عرض مشاركة واحدة
قديم 08-15-2021, 01:36 AM   #8
المراقبين


الصورة الرمزية شجون الزهراء
شجون الزهراء غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 465
 تاريخ التسجيل :  Mar 2012
 أخر زيارة : 05-19-2024 (03:30 PM)
 المشاركات : 5,025 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي





(المتقارب)

فلو ألفُ أيوب في واحد




على بعض بلواك ما اسطاع صبرا([100])



فهو يصور عظمة موقف العباس عليه السلام وصبره العظيم، وفي تعبير الشاعر مبالغة، وتعبير مجازي يبغي منه التصوير العظيم للصبر البالغ الذي صبره العباس وهذا ما اكده الإمام المعصوم بقوله يصف العباس عليه السلام : ((فَنِعْمَ الصّابِرُ المجاهِدُ المحامِي النّاصِرُ وَالأخُ الدّافِعُ عَنْ اَخيه))([101]).

ومن المعاني الأخرى هي التفاني من أجل الاسلام والإمام الحسين عليه السلام وهذا المعنى نجده في قول الشاعر (احسان محمد شاكر) إذ يقول في قصيدته الموسومة (مرثية للقمر):

(المتقارب)

فأنتَ اصطُنِعتَ لنفس الحسينِ
وقلبُكَ روّضَهُ ذو الجلالِ




على عينِ حيدرَ خَلْقاً وأمرا
لدُنْهُ، فغذّاه عرفاً ونكرا([102])



فقد قال الحق تعالى مخاطباً النبي موسى عليه السلام ﴿وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي﴾([103])، وقال ايضا: ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾([104])، والمراد بـ (خلقا وامرا)، اي ظاهرا وباطنا، جاء في الآية: ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ﴾([105])، اي الظاهر والباطن. والعباس عليه السلام رجل خصه الله وخلقه من اجل كربلاء، وصنعه لنـصرة الاسلام والحق فقد روي ان الامام الحسين عليه السلام قال للعباس عليه السلام عندما سلّ سيفه في حادثة أخيه الحسن عليه السلام قال له يا اخي اغمدن سيفك ليس هذا يومك وانما يومك في كربلاء.

اتجه الشعراء إلى تصوير عظمة الجرم الذي ارتكبه الأعداء وبشاعته ومن ذلك قول الشاعر (سجاد عبد الحميد عدنان):

(الطويل)

جذوعها ستر يأجوج الطغاة وكم




من مارقين على افيائها عكفوا ([106])



﴿قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا ﴾([107])، فقد شبه الشاعر الساتر الذي وضعه الاعداء وتستروا خلفه بهذا السد الذي ورد في النص القرآني وفي ذلك تصوير لموقف الغدر الذي قاموا به، والجبن الذي يتكبد في شخصيتهم.

ويقول الشاعر (خالد الداحي):

(البسيط)

لو جاءه سائل يوم بمسغبة




عيناه قالت قبل الراحتين نعم ([108])



يشعرك النص من اول قراءة بالنص المقدس ﴿أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ﴾([109])، ولا شك ولا ريب ان ابا الفضل العباس عليه السلام هو التجسيد الحي لمبادئ القران الكريم، فهو الذي لا يرد أي سائل يطلب منه والشواهد على ذلك كثير.

وأكد هذا المعنى الشاعر (الشيخ محسن أبو الحب (الكبير)): عندما شبه العباس بالسيد المسيح بقوله من قصيدة في العَلَمِ الذي أهديَ إلى روضة العبّاس ابن أمير المؤمنين عليه السلام :

(البسيط)

كان ابنُ مريمَ يبري كلَّ ذي عَمَهٍ
واليومَ ضاهأه العباسُ منقبةً
أما ترى الرجلَ الأعمى الذي فُتحتْ
مستشفعاً بأبي الفضلِ الكريمِ إلى
فكان للنّاس عيدٌ لا نظيرَ له




ويُخبر الناسَ عما كان مذخورا
مازال سعيُك يا عباسُ مشكورا
عيناه لمّا أتى العباسَ مذعورا
اللهِ الجليلِ فلم يُرجعْه مخسورا
والعيدُ ما عاد فيه المرءُ محبورا([110])



فالشاعر جعل العباس يضاهي السيد المسيح عليه السلام فكما كان السيد المسيح عليه السلام يبره الأكمه كما جاء في قوله تعالى: ﴿وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾([111])، فكما كان يقوم المسيح بهذه الاعمال بالعجزة بقدرة الله، صار العباس عليه السلام يشفي المرضى، ويقضي الحوائج بالكرامة بفضل الله وقدرته.

