#1
|
|||||||||
|
|||||||||
حملت جنازة عقلي معي
للشاعر جاسم الصحيح / الأحساء
قصيدة عينية رائعة تحاكي عينية الجواهري.. حملـتُ جنـازةَ عقلـي معـي - وجِئْـتُكَ فـي عاشـقٍ لا يعـي أحسُّـكَ ميـزانَ مـا أدَّعـيـهِ - إذا كـان فـي اللهِ مـا أدَّعـي أَقيـسُ بِحُبِّـكَ حجـمَ اليقـيـنِ - فحُبُّـكَ فيمـا أرى مـَـرجِـعـي خَلَعتُ الأساطيـرَ عنّـي سِـوى - أساطيـرِ عشقِـكَ لـمْ أخـلَـعِ وغِصتُ بِجُرحِكَ حيثُ الشموسُ - تهـرولُ فـي ذلـك الـمَطـلَـعِ وحيثُ (المثلَثُ) شـقَّ الطريـقَ - أمامـي إلـى العالَـمِ الأرفَـعِ وعلَّمَنـي أن عشـقَ الحسيـنِ - انكشافٌ علـى شَفـرةِ المبضَـعِ فعَرَّيْتُ روحي أمـامَ السّيـوفِ - التـي التَهَمَتْـكَ ولَـم تَشـبَـعِ وآمنتُ بالعشـقِ نبـعَ الـجُنـونِ - فقد بَـرِئَ العشـقُ مِمَّـنْ يَعـي! وجئتُكَ فـي نَشـوةِ اللاعقـولِ - أجـرُّ جنـازةَ عقلـي مـعـي أتيتُـكَ أفتِـلُ حبـلَ الـسـؤالِ - متى ضَمَّك العشقُ في أضلعـي؟! عَرَفْتُكَ في (الطَلقِ) جـسرَ العبورِ - مـن الرَّحْـمِ للعالَـمِ الأوسَـعِ ووَالِدَتي بِـكَ تحـدو المخـاضَ - علـى هَـوْدَجِ الأَلَـمِ المُمْـتِـعِ وقد سِـرْتَ بِـي للهوى قَبلَمـا - يسيرُ بِـيَ الجـوعُ للمرضَـعِ لَمَسْتُكَ في المهـدِ دفئَ الحنـانِ - علـى ثـوبِ أُمِـيَ والملفَـعِ وفي الرضعةِ البِكْرِ أنتَ الـذي - تَقاَطَـرْتَ فـي اللَبَـنِ المُوجَـعِ وقبلَ الرضاعةِ قبلَ الحليـبِ - تَقاطَـرَ إِسْمُـكَ فـي مَسْمَعـي فأَشْرَقْتَ في جوهَـري ساطِعـاً - بِما شَـعَّ مـن سِـرِّكَ المـودَعِ بكيتُـكَ حتَـى غسلـتُ القِمـاطَ - على ضِفَّتَيْ جُرْحِـكَ المُشْـرَعِ وما كنتُ أبكيـكَ لـو لـمْ تَكُـنْ - دمـاؤُكَ قـد أيقظَـتْ أدمُعـي كَبُرْتُ أنـا.. والبكـاءُ الصغيـرُ - يكبـرُ عبْـرَ الليالـي مـعـي ولم يبقَ في حَجـمِ ذاك البكـاءِ - مَصَـبٌّ يلـوذُ بــهِ منبـَعـي أنا دمعـةٌ عُمْرُهـا (أربعـونَ) - جحيمـاً مِـنَ الأَلـمَ المُـتْـرَعِ هنا في دمي بَـدَأَتْ (كربـلاءُ) - وتَـمَّتْ إلـى آخِـرِ المصـرَعِ كأنّـكَ يـومَ أردتَ الـخـروجَ - عبرتَ الطريقَ علـى أَضْلُعـي ويومَ انْحَنَىَ بِـكَ متـنُ الجـوادِ - سَقَطْتَ، ولكـنْ علـى أَذْرُعـي! ويـومَ تَوَزَعْـتَ بيـنَ الرِّمـاحِ - جَمَعْتُـكَ فـي قلبـيَ المُـولَـعِ فيـا حـاديـاً دَوَرانَ الإبــاءِ - علـى مِـحـوَرِ العالَـمِ الطيِّـعِ كفـرتُ بكـلِّ الجـذورِ التـي - أصابَتْـكَ رِيـاً ولــم تُـفْـرِعِ أَلَسْـتَ أبـا المنجبيـنَ الأُبــاةِ - إذا انْتَسَـبَ العُـقْـمُ للخُـنَّـعِ؟! وذكراكَ فـي نُطَـفِ الثائريـنَ - تهـزُّ الفحولـةَ فـي المضجَـعِ تُطِلُّ على خاطـري (كربـلاءُ) - فتخـتَصِرُ الكـونَ فـي مَوضِـعِ هنا حينمـا انتفـضَ الأُقحـوانُ - وثـار علـى التُربـةِ البَلـقَـعِ هنا كنتَ أنـتَ تمـطُّ الجهـاتِ - وتنمـو بأبعـادِهـا الأربَــعِ وتحنو على النهرِ، نهرِ الحياةِ - يُحـاصـرُهُ ألــفُ مستَنـقَـعِ وحيـنَ تناثـرَ عِقْـدُ الـرِفـاقِ - فـداءً لـدُرَّتِـهِ الأنـصَــعِ هنا لَـبَّـتِ الريحُ داعي (النفيـرِ) - وحَجَّتْ إلى الجُثَثِ الصُـرَّعِ فَما أَبْصَـرَتْ مبدِعاً كالحسيـنِ - يخـطُّ الحيـاةَ بـلا إصـبـعِ! ولا عاشقـاً كأبـي فـاضـلٍ - يجيـدُ العِـنـاقَ بــلا أَذرُعِ! ولا بطَـلاً مثلـمـا عـابـسٍ - يهـشُّ إذا سـارَ للمَـصـرَعِ! هنـا العبقريَـةُ تلقـي العِـنـانَ - وتهبِـطُ مـن بُرجِهـا الأرفَـعِ وينهارُ قصـرُ الخيـالِ المهيـبُ - علـى حيـرةِ الشاعـرِ المبـدِعِ ذكرتُكَ فانسـابَ جيـدُ الكـلامِ - علـى جهـةِ النـشـوةِ الأروعِ وعاقـرتُ فيـكَ نـداءَ الحيـاةِ - إلـى الآنَ ظمـآنَ لـم ينـقـعِ وما بَرِحَ الصوتُ: «هلْ مِن مُغيث» - يدوّي.. يـدوّي... ولـم يُسْمَـعِ هنا في فمـي نَبَتَـتْ (كربـلاءُ) - وأسنانُهـا الشـمُّ لَــم تُقـلَـعِ وإصبعُـكَ الحـرُّ لَـمّا يَــزَلْ - يـُديـرُ بأهـدافِـهِ إصبـعـي فأحشـو قناديـلَ شِعـري بمـا - تَنَـوَّرَ مـن فَتحِـكَ الأنـصَـعِ وباسمِكَ أستنهـضُ الذكريـاتِ - الحييّاتِ مـن عُزلَـةِ الـمَخْـدَعِ لَعـلَّ البطولـةَ فـي زَهْـوِهـا - بِيَوْمِـكَ، تأتـي بـلا بُـرقُـعِ فأصنـعُ منهـا المعانـي التـي - على غيـرِ كفَّيـكَ لـمْ تُصنَـعِ |
|
|
|