السيّدة زينب (عليها السّلام) تجمع العيال والأطفال
لقد أوصى الإمام الحسين اُخته السيّدة زينب بالمحافظة على العيال والأطفال بعد استشهاده (عليه السّلام) ، ويعلم الله كم كان تنفيذ هذه الوصيّة أمراً صعباً ، وخاصةً بعد الهجوم الوحشي على مخيّمات الإمام الحسين (عليه السّلام) ، وبعد إحراق الخيام ، وتبعثر النساء والأطفال في الصحراء !
ففي ساعة الهجوم على الخيام كانت النساء تلجأ إلى السيّدة زينب ، وتُخفي أنفسهنَّ خلفها ، وكان الأطفال أيضاً يفزعون إليها ويتسترون وراءها ؛ خوفاً من الضرب بالسياط والعصي .
فكانت السيّدة زينب (عليها السّلام) تحافظ عليهم كما يحافظ الطير على فراخه حين هجوم الصقور على عشه ؛ فتجعل جسمها مانعاً من ضرب النساء والأطفال ، وقد اسودّ ظهرها في مدّة زمنية قصيرة بسبب الضرب المتوالي على جسمها .
وبعد الهجوم والإحراق بدأت السيّدة زينب تتفقّد النساء والأطفال ، وتنادي كلّ واحدة منهنَّ باسمها ، وتعدّهم واحدةً واحدة ، وتبحث عمّن لا تجده مع النساء والأطفال .
ونقرأ في بعض الكتب : أنّ السيّدة زينب (عليها السّلام) لمّا بدأت بجمع العيال والأطفال ، لم تجد طفلين منهم ، فذهبت تبحث عنهما هنا وهناك ، وأخيراً وجدتهما معتنقين نائمين ، فلمّا حركتهما فإذا هما قد ماتا من الخوف والعطش .
ولمّا سمع العسكر بذلك قالوا لابن سعد : رخصّ لنا في سقي العيال(1) .
وذكر في بعض الكتب أنّ طفلين لعبد الرحمن بن عقيل كانا مع الحسين اسمهما سعد وعقيل ، وأنّهما ماتا من شدّة العطش ، ومن الدهشة والذعر بعد مقتل الإمام الحسين (عليه السّلام) ، وهجوم الأعداء على المخيّم للسلب . وأمّهما خديجة بنت الإمام علي بن أبي طالب (عليه السّلام)(2) .
ــــــــــــــــــــ
(1) كتاب ( الإيقاد ) للسيد محمّد علي الشاه عبد العظيمي ، الطبعة الحديثة / 139 .
(2) معالي السبطين 2 / الفصل 12 ، المجلس الرابع .
من كتاب زينب الكبرى (عليها السّلام) من المهد إلى اللحد
بقلم المرحوم السيد محمّد كاظم القزويني