الخاتمة

وفي نهاية المطاف نود أن نذكر أهم النتائج التي توصل إليها البحث، وهي على النحو الآتي:

القرآنية من المفاهيم الحديثة في الساحة الأدبية، وأهم ما فيها هو المحافظة على قدسية النص القرآني.
إن تضمين الآية القرآنية في مراثي العباس عليه السلام كان بدقة عالية من الشاعر ممتزج تمام الامتزاج، ومحتل موقعه في نسيج البيت الشعري.
كان بناء النص القرآني في مراثي العباس عليه السلام بيّن المعالم وواضح كشف عن استعمال جيد من قبل الشعراء، ومن جانب آخر نجد فصل الآيات القرآنية عن البيت الشعري ليست بالعملية المعقدة بل هي بسيطة جداً لمن يقرأ النص الشعري قراءة نموذجية منتجة، وهذه العملية تسمى بـ(القراءة الاسترجاعية التأولية).
تعددت أنواع القرآنية في مراثي العباس عليه السلام فمنها موافقه للنص في اللفظ والمعنى ومنها مخالفة، وتعدد المقصود منها فبعضها يشير للرمز، والبعض الآخر الاستغاثة، وضرب المثل، وابتكار الصورة، وهذا ما يدل على الإمكانات الفنية الكبيرة للشعراء.
شكلت القرآنية غير المباشرة المحوّرة بنوعيها البسيطة والعميقة النسبة الأقل في مراثي العباس عليه السلام .
لقد وجد الشعراء في بعض القصص والأمثال القرآنية كـ (قصة موسى، وسليمان، ويوسف، ويعقوب عليهم السلام ) وسيلة للتعبير عن بعض الخصائص العباسية كـ (الشجاعة، والإيثار، والصبر والتضحية).
وأخيراً نحمد الله الذي وفقنا لإتمام هذا البحث، ونرجو منه أن يجعله موضع قبول سيدي ومولاي أبي الفضل العباس عليه السلام .
ملحق بتراجم الشعراء الذين استشهد الباحث بنصوصهم في بحثه

إحسان محمّد شاكر: شاعرٌ عراقيٌ ولائي، له (مرثيّة للقمر)، (مرثيّة الوادي المقدس)([112]).
الدكتور أحمد العلياوي: شاعر عراقي وكاتب وإعلامي ولد في الكوفة سنة 1978م.([113]).
السيّد جعفر الحلي: جعفر ابن السيّد أحمد ابن السيّد محمد حسن آل كمال الدين الحسيني الحلي(1277-1315)، شاعرٌ حاضر البديهة، متوقّد الذهن، نشأ في مدينة الحلة، من مؤلفاته: (الجعفريات)، ديوان شعر في رثاء أهل البيت عليهم السلام ، توفي في سنة ١٣١٥، ودفن في النجف الأشرف عند قبر والده([114]).
السيد حسين بحر العلوم: حسين ابن السيد محمد تقي بن حسن بن إبراهيم بحر العلوم الطباطبائي (1347 - 1422 هـ)، أديب فاضل، وشاعر مطبوع، نشأ في النجف الأشرف في ظل أسرة علمية دينية، من مؤلفاته: ديوان شعر - ط -، توفي سنة 1422ه([115]).
خالد الداحي: شاعر عراقي مبدع ولد في ديالى سنة 1944م، يسكن في مركز الخالص في محافظة ديالى ([116]).
رنا محمد الخويلدي: شاعرة عراقية من شاعرات النجف الأشرف([117]).
سجاد بن عبد الحميد بن عدنان الموسوي: شاعر عراقي ولد في محافظة ذي قار في ناحية الفهود سنة 1981م ([118]).
الحاج سعيد الرشافي: سعيد بن عبد الحسن بن محمد بن يوسف بن حسين ابن الشيخ سلمان لعسيلي الرشافي العاملي (1348-1414هـ)، شاعر، ومؤرخ، نشأ في لبنان نشأة أدبية، تتلمذ على أبيه في فنون الشعر، نظم الشعر وهو في العاشرة من عمره، من مؤلفاته: ديوان شعر بعنوان: (ديوان الشاعر الحزين)، (ملحمة الإمامين علي والحسن عليهما السلام )، (أبو طالب كفيل الرسول)، وغيرها، توفي سنة 1414هـ، ودُفن في بلده لبنان([119]).

