.::||[ آخر المشاركات ]||::.
المهدوية في آخر الزمان‏ [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 24 ]       »     وانفصمتْ والله العروةُ الوُثقى... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 24 ]       »     21 رمضان .. ذكرى أليمة استشها... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 20 ]       »     نتقال الامام الى روضة الخلد وا... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 21 ]       »     مجلس شهادة أمير المؤمنين الإما... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 24 ]       »     الامام علي ابو الأيتام [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 22 ]       »     عقيلة الطالبيين مدرسة لنسائنا ... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 23 ]       »     كيف نكون قريبين من الإمام المه... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 19 ]       »     الإمام علي قدر هذه الأمة وقدره... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 23 ]       »     ما سَرُ تَعلق اليَتامى بالإمام... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 22 ]       »    



 
 عدد الضغطات  : 14554
 
 عدد الضغطات  : 5124


الإهداءات



إضافة رد
#1  
قديم 10-25-2015, 11:09 PM
عضو مميز
الشيخ عباس محمد غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 762
 تاريخ التسجيل : May 2015
 فترة الأقامة : 3244 يوم
 أخر زيارة : 08-15-2017 (06:01 PM)
 المشاركات : 475 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي بحث حول الدعاء 2



الله عز وجل عشر مرات إلا استجاب الله لهم، فإن لم يكونوا أربعة فواحد يدعو الله أربعين مرة، فيستجيب الله العزيز الجبار له) (1). وقال (عليه السلام): (ما اجتمع أربعة رهط قط على أمر واحد، فدعو الله عز وجل، إلا تفرقوا عن إجابة) (2).
7 - التأمين على الدعاء: وهو من الأسباب المؤدية لاستجابة الدعاء، وفيه فضل كبير وثواب جزيل للمؤمن والداعي على السواء، ويستحب أن يكون في حال اجتماع المؤمنين للدعاء. قال الإمام الصادق (عليه السلام): (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): دعا موسى، وأمن هارون، وأمنت الملائكة، فقال الله تبارك وتعالى: *(قد أجيبت دعوتكما)*) (3). وقال (عليه السلام): (الداعي والمؤمن في الأجر شريكان) (4). وروي أن الإمام الصادق (عليه السلام) كان إذا حزبه أمر (5) جمع النساء والصبيان، ثم دعا فأمنوا (6).
(هامش)
(1) الكافي 2: 353 / 1. (2) الكافي 2: 353 / 2. (3) الكافي 2: 370 / 8. والآية من سورة يونس: 10 / 89. (4) الكافي 2: 353 / 4. (5) حزبه الأمر: دهاه وأعياه علاجه. (6) بحار الأنوار 93: 394 / 6. (*)
8 - قراءة القرآن: روي عن أبي الحسن (عليه السلام) أنه قال: (إذا خفت أمرا، فاقرأ مائة آية من القرآن من حيث شئت، ثم قل: اللهم اكشف عني البلاء، ثلاث مرات (1)). أسباب تأخر الإجابة: قد يقال: إننا نرى كثيرا من الناس يدعون الله تعالى فلا يستجاب لهم، وقد ورد في الحديث أيضا ما يدل على تأخر الإجابة لعشرين أو أربعين عاما. فعن إسحاق بن عمار، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): يستجاب للرجل الدعاء ثم يؤخر؟ قال: (نعم، عشرين سنة) (2). وعنه (عليه السلام): (كان بين قول الله عز وجل: *(قد أجيبت دعوتكما)* وبين أخذ فرعون أربعين عاما) (3). فهل يتنافى ذلك مع ما جاء في محكم الكتاب الكريم: *(أجيب دعوة الداع إذا دعان)*(4) وقوله سبحانه: *(ادعوني أستجب لكم)*(5)، وما جاء على لسان الصادق الأمين (صلى الله عليه وآله وسلم): (ما فتح لأحد باب دعاء، إلا فتح الله له
(هامش)
(1) بحار الأنوار 93: 176 / 1. (2) الكافي 2: 355 / 4. (3) الكافي 2: 355 / 5. والآية من سورة يونس: 10 / 89. (4) سورة البقرة: 2 / 186 (5) سورة غافر: 40 / 60. (*)
ص 77
فيه باب إجابته) (1)؟ نقول: إن الدعاء من أقوى الأسباب في تحقيق المطلوب ودفع المكروه، ولكنه قد يكون ضعيفا في نفسه بأن يكون دعاء لا يحبه الله لكونه مخالفا لسنن التكوين والتشريع، أو لأن الداعي لم يراع شروط الدعاء ولم يتقيد بآدابه، أو لوجود الموانع التي تحجب الدعاء عن الصعود: كأكل الحرام، ورين الذنوب على القلوب، واستيلاء الشهوة والهوى وحب الدنيا على النفس. فإذا قيل بعدم الاخلال في جميع ذلك، فيمكن حصر الأسباب المؤدية إلى تأخر الإجابة بما يلي:
1 - إن الداعي قد يرى في دعائه صلاحا ظاهرا، فيلح بالدعاء والمسألة، ولكن لو استجيب له، فإن الاستجابة قد تنطوي على مفسدة له أو لغيره لا يعلمها إلا الله تعالى، قال تعالى: *(وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون)*(2). وفي زبور داود (عليه السلام): يقول الله تعالى: (يا بن آدم، تسألني فأمنعك، لعلمي بما ينفعك) (3). وعليه فإن إجابة الدعاء إن كانت مصلحة والمصلحة في تعجيلها، فإنه تعالى يعجلها، وإن اقتضت المصلحة تأخيرها إلى وقت معين أجلت، ويحصل للداعي الأجر والثواب لصبره في هذه المدة.
(هامش)
(1) أمالي الطوسي 1: 5. (2) سورة البقرة: 2 / 216. (3) بحار الأنوار 73: 365 / 98. (*)
ص 78
