.::||[ آخر المشاركات ]||::.
المهدوية في آخر الزمان‏ [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 593 ]       »     وانفصمتْ والله العروةُ الوُثقى... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 649 ]       »     21 رمضان .. ذكرى أليمة استشها... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 410 ]       »     نتقال الامام الى روضة الخلد وا... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 406 ]       »     مجلس شهادة أمير المؤمنين الإما... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 568 ]       »     الامام علي ابو الأيتام [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 296 ]       »     عقيلة الطالبيين مدرسة لنسائنا ... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 610 ]       »     كيف نكون قريبين من الإمام المه... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 308 ]       »     الإمام علي قدر هذه الأمة وقدره... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 321 ]       »     ما سَرُ تَعلق اليَتامى بالإمام... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 288 ]       »    



 
 عدد الضغطات  : 14598
 
 عدد الضغطات  : 5158


الإهداءات



إضافة رد
#1  
قديم 10-05-2011, 04:38 AM
نـــائب المدير
المعارف غير متواجد حالياً
    Male
اوسمتي
وسام الاداري المميز Default Medal المشرف المميز العضو المميز 
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 118
 تاريخ التسجيل : May 2011
 فترة الأقامة : 4731 يوم
 أخر زيارة : 10-30-2012 (10:36 PM)
 المشاركات : 1,850 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
Lightbulb عبدالله الرضيع (رضيع الحسين)



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخواني وأخواتي.....أرجو منكم ذكر عبدالله الرضيع (رضيع الحسين)لمواسات ابي عبدالله ..


المعركة الخالدة

وهكذا استغرق الحسين(ع)في لحظة مناجاة،وموقف روحي أخّاذ،والجيوش تقترب، والجند تجول في الميدان،والحسين(ع)قد حصّن مخيّمه وأحاط ظهره بخندق أوقد فيه النار ليمنع المباغتة والالتفـاف من الخلف.وليحمي النِّساء والاطفال من العدوان المحقّق.

نظر الشمر إلى النار وهي تلتهب في الخندق فصاح:«أتعجّلتَ النّارَ قبل يوم القيامة يا حسين،فردّ عليه:أنتَ أولى بها صليّا».حاول صاحب الحسين(ع)مسلم ابن عوسجة أن يرميه بسهم ، فاعترضه الحسين(ع)ومنعه قائلاً:«لا تَرمِه،فإنِّي أكره أن أبدأهم».

تلك أخلاقية الحرب في الاسلام،وهذه قيم أبي الشُّهداء الحسين السبط(ع)،لا يمكنه أن يحيد عنها،حتّى وهو في أشدّ الظروف قساوة وحراجة،ومع ذلك فكان هذا الشقي الشمر بن ذي الجوشن هو الّذي قتل الحسين(ع)بعد ساعات في ذلك اليوم .

وإتماماً للحجّة على أعدائه من جيش يزيد بن معاوية ، طلب الحسين إليهم أنْ ينصتوا لكي يكلّمهم بكلمة ، إلاّ أ نّهم أَبَوْا ذلك ، وعلا ضجيجهم ولغطهم ، إلاّ أ نّهم سكتوا في النهاية ، فخطبَ فيهم الحسين مُعاتِباً لهم على دعوتهم له وتخاذلهم ، كما حدّثهم بما سيقع لهم بعد قتله على أيدي الظالمين من ولاة بني اُميّة ممّا عُهِدَ إليه من جدِّه (ص) وأبيه (ع) ، وهو ما تحقّق فعلاً ، وخصّ قائد الجيش وهو عمر بن سعد الّذي كان يزيد يُمنِّيه بجعله والياً على الريّ وجرجان بأنّ حلمه ذاك لن يتحقّق وأ نّه سوف يُقتَل ويُرفَع رأسه على الرّمح ، قال الامام الحسين (ع) :

