#1
|
||||||||||
|
||||||||||
قبسات من سيرة المرجع والعارف الكبير الشيخ بهجت
الميزات الأخلاقية والعرفانية 1) التقوى والورع اهتم بتهذيب نفسه من الشيخ نعومة أظفاره، فقد كان يولي تحصيل العلوم وتزكية النفس اهتماما بالغا يجعلك تشعر بأنه ليس له أي عمل آخر سوى الانشغال بهذين الأمرين. فكان يصر دائما على الجهد المتواصل والسلوك الشامل لتقوية بنية الإنسان الأخلاقية، والتي تمكنه من مواصلة الصراع والانتصار على الرذائل الأخلاقية، وتعينه في جهاده الأكبر ضد أهوائه ونفسانياته. كما كان يؤمن دوما بضرورة ملازمة العلم والأخلاق، ويحذر من خطورة افتراقهما، ويعتقد بأن الخسارة التي يمكن أن تنجم من العالم اللامهذب والعلم اللامزكى هي أكبر وأكثر بكثير من أية خسارة أخرى. فالشيخ إنسان مخلص ومشتاق، يحرص دائما على الاستفادة من جميع لحظات حياته في سبيل الله، ويسعى أن يكون دوما متصلا بالله سبحانه وتعالى، فهو ينظر إلى كل شيء وشخص بعين إلهية ربانية. يقول أحد المجتهدين الكبار في هذا الصدد: "ليس صحيحا أن نقول إن الشيخ رجل متقي فحسب، بل إنه التقوى بعينها". ويقول آية الله الشيخ جواد الكربلائي: "أخبرني أحد السادة المحبين للشيخ والمطلعين على أحواله أن الشيخ كان يقضى معظم أوقاته في كل ليلة في التفكر في مجاري المعارف الإلهية، ولم يرض أبدا أن يقضي وقته بالباطل، أو بالحضور في مجلس العبث، وكان يحترز من الكلام الفارغ، وعندما كان يذهب إلى الدرس أو إلى زيارة أمير المؤمنين (ع) كان يضع عباءته على رأسه ولا يلتفت إلى أحد أثناء مشيته ... إنه رجل كتوم خصوصا في بيان حالاته العرفانية، كما أنه كتوم في إظهار الألطاف الإلهية الخاصة التي أفاضها الله تعالى عليه ". 2) الزهد في العيش والبساطة إن أولياء الله لأ ينظرون آلي مظاهر الدنيا كما ينظر إليها الناس العاديون، بل ينظرون إلى حقيقة الدنيا، فهم لا يشغلون أنفسهم إلا بضمان مستقبلهم الحقيقي ويبتعدون دائما عن قيود المطامع، ويعيشون في صفو القناعة والتواضع. ولذلك فإنهم يحصلون على روح تفوح منها المعنوية والنقاء، أما الناس العاديون فإنهم يعيشون في ظلمات الجهل والغفلة والترف وينهمكون في المطامع والأهواء. ويعد الشيخ آية الله بهجت من أولياء الله الصالحين، فهو زاهد عارف عاش دائما بتواضع وزهد وإعراض عن الدنيا، وهو من أبرز الزاهدين في عصرنا هذا؛ فقد أدرك حقيقة الدنيا وباطنها، وانجذب بكل وجوده إلى عالم المعنى، فلم تشوبه المادة، بل تحرر من جميع قيودها. إنه لم يبتعد عن الدنيا ومظاهرها فكريا فحسب، بل خطى في هذا الطريق خطوات عملية واسعة في شتى مجالات حياته اليومية، فحياته البسيطة وإقامته في بيت قديم وصغير في مدينة قم المقدسة، وعدم استجابته لمطاليب العلماء والناس المستمرة التي تطالب بتبديل بيته، هو خير دليل على زهده وتواضعه وعظمة روحه. يقول الشيخ المصباح اليزدي مشيرا إلى زهده وتواضعه: "كان آية الله بهجت قد استأجر بيتا في جوار مدرسة (الحجتية)، ثم استأجر بيتا صغيرا في بداية شارع (چهار مردان)، ولم يكن في ذلك البيت أكثر من غرفتين، فكان يسدل ستارا وسط الغرفة التي كنا نحضر فيها، وكانت عائلته تعيش وراء ذلك الستار وكنا نحضر الدرس في الجانب الآخر، إنها حياة بسيطة بعيدة عن التكلف والترف ومفعمة بالنور والمعنوية .. وحتى يومنا هذا لا يملك الشيخ بيتا يسع لعدد كبير من الزائرين، فليس في بيته سوى غرفتين أو ثلاث غرف صغيرة مفروشة بنفس الفراش القديم الذي كان يفرشه قبل أكثر من أربعين سنة، ولم يتغير بيته بعد مرجعيته رغم أنه لا يسع لاستقبال الزائرين والمراجعين الذين يزداد عددهم يوما بعد يوم. لذا يجلس الشيخ في أيام الأعياد والأعزية في مسجد (فاطمية) لاستقبال الناس ". ويقول آية الله المسعودي: "عرض الكثير من الناس على الشيخ أن يشتروا له بيتا ولكن رفض كل هذه العروض وقد قلت له مرارا عديدة: سيدي، إن هذا بيت قديم وغير مناسب للسكن وقد لا يجوز السكن فيه من الناحية الشرعية ولكن الشيخ لم يصغ لهذا الكلام ولم يعر له أية أهمية ". 3) العبادة إن العبادة والتقيد بالعبادات يعد عاملا رئيسيا في توفيق الانسان وتكامله، وقد قطع الشيخ في هذا المجال مشوارا طويلا من شأنه أن يكون أسوة للآخرين. فعلاقة آية الله بهجت وارتباطه بربه، وذكره الدائم، ومواظبته على النوافل، وتهجده العجيب أمر يثير الدهشة ويدعو إلى الاعتبار. أما صلاة الجماعة التي يقيمها الشيخ فهي من أروع وأفضل وأخلص الصلوات التي تقام في إيران الإسلامية؛ إذ يشترك في هذه الصلاة العلماء الأفاضل، والطلاب الأتقياء، والمجاهدين الأشاوس، وباقي الناس بجميع أصنافهم. وتتحلى هذه الصلاة بالمعنوية الكاملة، بحيث يجتمع فيها أحيانا - وخصوصا في ليالي الجمعة - أنين الشيخ وبكاء المصلين، فتعرج فيها لأرواح، وتبكي فيها العيون، وتصقل فيها القلوب. ولا شك في أنه لا يوجد مكان معنوي وملكوتي كهذا في أية صلاة جماعة أخرى في عصرنا الحاضر. وليس عجيبا أن يكتظ المسجد بالمصلين ويضيق المكان بهم في أغلب الأوقات، فيضطر الكثير منهم - حتى أولئك الذين جاؤوا من مكان بعيد لينالوا فيض هذه الصلاة - أن يغادروا المسجد قبل إقامتها. إن هذه الصلاة كانت ولا زالت محطا لأنظار أولياء الله، فقد كان يحضرها آية الله الطباطبائي، وكان آية الله بهاء