#1
|
||||||||||
|
||||||||||
الخشوع لله والبكاء على الإمام الحسين عليه السلام
الخشوع لله والبكاء على الإمام الحسين عليه السلام
العلامة الشيخ حسين الراضي بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين وأصحابه المنتجبين . قال تعالى : ( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ ) (16) سورة الحديد ألم يأن للمؤمنين الذين أنعم الله عليهم بالعقل والتمييز أن يفكروا في أنفسهم وينظروا إلى الآيات في الكون من السماوات والأرض بل وفي جميع ذرات الكون وما جرى على الأمم الغابرة والحاضرة .. ألم يكن ذلك كله سببا وعاملا لرقة القلب وخشوعه وخضوعه لذكر الله . الخشوع لله قال تعالى الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) (2) سورة المؤمنون . في اللغة : قال الراغب الأصفهاني : الخشوع الضراعة وأكثر ما يستعمل الخشوع فيما يوجد على الجوارح . والضراعة أكثر ما تستعمل فيما يوجد في القلب ولذلك قيل فيما روى : إذا ضرع القلب خشعتالجوارح ، قال تعالى : ( وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا )وقال : ( الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ- وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ - وَخَشَعَت الْأَصْوَاتُ - خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ- أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ) كناية عنها وتنبيها على تزعزعها... [1] . وعند المتشرعة قال الطبرسي في تفسير الآية المباركة الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ)أي : خاضعون ، متواضعون ، متذللون ، لا يرفعون أبصارهم عن مواضع سجودهم ، ولا يلتفتون يمينا ولا شمالا . وروي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى رجلا يعبث بلحيته في صلاته ، فقال : ( أما إنه لو خشع قلبه لخشعت جوارحه ) ! وفي هذا دلالة على أن الخشوع في الصلاة يكون بالقلب وبالجوارح. فأما بالقلب فهو أن يفرغ قلبه بجمع الهمة لها ، والإعراض عما سواها ، فلا يكون فيه غير العبادة والمعبود . وأما بالجوارح فهو غض البصر ، والإقبال عليها ، وترك الالتفات والعبث . قال ابن عباس : خشع فلا يعرف من على يمينه ، ولا من على يساره . وروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان رفع بصره إلى السماء في صلاته . فلما نزلت الآية طأطأ رأسه ، ورمى ببصره إلى الأرض [2] . وقال الطباطبائي : قوله تعالى :﴿الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ الخشوع تأثر خاص من المقهور قبال القاهر بحيث ينقطع عن غيره بالتوجه إليه والظاهر أنه من صفات القلب ثم ينسب إلى الجوارح أو غيرها بنوع من العناية كقوله صلى الله عليه وآله وسلم - على ما روي - فيمن يعبث بلحيته في الصلاة : أما إنه لو خشع قلبه لخشعت جوارحه ، وقوله تعالى : ﴿ ﴿يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَت الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا ﴾ (108) سورة طـه . والخشوع بهذا المعنى جامع لجميع المعاني التي فسربها الخشوع في الآية ، كقول بعضهم : هو الخوف وسكون الجوارح ، وقول آخرين : غض البصر خفض الجناح ، أو تنكيس الرأس ، أو عدم الالتفات يمينا وشمالا أو إعظام المقام وجمع الاهتمام ، أو التذلل إلى غير ذلك [3] . الخشوع في الصلاة وإذا كان الخشوع مطلوبا في كل وقت وفي كل شيء فإن الخشوع في الصلاة هو أهم كل شيء ولهذا قد اهتمت رجال الإسلام بهذا الجانب فقد جاء في الصحيح عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ : كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليه السلام إِذَا قَامَ فِي الصَّلَاةِ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ فَإِذَا سَجَدَ لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ حَتَّى يَرْفَضَّ عَرَقاً [4] وعَنْ جَهْمِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ كَانَ أَبِي عليه السلام يَقُولُ كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليه السلام إِذَا قَامَ فِي الصَّلَاةِ كَأَنَّهُ سَاقُ شَجَرَةٍ لَا يَتَحَرَّكُ مِنْهُ شَيْ ءٌ إِلَّا مَا حَرَّكَهُ الرِّيحُ مِنْهُ [5] ذكر الله قيل الذكر ذكران : ذكر بالقلب وذكر باللسان ، وكل واحد منهما ضربان ، ذكر عن نسيان وذكر لا عن نسيان بل عن إدامة الحفظ . وكل قول يقال له ذكر ، فمن الذكر باللسان قوله تعالى : ﴿لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ ﴾ (10) سورة الأنبياء [6] ألم يأن للذين آمنوا أن يتعرفوا على عظمة المولى سبحانه حتى تخشع قلوبهم لذكر الله ويتذكروا ما حل بهم من مصائب وويلات وأنه لا دافع ولا مانع عنهم إلا الله ولا نافع لهم إلا الله حتى توجل قلوبهم لذكر الله . صفات المؤمنين صفات المؤمنين عديدة وبكثرة ولكن من أهمها هو وجل القلب عند ذكر الله قال تعالى في وصوف الذين استجابوا لله في ما أرده منهم وتأثروا أولئك هم ﴿الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾ (35) سورة الحـج . وقوله تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) سورة الأنفال . هاتان الآيتان تشكلان أهم صفات المؤمنين فإن من صفات المؤمن حقاً هو إنه إذا ذكر الله عنده وسمع ذلك وجل قلبه وإذا سمع آيات الله تتلى عليه زادته إيماناً وتصديقاً بالله وبكتبه ورسله . وكلمة ( إنما ) وإن كانت أداة حصر فحصرت المؤمنين وقصر تهم على من يتصف بهذه الصفات وهي : 1- أن يوجل قلبه ويخضع ويلين عند ذكر الله . 2- إذا سمع آيات الله يزداد إيمانا على إيمانه . 3- أن اعتمادهم وتوكلهم على الله . ويمكن أن تكون هذه الصفات الثلاثة للمؤمن من أعلى الصفات له والآية السابقة تكمل تلك الصفات السابقة . 4- الصبر على المصائب . 5- الإتمام بإقامة الصلاة مع الخشوع والخضوع . 