«تبّاً لكم أيّتها الجماعةُ وتَرَحاً، أفحينَ اسْتَصْرختُمونا وَلِهين مُتَحيِّرينَ، فأصْرَخْناكُم مُؤدِّين مُستعدِّين ، سَلَلْتُم علينا سَيفاً لَنا في أَيْمانِكُم ، وحَشَشْتُم علينا ناراً اقْتَدَحْناها على عَدوِّكُم وعَدوِّنا ، فأصبحتُم أَ لْباً على أوليائِكُم ، ويداً عليهم لاعدائِكُم ، بغـيرِ عدل أَفشَوْهُ فيكم، ولا أمل أصبحَ لكُم فيهم، إلاّ الحرامَ مِنَ الدُّنيا أنالوكم ، وخسيسَ عَيْش طَمعتُم فيه ، من غيرِ حَدَث كانَ منّا ، ولا رأي تَفيَّلَ لَنا ، فهلا ـ لكم الويلات ـ إذ كرهتُمونا تركتمونا ؟ فتجهّزْتُموها والسّيفُ لم يُشْهَرْ ، والجأشُ طامِنٌ ، والرّأيُ لم يُستَحْصَفْ ، ولكنْ أسرَعْتُم علينا كطـيرةِ الدّبا ، وتداعيـتُم إليها كتداعي الفَراش ، فَقُبحاً لكم ، فإنّما أنتم مِن طواغيتِ الاُمّةِ ، وشُذّاذِ الاحْزابِ ، وَنَبَذَةِ الكتابِ ، وَنَفَثَةِ الشّيطانِ ، وعُصبةِ الاثامِ ، ومُحَرِّفي الكِتابِ ، ومُطْفئي السُّنَنِ ، وقَتَلَةِ أولادِ الانبياءِ ، ومُبيدي عترةِ الاوصياءِ ، ومُلْحِقي العُهّارَ بالنّسب، ومؤذِّي المؤمنين ، وصرّاخ أئمّة المستهزئين ، الّذين جعلوا القرآن عِضين ، وأنتم ابنَ حرب وأشياعَه تعتمدون ، وإيّانا تخذلون، أجل واللهِ الخَذْلُ فيكُم معروفٌ ، وَشِجَتْ عليهِ عروقُكُم ، وتوارَثَتْهُ اُصولُكُم وفروعُكُم ونَبَتَتْ عليهِ قُلوبُكُم ، وغَشيتْ بهِ صُدورُكُم ، فكُنتم أخبثَ شيء سنخاً للناصِبِ ، وأَكَلَةً لِلْغاصِب .

ألا لعنةُ اللهِ على النكاثينَ الّذين يَنقضونَ الايْمانَ بعدَ توكيدها ، وقد جعلتُمُ اللهَ عليكم كَفيلاً ، فأنتم والله هم ، ألا إنّ الدّعيّ ابن الدّعيّ قد رَكَزَ بينَ اثنتين:بين السِّلَّةِ والذِّلَّةِ، وهيهات مِنّا الذِّلّةُ،يأبى اللهُ لنا ذلك ورسولُهُ والمؤمنونَ،وحُجورٌ طابَت وطَهُرَتْ،وأنوفٌ حميّةٌ ونفوسٌ أبيّةٌ،مِن أن نُؤْثِرَ طاعةَ اللِّئامِ،على مصارِعَ الكِرامِ،ألا وإنِّي زاحِفٌ بهذي الاُسرة على قِلّةِ العَدَدِ وخُذلانِ النّاصِرِ،ثمّ أنشدَ أبيات فروة بن مسيك المرادي :
فإنْ نَهْزِم فَهزّامونَ قُدْماً وإنْ نُهْزَم فَغيرُ مُهزَّمينا
وما إنْ طِبُّنا جُبْنٌ ولكن منايانا ودولةُ آخرينا
فَقُلْ للشّامتينَ بنا أفيقوا سَيَلْقى الشّامِتون كما لَقينا

إذا ما الموتُ رُفِّعَ عَن اُناس بِكَلْكَلِهِ أناخَ بآخرينا » .

وحاول بعض من أصحاب الحسين (ع) أمثال زهير بن القين وبُرير بن خضير أن يستعملوا لغة العقل والمنطق ، وأن يشرحوا الاحداث ومبرّرات تحرّك الحسين (ع) ، فلم يستجب لهما أحد .