الديني يوليها بعنايته الخاصة. وفي هذا الصدد ينقل آية الله محمد حسن الأحمدي الفقيه اليزدي خاطرة لا يخلو ذكرها من لطف: "كان آية الله بهاء الديني يقيم صلاة الجماعة قبل آية الله بهجت في ليالي شهر رمضان، وذات يوم أراد أن يبعث أحد أقربائه إلى مكان ما ليقضي له عمل ما ، ولكن الرجل امتنع عن الذهاب قائلا: لو ذهبت فإني سأحرم من الصلاة والاقتداء بكم، فقال له آية الله بهاء الديني: اذهب واقضي لي هذا العمل، ثم أقم الصلاة مقتديا بآية الله بهجت بعد الإفطار ". ويقول الشيخ المصباح متطرقا إلى صلاة الجماعة التي يقيمها الشيخ وسوابقها قائلا: "كان آية الله بهجت يتبع برنامجا خاصا قبل أكثر من أربعين عاما، فقد كان يتمشى قبل الغروب إلى حي (الصفائيه) - الذي كان آنذاك منطقة زراعية، ولم يحدث فيه أي بناء - ويعبر بعض الشوارع ثم يجلس ويقيم صلاة المغرب والعشاء في ذلك المكان، وكان بعض الإخوة يحضرون تلك الصلاة ". ويقول أحد هؤلاء الإخوة: "ذات ليلة تحدث آية الله بهجت بعد الصلاة وقال: لو كان سلاطين العالم يعلمون كم يشعر الإنسان باللذة أثناء العبادة لتركوا سلطانهم". وبعد أن اشترى الشيخ بيته الذي يقيم فيه الآن كان أغلب الإخوة يحضرون في هذا البيت لإقامة الصلاة، لأنه كان أقرب من المكان السابق. ثم استدعي الشيخ إلى مسجد (فاطمية)، وأصبح ذلك المسجد محلا لاجتماع كل الأشخاص الراغبين في إقامة الصلاة بإمامته، وقد مضى أكثر من أربعين سنة على إقامة هذه الصلاة ثلاث مرات يوميا في هذا المسجد. وقد نقل الشيخ في الأيام الأخيرة محل إقامة درسه من البيت إلى هذا المسجد، كما تقام فيه أيضا المراسم الخاصة بالأعياد والتعازي ". ويقول آية الله جواد الكربلائي مستعرضا تهجد الشيخ وبكائه في الليل: "كان آية الله بهجت مواظبا على الصلاة والبكاء الليلي، وخصوصا في ليالي الجمعة، فقد قال لي أحد العلماء الكبار: سمعت الشيخ في إحدى ليالي الجمعة يبكي بحرقة ويخاطب ربه كرارا وهو ساجد: إلهي من لي غيرك أسأله كشف ضري، والنظر في أمري ". 4) الزيارة والتوسل يبدأ برنامجه اليومي الشيخ رغم كبر وسنه السيدة فاطمة المعصومة بزيارة (ع)، فإنه يتشرف يوميا بزيارة السيدة المعصومة، ويقف أمام الضريح الطاهر بخضوع وخشوع واحترام تام، ثم يقرأ زيارة عاشوراء. ويروي مؤلف كتاب (أنوار الملكوت) عن آية الله الشيخ عباس القوچاني وصي المرحوم الميرزا علي القاضي هذه الرواية الطريفة: "كثيرا ما كان آية الله بهجت يذهب إلى مسجد السهلة ويقضي الليل وحيدا حتى الصباح في ذلك المسجد وذات ليلة إذ لم يكن مصباح المسجد موقدا وكان الظلام دامسا، احتاج الشيخ إلى تجديد وضوئه في منتصف الليل، فاضطر إلى الخروج من المسجد والذهاب إلى الجانب الشرقي منه حيث المرافق الصحية موجودة هناك، وبينما هو يمشي في الظلام شعر الشيخ بشيء من الخوف، وفجأة ظهر ضوء أمامه وأخذ يضيء له الطريق كالمصباح، حتى أكمل الشيخ وضوئه ورجع إلى المسجد، وعندما دخل الشيخ المسجد اختفى ذلك الضوء ". 5) التواضع من الأبعاد الأخرى في شخصيه الشيخ المعنوية، التواضع والتهرب من الشهرة ومخالفة الهوى، فلم يسمح الشيخ بطبع فتاواه حتى توفي جميع المراجع السابقين له في العمر، بل حتى زملائه الذين كانوا يدرسون معه في زمن واحد مع أنه يعد من مشاهير رجال الفقه والاجتهاد ، ومن المدرسين البارزين في الحوزة العلمية في مدينة قم المقدسة، ورغم كل ذلك لم يسمح الشيخ بطبع فتاواه إلا بعد إلحاح العلماء وإصرارهم، كما أنه لم يجوز على الإطلاق استخدام الوجوه الشرعية لطبع رسالته العملية، ويؤكد دائما على الخطباء في المجلس التي يقيمها أن لا يذكروا اسمه في المجلس، وهذا دليل على تقواه وورعه ومخالفته لهواه. ويقول الحاج الشيخ قدس في تواضعه: "ذات يوم زرنا أنا وضيفي المرحوم حجة الإسلام الشيخ نصر الله اللاهوتي الشيخ بهجت، فقال ضيفي للشيخ: سمعت أحدا ينتقدك في مدينة مشهد أثناء زيارتي لهذه المدينة، فغضبت لذلك أي غضب، فقال الشيخ بهجت: لقد ورد في رواياتنا إن اتهموا عالما أقبل على الدنيا، فتأثرت ودهشت من هذا الجواب، فإن كانت حياة هذا الرجل إقبالا على الدنيا، فكيف بنا نحن؟! 6) السير والسلوك والمقام المعنوي ترجع سوابق الشيخ بهجت في السير والسلوك (المعنوي) إلى عشرات السنين، فهو من تلامذة العارف الكامل سماحة آية الله علي آغا القاضي، وكان يحظى باهتمام ذلك العالم الرباني الكبير. وقد أحرز الشيخ مقامات عرفانية جديرة وهو في عنفوان شبابه، وشهد على ذلك الكثير من مقربي المرحوم آية الله القاضي بقولهم: "نحن نعلم مقاماته العرفانية، ومطلعون على مراحل السير والسلوك التي قطعها، ولكننا على عهد معه أن لا ننبس بكلمة في هذا الصدد". كما كان الشيخ يحظى باهتمام الإمام الخميني (قدس سره)، فقد زاره الإمام والتقى به في مدينة قم في بداية الثورة. يكتب مؤلف كتاب (أنوار الملكوت) في هذا الصدد: "يعد آية الله العظمى الشيخ محمد تقي بهجت الفومني من تلامذة آية الحق وسند العرفان، العارف الأوحد المرحوم الحاج ميرزا علي آغا القاضي التبريزي (رضوان الله تعالى عليه) في مدينة النجف الأشرف، وكانت له الكثير من المكاشفات والحالات الغيبية الإلهية في عهد ذلك المرحوم، وقد حاز على مرتبة رفيعة من مراتب السكوت والمراقبة ". وكانت هذه الميزة سببا جعل المرحوم القاضي يوليه عنايته الخاصة، كما نقل الشيخ ضياء الدين الآملي نجل آية الله العظمى الحاج الشيخ محمد تقي الآملي للطلبة الحاضرين في مجلس درس آية الله بهجت وفي حضور الشيخ، أنه رأى بأم عينه المرحوم الميرزا علي آغا القاضي وهو يقتدي بالشيخ في صلاته. 