وإذا لم يترتب على الإجابة غير الشر والفساد، فإنه تعالى لا يستجيب الدعاء لسبق رحمته وجزيل نعمته، ولأنه تعالى لا يفعل خلاف مقتضى الحكمة والمصلحة: *(ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم)*(1) وفي هذه الحالة يثاب المؤمن على دعائه إما عاجلا بدفع السوء عنه، وإعطائه السكينة في نفسه، والانشراح في صدره، والصبر الذي يسهل معه احتمال البلاء الحاضر، أو آجلا في الآخرة كما يثاب على سائر الطاعات والصالحات من أعماله، وذلك أعظم درجة عند الله تعالى، لأن عطاء الآخرة دائم لا نفاد له، وعطاء الدنيا منقطع إلى نفاد. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (ما من مؤمن دعا الله سبحانه دعوة، ليس فيها قطيعة رحم ولا إثم، إلا أعطاه الله بها أحد خصال ثلاث: إما أن يعجل دعوته، وإما أن يدخر له، وإما أن يدفع عنه من السوء مثلها. قالوا: يا رسول الله، إذن نكثر؟ قال: اكثروا) (2). وعن أبي جعفر (عليه السلام)، أنه قال: (والله ما أخر الله عز وجل عن المؤمنين ما يطلبون من هذه الدنيا خير لهم مما عجل لهم فيها، وأي شيء الدنيا! (3)). وورد في دعاء الافتتاح: (وأسألك مستأنسا لا خائفا ولا وجلا مدلا عليك فيما قصدت فيه إليك، فإن أبطأ عني عتبت بجهلي عليك، ولعل
(هامش)
(1) سورة يونس: 10 / 11. (2) وسائل الشيعة 7: 27 / 8. (3) الكافي 2: 354 / 1. وقرب الإسناد: 171. (*)
ص 79
الذي أبطأ عني هو خير لي لعلمك بعاقبة الأمور) (1).
2 - وقد تؤخر الإجابة عن العبد المؤمن لزيادة صلاحه وعظم منزلته عند الله عز وجل، فتؤخر إجابته لمحبة سماع صوته والاكثار من دعائه، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (إن الله ليتعهد عبده المؤمن بأنواع البلاء، كما يتعهد أهل البيت سيدهم بطرف الطعام، قال الله تعالى: وعزتي وجلالي وعظمتي وبهائي إني لأحمي وليي أن أعطيه في دار الدنيا شيئا يشغله عن ذكري حتى يدعوني فأسمع صوته، وإني لأعطي الكافر منيته حتى لا يدعوني فأسمع صوته بغضا له ) (2). وعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (إن المؤمن ليدعو الله عز وجل في حاجته، فيقول الله عز وجل: أخروا إجابته شوقا إلى صوته ودعائه، فإذا كان يوم القيامة قال الله عز وجل: عبدي، دعوتني فأخرت إجابتك، وثوابك كذا وكذا، ودعوتني في كذا وكذا فأخرت إجابتك وثوابك كذا وكذا، قال: فيتمنى المؤمن أنه لم يستجب له دعوة في الدنيا مما يرى من حسن الثواب) (3). وقال الإمام الرضا (عليه السلام): (إن الله يؤخر إجابة المؤمن شوقا إلى دعائه، ويقول: صوت أحب أن أسمعه...) (4). ومما تقدم يتبين أن الدعاء مستجاب إذا أخلص الداعي في إتيان أدبه
(هامش)
(1) مصباح المتهجد: 578. (2) بحار الأنوار 93: 371 / 10. (3) الكافي 2: 356 / 9. (4) بحار الأنوار 93: 370 / 7. (*)
ص 80
وشرطه، وتوجه بقلبه إلى الله تعالى منقطعا عن جميع الأسباب، والاستجابة إما عاجلة في دار الدنيا، أو آجلة في الآخرة، وإذا تأخرت الاستجابة فلمصالح لا يعلمها إلا عالم السر وأخفى، وتأخيرها يصب في صالح الداعي، فعليه أن لا يقنط من رحمة ربه، ولا يستبطئ الإجابة فيمل الدعاء. دعوات مستجابة: فيما يلي بعض الدعوات التي أكدت النصوص الإسلامية على استجابتها وتأثيرها في استجابة الدعاء:
أولا: الدعاء للمؤمنين: ويعتبر من أهم مطالب الدعاء، وذلك لأنه يعكس إيثار المؤمن وإخلاصه وعمق ارتباطه بإخوته المؤمنين على امتداد الزمان والمكان، وهو على نوعين:
1 - دعاء عام يشمل جميع المؤمنين الحاضرين منهم أو الذين سبقوا بالإيمان، وهو من أهم أنواع الدعاء، لأنه دعاء يحبه الله تعالى ويستجيب لصاحبه، لذلك وردت الروايات الكثيرة التي تشيد بفضله وعمق آثاره على الداعي والمدعو له. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (ما من مؤمن أو مؤمنة مضى من أول الدهر أو هو آت إلى يوم القيامة إلا وهم شفعاء لمن يقول في دعائه: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، وإن العبد ليؤمر به إلى النار يوم القيامة فيسحب، فيقول المؤمنون والمؤمنات: يا ربنا، هذا الذين كان يدعو لنا فشفعنا فيه،
ص 81
فيشفعهم الله فينجو) (1). وقال الإمام الصادق (عليه السلام): (من قال كل يوم خمسا وعشرين مرة: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، كتب الله له بعدد كل مؤمن مضى، وبعدد كل مؤمن بقي إلى يقوم القيامة حسنة، ومحا عنه سيئة، ورفع له درجة) (2). وقال الإمام الرضا (عليه السلام): (ما من مؤمن يدعو للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات إلا كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة منذ بعث الله آدم (عليه السلام) إلى أن تقوم الساعة) (3).
2 - دعاء خاص للأخ المؤمن بظهر الغيب أو لأربعين مؤمنا، وينبغي أن يكون الداعي لأخيه بظهر الغيب محبا له بباطنه، ومخلصا له في دعائه، متمنيا أن يرزقه الله تعالى بفضل دعائه، فإذا كان كذلك فإن الله تعالى يستجيب له فيه ويعوضه أضعافه، لأن حب المؤمن حسنة على انفراده، وإرادة الخير له حسنة أخرى، فيكون الدعاء له مشتملا على ثلاث حسنات: المحبة، وإرادة الخير، والدعاء. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (ليس شيء أسرع إجابة من دعوة غائب لغائب) (4). وروي عن الإمام أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، في قوله تعالى: *(ويستجيب
(هامش)
(1) بحار الأنوار 93: 385 / 10. (2) بحار الأنوار 93: 384 / 5. (3) ثواب الأعمال: 161. (4) الكافي 2: 370 / 7. (*)