وعاد الحسين (ع) على ظهر فرسه ووقف أمام الجيش وخاطبهم :
« أمّا بعد ، فانسبوني فانظروا مَنْ أنا ، ثمّ ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها فانظروا هل يَحلُّ لكم قتلي وانتهاك حُرْمَتي ؟ أ لَستُ ابن بنتِ نبيِّكم (صلّى الله عليه وسلّم) وابن وصيّه وابن عمّه ، وأوّل المؤمنين بالله ، والمصدِّق لرسولهِ بما جاءَ به من عند ربِّه ؟ أوَلَيس حمزة سيِّد الشهداء عمّ أبي ؟ أوَلَيس جعفر الشهيد الطيار ذو الجناحين عمّي ؟ أوَلَم يبلغْكُم قولٌ مستفيضٌ فيكم إنّ رسـول الله (صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم) قال لي ولاخي : هذان سيِّدا شبابِ أهلِ الجنّة ؟ فإنْ صدّقتموني بما أقول ـ وهو الحقّ ـ والله ما تعمّدت كذباً مذ علمتُ أنّ الله يمقت عليه أهله ويضرّ به مَن اختلقه ، وإن كذبتموني فانّ فيكم مَنْ إنْ سألتُموه عن ذلك أخْبَرَكُم ، سَلُوا جابِرَ بن عبدالله الانصاري ، أو أبا سعيد الخدري ، أو سهلَ بن سعد الساعدي ، أو زيدَ بن أرقم أو أنسَ بن مالك ، يُخبروكم أ نّهم سمعوا هذه المقالة من رسـول الله (صلّى الله عليه وسلّم) لي ولاخي ، أفما في هذا حاجز لكم عن سَفك دمّي ؟

فقال له شمر بن ذي الجوشن : هو ـ أي الشمر ـ هو يعبد الله على حرف إنْ كانَ يدري ما تقول .

فقال حبيب بن مظاهر للشمر : والله ، إنِّي لاراك تعبدُ اللهَ على سبعين حرفاً ، وأنا أشهد أ نّك صادق ، ما تدري ما يقولُ ، قد طبعَ اللهُ على قلبك .
ثمّ قال لهم الحسين : فإن كنتم في شك من هذا القول أوَ تشكّون في أنِّي ابنُ بنت نبيِّـكم ؟ فوَالله ما بين المشرق والمغرب ابنُ بِنتِ نبيّ غيري منـكم ولا مِنْ غـيرِكم ، أنا ابن بنت نبيِّـكم خاصّة ، أخبروني أتطلبـوني بقتـيل منكم قتلتُـهُ ؟ أو مال لكم استهلكتُهُ ؟ أو بِقَصاص مِن جُراحة ؟ » .

فلم يستجب له أحد ، ثمّ خاطبهم : «أما تَرونَ سَيفَ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وسلّم) ولامَةَ حَربِهِ وعِمامَتَـهُ عَلَيَّ ، قالوا : نعم . فقال : لِمَ تقاتلوني ، فلم يجيبوا إلاّ بجواب الامّعـة الّذي لا يملكُ رأياً ولا إرادة ، ولا يُمَيِّزُ بين التبعيّةِ العمياءِ والطّاعةِ القائمةِ على وعي وفهم سليم ، أجابوا : طاعة للامير عُبيدالله بن زياد» .

ثمّ قال (ع) : «أما والله ، لا تَلبِثُونَ إلاّ كَرَيْثَما يُركب الفرس ، حتّى تدورَ بكم دَوْرَ الرَّحى ، وَتَقْلقَ بِكُمْ قَلْقَ المِـحْوَر ، عَهْدٌ عَهِدَه إليَّ أبي عن جدِّي رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) ، فأجمعوا أمركم وشُركاءكم ثمّ لا يَكُن أمركُم عليكُم غُمَّةً ، ثمّ اقضوا إليَّ ولاَ تُنْظِرُون ، إنِّي توكَّلتُ على اللهِ رَبِّي وربِّكُم ، ما مِنْ دابّة إلاّ هو آخِذٌ بناصِيَتِها إنَّ ربِّي على صراط مُستَقيم» .

كل ذلك وعمر بن سعد مصرّ على قتال الحسين (ع)، والحسين (ع) يحاور وينصح ويدفع القوم بالّتي هي أحسن ، ولمّا لم يُجْدِ نصح ، ولم ينفع حوار ، قال الحسين (ع) لابن سعد :

« أَيْ عُمَرُ أَتزْعَمُ تَقْتُلني ، وَيوَلِّيكَ الدّعِيُّ بلادَ الرَّيّ وجرجان ، والله لا تهنأ بذلك ، عَهْدُ مَعْهودُ ، فاصنع ما أنتَ صانِع ، فانّكَ لا تَفْرَحِ بَعـدي بدُنياً ولا آخِرة ، وكأنِّي برَأْسِكَ على قَصَبة يَتَراماهُ الصِّبْيانُ بالكوفَةِ وَيتّخِذُونَهُ غَرَضاً بينهُم ، فَصَرَفَ بِوَجْهِهِ عَنْهُ مُغْضباً » .

