عرض مشاركة واحدة
قديم 08-15-2021, 01:33 AM   #6
المراقبين


الصورة الرمزية شجون الزهراء
شجون الزهراء غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 465
 تاريخ التسجيل :  Mar 2012
 أخر زيارة : 05-19-2024 (03:30 PM)
 المشاركات : 5,025 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي







ولقد استطاع الشاعر أن يتوافق برؤيته مع قصديّة الآية الكريمة، فكانت هذه القرآنية، متفقة مع النص في المعنى والدلالة، فهي قرآنية غير مباشرة محورية ان صح التعبير.

اما كونه عليه السلام المستغاث والملتجئ الذ ي يستغاث به فمن ذلك قول الشاعر السيّد حسين بحر العلوم في شكوى وجهها إلى العباس عليه السلام بعنوان (يا أبا الفضل): يستغيث به، بعد ان يبين منزلته عند الله:

(الخفيف)

أنتَ أسمى مِنْ أنْ تكونَ بخيلَ
أنتَ لو شئتَ تغمرُ الجَدْ
أنتَ لو شئتَ لم يكن غير ماشِئْـ
وقضاءُ الإلهِ يجري بكفّيْـ
بك جاهٌ عندَ الآلهِ عظيمٌ
إذ شرى اللهُ منكَ نفساً تسامتْ
هيَ نفحٌ من روضةِ الجَنَّاتِ
مسّني الضـرُّ- يا أبا الفضلِ- واليأ
مسّني الضـرُّ يا أبا الفضلِ حتّى
عُدْتُ مِنْ وطأةِ الزمانِ هشيماً
وغدا مجديَ المؤثَّلُ نهشاً




الجاهِ، وَقْرَ الآذان للطلباتِ
بَ وتحيي النفوسَ بعد المماتِ
ـتَ، فيُطوي ماضٍ ويُنشـرُ آتِ
ـكَ نميراً في المحوِ والإثبات
قَدْ تَسَنَّمْتَهُ بأقدسِ ذاتِ
في مراقي الكمالِ والقرباتِ
وهيَ لمحٌ من آيةِ المِشْكاةِ
ـسُ مِنَ الخيرِ عمَّ ستَّ جهاتي
سخرتْ بي معارفي ولداتي
بَعْثَرَتْهُ الرياحُ في الفلواتِ
بينَ فكّي عواذلي وعداتي([65])



الملاحظ على هذا النص هو احتوائه على الكثير من مواطن القرآنية غير المباشرة، وهي بسيطة كونها اشتملت على اشارات واضحة، توحي لنا بالنص القرآني المقدس.

وأول هذه الإشارات العبارة الشعرية (وتحيي النفوسَ بعد المماتِ) والتي تشير في أول وهلة إلى قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾([66])، وهي صفة من صفات الله سبحانه وتعالى.

ومن جانب آخر فقد اوحت لنا بالبر الذي كان يمتلكه شخص العباس عليه السلام والذي ليس فوقه بر اضافة الى غيرها من الصفات كالشجاعة التي تمثلت بامتلاكه مجازا صفة الطوي للماضي والنشر للآت كما في العبارة (فيُطوي ماضٍ ويُنشـرُ آتِ) وهي توحي لنا بقوله تعالى: ﴿ يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ﴾([67]) وهي صفة من صفات الله، وكذلك اعطاء القدرة الإلهية في المحو والاثبات كما في العبارة الشعرية (في المحوِ والإثبات) فهي تشير في اول وهلة الى قوله تعالى: ﴿يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾([68])، ولا شك ان من جعله الله يكتسب هذه الصفات الالهية هو على علاقة وطيدة وتجارية تقوم على البيع والشـراء، وفقط مع الذين اختارهم الله يكونون معه في هذا التجارة، وأبو الفضل من أولئك الذين رقوا الكمال فاختارهم الله واشترى منه نفسه، وهذا واضح بالعبارة الشعرية (إذ شرى اللهُ منكَ نفساً) والتي توحي بالآية القرآنية: ﴿إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾([69])، ولا شك ان النفس التي تكون لمح من آية المشكاة كما عبر الشاعر عن نفس العباس عليه السلام بقوله (وهيَ لمحٌ من آيةِ المِشْكاةِ)، فهي على علاقة كبيرة مع الله، وقول الشاعر يوحي من اول وهلة الى قوله تعالى: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ... ﴾ ([70]) والتي تعني أهل البيت عليهم السلام ([71])، فهو فرع من تلك الشجرة، وهو وسيلة من الوسائل التي أمرنا الله ان نبتغيها إليه بقوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ﴾ ([72])، لذلك نجد الشاعر قد جعل من العباس عليه السلام وسيلة إلى الله بقوله (مسّني الضـرُّ- يا أبا الفضلِ-) وهي توحي بقوله تعالى ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾([73])، فالنبي عليه السلام كونه معصوم تراه يناجي ربه مباشرة اما نحن العاصون فنجعل من أهل البيت عليهم السلام والعباس عليه السلام وسيلة إلى الله سبحانه وتعالى نقدمها امام حاجتنا وطلباتنا عسى الله ان يستجيب ويتقبل لنا بحقهم.

وقد اتخذ الشعراء من قصة السيدة مريم صورة للتعبير عن بعض الصفات المتجسدة بشخص العباس كالجود والكرم والعطاء، وكونه المستغاث والملجئ في الشدائد، مصورين ذلك من خلال النصوص القرآنية التي تحدثت عن السيدة مريم عليها السلام ، ومن ذلك قول الشاعر (مجتبى التنان) في قصيدته: (عناقٌ في السماء الثامنة):

(الكامل)

وكانّ رايتك الأبية نخلة
من الف عام والعراق محبة
ولانت من منح المحبة قلعة




هزت بها كف العراق ومريم
في الروح يبذرها الفؤاد المغرم
مهما طغى الارهاب لا تتهدم ([74])



جعل الشاعر من لفظ (النخلة، ومريم) جـسراً للوصول إلى النص القرآني المقدس، ليلفت المتلقي بشكل سريع وبسيط من غير عناء من خلال الدلائل الإشارية.


 
 توقيع : شجون الزهراء

اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.


رد مع اقتباس