يتبع




رد مع اقتباس
قديم 10-25-2015, 11:10 PM   #2
عضو مميز


الصورة الرمزية الشيخ عباس محمد
الشيخ عباس محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 762
 تاريخ التسجيل :  May 2015
 أخر زيارة : 08-15-2017 (06:01 PM)
 المشاركات : 475 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله)*(1)، قال (عليه السلام): (هو المؤمن يدعو لأخيه بظهر الغيب، فيقول له الملك: آمين، ويقول الله العزيز الجبار: ولك مثلا ما سألت، وقد أعطيت ما سألت بحبك إياه) (2) وعنه (عليه السلام) قال: (أوشك دعوة وأسرع إجابة، دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب) (3). وعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (الدعاء لأخيك بظهر الغيب يسوق إلى الداعي الرزق، ويصرف عنه البلاء، ويقول الملك: ولك مثل ذلك (4)). وروي أن الله سبحانه وتعالى أوحى إلى موسى (عليه السلام): (يا موسى، ادعني على لسان لم تعصني به. فقال (عليه السلام): أنى لي بذلك؟ فقال: ادعني على لسان غيرك) (5). ويدخل في إطار الدعاء الخاص الدعاء لأربعين من المؤمنين قبل أن يدعو المؤمن لنفسه، وهو من الأدعية المستجابة أيضا. قال الإمام الصادق (عليه السلام): (من قدم في دعائه أربعين من المؤمنين، ثم دعا لنفسه، استجيب له) (6). وقال (عليه السلام): (من قدم أربعين رجلا من إخوانه قبل أن يدعو لنفسه
(هامش)
(1) سورة الشورى: 42 / 26. (2) الكافي 2: 368 / 3. (3) الكافي 2: 367 / 1. (4) أمالي الطوسي 2: 290. (5) عدة الداعي: 183. وبحار الأنوار 93: 390. (6) أمالي الصدوق: 369 / 4. (*)
ص 83
استجيب له فيهم وفي نفسه) (1). ويتأكد هذا الدعاء بعد الفراغ من صلاة الليل بأن يقول وهو ساجد: (اللهم رب الفجر، والليالي العشر، والشفع والوتر، والليل إذا يسر، ورب كل شيء، وإله كل شيء، ومليك كل شيء، صل على محمد وآله، وافعل بي وبفلان وبفلان... ما أنت أهله، ولا تفعل بنا ما نحن أهله، يا أهل التقوى وأهل المغفرة) (2). إيثار المؤمنين بالدعاء: عن الإمام الحسن بن علي (عليهما السلام)، قال: (رأيت أمي فاطمة (عليها السلام) قامت في محرابها ليلة جمعتها، فلم تزل راكعة ساجدة حتى اتضح عموم الصبح، وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسميهم، وتكثر الدعاء لهم، ولا تدعو لنفسها بشيء، فقلت لها: يا أماه، لم لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك؟ فقالت: يا بني، الجار ثم الدار) (3). وروي عن ابن ناتانه، عن علي، عن أبيه، قال: رأيت عبد الله بن جندب بالموقف، فلم أر موقفا أحسن من موقفه، ما زال مادا يديه إلى السماء، ودموعه تسيل على خديه حتى تبلغ الأرض، فلما صدر الناس قلت له: يا أبا محمد، ما رأيت موقفا أحسن من موقفك. قال: والله ما دعوت إلا لإخواني، وذلك أن أبا الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) أخبرني أنه من دعا لأخيه بظهر الغيب نودي من العرش: ولك
(هامش)
(1) أمالي الطوسي 2: 38. وأمالي الصدوق: 310 / 8. (2) عدة الداعي: 182. (3) علل الشرائع: 181 / 1. (*)
ص 84
مائة ألف ضعف، فكرهت أن أدع مائة ألف ضعف مضمونة لواحدة لا أدري تستجاب أم لا (1). وعن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، قال: كان عيسى بن أعين إذا حج فصار إلى الموقف، أقبل على الدعاء لإخوانه حتى يفيض الناس، فقيل له: تنفق مالك وتتعب بدنك حتى إذا صرت إلى الموضع الذي تبث فيه الحوائج إلى الله، أقبلت على الدعاء لإخوانك، وتترك نفسك؟ فقال: إني على يقين من دعاء الملك لي، وفي شك من الدعاء لنفسي (2).
ثانيا: ومن الدعوات التي أكدت النصوص الإسلامية على استجابتها:
1 - دعاء الوالد الصالح لوده إذا بره، ودعاؤه عليه إذا عقه. 2 - دعاء الولد الصالح لوالده. 3 - دعاء المظلوم الذي لا يجد ناصرا إلا الله على من ظلمه، ودعاؤه لمن انتصر له. 4 - دعاء الإمام العادل لرعيته. 5 - دعاء المريض لعائده. 6 - دعاء الغازي في سبيل الله. 7 - دعاء الحاج أو المعتمر حتى يرجع. 8 - دعاء الصائم حتى يفطر.
(هامش)
(1) بحار الأنوار 93: 384 / 8. (2) بحار الأنوار 93: 391 / 25. (*)
ص 85
9 - دعاء الأطفال ما لم يقارفوا الذنوب. وفيما يلي نورد النصوص الدالة على استجابة هذه الدعوات: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (أربعة لا ترد لهم دعوة حتى تفتح لهم أبواب السماء أو تصير إلى العرش: الوالد لولده، والمظلوم على من ظلمه، والمعتمر حتى يرجع، والصائم حتى يفطر) (1). وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): (إياكم ودعوة المظلوم، فإنها ترفع فوق السحاب حتى ينظر الله عز وجل إليها فيقول: ارفعوها حتى استجيب له، وإياكم ودعوة الوالد فإنها أحد من السيف) (2). وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): (دعاء أطفال أمتي مستجاب ما لم يقارفوا الذنوب) (3). وقال الإمام أبو جعفر الباقر (عليه السلام): (خمس دعوات لا يحجبن عن الرب تبارك وتعالى: دعوة الإمام المقسط، ودعوة المظلوم، يقول الله عز وجل: لانتقمن لك ولو بعد حين، ودعوة الولد الصالح لوالديه، ودعوة الوالد الصالح لولده، ودعوة المؤمن لأخيه بظهر الغيب، فيقول: ولك مثله (4)). وقال (عليه السلام): (اتقوا الظلم، فإن دعوة المظلوم تصعد إلى السماء) (5). وقال (عليه السلام): (ثلاث دعوات لا يحجبن عن الله: دعاء الوالد لولده إذا بره،
(هامش)
(1) الكافي 2: 370 / 6. والفقيه 2: 146 / 644. (2) الكافي 2: 369 / 3. (3) بحار الأنوار 93: 357 / 14. (4) الكافي 2: 369 / 2. (5) الكافي 2: 369 / 4. (*)
ص 86
ودعوته عليه إذا عقه، ودعاء المظلوم على من ظلمه، ودعاؤه لمن انتصر له منه) (1). وقال (عليه السلام): (ثلاثة دعوتهم مستجابة: الحاج فانظروا كيف تخلفونه، والغازي في سبيل الله فانظروا كيف تخلفونه، والمريض فلا تغيظوه ولا تضجروه) (2). دعوات لا تستجاب: من الدعوات التي أكدت النصوص الإسلامية على أنها لا تستجاب:
1 - الداعي الذي يطلب تغيير حالة ناتجة عن ارتكابه إثما، أو تقصيرا في واجب. ومثل هذا الداعي لا يمكن أن يترتب أثر على دعائه حتى يتوب مما ارتكب أو يزيل أسباب حصول تلك الحالة وعللها. مثال ذلك المظلوم الذي يدعو لإزالة مظلمته وهو متحمل لمظالم العباد وتبعات المخلوقين، فهذا هو الذي يدعو لتغيير الحالة الناتجة عن ارتكابه إثما. قال الإمام الصادق (عليه السلام): (قال الله عز وجل: وعزتي وجلالي لا أجيب دعوة مظلوم دعاني في مظلمة ظلمها، ولأحد عنده مثل تلك المظلمة (3)). وعنه (عليه السلام) أنه قال: (إذا ظلم الرجل فظل يدعو على صاحبه، قال الله
(هامش)
(1) أمالي الطوسي 1: 286. (2) الكافي 2: 369 / 1. (3) وسائل الشيعة 7: 146 / 1. (*)
ص 87
عز وجل: إن هاهنا آخر يدعو عليك، يزعم أنك ظلمته، فإن شئت أجبتك، وأجبت عليك، وإن شئت أخرتكما فيوسعكما عفوي) (1). ومثال طلب تغيير الحالة الناتجة عن التقصير في واجب، التواكل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ذلك لأنهما واجبان وجوبا كفائيا لقوله تعالى: *(ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)*(2) وإن صلاح المجتمع وفساده منوطان بالقيام بهذين


يتبع


 

رد مع اقتباس
قديم 10-25-2015, 11:11 PM   #3
عضو مميز


الصورة الرمزية الشيخ عباس محمد
الشيخ عباس محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 762
 تاريخ التسجيل :  May 2015
 أخر زيارة : 08-15-2017 (06:01 PM)
 المشاركات : 475 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



