نفحات تفوح بعطر من أرسله الله رحمة للعالمين

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على من بعث رحمة للعالمين وعلى آله الطيبين الطاهرين
ماذا عساي أن أقول وبأي جملة أبدأ حديثي ، العقل وإن بدا راقياً فهو في مقابل هذا الحدث العظيم ضعيف هزيل لأنه لم يكن ليرتقي إلا بصاحب هذا اليوم الذي تشرف به الوجود وسعدت به الدنيا وتزينت له جنان الحور وتلألت له السماء بلمعان النجوم والأرض أزهرت بالورود وأنبتت بالخير وابتهج لميلاده الموحدون وغُلت له أيدي الشياطين وانطفأ إيوان كسرى وتزلزل عرش قيصر ونُكست الأصنام وانبلج شعاع الهدى ليُضيء العقول .
الفكر يحتار كيف ومن أين يبدأ صياغة الكلام الطيب فيمن تفوح الأطياب من جنبات نفسه والقلم يخجل أن يخط كلاماً ضئيلاً لا يرتقي إلى عظمة الحدث الذي استضاء له الكون بميلاد سيد الأنام صلى الله عليه وآله فلا جدوى لملئِه بالمداد ، والحروف كلما جمعتها تساقطت وتبعثرت مُبدية عجزها عن إيجاد كلمات تفي بعظمة ميلاد هذا النبي العظيم
نعم أيها الأخوة
في هذا اليوم العظيم أشرقت شمس الصباح على حدث ليس له مثيل حيث مَن الله على البشرية جمعاء بميلاد رحمته للعالمين ، لينشرها على ربوع المعمورة من خلال الرسالة الخالدة والتي تحوي النور المُبين ليُضيء بها العقول ويُزكي بها النفوس ويُزيل بها الأردان من القلوب ، تلك الرحمة التي بها تستقر الأرض لتُظهر خيراتها وتُبدي كنوزها بعد ما تكتمل العقول وتصفو النفوس والظلم يتلاشى والجور يزول
رحمة الله قد تجلت في شخص محمد رسول الله صلى الله عليه وآله ، وبدت للخلق في ميلاده العظيم ، وبان أثرها ليراه القريب والبعيد ، ليُسعد ذلك الأثر الطيب الموحد ويغيظ المشرك ، ويُرعب كل مُتجبر ، ويُقيد فعل إبليس .
يأذن الله في هذا اليوم بالوجود المادي لهذا النبي العظيم ليهدي به الناس ليخرجهم من الظلمات إلى النور من خلال رسالته الخاتمة والمتممة للنعم والمكملة للدين ، والمختومة بالعترة الطاهرة ، لتبقى خالدة رغم أنوف الظالمين ، حتى يُظهر الله بخاتم أوصياء ذلك النور العظيم دينه على الدين كله ، ويُبدي للناس دولة العدل والتي فيها الخلاص من الإستعباد والإستضعاف ، وفيها الرقي وفيها النجاح وفيها الغنى وفيها الصلاح ، وفيها الوئام فيما بين الخلق أجمعين
فحمداً لك يارب أن هديتنا لأن نكون من أمة صاحب الخُلق العظيم ، ومن أرسلته رحمة للعالمين ، وحمداً لك أن جعلتنا من شيعة أخيه أمير المؤمنين ، وحمداً لك أن وفقتنا لمعرفة إمام الزمان ، وجعلتنا له مبايعين ، وحمداً لك أن أسعدتنا بهذا اليوم وطيبتنا بعطر الجنان الفائح من نفس خير المرسلين ، وحمداً لك أن زينت مجالسنا بحفل عظيم ، وفرحة كبرى نحيي بها ميلاد الأمين
وحمداً لك أن وفقتني لأصدح باسم البشير النذير

صــ آل محمد ــداح