6- الإنفاق بسخاء . ذكر الله أكبر قال السيد الطباطبائي : قوله : ﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾ (45) سورة العنكبوت ، وقال تعالى: " فاسعوا إلى ذكر الله " ( الجمعة : 9 ) ، يريد به الصلاة وقال :" وأقم الصلاة لذكري " ( طه : 14 ) ، إلى غير ذلك من الآيات . وقد ذكر سبحانه أولا ذكره وقدمه على الصلاة لأنها هي البغية الوحيدة من الدعوة الإلهية ، وهو الروح الحية في جثمان العبودية ، والخميرة لسعادة الدنيا والآخرة ، يدل على ذلك قوله تعالى لآدم أول يوم شرع فيه الدين: (قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى )(123-124 ) سورة طـه ، وقوله تعالى : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاء أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاء وَلَكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا) ( 17- 18) سورة الفرقان ، وقوله تعالى : (فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا) (29) سورة النجم (ذَلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ الْعِلْمِ) (30) سورة النجم . فالذكر في الآيات إنما هو ما يقابل نسيان جانب الربوبية المستتبع لنسيان العبودية وهو السلوك الديني الذي لا سبيل إلى إسعاد النفس بدونه قال تعالى : ﴿وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ (19) سورة الحشر [7] . فالذكر لا يختص بالذكر اللساني واللفظي بل الآية الأخيرة تشير إلى الذكر المعنوي وهو الالتفات إلى جانب الربوبية والتوجه إلى الله عز وجل ، وعدم التوجه والغفلة عن الله هو نسيان لله .. نسيان لذكره وبعد ذلك أن الله ينسيهم أنفسهم وهذا هو الخطر العظيم الذي يمر به الإنسان في هذه الدنيا . وعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليه السلام أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام كَانَ يَقُولُ طُوبَى لِمَنْ أَخْلَصَ لِلَّهِ الْعِبَادَةَ وَ الدُّعَاءَ وَ لَمْ يَشْغَلْ قَلْبَهُ بِمَا تَرَى عَيْنَاهُ وَ لَمْ يَنْسَ ذِكْرَ اللَّهِ بِمَا تَسْمَعُ أُذُنَاهُ وَ لَمْ يَحْزُنْ صَدْرَهُ بِمَا أُعْطِيَ غَيْرُهُ [8] أحاديث في الخشية من الله تعددت الآيات والروايات في موضوع الخشية من الله وأهميتها في حياة الإنسان ولا غنى له عن ذلك وإلا لا فائدة في حياته فيبقى بمنزلة الحيوان بل هو أضل وأقل منهم ﴿أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا﴾ (44) سورة الفرقان و إليك عدداً منها : 1- أَحْمَدُ بْنُ فَهْدٍ فِي عُدَّةِ الدَّاعِي قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْداً نَصَبَ فِي قَلْبِهِ نَائِحَةً مِنَ الْحُزْنِ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ كُلَّ قَلْبٍ حَزِينٍ وَ إِنَّهُ لا يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ حَتَّى يَعُودَ اللَّبَنُ إِلَى الضَّرْعِ وَ إِذَا أَبْغَضَ اللَّهُ عَبْداً جَعَلَ فِي قَلْبِهِ مِزْمَاراً مِنَ الضَّحِكِ وَ إِنَّ الضَّحِكَ يُمِيتُ الْقَلْبَ وَ اللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ [9] 2- وَ قَالَ صلى الله عليه وآله وسلم : مَا مِنْ قَطْرَةٍ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ قَطْرَةِ دَمْعٍ خَرَجَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَ مِنْ قَطْرَةِ دَمٍ سُفِكَتْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ مَا مِنْ عَبْدٍ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ إِلَّا سَقَاهُ اللَّهُ مِنْ رَحِيقِ رَحْمَتِهِ وَ أَبْدَلَهُ اللَّهُ ضِحْكاً وَ سُرُوراً فِي جَنَّتِهِ وَ رَحِمَ اللَّهُ مَنْ حَوْلَهُ وَ لَوْ كَانُوا عِشْرِينَ أَلْفاً وَ مَا اغْرَوْرَقَتْ عَيْنٌ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ جَسَدَهُ عَلَى النَّارِ وَ إِنْ أَصَابَتْ وَجْهَهُ لَمْ يَرْهَقْهُ قَتَرٌ وَ لا ذِلَّةٌ وَ لَوْ بَكَى عَبْدٌ فِي أُمَّةٍ لَنَجَّى اللَّهُ تِلْكَ الْأُمَّةَ بِبُكَائِهِ [10] 3- وَ قَالَ صلى الله عليه وآله وسلم مَنْ بَكَى مِنْ ذَنْبٍ غُفِرَ لَهُ وَ مَنْ بَكَى مِنْ خَوْفِ النَّارِ أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْهَا وَ مَنْ بَكَى شَوْقاً إِلَى الْجَنَّةِ أَسْكَنَهُ اللَّهُ فِيهَا وَ كُتِبَ لَهُ أَمَانٌ مِنَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ وَ مَنْ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ حَشَرَهُ اللَّهُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَدَاءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً [11] 4- عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام يَقُولُ كَانَ فِي وَصِيَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم لِعَلِيٍّ عليه السلام أَنْ قَالَ يَا عَلِيُّ أُوصِيكَ فِي نَفْسِكَ بِخِصَالٍ فَاحْفَظْهَا عَنِّي ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ أَعِنْهُ : أَمَّا الْأُولَى : فَالصِّدْقُ وَ لَا تَخْرُجَنَّ مِنْ فِيكَ كَذِبَةٌ أَبَداً . وَالثَّانِيَةُ : الْوَرَعُ وَ لَا تَجْتَرِئْ عَلَى خِيَانَةٍ أَبَداً . وَالثَّالِثَةُ : الْخَوْفُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ كَأَنَّكَ تَرَاهُ . وَالرَّابِعَةُ : كَثْرَةُ الْبُكَاءِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ يُبْنَى لَكَ بِكُلِّ دَمْعَةٍ أَلْفُ بَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ . وَالْخَامِسَةُ : بَذْلُكَ مَالَكَ وَ دَمَكَ دُونَ دِينِكَ .... [12] 5- وَ رُوِيَ أَنَّهُ مَا مِنْ شَيْءٍ إِلَّا وَ لَهُ كَيْلٌ أَوْ وَزْنٌ إِلَّا الْبُكَاءَ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنَّ الْقَطْرَةَ مِنْهُ تُطْفِئُ بِحَاراً مِنَ النِّيرَانِ وَ لَوْ أَنَّ بَاكِياً بَكَى فِي أُمَّةٍ لَرُحِمُوا [13] 7- وَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم أَنَّهُ قَالَ مَا مِنْ عَمَلٍ إِلَّا وَ لَهُ وَزْنٌ وَ ثَوَابٌ إِلَّا الدَّمْعَةُ فَإِنَّهَا تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ وَ لَوْ أَنَّ عَبْداً بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ فِي أُمَّةٍ لَرَحِمَ اللَّهُ تِلْكَ الأُمَّةَ بِبُكَائِهِ [14] 8- وَعن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : كُلُّ عَيْنٍ بَاكِيَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا ثَلَاثَ أَعْيُنٍ عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَ عَيْنٌ غُضَّتْ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ وَ عَيْنٌ بَاتَتْ سَاهِرَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ [15] 9- وَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع أَنَّهُ قَالَ الْبُكَاءُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ نَجَاةٌ مِنَ النَّارِ [16] 10- الْآمِدِيُّ فِي الْغُرَرِ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع أَنَّهُ قَالَ الْبُكَاءُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ يُنِيرُ الْقَلْبَ وَ يَعْصِمُ مِنْ مُعَاوَدَةِ الذَّنْبِ [17] 11- عن أبي عبد الله ع قال أوحى الله تعالى إلى عيسى عليه السلام يا عيسى هب لي من عينيك الدموع و من قلبك الخشوع و من بدنك الخضوع و اكحل عينيك بميل الحزن إذا ضحك البطالون و قم على قبور الأموات فنادهم برفيع صوتك لعلك تأخذ موعظتك منهم و قل إني لاحق في اللاحقين [18] 12 |
12-09-2011, 08:00 PM | #2 |
نـــائب المدير
|
- وأوحى الله إلى موسى عليه السلام يا موسى : ما تزين المتزينون بمثل الزهد في الدنيا و ما تقرب إلي المتقربون بمثل الورع من خشيتي و ما تعبد لي المتعبدون بمثل البكاء من خيفتي فقال موسى يا رب بما تجزيهم على ذلك فقال أما المتزينون بالزهد فإني أبيحهم جنتي و أما المتقربون بالورع عن محارمي فإني أدخلهم جنانا لا يشركهم فيها غيرهم و أما البكاءون من خيفتي فإني أفتش الناس و لا أفتشهم حياء منهم [19]
13- و قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يا علي عليك بالبكاء من خشية الله يبني لك بكل قطرة بيتا في الجنة [20] 14- و قال صلى الله عليه وآله وسلم لو أن باكيا بكى في أمة لرحم الله تلك الأمة لبكائه [21] 15- و قد وبخ الله تعالى على ترك البكاء عند استماع القرآن عند قوله(أَ فَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وَ تَضْحَكُونَ وَ لا تَبْكُونَ) و مدح الذين يبكون عند استماعه بقوله( وَ إِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ ) . 16- و قال عليه السلام لكل شيء كيل أو وزن إلا البكاء فإن الدمعة تطفئ بحارا من النار . 17- و روي أن يحيى بن زكريا بكى حتى أثرت الدموع في خديه و عملت له أمه لبادا على خديه يجري عليه الدموع [22] 18- و قال الحسين عليه السلام ما دخلت على أبي قط إلا وجدته باكيا [23] 19- و قال إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بكى حين وصل في قراءته( فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) فانظروا إلى الشاهد كيف يبكي و المشهود عليهم يضحكون و الله لو لا الجهل ما ضحكت سن فكيف يضحك من يصبح و يمسي و لا يملك لنفسه و لا يدري ما يحدث عليه من سلب نعمة أو نزول نقمة أو مفاجاة ميتة و أمامه يوم يجعل الولدان شيبا يشيب الصغار و يسكر الكبار و توضع ذوات الأحمال و مقداره في عظم هوله خمسون ألف سنة فإنا لله و إنا إليه راجعون [24] 20- فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما من مؤمن يخرج من عينيه مثل رأس الذبابة من الدموع فيصيب حر وجهه إلا حرم الله عليه النار [25] و قال عليه السلام لا ترى النار عين بكت من خشية الله و لا عين سهرت من طاعة الله و لا عين غضت عن محارم الله [26] 21- و قال عليه السلام ما من قطرة أحب إلى الله من قطرة دمع خرجت من خشية الله و من قطرة دم سفكت في سبيل الله و ما من عبد بكى من خشية الله إلا سقاه الله من رحيق رحمته و أبدله ضحكا و سرورا في جنته و رحم الله من حوله و لو كان عشرين ألفا و ما اغرورقت عين في خشية الله إلا حرم الله جسده على النار و إن أصابت وجهه و لم يرهقه قتر و لا ذلة و لو بكى عبد في أمة لنجى الله تلك الأمة ببكائه [27] 22- و قال عليه السلام من بكى من ذنب غفر الله له و من بكى خوف النار أعاذه الله منها و من بكى شوقا إلى الجنة أسكنه الله فيها و كتب له أمانا من الفزع الأكبر و من بكى من خشية الله حشره الله مع النبيين و الصديقين و الشهداء والصالحين و حسن أولئك رفيقا [28] 23- و قال عليه السلام البكاء من خشية الله مفتاح الرحمة و علامة القبول و باب الإجابة [29] 24- و قال عليه السلام إذا بكى العبد من خشية الله تعالى تحاتت عنه الذنوب كما يتحات الورق فيبقى كيوم ولدته أمه [30] 25- الحديث الثالث و الثلاثون عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كونوا في الدنيا أضيافا و اتخذوا المساجد بيوتا و عودوا قلوبكم الرقة و أكثروا من التفكر و البكاء من خشية الله و اجعلوا الموت نصب أعينكم و ما بعده من أهوال القيامة تبنون ما لا تسكنون و تجمعون ما لا تأكلون فاتقوا الله الذي إليه ترجعون [31] 26- عن أبي عبد الله عليه السلام قال ما من شيء إلا و له كيل و وزن إلا الدموع فإن القطرة منها تطفئ بحارا من نار و إذا اغرورقت العين بمائها لم يرهق وجهه قتر و لا ذلة فإذا فاضت حرمة الله على النار و لو أن باكيا بكى في أمة لرحموا [32] 27-عن إسماعيل بن أبي زياد عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه ع قال قال رسول الله ص طوبى لصورة نظر الله إليها تبكي على ذنب من خشية الله عز و جل لم يطلع إلى ذلك الذنب غيره [33] 28- عن محمد بن أبي عمير عن منصور بن يونس عن صالح بن رزين و غيره عن أبي عبد الله ع قال كل عين باكية يوم القيامة إلا ثلاثة أعين عين غضت عن محارم الله أو عين سهرت في طاعة الله أو عين بكت في جوف الليل من خشية الله [34] 29- عن محمد بن أبي عمير عن رجل من أصحابه قال قال أبو عبد الله عليه السلام أوحى الله إلى موسى عليه السلام أن عبادي لم يتقربوا إلي بشيء أحب إلي من ثلاث خصال الزهد في الدنيا و الورع عن المعاصي و البكاء من خشيتي فقال موسى يا رب فما لمن صنع ذلك قال الله تعالى أما الزاهدون في الدنيا فأحكمهم في الجنة و أما المتورعون عن المعاصي فما أحاسبهم و أما الباكون من خشيتي ففي الرفيق الأعلى [35] الإمام الحسين لله أهل البيت عموماً والحسين خصوصاً لم يعيشوا لأنفسهم وشخصياتهم بل عاشوا لله واستشهدوا لله وفي سبيل لله ولا يرون لأنفسهم أي تأثير إلا بالله ولا حول ولا قوة لهم إلا بالله ﴿قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ ( 162- 163 ) سورة الأنعام . وما داموا أعطوا كل شيء يملكونه بما في ذلك أنفسهم وجميع أموالهم خالصاً لله فلا عجب حينئذ أن يكون طريقهم وهو طريق الله وصراطهم صراط الله ولذلك كان حبهم حباً لله وبغضهم بغضاً لله ونصرتهم نصرة لله وموالاتهم موالاة لله فقد روي عن الإمام الهادي عليه السلام في زيارة الجامعة للأئمة عليهم السلام أنه قال : مَنْ وَالَاكُمْ فَقَدْ وَالَى اللَّهَ وَ مَنْ عَادَاكُمْ فَقَدْ عَادَى اللَّهَ وَ مَنْ أَحَبَّكُمْ فَقَدْ أَحَبَّ اللَّهَ وَ مَنْ أَبْغَضَكُمْ فَقَدْ أَبْغَضَ اللَّهَ وَ مَنِ اعْتَصَمَ بِكُمْ فَقَدِ اعْتَصَمَ بِاللَّهِ [36] وجاء فيها أيضاً : مَنْ أَطَاعَكُمْ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَ مَنْ عَصَاكُمْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَ مَنْ أَحَبَّكُمْ فَقَدْ أَحَبَّ اللَّهَ وَ مَنْ أَبْغَضَكُمْ فَقَدْ أَبْغَضَ اللَّهَ [37] وعَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ عَنِ الرِّضَا عليه السلام قَالَ سُئِلَ أَبِي عَنْ إِتْيَانِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ عليه السلام فَقَالَ صَلُّوا فِي الْمَسَاجِدِ حَوْلَهُ وَ يُجْزِئُ فِي الْمَوَاضِعِ كُلِّهَا أَنْ تَقُولَ السَّلَامُ عَلَى أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَ أَصْفِيَائِهِ السَّلَامُ عَلَى أُمَنَاءِ اللَّهِ وَ أَحِبَّائِهِ السَّلَامُ عَلَى أَنْصَارِ اللَّهِ وَ خُلَفَائِهِ السَّلَامُ عَلَى مَحَالِّ مَعْرِفَةِ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَى مَسَاكِنِ ذِكْرِ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَى مُظَاهِرِي أَمْرِ اللَّهِ وَ نَهْيِهِ السَّلَامُ عَلَى الدُّعَاةِ إِلَى اللَّهِ السَّلَامُ عَلَى الْمُسْتَقِرِّينَ فِي مَرْضَاةِ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَى الْمُمَحَّصِينَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَى الْأَدِلَّاءِ عَلَى اللَّهِ السَّلَامُ عَلَى الَّذِينَ مَنْ وَالَاهُمْ فَقَدْ وَالَى اللَّهَ وَ مَنْ عَادَاهُمْ فَقَدْ عَادَى اللَّهَ وَ مَنْ عَرَفَهُمْ فَقَدْ عَرَفَ اللَّهَ وَ مَنْ جَهِلَهُمْ فَقَدْ جَهِلَ اللَّهَ وَ مَنِ اعْتَصَمَ بِهِمْ فَقَدِ اعْتَصَمَ بِاللَّهِ وَ مَنْ تَخَلَّى مِنْهُمْ فَقَدْ تَخَلَّى مِنَ اللَّهِ [38] بل تواترت الأخبار أن محبتهم محبة لله وبغضهم بغضاً لله وحربهم حرباً لله وسلمهم سلماً لله [39] وعَنِ ابْنِ عَبَّاسِ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم إِنَّ عَلِيّاً وَصِيِّي وَ خَلِيفَتِي وَ زَوْجَتَهُ فَاطِمَةَ سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ابْنَتِي وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَلَدَايَ مَنْ وَالَاهُمْ فَقَدْ وَالَانِي وَ مَنْ عَادَاهُمْ فَقَدْ عَادَانِي وَ مَنْ نَاوَأَهُمْ فَقَدْ نَاوَأَنِي وَ مَنْ جَفَاهُمْ فَقَدْ جَفَانِي وَ مَنْ بَرَّهُمْ فَقَدْ بَرَّنِي وَصَلَ اللَّهُ مَنْ وَصَلَهُمْ وَ قَطَعَ اللَّهُ مَنْ قَطَعَهُمْ وَ نَصَرَ اللَّهُ مَنْ أَعَانَهُمْ وَ خَذَلَ اللَّهُ مَنْ خَذَلَهُمْ اللَّهُمَّ مَنْ كَانَ لَهُ مِنْ أَنْبِيَائِكَ وَ رُسُلِكَ ثَقَلٌ وَ أَهْلُ بَيْتٍ فَعَلِيٌّ وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ أَهْلُ بَيْتِي وَ ثَقَلِي فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهِّرْهُمْ تَطْهِيراً [40] العلاقة بين الخشوع لله والحزن لمصاب الحسين العلاقة وطيدة بينهما جداً فإن الخشوع والخضوع والحزن والأسى ورقة القلب والبكاء لمصاب أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام راجع إلى ذكر الله والخشوع له وهو داخل في باب تعظيم الشعائر التي هي من تقوى القلوب (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ) (32) سورة الحـج . |
|
12-09-2011, 08:08 PM | #3 |
نـــائب المدير
|
العلاقة بين الخشوع لله والحزن لمصاب الحسين