الفرضين أو عدمه، فلو تواكل العباد فيهما وتركوهما، فستتاح الفرصة للأشرار والظلمة كي يتسلطوا على مقدرات الناس، وينزوا على مقاليد الحكم، وعليه فقد تجد أمة كاملة تدعو على ظالم واحد فلا يستجاب لها، إلا أن يتوبوا عما بدر منهم ويطيعوا الله فيما فرضه عليهم *(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)*(3). قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (لا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولى عليكم شراركم، ثم تدعون فلا يستجاب لكم) (4). وقال الإمام الصادق (عليه السلام): (من عذر ظالما بظلمه، سلط الله عليه من يظلمه، وإن دعا لم يستجب له، ولم يأجره الله على ظلامته) (5).
(هامش)
(1) أمالي الصدوق: 261 / 3. (2) سورة آل عمران: 3 / 104. (3) سورة الرعد: 13 / 11. (4) نهج البلاغة، الرسالة (47). (5) بحار الأنوار 93: 319 / 26. (*)
ص 88
2 - الدعاء على خلاف سنن التكوين والتشريع: على الداعي أن يفهم سنن الله تعالى التكوينية والتشريعية، وأن يدعو ضمن دائرة هذه السنن، فليس من مهمة الدعاء أن يتجاوز هذه السنن التي تمثل إرادة الخالق التكوينية ورحمته ولطفه، قال تعالى: *(فهل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا)*(1). روى الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام): (أن زيد بن صوحان قال لأمير المؤمنين (عليه السلام): أي دعوة أضل؟ قال (عليه السلام): الداعي بما لا يكون (2)). أي لا يقع ضمن دائرة سنن التكوين. إن الدعاء طلب المقدرة والعون للوصول إلى أهداف مشروعة أقرتها الخليقة والتكوين أو الشرائع الإلهية للإنسان، وهو بهذه الصورة حاجة طبيعية لا يبخل الباري تعالى بلطفه ورحمته على الداعي بالعون حيثما وجدت الحاجة لذلك، وحيثما كان الداعي مراعيا للشروط والآداب، أما أن يطلب أشياء تخالف أهداف التكوين والتشريع فإن دعاءه لا يستجاب كمن يسأل الله تعالى إحياء الموتى، أو الخلود في دار الدنيا، أو غفران ذنوب الكفار، أو يدعو على أخيه المؤمن، أو في قطيعة رحم، أو يطلب شيئا محرما، وغير ذلك من الدعوات التي لا تكون مصداقا حقيقيا للدعاء. قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (يا صاحب الدعاء، لا تسأل ما لا يحل
(هامش)
(1) سورة فاطر: 35 / 43. (2) الفقيه 4: 274 / 729. أمالي الصدوق: 322 / 4. (*)
ص 89
ولا يكون) (1) وما لا يحل يعد خروجا عن سنن التشريع الإلهية، وما لا يكون يعد خروجا عن سنن التكوين. وقال (عليه السلام): (من سأل فوق قدره استحق الحرمان) (2) أي إذا تجاوز الحد في دعائه بحيث لا يكون طلبه واقعيا، كأن يسأل الخلود في دار الدنيا. وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (إن أصنافا من أمتي لا يستجاب لهم... ورجل يدعو في قطيعة رحم) (3)، ذلك لأن هذا الدعاء على خلاف سنن التشريع القاضية بصلة الرحم. وروي عن شعيب، عن 0 الإمام الصادق (عليه السلام) - في حديث - أنه قال له: أدع الله أن يغنيني عن خلقه. فقال (عليه السلام): (إن الله قسم رزق من شاء على يدي من شاء، ولكن سل الله أن يغنيك عن الحاجة التي تضطرك إلى لئام خلقه) (4). وذلك لأن حاجة الناس بعضهم إلى بعض في أمور دينهم ودنياهم من سنن الله تعالى في الخلق، فلا يجوز أن يدعو الإنسان ربه كي يغنيه عن الناس، لأنه دعاء على خلاف سنة الله تعالى وإرادته الحكيمة. ومن الأدعية المخالفة لسنن التشريع، دعاء المرء على نفسه في حالة الضجر، قال تعالى: *(ويدع الإنسان دعاءه بالخير وكان الإنسان
(هامش)
(1) الخصال: 365 حديث الأربعمائة. (2) عدة الداعي: 152. (3) وسائل الشيعة 17: 27 / 6. (4) الكافي 2: 205 / 1. (*)
ص 90



يتبع


 

رد مع اقتباس
قديم 10-25-2015, 11:11 PM   #4
عضو مميز


الصورة الرمزية الشيخ عباس محمد
الشيخ عباس محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 762
 تاريخ التسجيل :  May 2015
 أخر زيارة : 08-15-2017 (06:01 PM)
 المشاركات : 475 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



عجولا)*(1). قال ابن عباس وغيره: إن الإنسان ربما يدعو في حال الضجر والغضب على نفسه وأهله وماله بما لا يحب أن يستجاب له فيه، كما يدعو لنفسه بالخير، فلو أجاب الله دعاءه لأهلكه، لكنه لا يجيب بفضله ورحمته (2). ولا يتوقف الأمر عند حدود الأمثلة التي ذكرناها أو التي ذكرتها الروايات، بل يشمل جميع الدعوات المخالفة لسنن الله تعالى في الكون والطبيعة والمجتمع والتاريخ.
3 - الدعاء بلا عمل: الدعاء من مفاتيح الرحمة الإلهية التي جعلها الباري تعالى بأيدينا لنستفتح بها خزائن لطفه ورحمته، ونطلب بها مغفرته وفضله، قال الإمام الصادق (عليه السلام): (... فأكثر من الدعاء، فإنه مفتاح كل رحمة، ونجاح كل حاجة، ولا ينال ما عند الله عز وجل إلا بالدعاء) (3). والعمل يقترن مع الدعاء في كونه أحد مفاتيح الرحمة الإلهية الواسعة، قال تعالى: *(فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره)*(4). وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (إن لله عبادا يعملون فيعطيهم، وآخرين يسألونه صادقين فيعطيهم، ثم يجمعهم في الجنة، فيقول الذين عملوا: ربنا عملنا فأعطيتنا، ففيما أعطيت هؤلاء؟ فيقول: هؤلاء عبادي، أعطيتكم
(هامش)
(1) سورة الإسراء: 17 / 11. (2) مجمع البيان 6: 618. (3) الكافي 2: 341 / 7. (4) سورة الزلزلة: 99 / 7. (*)
ص 91
أجوركم، ولم ألتكم من أعمالكم شيئا، وسألني هؤلاء فأعطيتهم وأغنيتهم، وهو فضلي أوتيه من أشاء) (1). وعلى الرغم من حالة الاقتران بين الدعاء والعمل، إلا أن الدعاء لا يغني عن العمل، ولا يصح الاكتفاء بالدعاء عن السعي والمثابرة والجد، الدعاء مظهر من مظاهر الحاجة الحقة، وإنما يدعو الإنسان عندما لا يكون مطلوبه ميسورا له أو في متناول يده، أو يكون عاجزا ضعيفا لا يمتلك القدرة على تحصيله، أما إذا خوله الله تعالى مفتاح الحاجة فتكاسل عن استعماله، والتجأ إلى الدعاء دون جد واجتهاد، فإن دعاءه لا يستجاب، مثال ذلك المذنب الذي يستغفر الله تعالى ويدعوه التوبة، ولكنه لا يثابر في تغيير ما في نفسه وتهذيبها باقتلاع عناصر الشر والفساد. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في وصيته لأبي ذر (رضي الله عنه): (يا أبا ذر، مثل الذي يدعو بغير عمل كمثل الذي يرمي بغير وتر) (2). وقال الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام): (الداعي بلا عمل، كالرامي بلا وتر) (3). ولذلك ورد عن أئمة الهدى (عليهم السلام) كثير من الأحاديث التي تخبرنا عن أصناف من الناس لا تستجاب لهم دعوة، لأنهم استغنوا بالدعاء عن السعي والجد والمثابرة.
(هامش)
(1) عدة الداعي: 42. (2) أمالي الطوسي 2: 147. (3) نهج البلاغة، الحكمة (337). (*)
ص 92
قال الإمام الصادق (عليه السلام): (أربعة لا تستجاب لهم دعوة: رجل جالس في بيته يقول: اللهم ارزقني، فيقال له: ألم آمرك بالطلب؟ ورجل كانت له امرأة فدعا عليها، فيقال له: ألم أجعل أمرها إليك، ورجل كان له مال فأفسده، فيقول: اللهم ارزقني، فيقال له: ألم آمرك بالاقتصاد؟ ألم آمرك بالاصلاح؟ ثم تلا قوله تعالى: *(والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما)* ورجل كان له مال فأدانه بغير بينة، فيقال له: ألم آمرك بالشهادة؟) (1). وعن عمر بن يزيد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): رجل قال: لأقعدن في بيتي، ولأصلين ولأصومن، ولأعبدن ربي، فأما رزقي فسيأتيني، فقال (عليه السلام): (هذا أحد الثلاثة الذين لا يستجاب لهم) (2). ويضيف الإمام الصادق (عليه السلام) صنفا آخر ممن اتكل على الدعاء تاركا الجد والسعي، وهو الذي يدعو على جاره وقد جعل الله عز وجل له السبيل في الخلاص، يقول (عليه السلام) في حديث الثلاثة الذين لا تستجاب لهم دعوة: (ورجل يدعو على جاره وقد جعل الله عز وجل له السبيل إلى أن يتحول عن جواره ويبيع داره) (3). وهذا الأمر عام لا يقتصر على الأمثلة المذكورة في الأحاديث وحسب، وإنما هي أمثلة لجميع الأحوال التي يكون الإنسان فيها قادرا على حل مشكلته بالعمل والتدبر، ولكنه يتكاسل عن ذلك فيقيم الدعاء
(هامش)
(1) الكافي 2: 370 / 2. (2) مستطرفات السرائر: 139 / 11. (3) الكافي 2: 370 / 1. والفقيه 2: 39 / 173. والخصال: 160 / 208. (*)
ص 93
مقام العمل. والحق أن الدعاء مكمل للعمل ومتمم له، فإذا كان الله تعالى قد حبانا القدرة لتحقيق المطلوب، وهدانا إلى السبيل المؤدي إلى ما نصبو إليه، فلا بد من السعي المقترن بالدعاء، لتكون عاقبة السعي أكثر ثوابا وأجزل أجرا. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (يدخل الجنة رجلان، كانا يعملان عملا واحدا، فيرى أحدهما صاحبه فوقه، فيقول: يا رب بما أعطيته وكان عملنا واحدا؟ فيقول الله تبارك وتعالى: سألني ولم تسألني، ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلم): اسألوا الله وأجزلوا، فإنه لا يتعاظمه شيء) (1).
(هامش)
(1) عدة الداعي: 42. (*)
ص 95
الفصل الرابع :
آثار الدعاء


