ليلة القدر، فعن حمران : أنّه سأل أباجعفر (ع) عن قول اللّه عزّ وجلّ : (إنَّا أنْزَلْناهُ في لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ )، قال : نعم هي ليلة القدر، وهي في كلّ سنة في شهر رمضان في العشر الأواخر، فلم ينزل القرآن إلّافي ليلة القدر، قال اللّه عزّ وجلّ : (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أمْرٍ حَكيمٍ ) قال : يقدر في ليلة القدر كلّ شيءٍ يكون في تلک السنة إلى مثلها من قابل من خير وشرّ وطاعة ومعصية ومولود وأجَل ورزق ، فما قدّر في تلک السنة وقضى فهو المحتوم وللّه عزّوجلّ فيه المشية . قال : قلت : (لَيْلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِنْ ألْفِ شَهْرٍ) أيّ شيء عنى بذلک ؟ فقال : العمل الصالح فيها من الصلاة والزكاة وأنواع الخير، خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، ولولا ما يضاعف اللّه تبارک وتعالى للمؤمنين مابلغوا، ولكنّ اللّه يضاعف لهم الحسنات . اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.
|
|
|
|