العلاقة وطيدة بينهما جداً فإن الخشوع والخضوع والحزن والأسى ورقة القلب والبكاء لمصاب أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام راجع إلى ذكر الله والخشوع له وهو داخل في باب تعظيم الشعائر التي هي من تقوى القلوب (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ) (32) سورة الحـج . البكاء على الإمام الحسين تضافرت الروايات عن النبي صلى الله عليه وآله وعن الأئمة عليهم السلام في الحث على البكاء والحزن والأسى على الإمام الحسين عليه السلام إلى حد الجزع ، فإن الجزع في المصاب وإن كان ممنوعاً على غيره من سائر الناس إلا أن الجزع عليه مستحسن وإليك جملة من هذه الروايات التي تناقلتها مدارس الحديث على مختلف مذاهبها ومشاربها . 1- جاء في الصحيح عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليه السلام يَقُولُ أَيُّمَا مُؤْمِنٍ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ لِقَتْلِ الْحُسَيْنِ عليه السلام حَتَّى تَسِيلَ عَلَى خَدَّيْهِ بَوَّأَهُ اللَّهُ بِهَا غُرَفاً يَسْكُنُهَا أَحْقَاباً وَ أَيُّمَا مُؤْمِنٍ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ حَتَّى تَسِيلَ عَلَى خَدِّهِ فِيمَا مَسَّنَا مِنَ الأَذَى مِنْ عَدُوِّنَا فِي الدُّنْيَا بَوَّأَهُ اللَّهُ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَ أَيُّمَا مُؤْمِنٍ مَسَّهُ أَذًى فِينَا فَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ حَتَّى تَسِيلَ عَلَى خَدِّهِ مِنْ مَضَاضَةِ مَا أُوذِيَ فِينَا صَرَفَ اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ الأَذَى وَ آمَنَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَخَطِهِ وَ النَّارِ [41] 2- و قَالَ الرِّضَا عليه السلام : مَنْ تَذَكَّرَ مُصَابَنَا فَبَكَى وَ أَبْكَى لَمْ تَبْكِ عَيْنُهُ يَوْمَ تَبْكِي الْعُيُونُ وَ مَنْ جَلَسَ مَجْلِساً يُحْيِا فِيهِ أَمْرُنَا لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ ....... الْحَدِيثَ [42] 3- وعَنِ الرَّيَّانِ بْنِ شَبِيبٍ عَنِ الرِّضَا ع فِي حَدِيثٍ أَنَّهُ قَالَ لَهُ يَا ابْنَ شَبِيبٍ إِنْ كُنْتَ بَاكِياً لِشَيْءٍ فَابْكِ لِلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عليه السلام فَإِنَّهُ ذُبِحَ كَمَا يُذْبَحُ الْكَبْشُ وَ قُتِلَ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ رَجُلا مَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ شَبِيهُونَ وَ لَقَدْ بَكَتِ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَ الْأَرَضُونَ لِقَتْلِهِ إِلَى أَنْ قَالَ يَا ابْنَ شَبِيبٍ إِنْ بَكَيْتَ عَلَى الْحُسَيْنِ عليه السلام حَتَّى تَصِيرَ دُمُوعُكَ عَلَى خَدَّيْكَ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ كُلَّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتَهُ صَغِيراً كَانَ أَوْ كَبِيراً قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيراً يَا ابْنَ شَبِيبٍ إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَا ذَنْبَ عَلَيْكَ فَزُرِ الْحُسَيْنَ عليه السلام يَا ابْنَ شَبِيبٍ إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَسْكُنَ الْغُرَفَ الْمَبْنِيَّةَ فِي الْجَنَّةِ مَعَ النَّبِيِّ وَ آلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ فَالْعَنْ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ يَا ابْنَ شَبِيبٍ إِنْ سَرَّكَ أَنْ يَكُونَ لَكَ مِنَ الثَّوَابِ مِثْلُ مَا لِمَنِ اسْتُشْهِدَ مَعَ الْحُسَيْنِ فَقُلْ مَتَى مَا ذَكَرْتَهُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً يَا ابْنَ شَبِيبٍ إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَكُونَ مَعَنَا فِي الدَّرَجَاتِ الْعُلَى مِنَ الْجِنَانِ فَاحْزَنْ لِحُزْنِنَا وَ افْرَحْ لِفَرَحِنَا وَ عَلَيْكَ بِوَلَايَتِنَا فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَحَبَّ حَجَراً لَحَشَرَهُ اللَّهُ مَعَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [43] وقَالَ الرِّضَا عليه السلام فِي حَدِيثٍ فَعَلَى مِثْلِ الْحُسَيْنِ فَلْيَبْكِ الْبَاكُونَ فَإِنَّ الْبُكَاءَ عَلَيْهِ يَحُطُّ الذُّنُوبَ الْعِظَامَ . ثُمَّ قَالَ عليه السلام كَانَ أَبِي عليه السلام إِذَا دَخَلَ شَهْرُ الْمُحَرَّمِ لَا يُرَى ضَاحِكاً وَ كَانَتِ الْكَآبَةُ تَغْلِبُ عَلَيْهِ حَتَّى تَمْضِيَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْعَاشِرِ كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ مُصِيبَتِهِ وَ حُزْنِهِ وَ بُكَائِهِ وَ يَقُولُ هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ الْحُسَيْنُ عليه السلام [44] 4- وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَارَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عليه السلام قَالَ مَنْ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ فِينَا دَمْعَةً لِدَمٍ سُفِكَ لَنَا أَوْ حَقٍّ لَنَا نُقِصْنَاهُ أَوْ عِرْضٍ انْتُهِكَ لَنَا أَوْ لِأَحَدٍ مِنْ شِيعَتِنَا بَوَّأَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا فِي الْجَنَّةِ حُقُباً [45] 5- وقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع فِي حَدِيثٍ وَ مَنْ ذُكِرَ الْحُسَيْنُ عِنْدَهُ فَخَرَجَ مِنْ عَيْنِهِ مِنَ الدُّمُوعِ مِقْدَارُ جَنَاحِ ذُبَابٍ كَانَ ثَوَابُهُ عَلَى اللَّهِ وَ لَمْ يَرْضَ لَهُ بِدُونِ الْجَنَّةِ [46] 6- وعَنِ الرَّبِيعِ بْنِ مُنْذِرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ع يَقُولُ مَنْ قَطَرَتْ عَيْنَاهُ أَوْ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ فِينَا دَمْعَةً بَوَّأَهُ اللَّهُ بِهَا فِي الْجَنَّةِ غُرَفاً يَسْكُنُهَا أَحْقَاباً أَوْ حُقُباً [47] 7- عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ يَذْكُرُ فِيهِ حَالَ الْحُسَيْنِ عليه السلام قَالَ وَ إِنَّهُ لَيَنْظُرُ إِلَى مَنْ يَبْكِيهِ فَيَسْتَغْفِرُ لَهُ وَ يَسْأَلُ أَبَاهُ الِاسْتِغْفَارَ لَهُ وَ يَقُولُ أَيُّهَا الْبَاكِي لَوْ عَلِمْتَ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ لَفَرِحْتَ أَكْثَرَ مِمَّا حَزِنْتَ وَ إِنَّهُ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَ خَطِيئَةٍ [48] 8- وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ أَيُّمَا مُؤْمِنٍ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ لِقَتْلِ الْحُسَيْنِ عليه السلام دَمْعَةً حَتَّى تَسِيلَ عَلَى خَدِّهِ بَوَّأَهُ اللَّهُ بِهَا فِي الْجَنَّةِ غُرَفاً يَسْكُنُهَا أَحْقَاباً [49] الجزع على الإمام الحسين الجزع في المصاب محرم ما عدى مصاب الإمام الحسين عليه السلام فعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام فِي حَدِيثٍ أَنَّهُ قَالَ لِشَيْخٍ أَيْنَ أَنْتَ عَنْ قَبْرِ جَدِّيَ الْمَظْلُومِ الْحُسَيْنِ قَالَ إِنِّي لَقَرِيبٌ مِنْهُ قَالَ كَيْفَ إِتْيَانُكَ لَهُ قَالَ إِنِّي لآَتِيهِ وَ أُكْثِرُ قَالَ ذَاكَ دَمٌ يَطْلُبُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ ثُمَّ قَالَ كُلُّ الْجَزَعِ وَ الْبُكَاءِ مَكْرُوهٌ مَا خَلَا الْجَزَعَ وَ الْبُكَاءَ لِقَتْلِ الْحُسَيْنِ عليه السلام [50] عَنْ مِسْمَعِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام فِي حَدِيثٍ أَ مَا تَذْكُرُ مَا صُنِعَ بِهِ يَعْنِي بِالْحُسَيْنِ عليه السلام قُلْتُ بَلَى قَالَ أَ تَجْزَعُ قُلْتُ إِي وَ اللَّهِ وَ أَسْتَعْبِرُ بِذَلِكَ حَتَّى يَرَى أَهْلِي أَثَرَ ذَلِكَ عَلَيَّ فَأَمْتَنِعُ مِنَ الطَّعَامِ حَتَّى يَسْتَبِينَ ذَلِكَ فِي وَجْهِي فَقَالَ رَحِمَ اللَّهُ دَمْعَتَكَ أَمَا إِنَّكَ مِنَ الَّذِينَ يُعَدُّونَ مِنْ أَهْلِ الْجَزَعِ لَنَا وَ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ لِفَرَحِنَا وَ يَحْزَنُونَ لِحُزْنِنَا أَمَا إِنَّكَ سَتَرَى عِنْدَ مَوْتِكَ حُضُورَ آبَائِي لَكَ وَ وَصِيَّتَهُمْ مَلَكَ الْمَوْتِ بِكَ وَ مَا يَلْقَوْنَكَ بِهِ مِنَ الْبِشَارَةِ أَفْضَلُ وَ لَمَلَكُ الْمَوْتِ أَرَقُّ عَلَيْكَ وَ أَشَدُّ رَحْمَةً لَكَ مِنَ الأُمِّ الشَّفِيقَةِ عَلَى وَلَدِهَا إِلَى أَنْ قَالَ مَا بَكَى أَحَدٌ رَحْمَةً لَنَا وَ لِمَا لَقِينَا إِلَّا رَحِمَهُ اللَّهُ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ الدَّمْعَةُ مِنْ عَيْنِهِ فَإِذَا سَالَ دُمُوعُهُ عَلَى خَدِّهِ فَلَوْ أَنَّ قَطْرَةً مِنْ دُمُوعِهِ سَقَطَتْ فِي جَهَنَّمَ لَأَطْفَأَتْ حَرَّهَا حَتَّى لَا يُوجَدَ لَهَا حَرٌّ وَ ذَكَرَ حَدِيثاً طَوِيلًا يَتَضَمَّنُ ثَوَاباً جَزِيلًا يَقُولُ فِيهِ وَ مَا مِنْ عَيْنٍ بَكَتْ لَنَا إِلَّا نُعِّمَتْ بِالنَّظَرِ إِلَى الْكَوْثَرِ وَ سُقِيَتْ مِنْهُ مَعَ مَنْ أَحَبَّنَا [51] وروى ابن قولويه بسنده عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال سمعته يقول : إن البكاء والجزع مكروه للعبد في كل ما جزع ، ما خلا البكاء على الحسين بن علي عليهما السلام فإنه فيه مأجور [52] لماذا الحزن على الحسين دون غيره ؟ سؤال طرح قديما على أئمة أهل البيت الذين جاءوا بعد شهادة الإمام الحسين وكانوا يمارسون البكاء والحزن عليه في مختلف الأوقات وبالأخص في يوم عاشوراء لماذا هذا الاهتمام به دون غيره ممن تقدم عليه مثل جده وأبيه وأمه وأخيه خصوصاً أن فيهم من هو أفضل منه ؟ فجاء الجواب بما يتناسب مع المقام فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيِّ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ كَيْفَ صَارَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْمَ مُصِيبَةٍ وَ غَمٍّ وَ حُزْنٍ وَ بُكَاءٍ دُونَ الْيَوْمِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَتْ فِيهِ فَاطِمَةُ وَ الْيَوْمِ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ الْيَوْمِ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ الْحَسَنُ بِالسَّمِّ فَقَالَ إِنَّ يَوْمَ الْحُسَيْنِ أَعْظَمُ مُصِيبَةً مِنْ جَمِيعِ سَائِرِ الْأَيَّامِ وَ ذَلِكَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكِسَاءِ الَّذِينَ كَانُوا أَكْرَمَ الْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ كَانُوا خَمْسَةً فَلَمَّا مَضَى عَنْهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله بَقِيَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ فَكَانَ فِيهِمْ لِلنَّاسِ عَزَاءٌ وَ سَلْوَةٌ فَلَمَّا مَضَتْ فَاطِمَةُ كَانَ فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ لِلنَّاسِ عَزَاءٌ وَ سَلْوَةٌ فَلَمَّا مَضَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع كَانَ لِلنَّاسِ فِي الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ عَزَاءٌ وَ سَلْوَةٌ فَلَمَّا مَضَى الْحَسَنُ كَانَ لِلنَّاسِ فِي الْحُسَيْنِ عَزَاءٌ وَ سَلْوَةٌ فَلَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ لَمْ يَكُنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ الْكِسَاءِ أَحَدٌ لِلنَّاسِ فِيهِ بَعْدَهُ عَزَاءٌ وَ سَلْوَةٌ فَكَانَ ذَهَابُهُ كَذَهَابِ جَمِيعِهِمْ كَمَا كَانَ بَقَاؤُهُ كَبَقَاءِ جَمِيعِهِمْ فَلِذَلِكَ صَارَ يَوْمُهُ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ مُصِيبَةً الْحَدِيثَ [53] بكاء الخلق على الإمام الحسين استفاضت الأخبار عن أن الخلق كله بكى على سبط الرسول صلى الله عليه وآله وقرة عين البتول الحسين بن علي عليهم السلام فقد جاء عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ ثُوَيْرٍ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ فِي حَدِيثٍ إِنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنَ ع لَمَّا قَضَى بَكَتْ عَلَيْهِ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَ الْأَرَضُونَ السَّبْعُ وَ مَا فِيهِنَّ وَ مَا بَيْنَهُنَّ وَ مَنْ يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ وَ النَّارِ مِنْ خَلْقِ رَبِّنَا وَ مَا يُرَى وَ مَا لَا يُرَى [54] وروى ابن قولويه بسنده قالوا : سمعنا أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : إن أبا عبد الله الحسين بن علي ( عليهما السلام ) لما مضى بكت عليه السماوات السبع والارضون السبع وما فيهن وما بينهن ومن ينقلب عليهن ، والجنة والنار ، وما خلق ربنا ، و ما يري وما لا يري ( [55] ) . وقد بكى جميع ما خلق الله على الحسين بن علي ( عليهما السلام ) وعن أبي بصير ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : بكت الإنس والجن والطير والوحش على الحسين ابن علي ( عليهما السلام ) حتى ذرفت دموعها ( [56] ) . أي سالت دموعها . بكاء السماء والأرض عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : إن الحسين ( عليه السلام ) بكى لقتله السماء والأرض واحمرتا ، ولم تبكيا على أحد قط إلا على يحيى بن زكريا والحسين بن علي ( عليهما السلام ) ( [57]) . وعن عبد الله بن هلال ، قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : إن السماء بكت على الحسين بن علي ويحيى بن زكريا ، ولم تبك على أحد غيرهما ، قلت : وما بكاؤهما ، قال : مكثوا أربعين يوما تطلع الشمس بحمرة وتغرب بحمرة ، قلت : فذاك بكاؤهما ، قال : نعم ( [58]) وذكر ابن قولويه 25 غير هاتين الروايتين في الباب 28 من كامل الزيارات . بكاء رسول الله عن عبد الله بن محمد الصنعاني ، عن ابي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إذا دخل الحسين ( عليه السلام ) جذبه إليه ثم يقول لامير المؤمنين ( عليه السلام ) : امسكه ، ثم يقع عليه فيقبله ويبكي يقول : يا أبه لم تبكي ، فيقول : يا بني اقبل موضع السيوف منك وابكي [59]. بكاء الملائكة على الحسين بن علي ( عليهما السلام ) جاء في الصحيح عن الفضيل بن يسار ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : مالكم لا تأتونه - يعني قبر الحسين ( عليه السلام ) - فان أربعة آلاف ملك يبكون عند قبره إلى يوم القيامة ( [60] ) . وهناك 19رواية مؤيدة لهذا الخبر ذكرها ابن قولويه في الباب 27 من كامل الزيارات وبعضها صحيحة السند . بكاء السجاد على أبيه عن أبي داود المسترق عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال بكى علي بن الحسين على أبيه حسين بن علي صلى الله عليه وآله وسلم عشرين سنة أو أربعين سنة و ما وضع بين يديه طعاما إلا بكى على الحسين حتى قال له مولى له جعلت فداك يا ابن رسول الله إني أخاف عليك أن تكون من الهالكين قال إنما أشكو بثي و حزني إلى الله و أعلم من الله ما لا تعلمون إني لم أذكر مصرع بني فاطمة إلا خنقتني العبرة لذلك [61] البكاءون و قال الصادق عليه السلام البكاءون خمسة : آدم و يعقوب و يوسف و فاطمة و علي بن الحسين عليه السلام : فأما آدم إنه بكى على الجنة حتى صار على خديه أمثال الأودية . و بكى يعقوب على يوسف حتى ذهب بصره . و بكى يوسف على يعقوب حتى تأذى منه أهل السجن فقالوا إما تبكي بالليل و تسكت بالنهار أو تسكت بالليل و تبكي بالنهار . و بكت فاطمة عليها السلام على فراق رسول الله ص حتى تأذى أهل المدينة فكانت تخرج إلى البقيع فتبكي فيه . و بكى علي بن الحسين عليه السلام عشرين سنة و ما رأوه على أكل و لا على شرب إلا و هو يبكي فلاموه في ذلك فقال إني لم أذكر مصارع أبي و أهل بيتي إلا و خنقتني العبرة [62] عبرة كل مؤمن عن أبي يحيى الحذاء عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال نظر أمير المؤمنين عليه السلام إلى الحسين فقال يا عبرة كل مؤمن فقال أنا يا أبتاه قال نعم يا بني [63] عن أبي عمارة المنشد قال ما ذكر الحسين ع عند أبي عبد الله عليه السلام في يوم قط فرأى أبو عبد الله عليه السلام متبسما في ذلك اليوم إلى الليل و كان عليه السلام يقول الحسين عليه السلام عبرة كل مؤمن [64] عن أبي بصير قال قال أبو عبد الله ع قال الحسين بن علي ع أنا قتيل العبرة لا يذكرني مؤمن إلا استعبر [65] سيد الشهداء جاء بسند صحيح : عن ربعي بن عبد الله قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام بالمدينة أين قبور الشهداء فقال أ ليس أفضل الشهداء عندكم ؟ و الذي نفسي بيده أن حوله أربعة آلاف ملك شعثا غبرا يبكونه إلى يوم القيامة [66] أسباب البكاء إن البكاء على المصاب له أسباب عديدة قد تكون ظاهرة وقد لا تكون ظاهرة . فأما الأسباب الظاهرة : 1- علاقة الأبوة بين الطرفين : فإذا كان صاحب المصاب أب فمن حقه على ابنه أن يحزن عليه ويبكي وإلا عد مقصراً قال تعالى :﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا﴾ (23) سورة الإسراء. ومن الإحسان إليه هو الحزن والبكاء عليه . ولا شك أن الإمام الحسين عليه السلام هو أبو هذه الأمة بعد جده وأبيه وأخيه عليهم أفضل الصلاة والسلام فمن واجبه عليهم الحزن والبكاء على مصابه. 2- علاقة الالتحام والجزئية : ويوجد التحام ووئام بين الإمام الحسين عليه السلام وبين جميع المؤمنين وبالأخص شيعته وقد تعددت الروايات في هذا الجانب ؛ فعن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال ( شيعتنا منا ، خلقوا من فاضل طينتنا ) [67] وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ..... يا علي أنت مني و أنا منك روحك من روحي و طينتك من طينتي و شيعتك خلقوا من فضل طينتنا و من أحبهم فقد أحبنا و من أبغضهم فقد أبغضنا و من عاداهم فقد عادانا ومن ودهم فقد ودنا ... [68] قال أمير المؤمنين عليه السلام إن الله تبارك و تعالى اطلع إلى الأرض فاختارنا و اختار لنا شيعة ينصروننا و يفرحون لفرحنا و يحزنون لحزننا و يبذلون أموالهم و أنفسهم فينا أولئك منا و إلينا [69] وعن أمير المؤمنين عليه السلام : إن الله تبارك و تعالى اطلع إلى الأرض فاختارنا و اختار لنا شيعة ينصروننا و يفرحون لفرحنا و يحزنون لحزننا و يبذلون أموالهم و أنفسهم فينا أولئك منا و إلينا [70] 3- إذا كان صاحب المصاب صاحب حق : كحق الإسلام وهو ثابت لكل مسلم على مسلم فكيف بمن أحي الدين بدمه الشريف ولولا الحسين لانطمست معالم الإسلام ؛ فإنه عليه السلام لمّا رأى الدين في خطر عندما قام بنو أمية في نشر الفساد وأحلوا الحرام وحرموا الحلال باسم الدين فجعلوا سبَّ علي بن أبي طالب عليه السلام وصي رسول الله صلى الله عليه وآله جزءاً من الصلاة ، وأظهروا للناس أنهم أئمة الإسلام فمن حق من كان سباً لهداية الأمة أن يبكى ويحزن عليه . 