لقد اهتم الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) بالدعاء اهتماما بالغا، ذلك لما يترتب عليه من آثار تعود لصالح الداعي في الدنيا والآخرة، فهو من أنجع الوسائل وأعمقها في تهذيب النفوس، وهو مفتاح الرحمة ونجاح الحاجة، وهو شفاء من كل داء، وبه يرد القضاء ويدفع البلاء، ولا يدرك ما عند الله تعالى إلا بالدعاء والابتهال. وقد حفلت كتب الدعاء الكثيرة بتراث غزير من أدعية أهل البيت (عليهم السلام)، التي تعتبر صفحة مشرقة من صفحات التراث الإنساني، وذخيرة فذة من ذخائر المسلمين، فهي من حيث الصياغة والبلاغة آية من آيات الأدب الرفيع، ومن حيث المضمون فقد أودع الأئمة (عليهم السلام) في أدعيتهم خلاصة المعارف الدينية، وهي من أرقى المناهل في الإلهيات والأخلاق، وهي وسيلة لنشر تعاليم القرآن وآداب الإسلام وبيان أدق أسرار التوحيد والنبوة والمعاد وغيرها من المضامين التي يترتب عليها آثار واضحة في تعليم الناس روحية الدين والزهد والأخلاق. وفيما يلي نبين بعض الآثار المترتبة على الدعاء في الدنيا والآخرة:
ص 96
أولا: الآثار العاجلة:
وهي الآثار التي تعود لصالح الداعي في دار الدنيا، ويمكن حصرها بما يلي:
1 - الدعاء مفتاح الحاجات: الدعاء باب مفتوح للعبد إلى ربه سبحانه، يطلب من خلاله كل ما يحتاجه في الدنيا من زيادة الأعمار وصحة الأبدان وسعة الأرزاق والخلاص من البلاء والغم، وذلك من أبرز القيم الرفيعة عند الأنبياء والأوصياء والصالحين، ومن أهم السنن المأثورة عنهم. فقد كان خليل الرحمن إبراهيم (عليه السلام) معروفا بالدعاء والمناجاة، وقد روي عن الإمام الباقر (عليه السلام) في قول تعالى: *(إن إبراهيم لأواه حليم)*(1) أنه قال (عليه السلام): (الأواه هو الدعاء) (2). ومما جاء في الكتاب الكريم من دعاء الأنبياء، قال تعالى: *(وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين * فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين)*(3). وقال تعالى: *(وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين * فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين)*(4).
(هامش)
(1) سورة التوبة: 9 / 114. (2) الكافي 2: 338 / 1. (3) سورة الأنبياء: 21 / 83 - 84. (4) سورة الأنبياء: 21 / 89 - 90. (*)

يتبع


 

رد مع اقتباس
قديم 10-25-2015, 11:12 PM   #5
عضو مميز


الصورة الرمزية الشيخ عباس محمد
الشيخ عباس محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 762
 تاريخ التسجيل :  May 2015
 أخر زيارة : 08-15-2017 (06:01 PM)
 المشاركات : 475 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



