#1
|
||||||||
|
||||||||
التفاعل بين الانسان والقرآن
التفاعل بين الانسان والقرآن 2- وهذا التفاوت قد يوظفإيجابياًّ، كما قد يوظف سلبياًّ، فيكون داعياً بعضهم نحو النشاط وبُعد الهمة، فيمايقع في وهم آخرين أنه سبب للتقاعس. فينعكس الأمران على طبيعة النشاط عند هذا وذاك. وورد في الأثر عن الإمام الحسن بن علي "عليه السلام" تصنيفه للناس، بقوله: إن الناسأربعة، فمنهم: من له خلاقٌ «أي نصيب» وليس له خُلُق. ومنهم: من له خُلُق وليس لهخلاق. ومنهم من ليس له خُلُق ولا خَلاق. فذاك أشرّ الناس. ومنهم: من له خُلُق وخلاقفذاك أفضل الناس. فالمزاج إذاً عامل حاسم فيتوفر الإنسان على الرزق والتوفيق. وهذا المزاجُ قابلٌ للتغيير ، في مساري الإيجابالسلب معاً. وهذا ما يقرره القرآن﴿إِنَّ اللَّهَ لايُغَيِّرُ مَا بِقَوْم حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾.[2] ونؤكد أن المزاج قابلٌللتغيير، قرآنياًّ، لأن معادلات القرآن تقتضيه، ولنستعرض ذلك ضمن ما يلي: أاللهسبحانه كلّف الناسَ بعمل الصالحات وتجنب السيئات، والتوبة من الخطايا والأخطاء. بالتوبة والاستغفار الحقيقيان شكلٌ من أشكال التغيير في النفس الإنسانية على مستوىالقناعات والممارسة. جـ - من أمهات الصفات الإلهية «الحكمة» التي تعني: وضع الأشياءفي مواضعها. وتعني أيضاً: الإتقان. وليس من الإتقان، ولا من وضع الشيء في محله،مخاطبة «العاجز» عن التغيير بالتغيير. د ومن أمهات الصفات الإلهية «العدل» وهومكافأة المحسن على إحسانه ومجازاة الظالم على ظلمه. وليس من العدل أن يحاسب الإنسانعلى ما لا سبيل إلى تغييره،﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُبِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِوَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾.[3] 3- للقرآن دور وظيفي رئيسيبالنسبة إلى الإنسان، استعرضناه في حلقة سابقة، تقوم على أساسه نقله من واقع سيءإلى آخر حسن﴿فَبَشِّرْ عِبَادِ* الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَالْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُوَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الأَلْبَابِ﴾.[4] 4- ولأن الناس متفاوتون فيإمكاناتهم من جهة، وفي إعمال تلك الإمكانات وتوظيفها من جهة أخرى. لأسباب معرفية ،ونفسية ، ولعواملَ داخلية أو خارجية . فقد جاء الأمر الإلهي بضرورة الاعتصامبالقرآن، وليس مجرد الاستحسان أو التغني به، فقال تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً﴾.[5] . والمعتصمون بالقرآن هم أهله الحقيقيون. الذين جعلوا القرآن بين نواظرهم وفي مقدممسيرتهم، فتلوه حق تلاوته. · ولتسليطالضوء على ما يجب أن يكون عليه التفاعل بين الإنسان والقرآن نستعرض نصين اثنين: الأول:ما روي عن الإمام الحسن بن علي "عليهما السلام" قوله: ما بقي في الدنيا بقية غير هذا القرآن، فاتخذوه إماماً، يدلكمعلى هداكم. وإن أحق الناس بالقرآن من عمل به وإن لم يحفظه، وأبعدهم منه من لم يعملبه وإن كان يقرأه. فثمة إمامٌ، هو القرآنُ،ومأمومٌ، هو الإنسانُ. انتظمت العلاقة بينهما على أساس دستوري واضح أن المسيرةيقودها الإمام ومن خلفه المأموم »مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا أَسْمَاءً،سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ، مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَان .﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ، أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلاإِيَّاهُ، ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لايَعْلَمُونَ﴾[6] . وليس كل من قرأ القرآن كان من أهله فـ «رب تال للقرآن، والقرآن يلعنه» كما ورد فيالأثر. النص الثاني:وروي عنه "عليهالسلام" قوله: إن هذا القرآن يجيء يوم القيامة قائداً وسائقاً،يقود قوماً إلى الجنة، أحلوا حلاله، وحرموا حرامه، وآمنوا بمتشابهه. ويسوق قوما إلىالنار، ضيعوا حدوده وأحكامه، واستحلوا محارمه، فنحن أمام فريقين: يسيران إلىاتجاهين مختلفين، أو قل: ينتهيان إلى نهايتين إحداهما جميلة، والأخرى بئيسة،وهذان الفريقان تحددت نهاية كل منهما تبعاً لطبيعة علاقته التفاعلية بالقرآنالكريم: الفريق الأول:صاحب علاقة تفاعلية إيجابية، تمثلت في أنه سارخلف القرآن، وجعل زمامه بيد القرآن، وتحلى بحسب النص بصفتين أساسيتين: الصفةالأولى: التسليم للحق، فأحلَّ ما أحلَّ القرآن، وحرَّم ما حرَّم القرآن. لعلمه ومااستقر في وجدانه﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِيهِيَ أَقْوَمُ﴾[7] . فسرعان ما بادر بالعمل بهداياته، التي يُعد التحليل والتحريم من أبرزها. فانفتح علىالحلال، وسد باب الحرام، فصنف نفسه ضمن المؤمنين والعاملين للصالحين لينال ما نالهأهل القرآن﴿وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَيَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً﴾[8] . الصفة الثانية:التواضع، عملاً من هذا الفريق بـ «الواقعية»،التي تؤكد له يومياًّ أن ما خفي عنه أضعاف ما تبين له﴿وَمَاأُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلاً﴾[9]،لأن العالم أكبر من أن يتسع ذهنه لاستيعابه﴿الَّذِينَيُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾[10] . عملاً منه بذلك وقف أمام آيات القرآن «المتشابهة». والتي امتحن الله عباده بها، ليتبين من يتواضع بين يدي الله ومن يصر على أن يكون لهالقول الفصل في كل شيء. بلا فرق بين ما يقدر عليه ومايعجز عنه وصدق من قال «رحم الله امرءاً عرف قدر نفسه». ولكي تعرف قدر نفسك عليك بالعلم، كما كلّف من هو أفضل الناس وأعلمهم أن يطلب المزيدمن العلم فوق ما علم، لأن التفاضل بين الناس عند الله إنما هي التقوى﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾[11]، والتي تعني فيما تعني الخشية من الله، الذي بدوره يتوقفعلى العلم﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِالْعُلَمَاءُ﴾[12] . ولأن العلم نعمة﴿وَمَا بِكُمْمِنْ نِعْمَة فَمِنَ اللَّهِ﴾[13]، فيجب طلبها من الله﴿وَقُلْ رَبِّزِدْنِي عِلْماً﴾[14] . علاقة هذا الفريق بالقرآن تفاعلية إيجابية، وضعت كلاًّمنهما في مكانه الصحيح ليكون القرآن هادياً، والإنسان مهتدياً، والقرآن إماماًوالإنسان مأموماً. الفريق الثاني:وهو الذين تنكبوا الطريق أو ساروا فيه على غيرهدى، فكان القرآن لهم بالمرصاد، إذ تبوؤوا ما ليس لهم فصاروا أمام القرآن، فما كانمنهم إلا أن ساقهم إلى النار، بسبب قلبهم للمعادلة التي تفرض أن يكونوا مأمومينللقرآن، وهو إمامهم وأمامهم. «ويسوق قوماً إلى النار». فكان تفاعلهم مع القرآنسلبياًّ. وثمة معلمان لهذه السلبية، هما: 1- الإهمال:فقد كانوا مهمِلين،بمعنى أن تعاليم القرآن لم تكن ذات أهمية في وجدانهم، ولا تجد في سلوكهم العملي صدىحسناً. فقد «ضيعوا حدوده وأحكامه» فلم يتبنوا قيمه النظرية التي من شأنها أن تبينله طريق الهدى، وتزيل عنه الغشاوة والعمى. ولم يسعوا إلى حسن استيعابها بالتبصرفيها، وفي مرحلة لاحقة نشرها حباً في الله وتضامناً مع أخيهم الإنسان، الذي لم يهتدسبيلاً. ولم يجسدوا أحكامه في واقعهم العملي. والتي من شأنها أن تحفظ للإنسان ما لهوتبين له ما عليه. |
05-28-2011, 05:01 PM | #2 |
مديــر عام |
سيدنا الجليل احسنت كثيرا ووفقت ان شاء الله
اسئله ان يرزقنا وايك حسن العاقبه والتمسك في كتابه الكريم ليكون نورا لنا نبصر به الحق ويدلنا لدرب الرشد ان شاء الله والثبات على دينه وولاية امير المؤمنين علي بن ابي طالب ع تحياتي ودعائي |
|
06-05-2011, 08:34 AM | #3 |
المراقبين
ya hussien
|
طرح موفق عزيزي
سيدنا العزيز اشكرك جزيل الشكر سائلا المولى ان يقضي حوائجكم بحق محمد وآل محمد |
|
|
|
|