7) الاطلاع علي الغيب وظهور الكرامات يعد سماحة آية الله بهجت من أولياء الله الصالحين الذين أحرزوا - بإذن الله - مقامات رفيعة تمكنهم من مشاهدة عوالما من الغيب، ولعل تكرار الشيخ لذكر (يا ستار) في خلوته، وأثناء حضوره بين الناس، وفي قيامه وقعوده ، هو بسبب هذه الحقيقة. يقول الشيخ مصباح اليزدي في هذا الصدد: "يبدو أن الشيخ قد أحرز مقاما في المراتب العرفانية والكمالات المعنوية يمكنه من مشاهدة بعض العوالم الغيبية، فإنه قد يشاهد بعض الحقائق كحقيقة بعض الأشخاص، بعين الباطن، غير أن لا يحب أن يرى الناس على هذه الحالة لذلك فإنه يكرر ذكر (يا ستار)، ويطلب من الله عز وجل أن يستر عنه ما يراه ". في الواقع أن أمثال هذه الأمور تعد من الكرامات التي لا تصدر إلا من أولياء الله، وظهور هذه الكرامات هو من نتائج الجهاد الممتد مع النفس ومخالفة الهوى، ويعتبر الشيخ آية الله بهجت من الشخصيات البارزة التي اهتمت بتهذيب النفس والخلوص لله عز وجل، ولذلك فإنه لا يستبعد على الإطلاق أن تصدر منه الكرامات والأمور الخارقة، بل إن مصاحبي الشيخ شاهدوا بأن أعينهم نماذج تؤيد هذا الأمر. يقول الشيخ مصباح مشيرا إلى بعض الشواهد في هذا الصدد: "إن الأشخاص الذين عاشروا آية الله بهجت لسنوات عديدة شاهدوا خلال هذه السنين أمورا لا يمكن تسميتها إلا ب (كرامات) أو (الأمور الخارقة) رغم أنهم لم ينوهوا للناس بأن هذه الأمور التي تصدر عن الشيخ هي من الكرامات أو الأمور الخارقة. وللاطلاع على نماذج من هذه الكرامات راجع كتاب (أسوة العارفين) لمحمود البدري. 8) اهتمامه الخاص برعاية الامور الشرعية من الميزات المهمة التي يمتاز بها الشيخ بهجت، والتي يمكن مشاهدتها في أول نظرة هو اهتمامه الخاص برعاية الآداب الشرعية وسيرة أهل البيت (ع). يقول الشيخ المصباح في هذا الصدد: "يتفق جميع علماء الأخلاق عند الشيعة - إلا من كان منحرفا في فكره وتصرفاته - على أن طريق التكامل الصحيح هو طريق العبادة، وأن الإنسان لا يمكنه الوصول إلى أي مقام معنوي إلا بإطاعة الله عز وجل والعمل بأوامره، بيد أن اهتمام العلماء برعاية الآداب الشرعية وسيرة أهل البيت (ع) ليس مساويا تماما، ويعد الشيخ بهجت من أبرز العلماء المقيدين برعاية هذه الآداب، فهو يراعي في تصرفاته ظرائفا خاصة لا يمكن وصفها بسهولة. وسأذكر لكم هذه الخاطرة لعلها تبقى في التاريخ ليعلم الذين يريدون أن يعملوا بأوامر الشريعة إلى أي مدى يجب أن يراعي الإنسان آداب هذه الشريعة؟ لقد ورث الشيخ من والده أرضا صغيرة صالحة لزرع الرز تمون جزءا من مصارف بيته، وقد اعتاد الشيخ على أن يهدي قدرا من الرز (ولو بضعة كيلو غرامات منه) إلى الأصدقاء والجيران عندما يأتون بالمحصول إلى بيته. وذات مرة تركت مدينة قم لفترة من الزمن في أيام النضال بحيث لم يكن يعرف أحد شيئا عن محل إقامتي حتى الخواص من أقربائنا، وفي هذه المدة كان الشيخ قد أرسل إلى بيتنا كيسا من الرز مرة، ومبلغا يسيرا من المال مرة أخرى. والملفت للنظر أنه أرسل إلينا هذا المبلغ بيد زوجته وولده (علي)، فأتت زوجته بالمبلغ وأعطته إلى زوجتي فيما كان ولده علي واقفا أمام الزقاق. عندما رجعت إلى البيت كنت أفكر في السر الذي جعل الشيخ يرسل بزوجته إلى بيتنا ولكني سرعان ما أدركت أن هذا العمل هو من الآداب الشرعية الإسلامية. ففي الآداب الإسلامية لو كان الزوج مسافرا يجب أن لا يذهب رجل إلى بيته، وإذا كان الذهاب إلى بيته ضروريا يجب أن تذهب إلى بيته امرأة. فهنالك ظرائف دقيقة في كلمات أولياء الله وتصرفاتهم وقيامهم وقعودهم لا يمكن فهمها إلى بواسطة علم كامل، ناهيك عن رعايتها والعمل بها، وهذه الأمور هي التي ترفع العبد في عبادته وتعزه عند ربه وتمنحه مقاما رفيعا. 9) أ سوة عملية مجسمة من الميزات التي يمتاز بها آية الله بهجت عن باقي العلماء والمجتهدين هو تأسيه العملي بالمعصومين (ع)، وهذا ما تراه واضحا من خلال قوله وفعله وقيامه وقعوده وكلامه وسكوته وأداء عباداته وابتهالاته ومعايشته للناس و ... هذه الميزة تجعل كل إنسان - حتى لو كان غافلا - أن يتجه إلى الله سبحانه وتعالى. يقول الشيخ المصباح في هذا الصدد: ". لقد تعرفت على الشيخ عام 1373 ه ق عند مجيئي إلى مدينة قم كان بيته في جوار مدرسة (الحجتية)، وكنت أراه في الطريق أو في الحرم كل يوم تقريبا كانت إشراقة وجهه وحركاته وسكناته وقيامه وقعوده تجذب الأنظار إليه، وتدل على أن هذا الرجل كان يعيش في جو معنوي خاص، فقد كانت اهتماماته بأمور أخرى تفوق اهتمامات الأشخاص ببعض الأمور. كان مقيدا بالعبادة، والقيام في الأسحار وزيارة السيدة فاطمة المعصومة (ع)، وبرامج أخرى يعمل بها كل يوم، وهذه الأمور كانت تلفت أنظار الجميع، خصوصا أولئك الذين كانوا يبحثون عن أسوة عملية يقتدون بها، وكانت توجهاته الخاصة ونظراته النافذة تزيد من أثر هذه العوامل ، فقد كان تأثيره على بعض الأشخاص تأثيرا نفسيا يجعلهم ينجذبون إليه بشكل عجيب. على أي حال كانت هذه المزايا هي الدافع الذي دعاني للتعرف على الشيخ ومعرفة خصوصياته وميزاته. لذلك طفقت أسأل الأصدقاء وبعض الأشخاص الذين كنت أحتمل أنهم على معرفة بالشيخ عن حالاته المعنوية ومكانته العلمية، فعرفت من خلال تحقيقي أن الشيخ يتمتع بمكانة ممتازة من الناحيتين العلمية والمعنوية. بعدها سمح لنا الشيخ تدريجا أن نحضر في بيته ونستفيد من نصائحه ". 