وجاء في وصية أمير المؤمنين (عليه السلام) لابنه الإمام الحسن (عليه السلام): (واعلم أن الذي بيده خزائن السماوات والأرض، قد أذن لك في الدعاء، وتكفل لك بالإجابة، وأمرك أن تسأله ليعطيك، وتسترحمه ليرحمك، ولم يجعل بينك وبينه من يحجبك عنه.. فإذا ناديته سمع نداك، وإذا ناجيته علم نجواك، فأفضيت إليه بحاجتك، وأبثثته ذات نفسك، وشكوت إليه همومك، واستكشفته كروبك، واستعنته على أمورك، وسألته من خزائن رحمته ما لا يقدر على إعطائه غيره من زيادة الأعمار، وصحة الأبدان، وسعة الأرزاق، ثم جعل في يديك مفاتيح خزائنه بما أذن لك فيه من مسألته، فمتى شئت استفتحت بالدعاء أبواب نعمته، واستمطرت شآبيب رحمته) (1).
2 - الدعاء شفاء من الداء: الدعاء شفاء من كل داء، ومن أوكد الأسباب في إزالة الأمراض المستعصية خصوصا الأمراض النفسية الشائعة في زماننا هذا، وقد أكدت البحوث الطبية أن الطب الروحي من أهم الأسباب في تخفيف مثل هذه الأمراض وإزالتها، والدعاء يقف على رأس مفردات الطب الروحي والعلاج النفسي. على أن الدعاء وصفة طبية روحية مقرونة بالرحمة والشفاء للمؤمنين الموقنين، قال تعالى: *(وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين)*(2). عن العلاء بن كامل، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): (عليك بالدعاء،
(هامش)
(1) نهج البلاغة، الرسالة (31). (2) سورة الإسراء: 17 / 82. (*)
ص 98
فإنه شفاء من كل دعاء) (1). وعن الحسين بن نعيم، قال: اشتكى بعض ولد أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: (يا بني، قل: اللهم اشفني بشفائك، وداوني بدوائك، وعافني من بلائك، فإني عبدك وابن عبدك) (2). والأدعية الخاصة بعلاج الأمراض المختلفة كثيرة، يمكن الوقوف على القدر الأكبر منها في بحار الأنوار للعلامة المجلسي (رضي الله عنه) (3).
3 - الدعاء ادخار وذخيرة: ومن آثار الدعاء إذا واظب عليه العبد في حال الرخاء أنه يكون له ذخيرة لاستخراج الحوائج في البلاء. قال الإمام الصادق (عليه السلام): (إن الدعاء في الرخاء يستخرج الحوائج في البلاء) (4).
4 - الدعاء يهذب النفس: الدعاء من أهم العوامل التي تسهم في بناء الإنسان المؤمن، لما فيه من العبودية المطلقة للواحد الحق، التي تكسب الداعي النقاء والصفاء وخشوع القلب ورقته، وتصنع منه ذاتا متواضعة لله تعالى، محبة للخير، ومصدرا للمعروف، وتبعا لفيض البركات، فيصل بتلك النفس إلى
(هامش)
(1) الكافي 2: 341 / 1. (2) الكافي 2: 411 / 3. (3) بحار الأنوار 95: 6 - 122. (4) الكافي 2: 343 / 3. (*)
ص 99
درجات المتقين والدعاء سلم المذنبين الذي يعرجون به إلى آفاق التوبة، حيث يخلون بربهم، ويبوءون بذنوبهم، وينزلونها عنده، ليخفف من غلواء نفوسهم المكبلة بالذنوب، فهو السبب الذي يوصلهم إلى درجات الطاعة والفضيلة، لينالوا درجة الإنسانية الكريمة، ويهذبوا نفوسهم، ويفلحوا بسعادة الدارين. قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (الدعاء مفاتيح النجاح، ومقاليد الفلاح) (1). وإذا تطلعنا في مفردات التراث الغزير الذي تركه لنا أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في مجال الدعاء، ولا سيما فيما روي عن الإمام زين العابدين (عليه السلام) في أدعية الصحيفة السجادية، فسنرى أنها تزخر بثروة كبيرة من النماذج التي تثير مفاهيم الحياة الفردية والاجتماعية على المستوى الأخلاقي وتحديد مكارم الأخلاق وخطوطها التفصيلية، وعلى المستوى التربوي في تحديد مفاهيم التربية الإسلامية وتهذيب النفس وصفائها، وتنمية نزعاتها الخيرة، وردعها عن غيها، وترويضها على طلب الخير. وخير مثال على ذلك هو دعاء الإمام زين العابدين (عليه السلام) في مكارم الأخلاق ومرضي الأفعال الذي جاء فيه: (اللهم صل على محمد وآل محمد، ومتعني بهدى صالح لا أستبدل به، وطريقة حق لا أزيغ عنها، ونية رشد لا أشك فيها... اللهم لا تدع خصلة تعاب مني إلا أصلحتها، ولا عائبة
(هامش)
(1) الكافي 2: 340 / 2. (*)
ص 100
أونب بها إلا حسنتها، ولا أكرومة في ناقصة إلا أتممتها..) (1).
5 - الدعاء سلاح المؤمن: الدعاء سلاح ذو حدين، فهو من جانب سلاح في مواجهة هوى النفس الأمارة ومطاردة شهواتها، ومواجهة الشيطان وغروره، وحب الدنيا وزخرفها، وهذا هو حد الانتصار على النفس، الذي يؤدي إلى تهذيبها والارتفاع بها إلى درجات الصالحين، ومن جانب آخر فإن الدعاء عدة المؤمن لمواجهة أعدائه، وهو السلاح الذي يشهره في وجه الظالمين. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (الدعاء سلاح المؤمن، وعمود الدين، ونور السموات والأرض) (2). وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): (ألا أدلكم على سلاح ينجيكم من أعدائكم، ويدر أرزاقكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): تدعون ربكم بالليل والنهار، فإن سلاح المؤمن الدعاء) (3). وقال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (الدعاء ترس المؤمن) (4). ولقد اتخذ الأنبياء والأوصياء والصالحون من الدعاء سلاحا يقيهم شرور أعدائهم من الكافرين والمتمردين.
(هامش)
(1) الصحيفة السجادية، الدعاء رقم (20). (2) الكافي 2: 339 / 1. وعيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 37 / 95. (3) الكافي 2: 240 / 3. (4) الكافي 2: 340 / 4. (*)
ص 101
قال الإمام الرضا (عليه السلام) لأصحابه: (عليكم بسلاح الأنبياء، فقيل: وما سلاح الأنبياء؟ قال (عليه السلام): الدعاء) (1). وفي الكتاب الكريم والسنة المطهرة أمثلة كثيرة لآثار الدعاء في رد كيد الأعداء والانتصار عليهم. قال تعالى: *(ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم * ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين)*(2). ولما اشتد الفزع بأصحاب طالوت لكثرة العدد والعدة في صف جالوت وجنوده، دعوا الله متضرعين، قال تعالى: *(ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين * فهزموهم بإذن الله)*(3). وفي بدر حيث التقى الجمعان، دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ربه واستنصره متضرعا إليه حتى سقط رداؤه (4)، فأنجز له الله تعالى ما وعده، وأمده بألف من الملائكة مردفين، ولاحت بشائر الانتصار، قال تعالى: *(إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين)*(5). وعندما دخل الإمام الصادق (عليه السلام) على المنصور العباسي، الذي توعده
(هامش)
(1) الكافي 2: 340 / 5. (2) سورة الأنبياء: 21 / 76 - 77. (3) سورة البقرة: 2 / 250 - 251. (4) راجع دلائل النبوة / البيهقي 3: 50 - 51. (5) سورة الأنفال: 8 / 9. (*)
ص 102
بالقتل، دعا الإمام (عليه السلام) ربه متوسلا إليه للخلاص من الشر والعدوان، قال (عليه السلام): (يا عدتي عند شدتي، ويا غوثي عند كربتي، احرسني بعينك التي لا تنام، واكنفني بركنك الذي لا يرام) (1). ولما عزم موسى الهادي بن المهدي العباسي على قتل الإمام الكاظم (عليه السلام) بعد مقتل الحسين بن علي بن الحسن صاحب فخ (رضي الله عنه)، دعا الإمام الكاظم (عليه السلام) ربه للخلاص من شره وظلمه، فمات الهادي بعد الدعاء بأيام (2). ولما تمادى المتوكل بالظلم والعدوان، دعا عليه الإمام الهادي (عليه السلام)، فقتل المتوكل بعد ثلاثة أيام على يد ابنه المنتصر وبغا ووصيف وجمع من الأتراك (3).
6 - الدعاء تلقين لأصول العقيدة: إذا تأملنا الأدعية المأثورة عن أهل البيت (عليهم السلام) نجد أنها تمثل مدرسة لتعليم العقيدة الإسلامية والانفتاح على جميع مفرداتها، حيث يستحضر الداعي في وعيه توحيد الخالق وصفاته ومشيئته وإرادته وعلمه وقضاءه وقدره، ويتحدث عنها بطريقة ايحائية تحرك الأصل الأول من أصول العقيدة في الروح، وتعمق إحساسها بخالقها جل وعلا في حالة من التقاء الفكر والشعور، تحقق وضوح الرؤية وحصول اليقين، حينما يجد المؤمن ربه قريبا فيناجيه، ومحيطا به فيدعوه، ويجد نفسه محتاجا فيعطيه.
(هامش)
(1) عدة الداعي: 62. (2) راجع الدعاء في مهج الدعوات: 319. وأمالي الطوسي 2: 35. (3) راجع الدعاء في مهج الدعوات: 265. (*)


يتبع


 

رد مع اقتباس
قديم 10-25-2015, 11:13 PM   #6
عضو مميز


الصورة الرمزية الشيخ عباس محمد
الشيخ عباس محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 762
 تاريخ التسجيل :  May 2015
 أخر زيارة : 08-15-2017 (06:01 PM)
 المشاركات : 475 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