إستحوذ الشيطان على ابن سعد ، ونادى حامل الرّاية : « يا دُرَيْدُ ! أدْنِ رَايَتَك ، فَأَدناها ، ثمّ وَضَعَ سَهْمَهُ في كَبِدِ قَوْسِهِ ، ثُمّ رَمى ، فقال :

اشهدوا أنِّي أوّلُ مَنْ رَمَى ، ثمّ ارتمى النَّاسُ وتبارَزُوا » .

وهكذا أضرمَ ابن سعد نار الحرب ، وَوَجَّه سهامه نحو مخيّم آل الرّسول (ص) ، فتبعهُ جنده ورماته يمطرون الحسين (ع) وأصحابه بوابل من السهام ، حتّى لم يبق أحد من أصحاب الحسين (ع) إلاّ وأصابه سهم .

عظم الموقف على الحسين (ع) ، ثمّ خاطبَ أصحابه : «قُومُوا رَحِمَكُمُ الله إلى الموتِ الّذي لا بُدَّ منه ، فإنَّ هذه السِّهامَ رُسُلُ القَوْمِ إليكُم» .

لقد أصبحت هذه الفئة الحسينيّة المجاهدة الّتي لا يتجاوز عددها العشرات أمام جيش عرموم،عِدَّتُه تبلغُ الالوفَ،ومع هذا الفارق في العدد والعُدّة،فإنّ أحداً لم يتراجـع من رجال الحسـين(ع)،ولم يَنْكُص أمامهم شابٌّ ولا غلام،فاسـتجابوا للنفير،ولبّوا النداء وانطلقوا كالاُسود الضّواري يلتحمون مع العدوّ بكلِّ ما اُوتوا مِن قوّة وبأس،فاشتدّ القتال،وحمي الوطيس،ودارت رحى الحرب وغطّى الغبارُ أرجاءَ الميدان،واستمرّ القتال ساعةً من النّهار، فما انجلتِ الغُبْرَةُ ولا انْجابَ الالتحام إلاّ عن خمسين صريعاً من أصحابِ الحسين (ع) .

ثمّ نادى بعض أصحاب عمر بن سـعد بالبراز ، فتواثب أصحاب الحسين (ع) : حبيب بن مظاهر وبُرير وعبدالله بن عُمير الكلبي يطلبون الاذن من الحسين (ع) ويتسابقون للشهادة ، فانتدب الحسين (ع) عبدالله بن عمير للبراز ليصول في ميدانِ الشرف والجهاد ، وراح عبدالله يُنازِلُ الخصومَ ، ويُقارِعُ الاقرانَ ، ويصولُ في ميدانِ الجهاد .

نظرت إليه اُمّ وهب زوجته ، وجراحات يده اليسرى تسيل وتنزف دماً ، فهالها الموقف ، واسـتنفر الغضب عزيمتها ، فحملت عمود الخيمة واتّجهت نحو الميدان ، «وأقبلت نحو زوجها تقول له : فداك أبي واُمِّي قاتلْ دون الطيِّبين ذريّةِ محمّد ، فأقبل إليها يردّها نحو النِّساء فأخذت تجاذب ثوبه ، ثمّ قالت : إنِّي لن أَدَعَكَ دونَ أن أموت معَك ، فناداها الحسين فقال : جُزِيْتُم عْنْ أَهلِ بَيْتِ نَبيِّكم خَيْراً ، ارْجِعِي إلى الخَيْمَةِ ، فَلَيْسَ عَلى النِّساء قِتالٌ» (167) .

استمرّت رحى الحرب تدور في ميدان كربلاء ، وشلاّل الدم المقدّس يجري ليتّخذ طريقه عبر نهر الخلود ، وأصحاب الحسين (ع) يتساقطون الواحد تلو الاخر ، وقد أرهقوا جيش العدو وأثخنوه بالجراح ، فتصايح رجال عمر بن سعد : لو استمرّت الحرب برازاً بيننا وبينهم لاتوا على آخرنا ، لنهجم مرّة واحدة ، ولِنُرشِـقُهم بالنبال والحجارة .

تقدّمت وحدات من الجيش الاموي يقودها عمرو بن الحجّاج ، وهاجمت ميمنة الحسين (ع)، فاستعمل أصحاب الحسين (ع) اسلوباً عسكرياً رائعاً، جثوا على ركبهم وأشرعوا الرماح ، فخافت الخيل وتراجعت بفرسانها ، استغلّ أصحاب الحسين (ع) إدبار الخيل ورجوعها فأطلقوا نبالهم يصطادون بها عناصر الحملة الظّالمة .