10) حث الآخرين علي التكامل المعنوي والسير كتب لى سماحة آية الله الحاج الشيخ جواد الكربلائي: "سمعت قبل عدة سنين من آية الله العظمى الحاج أبو القاسم الخوئي وقبلها من آية الله العظمى بهجت: أن السيد الخوئي (رحمه الله) قال في مبحث (استعمال اللفظ في أكثر من معنى) أن هكذا استعمال للفظ هو أمر محال لأنه يستلزم (وجود) اللحاظين الآلي والاستقلالي في استعمال واحد. لكن آية الله بهجت قال للسيد الخوئي آنذاك: "من الممكن أن تصل نفس الإنسان إلى مرتبة من القوة يمكنها من الجمع بين هذين اللحاظين". في الحقيقة إن الشيخ استغل هذا المطلب لجلب انتباه آية الله الخوئي إلى ضرورة تحصيل المعارف الإلهية والاتصاف بصفات أولياء الله. فسأله آية الله الخوئي عن سبب طرحه لهذا المطلب، ثم سأله بعد إجابته عن السؤال الأول: علي أن أراجع من؟ فأجاب آية الله بهجت: عليك بمراجعة سماحة آية الله السيد علي القاضي (قدس سره). ثم توسط آية الله بهجت لترتيب لقاء بين آية الله القاضي والسيد الخوئي في صحن سيدنا أبي الفضل العباس (عليه السلام)، وقد استغرق اللقاء أكثر من ساعة ونصف. بعدها قال لي السيد الخوئي (والحديث للكربلائي): لقد استسلمت لهم وقبلت كلامهم، وقد أملى علي السيد علي القاضي برمجا خاصا لأعمل به بجميع شروطه (بملابس خاصة، وذكر خاص يجب أن يكرر بدفعات معينة)، فأحضرت جميع الشروط، وقررت أن أشرع بالعمل في الساعة الثانية بعد الظهر في مكان مناسب وهادئ من الحرم العلوي الشريف. ولكن - وللأسف الشديد - عندما أحضرت كل شيء وأردت أن أشرع بقراءة الذكر نسيت كلماته، فحاولت أن أتذكرها ولكن بدون جدوى، فيئست وقلت لنفسي: يا أبا القاسم، إنك لم تطلب لهذا الأمر، وكانت تلك الكلمات كما يلي: "لا إله إلا هو، وعلى الله فليتوكل المتوكلون ". ويقول آية الله العظمى السيد عبد الكريم الكشميري من تلامذة العارف الأوحد السيد علي آغا القاضي: "كنت جالسا مع بعض الأصدقاء وأتحدث معهم في حرم أمير المؤمنين (عليه السلام) في النجف الأشرف لأنني كنت مرهقا من الدراسة والبحث، وبينما نحن على هذا الحال دخل علينا آية الله بهجت فانتظر قليلا حتى ابتعدت عن أصدقائي ثم همس في أذني: ما للعب خلقنا. فأضرم هذا الكلام النار في قلبي، وأحدث انقلابا في وجودي، وزاد من حيرتي، وجعلني أبحث عن الحقيقة. بعد ذلك وفقني الله تعالى للحضور في محضر المرحوم القاضي (رحمه الله) ". 11) النظم وبرمجة الأعمال يكتب أحد تلامذة الشيخ: "أن الشيخ يراعي الدقة والنظم في أعماله حتى إنه برمج لنفسه أن يذكر ذكرا خاصا بعد خروجه من البيت حتى وصوله إلى المسجد وبعد ذلك يذكر ذكرا آخرا، وهكذا حتى لا يضيع وقته كما وضع برنامجا للنوافل اليومية بهذه الطريقة ". 12) المداومة علي الذكر يقول حجة الإسلام والمسلمين خسروشاهي: "من الميزات البارزة التي يمتاز بها آية الله بهجت هي مداومته على الذكر ذات يوم عندما كان الشيخ يرجع من المسجد إلى البيت بعد صلاة الجماعة التفت إلى الطلاب الذين كانوا يشايعونه في الطريق وقال: هل عندكم عمل معي فقالوا:؟ كلا، بل نريد أن نمشي معك لننال شرف مشايعتك فقال الشيخ: إن لي برنامج خاص وهو ذكر أذكره في طريقي من المسجد إلى البيت، ولكني عندما أراكم أظن أن عندكم عمل معي، فأوقف الذكر وعندما أصل البيت أرى أن برنامجي لم يكتمل فأمتعض من ذلك ". 13) التفكر قبل الكلام ويقول السيد خسروشاهي أيضا: "من الميزات البارزة التي يمتاز بها الشيخ هو أنه إذا أراد أن يقول شيئا فإنه يفكر قبل أن ينطق ذلك الكلام حتى أنه يفكر في كيفية بيان المطلب وصياغة الجمل والكلمات ليكون كلامه موجزا من جهة، وواضحا ودالا على المقصود من جهة أخرى ". 14) كتمان الحالات المعنوية يقول الشيخ مصباح في هذا الصدد: "من الميزات البارزة التي يمتاز بها الشيخ هو كتمانه لمقاماته المعنوية، فقل ما يقول شيئا أو يتصرف تصرفا يوحي للإنسان أنه قام بعمل خارق، أو أنه لديه علم خارق، ولكن الأشخاص المطلعين على حياته والذين عاشوا معه وعاشروه لمدة طويلة كانوا يشاهدون منه أحيانا موارد خاصة لا يمكن حملها إلا على قدرته الخارقة ومقامه المعنوي الرفيع، لأن الشيخ يمتلك قدرات معنوية فائقة ". 15) بشكل غير مباشر التربية وفي هذا الصدد يقول الشيخ مصباح أيضا: "كنا نحضر درس الشيخ قبل شروعه ببضع دقائق لنستفيد من دروس الشيخ الأخلاقية، وكان الشيخ يحضر قبل الدرس أيضا، ويجلس في الغرفة التي يقام فيها الدرس، فيبدأ كلامه بالنصيحة بشكل غير مباشر وبطرق مختلفة، أي أنه كان يذكر فور جلوسه حديثا أو رواية تاريخية تتناسب مع تصرفاتنا في اليوم الماضي، فكأنه كان ينتقد حالاتنا ويذكرنا بالنواقص الموجودة في تصرفاتنا بواسطة ذكر هذا الحديث أو تلك الرواية وهذا ما يذعن له جميع الإخوة، فالجميع يقولون: إن الشيخ يتحدث عن أمور تنطبق على حياتا تماما، فهو يحل مشاكل حياتنا ويذكرنا بقصورنا وأخطائنا بذكر هذا الحديث أو تلك الرواية. على أي حال كانت طريقته التربوية في التعامل مع الآخرين غير مباشرة، فلم يقل لنا افعلوا هذا ولا تفعلوا ذلك أو أنكم اقترفتم هذا العمل السيء، بل كان يذكرنا لأخطائنا ونواقص أعمالنا بذكر حديث مناسب أو رواية تاريخية أو قصة معبرة ويجعلنا نفكر في إصلاح أخطائنا ". آية الله العظمى بهجت في كلام الآخرين راى الامام الخميني (قدس سره) كان الإمام (رحمه الله) يولي آية الله بهجت عنايته الخاصة، وقد يكون نقل بعض الأحداث في هذا المجال خير دليل على هذا الادعاء: يقول آية الله المسعودي: "في غضون الأربع أو الخمس سنوات التي كنت أخدم خلالها الإمام (رحمه الله) أذكر أن الإمام قال لي مرتين أو ثلاث مرات: سنذهب غدا إلى بيت الشيخ بهجت، فكن على استعداد لذلك وفي اليوم التالي كنا نأتي إلى بيت الشيخ (بيته الحالي الذي يقيم فيه الآن) ونجلس في الغرفة الأولى التي كانت مفروشة آنذاك بنفس الفراش المفروش فيها الآن، ثم يشير الإمام لي أن اخرج فأخرج من البيت، ويبقى الإمام يتحدث مع الشيخ لنصف ساعة تقريبا، ثم يخرج من البيت ونذهب سوية. أما ما هو الموضوع الذي كانا يتحدثان عنه فلا علم لي بذلك ولا يعلمه إلا الله. كما كان الشيخ بهجت يقول لي أحيانا في أيام النضال (عام 1963 و 1964): "قل للسيد الخميني أن يذبح رأسين من الغنم في صباح الغد في الساعة الكذائية قربة إلى الله تعالى". وكنت آتي الإمام وأخبره بالأمر، وكان الإمام يقول لي حينذاك: "قل للقصاب (السيد فوجي الذي مازال على قيد الحياة) أن يذبح رأسين من الغنم على حسابنا، وسأدفع له ثمنهما في وقت لاحق". كما قال لي الشيخ مرة أخرى: "قل للإمام أن يذبح ثلاثة رؤوس من الغنم"، فأمر الإمام حينها أن يذبحوا ثلاثة رؤوس من الغنم. وكان كل هذه المسائل تجري بين الإمام والشيخ بهجت، وكنا نشاهد ظاهرها فقط، ولم يكن لدينا أي اطلاع عن باطن الأمر. وأيضا عندما كان الإمام يقيم يفي جماران، قال لي الشيخ بهجت ذات مرة: "عندي رسالة صغيرة أرجو أن توصلها إلى الإمام"، فأخذت منه الرسالة ووضعتها في ظرف وأعطيتها للإمام. على أي حال كانت علاقة الشيخ بالإمام وثيقة جدا. أذكر أن الإمام (رحمه الله) ذهب بمعية الشيخ حسن صانعي إلى بيت الشيخ بهجت عدة مرات، فقد كنا (أنا والشيخ صانعي) في خدمة الإمام عندما كان الإمام يقيم في مدينة قم المقدسة، وكان الشيخ بهجت يولي بدوره الإمام عناية خاصة. يقول أحد تلامذة الإمام (قدس سره): "بعد إطلاق سراح الإمام ومجيئه إلى قم المقدسة عام 1963، أقام الناس مجلس فرح في جميع الأحياء في هذه المدينة، وكان بيت الإمام آنذاك مكتظا بحشود الناس، وكان آية الله بهجت من الذين كانوا يأتون إلى بيت الإمام في كل يوم، فقد كان يقف بضع دقائق أمام باب إحدى الغرف في البيت، وعندما يقترح عليه أن يجلس داخل الغرفة كان يجيبهم بقوله: "إني ألزم نفسي بالمجيء إلى هنا والوقوف في هذا المكان بضع دقائق تكريما لهذه الشخصية العظيمة". ويقول الشيخ مصباح اليزدي في هذا الصدد: "يروي المرحوم السيد مصطفى (رضوان الله عليه) عن أبيه المرحوم الإمام (أعلى الله مقامه):" كان الإمام يعتقد أن الشيخ بهجت يتمتع بمقامات معنوية ممتازة جدا، ويضيف السيد مصطفى (رحمه الله): كان أبي يقول: إن الشيخ يتمتع بقدرة "الموت الاختياري"، أي أنه يستطيع أن يخلع روحه عن جسده، ثم يرجعها في أي وقت يشاء، ويعد هذا المقام من المقامات الرفيعة التي يمكن أن يصل إليها العرفاء في رحلة السير والسلوك العرفاني، كما أن للشيخ مقامات معنوية أخرى في المعارف التوحيدية يعجز لساني عن التحدث عنها ". ويقول الشيخ مصباح في مكان آخر: "يروي المرحوم السيد مصطفى (رحمه الله) عن أبيه المرحوم الإمام (رحمه الله): عندما رأى الإمام (رحمه الله) بساطة حياة الشيخ أخذ من السيد البروجردي (الذي كان له ارتباط وثيق معه) مبلغا من المال ليعطيه إلى الشيخ بهجت، غير أن الشيخ رفض هذا المبلغ، ومن ناحية أخرى لم ير الإمام المصلحة في إرجاع المبلغ للسيد البروجردي، ففكر بطريقة يعالج بها هذه المسألة، فقال للشيخ: "أنا أهبك مبلغا من مالي الخاص، وأنت اسمح لي أن لا أرجع هذا المبلغ "، وهكذا قبل الشيخ المبلغ كهبة من أموال الإمام الخاصة". وأيضا يقول الشيخ مصباح اليزدي في العناية الخاصة التي كان يوليها الإمام للشيخ بهجت: "ذات مرة تشرف خبراء القيادة بزيارة الإمام الراحل (رحمه الله) وطلبوا من إرشادا في المسائل الأخلاقية، فأحالهم الإمام إلى زيارة آية الله العظمى الشيخ بهجت، فقالوا له: إن الشيخ لا يقبل أحد فقال الإمام:؟ أصروا عليه حتى يقبل ". الشيخ بهجت من وجهة نظر باقي العلماء: 1) العلامة الطباطبائي (رحمه الله): "الشيخ بهجت هو عبد صالح". 2) آية الله العظمى بهاء الديني (رحمه الله): "يعتبر الشيخ بهجت أغنى رجل في العالم (من الناحية المعنوية)". 3) آية الله فكور (رحمه الله): "يقول آية الله محمد حسن الأحمدي:" كان آية الله فكور يولي الشيخ بهجت عناية خاصة، وكان يقول: إن الشيخ بهجت من الأشخاص الاستثنائيين، وخصوصا في المجال المعنوي ". 4) آية الله الحاج السيد عبد الكريم الكشميري: "سئل السيد الكشميري: من هو الشخص الذي تعرفه الآن كأستاذ، فقال: الشيخ بهجت، الشيخ بهجت". 5) آية الله السيد أحمد الفهري: "سئل السيد الفهري أيضا:" من هو الشخص الذي تعرفه الآن كأستاذ كامل؟ فقال: "الشيخ بهجت، الشيخ بهجت". 6) آية الله الشيخ عباس القوچاني "يقول الشيخ مصباح اليزدي" من الأشخاص الذين كانوا يعتقدون بأن الشيخ بهجت يتمتع بكمالات معنوية رفيعة هو الشيخ عباس القوچاني وصي المرحوم السيد علي القاضي، الذي كان يعيش في مدينة النجف الأشرف، فقد كان يقول: عندما كان الشيخ بهجت شابا وقبل أن يبلغ العشرين من عمره (وبتعبير القوچاني قبل أن تظهر اللحى على وجهه) كان قد حصل على مقامات رفيعة اطلعت عليها من خلال صداقتنا وارتباطنا الوثيق، وقد أخذ الشيخ مني عهدا شرعيا على أن لا أنقل شيئا منها لأحد ". إني أظن - والحديث هنا للشيخ مصباح - أنه يقصد الموت الاختياري " إن الشيخ وصل إلى هذه المقامات في هذا السن المبكر، ولك أن تتصور منزلته من القرب الإلهي بعد أن بلغ الثمانين، وبعد عمر طويل من السبر والسلوك والاستقامة في العبادة والعمل بالتكاليف. وهذا هو السبب الذي يجعل كل مؤمن أن ينجذب إليه عند رؤيته، وخصوصا عند رؤية حالاته العبادية، فليشترك الناس في صلواته إذا وفقهم الله لذلك لأن فيها بركات كثيرة ". 7) آية الله المشكيني: "يحتل آية الله بهجت مرتبة رفيعة جدا بين علماء الشيعة من الناحية العلمية في الفقه والأصول، كما يحتل مرتبة أعلى من ناحية التقوى والكمالات وعظمة الروح كذلك يحتل أساتذته مرتبة رفيعة جدا بحيث يجب أن ننظر إليهم كما ننظر إلى النجوم في السماء، لذا إن كتابة الكتب حول شخصية الشيخ وأبعادها هو أمر ضروري ". 8) آية الله العلامة محمد تقي الجعفري: "لقد ورد في الروايات:" من لم يزر عالما أربعين يوما مات قلبه "، وأيضا:" زيارة العلماء أحب إلى الله تعالى من سبعين طوافا حول البيت ". وآية الله بهجت هو مصداق بارز (للعلماء) في هذا الحديث. فإن صرف النظر إليه وزيارته هو بمثابة موعظة تامة. وإني كلما التقيت به يبقى أثر هذا للقاء في نفسي لعدة أيام، فهو في الحقيقة نذير لنا ". 9) آية الله بدلا: "كانت مقامات الشيخ بهجت واضحة منذ كنا نحضر درس آية الله البروجردي، وكان واضحا آنذاك أن الشيخ يليق بهذه المقامات". 10) آية الله مصباح اليزدي: "يجمع آية الله بهجت دقائق المرحوم الميرزا محمد تقي الشيرازي عن طريق تلامذته البارزين من قبيل الشيخ محمد كاظم، كما يختزن إبداعات المرحوم النائيني والمرحوم الشيخ محمد حسين الأصفهاني، والتربية المعنوية للمرحوم القاضي (قدس سره) فقد ربى هؤلاء الأساتذة شخصية جامعة تعد من أكبر النعم في عصرنا، هذا ومن المناسب أن يستفاد من لحظات عمره قدر المستطاع. إن الله تعالى من على الشيخ بميزات خاصة ومواهب ذاتية لم يكتسبها من أحد، غير أنه وعلى الرغم من ذلك كان ولا يزال يكتم مقاماته المعنوية، فلم يجوز لمن يعلم عنها شيئا التحدث بها ". ويقول الشيخ المصباح أيضا: "لقد اهتم آية الله بهجت بالمسائل العلمية وتعامل معها بدقة؛ فكان يعتقد أن الدرس هو تكليف واجب وجدي، وكان يولي التحقيق في المسائل الفقهية عناية خاصة، كما كان يهتم بالمسائل العبادية والمعنوية، ويعتقد أنها الجناح الثاني لعروج الإنسان وتكامله" . 11) آية الله طاهري شمس: "لقد وصل آية الله بهجت إلى مستوى رفيع وأفق عال (من الفقه)، بحيث إنه لو نظر إلى الأحكام والشرائع الإسلامية استطاع أن يستخرج فتوى ترضي الله تعالى ولا خلاف في ذلك". 12) آية الله الشيخ جواد الكربلائي: "خلال إقامتي في مدينة طهران وقم في هذه السنين سمعت من البعض مطالب تدل على أن الشيخ آية الله بهجت يتمتع بألطاف إلهية خاصة، فهنيئا له ثم هنيئا له". 13) آية الله آذري القمي: "يعد آية الله العظمى الشيخ بهجت من تلامذة الآيات العظام النائيني والمحقق الأصفهاني، وله سوابق قيمة في التحصيل والتدريس، فقد تلمذ على يده بعض فضلاء الحوزة العلمية في قم لأكثر من خمسة عشر عاما، وأصبحوا من المجتهدين البارعين، وقد اشتهر بالتقوى والورع في مدينة قم المقدسة إضافة إلى شهرته العلمية التي غزت الآفاق. وكما يقول بعض الإخوة لا يمكن القول أن الشيخ إنسان متقي فحسب، بل هو التقوى بعينها. فالتقوى والعدالة هي من أفضل الصفات التي يجب أن يتصف بها مراجع التقليد، وقد اتصف الشيخ بهاتين الصفتين وجسدهما في نفسه ". 14) آية الله مسعودي الخميني: "لقد قل أمثال الشيخ بهجت في كل العصور، لذا يجب الاستفادة منه بأحسن وجه، وخصوصا أنه نال درجة رفيعة من الناحية الأخلاقية والمعنوية فليذهب إليه الجميع، وخصوصا الشباب والباحثون عن الأخلاق ليتعلموا منه دروسها، لأن وجود الشيخ يجسد المعنوية والأخلاق، وحتى النظر إلى وجهه فيه فوائد أخلاقية ومعنوية جمة ". 15) حجة الإسلام والمسلمين فقهي: "إن كانت شجرة الإنسانية أثمرت ثمرة طبية أخرى غير المعصومين (عليهم السلام) فإن إحدى هذه الثمرات هو الوجود المقدس لآية الله العظمى الشيخ بهجت". 16) أحد فضلاء حوزة النجف: "كان (الشيخ بهجت) عالما مجتهدا مسلما منذ أيام شبابه، وكان أمينا موثقا من قبل بعض الخواص منذ ذلك الحين، بحيث كان العلماء يتفقون على الاقتداء به في السفر إلى كربلاء المقدسة آنذاك.؟ 