ومن الأدعية التي تتضمن الأصل الأول من أصول العقيدة الإسلامية، دعا الإمام السجاد (عليه السلام) في الصحيفة السجادية، قال (عليه السلام): (الحمد لله الأول بلا أول كان قبله، والآخر بلا آخر يكون بعده، الذي قصرت عن رؤيته أبصار الناظرين، وعجزت عن نعته أوهام الواصفين...) (1). والنبوة من مفردات المضمون العقيدي التي يجدها الإنسان ظاهرة في الدعاء، حيث الحديث عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ومسؤوليته إزاء الرسالة، بشكل يعمق علاقة الداعي الروحية بالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، ويعزز فهمه لأبعاد شخصيته ومكارم أخلاقه وإخلاصه لله، ودوره في تبليغ الرسالة وتجسيد معانيها، ووصيته بالإمامة لمن بعده، باعتبارها الامتداد الطبيعي للنبوة، وبيان مهمتها في إقامة مبادئ الدين والكتاب الكريم والحفاظ على السنة المباركة، وبيان صفات الإمام ومكارم أخلاقه وفضائله ودلائله. وكان من دعاء الإمام الكاظم (عليه السلام) المعروف بدعاء الاعتقاد: (... اللهم إني أقر وأشهد، واعترف ولا أجحد، وأسر وأظهر، وأعلن وأبطن، بأنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأن محمدا عبدك ورسولك، وأن عليا أمير المؤمنين، وسيد الوصيين، ووارث علم النبيين.. إمامي ومحجتي، ومن لا أثق بالأعمال وإن زكت، ولا أراها منجية لي وإن صلحت إلا بولايته والائتمام به والإقرار بفضائله.. اللهم وأقر بأوصيائه من أبنائه أئمة وحججا وأدلة وسرجا، وأعلاما ومنارا، وسادة وأبرار... اللهم فادعني يوم حشري وحين نشري بإمامتهم، واحشرني في
(هامش)
(1) الصحيفة السجادية: الدعاء رقم (1) في التحميد لله عز وجل والثناء عليه. (*)
ص 104
زمرتهم، واكتبني في أصحابهم، واجعلني من إخوانهم، وانقذني بهم يا مولاي من حر النيران...) (1). وأكثر ما يلاحظ الداعي في التراث العريق لأهل البيت (عليهم السلام) هو التذكير باليوم الآخر، واستحضار الموقف بين يدي الله تعالى عندما يقوم الناس لرب العالمين، حيث شمول الحساب ودقته لكل ما قام به الإنسان في حياته مع التذكير بالجنة ونعيمها الخالد الذي أعده الله تعالى للمؤمنين المتقين، وبالنار وعقابها المقيم الذي أعده الله للكافرين المتمردين. وجميع أدعيتهم (عليهم السلام) تلهج بنغمة توحي بالخوف من عقاب الله تعالى والرجاء في ثوابه، وأغلبها تصلح شواهد على ذلك، وقد جاءت بأساليب بليغة تبعث في قلب المتدبر الرعب والفزع من الإقدام على المعصية.
7 - الدعاء يرد القضاء ويدفع البلاء: الدعاء من أقوى الأسباب التي يستدفع بها البلاء ويكشف بها السوء والضر والكرب العظيم، قال تعالى: *(أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء)*(2). وقال تعالى: *(وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين * فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر)*(3).
(هامش)
(1) مهج الدعوات: 233. (2) سورة النمل: 27 / 62. (3) سورة الأنبياء: 21 / 83 - 84. (*)
ص 105
وقال تعالى: *(ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم)*(1). فبالدعاء يرد القضاء ويصرف البلاء المقدر، وبذلك وردت الأحاديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأئمة أهل البيت (عليهم السلام)، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (ادفعوا أبواب البلاء بالدعاء) (2). وروى زرارة عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: قال لي: (ألا أدلك على شيء لم يستثن فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ قلت: بلى، قال: الدعاء يرد القضاء وقد أبرم إبراما) وضم أصابعه (3). وروى ميسر بن عبد العزيز، عن الإمام الصادق (عليه السلام)، قال: قال لي: (يا ميسر، ادع ولا تقل إن الأمر قد فرغ منه، إن عند الله عز وجل منزلة لا تنال إلا بمسألة) (4). وعنه (عليه السلام)، قال: (إن الدعاء يرد القضاء، ينقضه كما ينقض السلك وقد أبرم إبراما) (5). وقال الإمام أبو الحسن موسى الكاظم (عليه السلام): (عليكم بالدعاء، فإن الدعاء لله والطلب إلى الله يرد البلاء وقد قدر وقضي ولم يبق إلا إمضاؤه، فإذا
(هامش)
(1) سورة الأنبياء: 21 / 76. (2) قرب الإسناد: 55. (3) الكافي 2: 341 / 6. (4) الكافي 2: 338 / 3. (5) الكافي 2: 340 / 1. وسائل الشيعة 7: 36 / 4. (*)
ص 106
إمضاؤه، فإذا دعي الله عز وجل وسئل صرف البلاء صرفه) (1). وأحاديث هذا الباب كثيرة، نكتفي بهذا القدر للدلالة على صحة دفع الضرر ورد القضاء والبلاء بالدعاء والتضرع والاقبال إلى الغفور الرحيم بقلب يملؤه الاخلاص ويعمره الإيمان. وإلى هذا الحد تنتهي الآثار المترتبة على الدعاء والابتهال إلى الله تعالى في دار الدنيا، وللدعاء مضامين كثيرة تترتب عليها آثار أخرى لا يمكن الإحاطة بها في هذه الرسالة، ويمكن مراجعتها في كتاب بحار الأنوار للعلامة المجلسي (رضي الله عنه). وفيما يلي نتعرض للرد على الشبهة القائلة بمنافاة الدعاء مع الاعتقاد بالقضاء والقدر. الدعاء والقضاء والقدر: هناك تساؤلات كثيرة حول منافاة الدعاء مع الاعتقاد بالقضاء والقدر، وأول ما يتبادر إلى الذهن هو قول اليهود المعبر عنه في قوله تعالى: *(وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء)*(2). قال اليهود: (إن الله لما خلق الأشياء وقدر التقادير، تم الأمر وخرج زمام التصرف الجديد من يده بما حتمه من القضاء، فلا نسخ ولا استجابة
(هامش)
(1) الكافي 2: 341 / 8. وسائل الشيعة 7: 36 / 1. (2) راجع بحار النوار 95: 124 - 347. (3) سورة المائدة: 5 / 64. (*)
ص 107
لدعاء، لأن الأمر مفروغ منه) (1). وقد تسرب هذا الاعتقاد في جملة ما تسرب من معتقدات اليهود والإسرائيليات إلى التراث الإسلامي العريق الذي ينبذ بوضوحه وإشراقه كل وافد غريب لا يمت إلى الدين القويم وشرعة الإسلام الحنيف بصلة. وكان من جملة الإثارات حول هذا الموضوع، أن قالوا: (إن المطلوب بالدعاء إن كان معلوم الوقوع عند الله تعالى، كان واجب الوقوع، فلا حاجة إلى الدعاء، وإن كان غير معلوم الوقوع، كان ممتنع الوقوع، فلا حاجة أيضا إلى الدعاء) (2). وقالوا: (المدعو إن كان قدرا، لم يكن بد من وقوعه، دعا به العبد أو لم يدع، وإن لم يكن قدرا لم يقع سواء سأله العبد أم لم يسأله) (3). ومع وضوح الإجابة عن مثل هذه التساؤلات من خلال محكمات الكتاب الكريم والسنة المطهرة على ما سيأتي بيانه، إلا أن البعض ظن بصحتها، فتركوا الدعاء وسائر أعمال البر، لاعتقادهم بأن للإنسان مصيرا واحدا لا يمكن تغييره ولا تبديله، وأنه ينال ما قدر له من الخير أو الشر. ولا شك أن ذلك ناشئ عن فرط جهلهم بظنهم أن الدعاء أمر خارج عن نطاق القضاء والقدر ويعيد عن الحكمة الإلهية، والواقع أن الدعاء وإجابته من أجزاء القضاء والقدر، وأن المقدر معلق بأسباب، ومن أسبابه الدعاء، ومتى أتى العبد بالسبب وقع المقدر، وإذا لم يأت بالسبب انتفى
(هامش)
(1) تفسير الميزان 2: 32. (2) تفسير الرازي 5: 98. (3) الجواب الكافي: 15. (*)