سيف حسن حسين الذبحاوي: شاعر عراقي ولد في النجف الأشرف في مدينة الكوفة سنة 1982م. ([120])
الشيخ عبد الحسين الحويزي: عبد الحسين بن عمران بن حسين بن يوسف بن أحمد بن دروش بن نصار آل قمر الحويزي الليثي الخياط (1287- 1377هـ)، شاعر شهير، وأديب فاضل، من مؤلفاته: ديوان شعر -ط-، (فريدة البيان في النبيّ والوصيّ)، توفي في كربلاء المقدسة، سنة 1377هـ ونقل إلى النجف ودفن بالصحن العلوي الشـريف. ([121])
الشيخ عبد الواحد المظفر: عبد الواحد بن أحمد بن حسين بن جواد بن حسن بن باقر الشهير بالمظفر(1310- 1395هـ)، عالم، محقق، وباحث، ومؤرخ، وأديب، وشاعر بارع، من مؤلفاته: (بطل العلقمي)، ديوان شعر-خ-، توفي في الدير سنة 1395هـ، ونقل إلى النجف الأشرف ودفن بها.([122])
غني جبار العمار: شاعر عراقي ولد في مدينة الكوت سنة 1953م، له عدة دواوين منهاعلى باب سكر، الوقوف عدوا، تأخرت كثيرا ايها المطر، دموع العمار في مصائب الائمة الأطهار، بانتظار سبأ) ([123]).
فاهم بن هاشم بن محمد العيساوي: شاعر عراقي، ولد في محافظة الديوانية سنة 1966م، له مجموعة شعرية بعنوان (الأشجار لا تحسن الموت) ([124]).
كاظم السهلاني: أبو محمد الشيخ الكاظم بن أبي علي الحسن بن أبي الحسن علي بن سبتي السهلاني الحميري(1258 – 1342هـ)، من أشهر خطباء عصـره، ومن أفصح الذاكرين البلغاء، كان شاعراً فحلاً، من مؤلفاته: ديوان شعر كبير سماه (منتقى الدرر في النبي وآله الغرر) – ط–، أغلبه في أهل البيت عليهم السلام ، توفي في النجف الأشرف عام 1342هـ، ودفن في الصحن العلوي الـشريف([125]).
مجتبى التنان: مجتبى بن عبد المحسن بن علي التنان، شاعر بحريني، ولد في (المنامة) سنة 1983م، له طابعه الأدبي الخاص، تشكل القضايا الإنسانية محورا هاما في نصوصه ([126]).
محمد عبد الرضا الحرزي: أحد شعراء الكويت المعاصرين، شاعرٌ مبدع، يُلقب بشبل الجواهري. ([127]).
السيد مهدي الحلي: مهدي ابن السيد داوود ابن السيد سليمان بن داوود بن حيدر الشرع بن أحمد المزيدي، (1222- 1289هـ)، عالمٌ، وأديبٌ شاعر، ولغويٌ، ومؤرخٌ، له ديوان من جزأين الأول يخص أهل البيت عليهم السلام مدحاً ورثاءً، والثاني شعر المناسبات والأخوانيات، توفي سنة 1289هـ ([128]).
مهدي شاكر محمود النّهيري: شاعر عراقي مقتدر، ولد في مدينة الكوفة سنة 1978م، بدأ في كتابة الشعر سنة 1991م، صدرت له المجموع الشعرية الأولى(هو في حضرة التجلي) والمجموع الشعرية الثانية (مواسم إيغال بخاصرة الأرض) ([129]).


 
 توقيع : شجون الزهراء

اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.


رد مع اقتباس