17) مؤلف كتاب خزينة العلماء: "يعد آية الله الحاج الشيخ محمد تقي بهجت الغروي الفومني من الآيات العظام، والمدرسين الكبار، والعلماء المعروفين في الحوزة العلمية، ومن مفاخر العلم في محافظة گيلان وقضاء فومن، فهو عالم بارز، ومهذب صالح، وزاهد ورع، أعرض عن الدنيا ومظاهرها، وأكثر الاستذكار والذكر، وقد اهتم به أفاضل المدرسين والعلماء في الحوزة العلمية في مدينة قم، وأولوه عنايتهم الخاصة ". 18) آية الله محمد حسين الفقيه اليزدي: "إننا على يقين من أن آية الله بهجت سوف يكون من حجج الله يوم القيامة، وإذا لم نستطيع أن نستفيد من محضره بشكل صحيح فإننا سوف يحكم علينا، وسوف لا يكون لدينا جواب نجيب به ربنا". 19) حجة الإسلام والمسلمين أمجد: "يعد الشيخ من مفاخر العلماء في عصرنا، فكل من يعرفه (بشكل أو بآخر) يعلم أنه حاز على مرتبة عالية من العلم والمعنوية و .. فإني أعتقد أنه ليس له مثيل في العلم والمعنوية وبعبارة أخرى أنه ملك يسكن الأرض، فعلينا أن نستفيد من بركات وجوده ". 20) حجة الإسلام خسروشاهي:. "لا يمكن معرفة آية الله العظمى بهجت وكمالاته المعنوية إلا بتهذيب النفس وتوسعة الوجود فكل شخص يمكنه أن يدرك الأشياء على قدر سعة وجوده إذن لو أردنا أن نعرف كمالات الشيخ وجب علينا أن نهذب أنفسنا، ونوسع دائرة وجودنا؛ كي يتسنى لنا أن نستفيد من كمالاته ومعنوياته ". 21) آية الله هادوي: "إن آية الله بهجت هو تجسيد لمعنى السير والسلوك والجهاد والاجتهاد في سبيل الله والحقيقة وبعبارة أوجز: إنه تمثال لعمر من الجهاد". مرجعيته وحكمته ووعيه السياسى المرجعية يعد الشيخ بهجت من أشهر الفقهاء في عصرنا هذا، فقد اشتغل بتدريس مباحث خارج الفقه والأصول لأكثر من ثلاثين سنة، لكنه رغم ذلك كان يرغب دائما عن قبول المرجعية. يقول الشيخ مصباح في سبب قبول الشيخ للمرجعية وعدم تغيير وضعيته بعد قبول هذه المسؤولية: "لم يتغير بيت آية الله بهجت بعد قبوله المرجعية، وبما أنه ليس من الممكن أن تتم اللقاءات والزيارات في بيته لذا تتم هذه اللقاءات في مسجد (فاطمية) في أيام الأعياد والتعازي. إني أعتقد أن قبول الشيخ لمسؤولية المرجعية هي إحدى كراماته، أي أن ظروف حياته وعمره الذي ناهز الثمانين لا يقتضيان له هكذا مسؤولية، فالأشخاص الذين كانوا يعرفونه عن كثب لم يكادوا يصدقون بأنه سوف يوافق على حمل لواء المرجعية وقبول مسؤوليتها. ولا شك في أن قبول الشيخ لهذه المسؤولية لم يكن إلى بسبب شعوره العميق بأن قبول هذا الأمر هو واجب عيني. وعلينا أن نقول إن تصرف الشيخ في عصرنا هذا مع كل هذا الورع والزهد قد أتم الحجة على الآخرين، فمن الممكن أن يكون الإنسان مرجعا دينيا ويعيش في نفس الوقت ببساطة وبدون أي تغيير في ملبسه ومأكله ومسكنه وأمور حياته الأخرى ". بعد وفاة المرحوم آية الله السيد أحمد الخوانساري شرع الشيخ بتصحيح الجزئين الأول والثاني من كتاب (ذخيرة العباد) - الذي يسمى الآن بجامع المسائل - وأمر بتوزيعه على الخواص من تلامذته فقط، كما سمح بنشر رسالته العملية (فتاواه) قبل وفاة المرجع القدير آية الله العظمى الأراكي (رحمه الله). وأخيرا وبعد أن قامت جامعة المدرسين بنشر بيان تعرف فيه سبعة أشخاص من بينهم سماحة آية الله العظمى بهجت لأمر المرجعية، وبعد إعلام مرجعيته من قبل عدد آخر من العلماء من أمثال آية الله المشكيني وآية الله جوادي الآملي و ... وبعد إصرار مداوم، وإلحاح مستمر، وافق الشيخ على طبع رسالته العملية (فتاواه)، ونشرها بأعداد كبيرة، غير أنه لم يوافق على طبع اسمه على غلاف الكتاب. يقول أحد المرتبطين بالشيخ في هذا المجال: "لقد أرسل الشيخ وصية إلى جامعة مدرسي الحوزة بعد اطلاعه على أن هذه الجامعة تريد أن تعرف اسمه كمرجع للتقليد، قال فيها: أنا لست راضيا من أن يذكر اسمي". بعد وفاة المرحوم الأراكي وصدور بيان جامعة مدرسي الحوزة، وبعد اطلاع الشيخ على نشر اسمه، قال: "لا تسمحوا بإعطاء فتاواي لأحد"، فطلب منه أن يوضح قصده، فقال: "اصبروا حتى يطبع الجميع فتاواهم، بعد ذلك إذا بقي أحد ولم يقلد من الآخرين وأراد أن يقلدنا حينئذ اطبعوا فتاواي "، وبعد عدة أشهر من هذا الحدث طبعت رسالته بواسطة بعض الأخوة اللبنانيين. الآراء السياسية كتب حجة الإسلام قدس والمسلمين هذه السطور للمؤلف: "لقد أوضح الشيخ بهجت في باب الخراج ومقاسمة المكاسب المحرمة، وقبل التطرق إلى مبحث ولاية الفقيه وهل أن هذه الولاية هي ولاية الفقيه أم أنها مقيدة ومحدودة ببعض أبواب الفقه ما يلي (النقل بالمعنى) : كلنا نعلم أن الدين الإسلامي الحنيف هو آخر دين، وأن الأحكام والقوانين الإسلامية هي آخر أحكام وقوانين وضعها الله تعالى للناس، فلن يأتي بعد خاتم الأنبياء (ص) أي نبي خر، ولن يرسل الله أي كتاب بعد القرآن الكريم، فيجب أن يبقى هذا الكتاب كتابا للقانون حتى يوم القيامة، وتبقى العترة الطاهرة مبينة لهذا الكتاب. وواضح أن الأمة الإسلامية المحمدية في عصر الإمام المعصوم (وإن كان الإمام مسجونا أو مبعدا) تستطيع أن تعرف تكاليفها، ولو بصعوبة ومشقة كبيرة، عن طريق الإمام المعصوم (ع). ولكن الحديث هو عن عصر غيبة صاحب الأمر (عج) الكبرى؛ إذ لا يمكن افتراض أكثر من ثلاثة فروض في هذا العصر: الفرض الأول: هو تعطيل الكتاب والأحكام والقوانين الدينية، والفرض الثاني: هو أن تبقى هذه الأحكام قائمة بذاتها أي أن تكون نفسها واسطة لإبقاء نفسها، والفرض الثالث: هو أن تكون هذه الأحكام بحاجة إلى مدير وحاكم ومبين وهو ولي الأمر أو المجتهد الموهل للقيادة. أما الفرض الأول فهو فرض باطل لأسباب وأدلة عقلية ونقلية؛ لأن الدين الإسلامي الحنيف هو آخر الأديان، ويجب أن يبقى دينا غالبا حتى يوم القيامة. أما الفرض الثاني فهو فرض باطل أيضا؛ لأن القانون لا يمكن أن ينفذ ويصان إلا بواسطة شخص أو أشخاص. إذن لابد لنا من قبول الفرض الثالث، فنقول: إن ولي الأمر هو الذي يجب أن يصون المجتمع الإسلامي بجميع شؤونه وأبعاده. ومن ناحية أخرى، أن المجتمع الإسلامي يحتاج إلى مؤسسات عديدة من أمثال: الجيش والتعليم والتربية ومحاكم العدل و ... لذا يجب أن تكون يد الولي الفقيه مبسوطة في جميع الشؤون المادية والمعنوية، ويكون الفقيه شارحا ومبينا لأحكام الشرع، ومرشدا للناس وحلالا لمشاكلهم. ونستنتج من هذا أن الولي الفقيه يجب أن يكون متمتعا بجميع شؤون الإمام المعصوم (ع)، سوى الإمام، كي يكون قادرا عل تطبيق شرائع الإسلام، وإلا في حالة وجود المؤسسات الحكومية الرسمية، فإن أعداء الإسلام سوف لا يدعونه أن يطبق الشرائع براحة بال. كما يمكننا أيضا أن نستدل ببرهان الخلف ونقول لا يمكن لأي مجتمع أو دولة أن تدوم وقد عم فيها الشغب والفوضى، لذا يجب أن يكون هنالك قانون وحكومة، ومن الواضح أن حكومة الكفر والطاغوت في المجتمع الإسلامي سوف تقضي على الدين الإسلامي الحنيف، وهذا ما يخالف فرضنا الأول الذي قلنا فيه أن الدين الإسلامي يجب أن يبقى إلى يوم القيامة بالأدلة العقلية والنقلية، فقد قال الله تعالى في محكم كتابه: {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه ...}. ثم تطرق الشيخ بهجت بعد هذه المقدمة إلى محدودة صلاحيات الولي الفقيه. الحكمة والوعي السياسى في البداية ترجمة سنستعرض آراء تلميذين من تلامذة الشيخ في هذا المجال: يقول الشيخ مصباح اليزدي: "لقد من الله على الشيخ بميزات فردية وقدرات ذاتية غير مكتسبة فهو يتمتع بفطنة وذكاء خاص، وله رؤى واضحة ودقيق في المسائل الفردية والاجتماعية والسياسية، وهذا ما يثير إعجاب الإنسان، فكيف يمكن لرجل متعمق في المسائل العملية والعبادية أن يدرك أمورا دقيقة كهذه. قد يظن الناس الذين يرون الشيخ من بعيد وهو يصلي أو يدرس أن الشيخ لا يهتم بالمسائل السياسية والاجتماعية، ولكني أقول لكم إن الشيخ كان أكبر مشجع لي على التدخل في القضايا السياسية والاجتماعية. فقد كان يوصي أصدقائه وتلامذته أن يهتموا بهذه المسائل، وكان يعتقد أن عدم التدخل المؤمنين الملتزمين سيسبب سيطرة من هو ليس أهلا، على مقاليد الأمور في السياسة والاجتماع، وسينحرف المجتمع الإسلامي عن الصراط المستقيم. فعندما كان يدرسنا الشيخ الفقه أو الأخلاق كان يؤكد علينا أيضا أن لا نبقى بعيدين عن المسائل السياسية والاجتماعية. وكان يوصينا دائما أن نقوم بنشاطات في هذه المجالات، وخصوصا في مجال العمل الثقافي. حتى إنه كان يرسل وصايا إلى سماحة الإمام الخميني (قدس سره) تتعلق ببعض القضايا السياسية، وقد حملت أنا وأحد الإخوة إحدى هذه الوصايا إلى الإمام ذات مرة. ويقول آية الله المسعودي حول آراء الشيخ السياسية التي كان يطرحها في درسه: "كان الشيخ يقول: لقد نال الأعداء من الإسلام قدر ما استطاعوا منذ صدر الإسلام إلى يومنا هذا كما كان يتعرض في حديثه إلى الشاه أحيانا ويقول: لقد دمر هؤلاء كل شيء، إنهم يريدون القضاء على الإسلام، كما أذكر (في عام 1963 أو 1963) عندما بدأ الإمام نضاله ضد الشاه، سئل الشيخ: أما تعتقد أن السيد الخميني يتحرك بسرعة أكثر مما هو مطلوب منه فأجاب الشيخ:؟ أما تعتقد أنه يتحرك بسرعة أقل مما هو مطلوب منه؟! ". ويبدو أن المقصود من السرعة القليلة هنا هو اعتقاد الشيخ بأن الإمام كان عليه أن يعلن الجهاد. ويقول حجة الإسلام والمسلمين فقهي في هذا الصدد: "عندما نفي الإمام إلى تركيا، قال الشيخ بهجت في درسه يوما: هل من أحد يقتل بعض الزعماء الخونة في هذه الدولة. وكثيرا ما كان يأتي للشيخ أشخاص ينتسبون إلى جهات سياسية مختلفة فيتحدثون عن مخالفتهم لبعض القضايا السياسية، ولكن الشيخ لم يتأثر أبدا بكلامهم، بل سار دوما على النهج القويم محافظا على استقلاله وسيرته الخاصة، فلم يدافع قط عن المغرضين والمعارضين، بل كما يقول أحد العلماء البارزين (وهو من المسؤولين الكبار في نظام الجمهورية الإسلامية المقدس ومن تلامذة الشيخ بهجت): لقد انخرط الكثير من الفضلاء البارزين في الحوزة العلمية في العمل السياسي والنضال ضد النظام البهلوي البائد بتشجيع وتأكيد من الشيخ. نعم، تطرق الشيخ إلى القضايا والسياسية في درسه وإرساله الوصايا إلى سماحة الإمام الخميني (رحمه الله)، واستقباله للثوار والمجاهدين، ومؤازرتهم لهم في أيام الثورة الإسلامية والدفاع المقدس، وزيارة الإمام الخميني (رحمه الله) والسيد علي الخامنئي له في بيته، وارتباطهم المستمر بهذا الفقيه المتعمق، إنما يدل على وعي الشيخ واهتمامه بالقضايا السياسية ". نسال الله تعالى القبول تحياتي للجميع نورجهان |
11-12-2012, 11:46 AM | #5 |
عضو نشيط
|
اللهُم صّلِّ على محمد وآلِ محمد وعَجِل فرجهُم والعَن عدوَّهم إلى قيام الدين
طرح في قمة الابداع والروعه طيب الله أنفاسكم أختي وجزاكم الله خير الجزاء وأجركم على أباعبدالله الحسين موفقين لكل خير ان شاء الله نسألكم الدعاء. |
|
|
|
|