يتبع


 

رد مع اقتباس
قديم 10-25-2015, 11:13 PM   #7
عضو مميز


الصورة الرمزية الشيخ عباس محمد
الشيخ عباس محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 762
 تاريخ التسجيل :  May 2015
 أخر زيارة : 08-15-2017 (06:01 PM)
 المشاركات : 475 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



المقدر، ويعتبر الدعاء من أقوى الأسباب، وليس شيء من الأسباب أنفع منه ولا أبلغ في حصول المطلوب، لما ورد في فضله من آيات الكتاب وصحيح الأثر، فإذا قدر وقوع المدعو به بالدعاء لم يصح أن يقال لا فائدة في الدعاء. وفيما يلي نجيب عن هذه الشبهة بشيء من التفصيل: علمه تعالى: قيل: إن تغيير مصير الإنسان بالدعاء وغيره من أعمال البر يقتضي التغيير فيما قدره الله تعالى في علمه الأزلي، وذلك يعني تغيير علمه تعالى، وهو محال. نقول: إن الله تعالى عالم بمصير الأشياء كلها غابرها وحاضرها ومستقبلها، وعلمه هذا أزلي قديم لا يتصور فيه الظهور بعد الخفاء ولا العلم بعد الجهل، قال تعالى: *(إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء)*(1). وقال الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام): (لم يزل الله عالما بالأشياء قبل أن يخلق الأشياء، كعلمه بالأشياء بعد ما خلق الأشياء) (2). أم الكتاب ولوح المحو والإثبات: إن لعلمه تعالى مظاهر عبر عنها في الكتاب الكريم، منها أم الكتاب، وهذا المظهر يعبر عن علمه الأزلي المحيط بكل شيء، والذي هو عين
(هامش)
(1) سورة آل عمران: 3 / 5. (2) الكافي 1: 83 / 4. (*)
ص 109
ذاته، لا يتطرق إليه التغيير والتبديل، قال تعالى: *(وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم)*(1)، وفي أم الكتاب التقدير القطعي الذي يشتمل على جميع السنن الثابتة الحاكمة على الكون والإنسان. والمظهر الآخر من علمه تعالى هو المعبر عنه بلوح المحو والإثبات، ولله تعالى فيه المشيئة يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء حسب ما تقتضيه حال العباد من حسن الأفعال أو قبحها التي تؤدي بالإنسان إلى السعادة أو الشقاء، قال تعالى: *(يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب)*(2). قال الإمام أبو جعفر الباقر (عليه السلام): (من الأمور أمور محتومة جائية لا محالة، ومن الأمور أمور موقوفة عند الله يقدم منها ما يشاء، ويثبت منها ما يشاء) (3). وفي لوح المحو والإثبات يكتب التقدير الأول، ولكنه يعلق بتحقق شرطه أو زوال مانعه، أي إنه موقوف على أعمال العباد، فالدعاء والذكر والصدقة وصلة الأرحام وبر الوالدين واصطناع المعروف، تحول شقاء الإنسان إلى سعادة، بأن تنسئ في أجله وتقيه مصارع الهوان وتدفع عنه ميتة السوء وتزكي أعماله وتنمي أمواله، وما إلى ذلك من الآثار الكثيرة الحسنة الواردة في الكتاب الكريم والحديث الصحيح. وعلى العكس من ذلك فإن اقتراف الذنوب وارتكاب السيئات كقطيعة الرحم وعقوق الوالدين وسوء الخلق وغيرها تحول مصير الإنسان من
(هامش)
(1) سورة الزخرف: 43 / 4. (2) سورة الرعد: 13 / 39. (3) بحار الأنوار 4: 119 / 58. (*)
ص 110
السعادة إلى الشقاء، قال تعالى: *(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)*(1). والتغيير الذي في لوح المحو والإثبات لا يمس بكامل علم الله تعالى، فليس هو انتقال من عزيمة إلى عزيمة، وليس هو حصول للعلم بعد الجهل، وليس هو معارضا للتقدير الأول، بل إن الله تعالى عالم بما يؤول إليه مصير الإنسان في لوح المحو والإثبات، والظهور بعد الخفاء هو بالنسبة لنا، لا إلى علمه تعالى المحيط بكل شيء، وذلك كالنسخ في التشريع الذي لا يختلف عليه أهل العدل. قال الإمام الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى: *(يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب)*: (فكل أمر يريده الله فهو في علمه قبل أن يصنعه، ليس شيء يبدو له إلا وقد كان في علمه، إن الله لا يبدو له من جهل) (2). وقال (عليه السلام): (من زعم أن الله عز وجل يبدو له في شيء لم يعلمه أمس، فأبرؤوا منه) (3). ومما تقدم تبين أن الإنسان لم يكن محكوما بمصير واحد مقدور غير قابل للتغير والتبديل، بل أنه يستطيع أن يغير مصيره لكي ينال سعادة الدارين بحسن أفعاله وصلاح أعماله، ومنها الدعاء والتضرع، وقد صح عن عبد الله بن عباس (رضي الله عنه) أنه قال: لا ينفع الحذر من القدر، ولكن الله
(هامش)
(1) سورة الرعد: 13 / 11. (2) سورة الرعد: 13 / 39. (3) بحار الأنوار 4: 121 / 63. (3) بحار الأنوار 4: 111 / 30. (*)
ص 111
يمحو بالدعاء ما يشاء من القدر (1). وهذا مما يبعث الرجاء في القلوب المظلمة كي تشرق بنور الإيمان، ويوقد النور في أفئدة المذنبين، فلا ييأسوا من روح الله، ويسعوا للخلاص بالدعاء والتضرع والذكر وسائر أعمال البر، فإن الله يمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء، وكل يوم هو في شأن، ويداه مبسوطتان بالرحمة والمغفرة. والقول بسيادة القدر على اختيار الإنسان في مجال الطاعة والمعصية قول بالجبر الباطل بمحكمات الكتاب والسنة والعقل، وهو يقضي إلى القول بتعطيل جميع الأسباب وإلغاء إرسال الرسل وإنزال الكتب، وإلى بعث اليأس والقنوط في النفوس، فيستمر الفاسق في فسقه والظالم في ظلمه والمذنب في ذنبه، وذلك خلاف مشيئة الله وحكمته القاضية بأثر الدعاء في رد البلاء، والتوبة في طلب المغفرة والرحمة، وصلة الأرحام في طول الأعمار، وهكذا إلى آخر أعمال البر وصنائع المعروف.
ثانيا: الآثار الآجلة:
بالدعاء ينال ما عند الله تعالى من الرحمة والمغفرة والنجاة من العذاب في الآخرة، وذلك من أبرز آثار الدعاء والتضرع إلى الله سبحانه، لأن عطاء الآخرة دائم مقيم لا نفاد له. قال الإمام الصادق (عليه السلام): (أكثروا من أن تدعوا الله، فإن الله يحب من عباده المؤمنين أن يدعوه، وقد وعده عباده المؤمنين الاستجابة، والله مصير
(هامش)
(1) مستدرك الحاكم 2: 350. (*)
ص 112
دعاء المؤمنين يوم القيامة لهم عملا يزيدهم في الجنة (1). وقال (عليه السلام): (عليكم بالدعاء، فإن المسلمين لم يدركوا نجاح الحوائج عند ربهم بأفضل من الدعاء والرغبة إليه والتضرع إلى الله والمسألة، فارغبوا فيما رغبكم الله فيه، وأجيبوا الله إلى ما دعاكم لتفلحوا وتنجوا من عذاب الله) (2). وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين
(هامش)
(1) الكافي 8: 7 / 1. (2) الكافي 8: 4 / 1. (*)


 

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




Loading...


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY:
! ωαнαм ! © 2010
سعودي كول