4- إذا كان صاحب المصاب كبيراً في قومه وفي عشيرته : حتى ولو كان أجنبياً أو كافراً أو عدواً وأصابته مصيبة فإن القلب ينكسر عليه ويرق له وقد أثبت التاريخ لقادة الإسلام العظماء كيف أنهم عاملوا أعدائهم وكيف عفوا وصفحوا ورقت قلوبهم على غير المسلمين وحتى على أعدائهم الذين قاتلوهم ؟ وهاهو النبي صلى الله عليه وآله يرمي بردائه إلى عدي بن حاتم كما في الكافي وغيره : فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْعَلَوِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام لَمَّا قَدِمَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم أَدْخَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم بَيْتَهُ وَ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَيْتِ غَيْرُ خَصَفَةٍ وَ وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ فَطَرَحَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ [71] ولما قتل الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام عمرو بن عبد ود تكرم عليه ولم يسلبه لامّة حربه كما روى الشيخ المفيد في الإرشاد قال : و روى يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق قال لما قتل علي بن أبي طالب ع عمرا أقبل نحو رسول الله ص و وجهه يتهلل فقال له عمر بن الخطاب هلا سلبته يا علي درعه فإنه ليس تكون للعرب درع مثلها فقال أمير المؤمنين ع إني استحيت أن أكشف عن سوءة ابن عمي [72] ولذلك جعل الإسلام كرامة لبنات الملوك المأسورات بعد استرقاقهن الخيار لهن في اختيار الشخص الذي تريده ولا يعرضن في الأسواق كما روى ذلك ابن شهر آشوب قال : [ المناقب لابن شهرآشوب ] لما ورد بسبي الفرس إلى المدينة أراد عمر أن يبيع النساء و أن يجعل الرجال عبيد العرب و عزم على أن يحمل العليل و الضعيف و الشيخ الكبير في الطواف و حول البيت على ظهورهم فقال أمير المؤمنين عليه السلام إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال أكرموا كريم قوم و إن خالفوكم و هؤلاء الفرس حكماء كرماء فقد ألقوا إلينا السلام و رغبوا في الإسلام و قد أعتقت منهم لوجه الله حقي و حق بني هاشم فقالت المهاجرون و الأنصار قد وهبنا حقنا لك يا أخا رسول الله فقال اللهم فاشهد أنهم قد وهبوا و قبلت و أعتقت فقال عمر سبق إليها علي بن أبي طالب عليه السلام و نقض عزمتي في الأعاجم . و رغب جماعة في بنات الملوك أن يستنكحوهن فقال أمير المؤمنين تخيرهن و لا تكرههن فأشار أكبرهم إلى تخيير شهربانويه بنت يزدجرد فحجبت و أبت فقيل لها أيا كريمة قومها من تختارين من خطابك و هل أنت راضية بالبعل فسكتت فقال أمير المؤمنين قد رضيت و بقي الاختيار بعد سكوتها إقرارها فأعادوا القول في التخيير فقالت لست ممن يعدل عن النور الساطع و الشهاب اللامع الحسين إن كنت مخيرة فقال أمير المؤمنين لمن تختارين أن يكون وليك فقالت أنت فأمر أمير المؤمنين حذيفة بن اليمان أن يخطب فخطب و زوجت من الحسين [73] عليه السلام . 5- البكاء على صاحب الصفات الحميدة : فإن من أسباب البكاء على صاحب المصاب إذا كان عنده صفات حميدة فإن الناس يأسفون لفقده سواء كان شجاعاً أو كريماً أو وخدوماً للمجتمع أو لملازمته لذكر الله أو لجماله أو كماله ، والصفات الحميدة كثيرة وكثيرة جداً وكلها قد اجتمعت في الحسين بن علي عليه السلام فهو أشجع أهل زمانه وأكرمهم وأعطفهم على الفقراء والمساكين وأذكرهم لله ، والحاصل ، أن الناس تعلموا منه معالم دينهم ومكارم الأخلاق والتضحية والفداء . فهل من سقى ألف فارس من أعدائه مع خيولهم حتى رشفوها ترشيفاً ؟ وكان يقوم هو بنفسه يباشر السقي عليه السلام ولو أراد أن يقتلهم بأكملهم لمنعهم الماء فقط . ولكن أبت نفسه الطاهرة إلا أن يكون كريما عطوفاً في وقت الشدة نعم هل يستحق من هؤلاء الأجلاف أن يقتلوه شر قتلة ؟ ألا يستحق أن يبكي عليه . 6- البكاء للتبعية : من المألوف أن الإنسان إذا رأى شخصاً يبكى عليه تأثر هو تبعاً لهم وبكى وقد تضافرت الروايات بل تواترت في البكاء على الحسين بن علي عليه السلام فقد بكى عليه جده رسول الله صلى الله عليه وآله وأبوه أمير المؤمنين عليه السلام وأمه الزهراء البتول عليها السلام ومن جاء بعده من الأئمة والصالحين والمؤمنين بل كما تقدم بكى جميع الخلق حتى الحجر فهل يكون الحجر أقل قسوة من قلب الإنسان . ( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ (74) سورة البقرة . هذا في بعض أسباب البكاء الظاهري ، وأما بعض أسباب البكاء غير الظاهري فنؤجله إلى حديث آخر . والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين وأصحابه المنتجبين . |
|
12-09-2011, 08:45 PM | #4 |
مديــر عام |
المعارف رعاكم لله وحفظكم واعطاكم ماتتمنون ان شاء الله موضوع طيب ومفيد لكم منا دعاء بالعافيه والتوفيق في خدمة الزهراء وبنيها ع احسنتم واحسن الله اليكم اسئله لكم الامن والامان والعافيه ان شاء الله وربييرعاكم ويخليكم |
|
12-11-2011, 05:26 AM | #5 |
عضو مميز
|
|
السلام على الشهيد المظلوم السلام على غريب كربلاء السلام على المولى الحسين ورحمة الله وبركاته
|
|
|
|