عاود الجيش الاموي الحملة ، فقاد شمر بن ذي الجوشن قطعات من عسـكره ، وهاجم ميسرة الحسين (ع) ، ودارت معركة طاحنة ، استطاع الرجال الّذين بقوا مع الحسين (ع) صدّ الهجوم ، وَرَدَّ الشمر على أعقابه ، وقد أبلى فيها عبدالله بن عمير الكلبي بلاء حسناً ، وأبدى بسالة نادرة ، فَقَتَلَ تسعة عشر فارساً واثني عشر راجلاً، فسقط جريحاً ثمّ اُسِرَ وقُتِلَ صبراً .
ولم تحتمل اُمّ وهب قتل زوجها وفراق الرّجل المقدام ، فاتّجهت إلى ساحة المعركة وراحت تحنو على الجسد المسجّى بقلبها المثكول ، وغُربَتِها المُفجعة ، وتَمسحُ الدمَ عن الرّأس الحُرِّ الابي وهي تقول له : هنيئاً لك الجنّة .

نظر الشمر إلى صلابتها وتحدِّيها،فاستعظم موقفها وأمر غلاماً له بقتلها،نفّذ العبد أمر سيِّده،واتّجه يحمل عموداً من حديد فضرب اُمّ وهب على رأسها،فسقطت شهيدة تسبح بدم الشهادة وتعانِقُ روحَها روحَ الزّوج الحبيب،فاقتطع القتلة رأسها ورموا به نحو مخيّم الحسين (ع).
استمرّ الهجوم والزّحف نحو من بقي مع الحسين (ع) ، وأحاطوا بهم من جهات متعدِّدة ، فتعالت أصوات ابن سعد ونداءاته إلى جيشه وقد دخل المعسكر يقتل وينهب : «أحرِقوا الخيامَ» ، فضجّت النِّساءُ ، وتصارخَ الاطفالُ ، وعلا الضّجيجُ ، وراحتْ ألسنةُ النار تلتهم المخيّم ، وسكّانُهُ يَفرّون فزعين مرعوبين .

ها هو الجيش الاموي يهاجم مخيّم آل الرسول، وقد زالت الشمس وحضر وقت الصلاة ، وليس معقولاً أن يغيب الحسين (ع) عن الوقوف بين يدي الله ، يوحِّـده ويُسَبِّحُه ويُناجيه ، وها هو يستعين بالصبر والصلاة ، وَيشدُّهُ الشّوقُ والحبُّ الالهي المقدّس ، فينادي للصّلاة وقد تحوّلَ الميدان عنده محراباً للجهاد والعبادة ، وليس بوسعِ الاسِنَّةِ والسُّيوف أن تحولَ بينه وبين الحضور في ساحة المناجاة ، والعروج إلى حظائر القدس ، وعوالم الجلال (168) ، والحرب لَمّا تَضَعْ أوزارَها ، والمعارِك لم يهدأ سعيرها ، فراحَ مَن بقي من أصحاب الحسين (ع) وأهل بيته (ع) ينازلون الاعداء ، ويستشهدون الواحد تلو الاخر : ولده عليّ الاكبر،أخوته:عبيدالله،عثمان،جعفر،محمّد،أبناء أخيه الحسن:أبو بكر،القاسم،الحسن المثنّى،ابن اُخته زينب:عون ابن عبدالله بن جعفر الطيار،آل عقيل:عبدالله بن مسلم بن عقيل،عبدالرّحمان بن عقيل،جعفر بن عقيل،محمّد بن مسلم بن عقيل،عبدالله بن عقيل.اُولئك الابطال الاشاوس من آل عقيل وآل عليّ ابن أبي طالب،مجزّرين كالاضاحي،يتناثرون في أرض المعركة،تناثر النجوم في سماء الخريف،ويسبحون في بُرَكِ الدمِ سبحَ الشّقائق في حوض النهر.

وقف الحسين (ع) بينهم ينادي،وقد أيقنَ باللّحوق بهم والاجتماع معهم تحتَ سرادق الرّحمة مع الشُّهداء والصِّدِّيقين والنّبيِّين،بعد أن حزّ في نفسه عويلُ النِّساء،وصراخ ُالاطفال، ولوعةُ اليتامى والارامل من آل محمّد(ص)ومَن رافقهم في رحلة الشهادة والخلود،وقف ينادي:

« هَلْ مِن ذابٍّ عن حرمِ رسـول الله؟هل مِن مُوَحِّد يخـافُ اللهَ فينا؟هَلْ مِن مُغِيث يرجو اللهَ في إغاثَتِنا».

فلم يجبه غير صراخ النسوة،وعويل الاطفـال وضجيجُهُم المروِّع،لم يبق أمام الحسين(ع)إلاّ أن ينازل القوم بنفسه،ويدخل المعركة مبارزاً بفروسيته وشجاعته،وقلبُهُ يَفيضُ حُبّاً وحناناً وخوفاً على أهله وحرمه،وحرم الانصار وأيتام الشّهداء،وقد أيقنَ أ نّه لن يعود بعد هذه الحملة،فحامت عواطف الحب،ولواعج الابوّة المفجوعة حول ولده الرضيع عبدالله ، فشدّه الشوق إليه وأَجاءَتْهُ ساعةُ الفِراق نحوَهُ ، ووقفَ على بابِ الخيمةِ ينادي اُخته زينب،ويطلب منها أن تحمل إليه ولده ليطبع على شفتيه القبلة الاخيرة،ويلقي عليه نظرة الوداع.

فجاءت به عمّته زينب تحمله،فرفعه الحسين(ع)لِيُعانِقَهُ ويُقَبِّلَ شفتيه الذابلتين،فسبقهُ سهمٌ من معسكرِ الاعداء إلى نحرِ الطِّفل الرّضيع وحالَ بينه وبين الحياة.فراح يفحصُ رغامَ الموتِ بقدميه،ويسبحُ في مَسربِ الدم البريء،ويكتب بذلك الدمِ المقدّسِ أروعَ قصيدة في ديوان المآسي،ويخاطبُ ضميرَ الانسان عبرَ أجيال التاريخ بتلك الظليمة والفاجعة الّتي رُزِئَ بها آل محمّد(ص)في يوم عاشوراء.

ما عسى أن يفعل الحسين (ع) ؟ وكيف يمكن أن يتصرّف أبٌ مفجوع وقد سالت بينَ يديه دماء طفل رضيع بريء، يناغي السماء، ويملا أحضان أبيه بالبشر والابتسامة؟ ما عسى أن يصنع الحسين (ع) وهو يرى وَلَدَهُ الرّضيعَ قد ذُبِحَ بينَ يديه ؟

وقف الحسين (ع) كالطّود الاشم،لم يضعف ولم يتزعزع،بل راحَ يجمع الدم بكفّيه ويرفعه شاكياً إلى الله،باعثاً به نحو السماء،مناجياً:«هَوَّنَ عَلَيَّ ما نزلَ بهِ،إنّهُ بِعَينِ الله» .

وهكذا بدأ شلاّلُ الدم ينحدر على أرض كربلاء ، وسُحُبُ المأساة تتجمّع في آفاقها الكئيبة ، وصيحات العطش والرُّعب تتعالى من حول الحسـين (ع) ، وتنبعثُ من حناجر النِّساء ، والاطفال .

ركب الحسين (ع) جواده يتقدّمه أخوه العبّاس بن عليّ ، وتوجّه نحو الفرات ليحمل الماء إلى القلوب الحرّى ، والاكباد الملتهبة من آل محمّد (ص) ، فحالت جموع من العسكر دونه، اقتطعوا العبّاس عنه ، الفارس والبطل وحامل اللِّواء ، فغدا الحسين (ع) بجانب والعبّاس بجانب آخر ، وكانت للبطل الشجاع أبي الفضل العّباس صولة ومعركة حامية طارَتْ فيها رؤوسٌ وتساقطت فرسانُ ، وقد بَعُدَ العبّاس عن أخيه
الحسين (ع) يصولُ في ميدان الجهاد ، حتّى وقع صريعاً يَسبحُ بدمِ الشّهادةِ ويُثبتُ لواءَ الحسين الّذي حمله يوم عاشوراء في أرض كربلاء ، خفّاقاً إلى الابد ، لا تبليه الايّام ، ولا تُطأطِئُ هامتَهُ دولُ الطّغاة ، وفي الجانب الاخر كان الحسين (ع) يقتحم الميدان ويحاول الوصول إلى الفرات ، فحالت دونه وحدات عسكرية اُخرى ، ووجّه أحد رجال ابن سعد سهمه نحو الحسين (ع) فأصاب حنكه ، فانتزع الحسين (ع) السّهم وراح يستجمعُ الدمَ بيدِهِ ثمّ يلقى به ويناجي ربّه :

« اللّهمّ ! إنِّي أشكُو إليك ما يُفعَل بابن بِنْتِ نَبِيَّك » .

وهكذا امتلا الميدان بالصّرْعى والشهداء من آل رسول الله (ص) والفئة الثائرة الّتي كتبت بدمائها الزّكيّة ملحمةَ الخلود والكفاح ، واختطّت للاجيال طريق الثورة والجهاد .

نظر الحسين (ع) إلى ما حوله ، مدّ ببصره إلى أقصى الميدان فلم يَرَ أحداً من أصحابه وأهل بيته إلاّ وهو يسبح بدم الشهادة ، مُقطّع الاوصال يخطّ في مضجع الرمال من حوله الحرف المضيء والشعار الخالد :
سأمضي وما بالموتِ عارٌ على الفتى إذا ما نَوى حقّاً وجاهَدَ مُسْلِما
ووَاسى الرِّجالَ الصّالحين بِنَفسـه وفارَقَ مَثْبُوراً وخالَفَ مُجْرِما
فإنْ عِشْتُ لَمْ أنْدَمْ وإنْ مِتُّ لَمْ اُ لَمْ كفى بِكَ ذُلاًّ أن تَعيشَ وتُرْغَما
وإذن ها هو الحسين وحده يحمل سيف رسول الله (ص) وبين جنبيه قلب عليّ ، وبيده راية الحق ، وعلى لسانه كلمة التقوى . وقف أمام جموع العسكر الّتي أولغت في الجريمة واستحوذ عليها الشيطان ، ولم تفكِّر إلاّ بقتل الحسين والتمثيل بجسده الطاهر . إذن هذا هو اليوم الموعود الّذي أخبر به رسول الله (ص) وتلك هي تربَتُهُ الّتي بُشِّر بها من قبل .
حمل الحسينُ (ع) سيفه ، وراح يرفع صوته على عادة الحروب ونظامها بالبراز ، وراح ينازلُ فرسانهم ، ويواجه ضرباتهم بعنف وشجاعة فذّة ، ما برز إليه خصم إلاّ وركع تحت سيفه ركوع الذل والهزيمة .

تعلّق قلبُ الحسين (ع) بمخيّمه وما خَلّفتِ النّارُ والسيوفُ من صبية ونساء وبقايا رَحْلِه . فراح ينادي وقد هجمت قوّات عمر بن سعد على الحسين (ع) وطوّقته وحالت بينه وبين أهله وحرمه ، فصاح بهم : «أنا الّذي اُقاتِلُكُم والنِّساءُ ليسَ عَلَيهِنّ جُناح ، فامنعوا عُتاتَكم عن التّعرُّضِ لِحُرَمي ما دُمتُ حيّاً» .

صُمّتْ أسماعُ وقلوبُ اُولئكِ الاجلافِ عن قول ابن بنت رسول الله (ص) ، وتقدّم شمر بن ذي الجوشن وعشرة من رجاله نحو مخيّم الحسين الّذي فيه عياله فصرخ فيهم الحسين :
«ويلكم إنْ لم يكن لكم دينٌ وكنتم لا تخافون يوم المعاد ، فكونوا أحراراً ذوي أحساب، امنعوا رحلي وأهلي مِن طُغامكم وجُهالكم ، قال ابن ذي الجوشن : ذلك لك يا ابن فاطمة».

استمرّ الهجوم عنيفاً والحسين(ع)في بحر الجيش العرمرم،يجالد العسكر،حتّى سدَّد أحد جنود الاعداء سهماً نحو شخصه الشريف،فاستقرّ السهم في نحره.وراحت ضرباتُ الرِّماح والسيوف تمطرُ جسدَ الحسين(ع)حتّى لم يستطع مقاومة الالم والنزف وقد استحالت صفحاتُ جسدِهِ الطّاهرِ كتاباً قد خَطّتْ عليه الجِراحُ والالامُ بمدادِ الدم أروعَ ملاحِمِ التاريخ ، وكَتَبَتْ أقدسَ مواقف البطولة والشرف ; فكان الجُرح في جسده أروع حرف يُكتب في سطر الخلود .

قُرِئَت تلك الحروف الجِراح فكانت سبعاً وستّين(176) حرفاً ، تروي بصمتها الناطق قصّةَ الكفاح والجهاد ، وتُدَوِّن بعمقها المتأصّل فُصولَ الاسى والظّليمة .

عانقَ الحسينُ(ع)صعيدَ الطّفوف،واسترسلَ جسدُهُ الطّاهرُ ممتـدّاً على بِطاح كربلاء لينتصبَ مِن حوله مشعلُ الحرِّيّة والكفاح،ويجري من شريان عنقِهِ شلاّلُ الدم المقدّس.

إلاّ أنّ روح الحقد والوحشية الّتي ملات جوانحَ الجُناة لم تكتف بذلك الصّنيع ، ولم تستفرغ أحقادَها في حدودِ هذا الموقف ، بل راحَ شمر بن ذي الجوشن يحملُ سيفَ الجريمة والوحشية ويتّجه نحو الحسين (ع) ليقطعَ غُصناً من شجرةِ النبوّة ، وليثكُلَ الزّهراء بأعزِّ أبنائها . لِيَفصلَ الرّأسَ عن جسدِهِ ويحملَهُ هديّةً للطّغاة ، الرّأسَ الّذي طالما سجد مُخلِصاً لله ، وحَملَ اللِّسانَ الّذي ما فتئ يُردِّد ذكر الله ، وينادي :
« لا اُعطِيكُم بِيَدِي إعطاء الذَّليلِ ، وَلا اُقِرُّ إقرارَ العَبيد » .
الرّأسَ الّذي حَملَ العِزّ َوالاباءَ ، ورفضَ أنْ ينحنيَ للطُّغاةِ ، أو يُطأطِئَ جبهتَهُ للظّالمين . فأكبّ الحسينُ (ع) على وجهِهِ ، وراحَ يَحْتزُّ رأسَ الشّرفِ والاباءِ ويحول بينه وبين الجسد الطّاهر.

وهكذا وقعتِ الجريمةُ ، وولغَ القَتَلَةُ بدمِ الحسين (ع) والصّفوةِ الابرارِ مِن أصحابهِ الميامين ; وحُملَ الرّأسُ لينتصبَ وساماً خالداً ، وشعاراً مجيداً على رأس رمح يَجُوبُ أرضَ الكوفةِ والشّامِ ، ليعودَ مِن جديد فيستقِرَّ في كربلاء ، إلى جوار الجسدِ الشّهيد .



 توقيع : المعارف



رد مع اقتباس
قديم 10-05-2011, 11:20 AM   #2
مديــر عام


الصورة الرمزية سيد عدنان الحمامي
سيد عدنان الحمامي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 05-03-2024 (02:52 PM)
 المشاركات : 7,694 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Iraq
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkgreen
افتراضي



السلام عليك ياباب الحوائج عبدلله الاصغر الرضيع ع

اسئل الله ان يقضي حوائجنا يارب

احسنتم كثيرا وربي ايبارك في جهودكم

ويرزقكم خيره وبركاته

موضوع مفيد للمتصفح

لكم دعاء وتحيات

وربي يرعاكم

ان شاء الله


 
 توقيع : سيد عدنان الحمامي



رد مع اقتباس
قديم 10-05-2011, 12:40 PM   #3
عضو نشيط


الصورة الرمزية خادمة الزهراء ع
خادمة الزهراء ع غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 153
 تاريخ التسجيل :  Jul 2011
 أخر زيارة : 11-07-2011 (01:43 PM)
 المشاركات : 88 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



جزاك الله خير الجزاء


 
 توقيع : خادمة الزهراء ع



رد مع اقتباس
قديم 10-05-2011, 03:10 PM   #4
مشرف


الصورة الرمزية خادم خدام الزجيه
خادم خدام الزجيه غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 05-21-2013 (05:09 PM)
 المشاركات : 1,243 [ + ]
 التقييم :  10
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



احسنت كثييييييييييييييييييييير وبي يتقبل منك خييييييييييييييييييير

شكرا عله الطرح الرائع والمميز

السلام عليك ياباب الحوائج عبدالله الأصغر الرضيع ع

روحي لك الفداء ياسيدي ومولاي

ومشكوور عله الموجود الذي تبذله في هذه الصرح المبارك والعطر

وسئل الله العلي القدير ان يوفق ويسدد خطاك بحق محمد وآل محمد ص

ارجو تقبل مروري

تحياتي ودعائي


 

رد مع اقتباس
إضافة رد


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




Loading...


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY:
! ωαнαм ! © 2010
سعودي كول