يسكت العالم بأسره ويرتفع صوت الحسين

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين ..

هاهو ذا الجمع المليوني يُلبي نداء الإستغاثة لنصرة الحق بعد مضي 1375 عاماً ، زاحفاً بسلاح الإيمان إلى أرض الفداء مُجداً العهد مع أبي الأحرار لأن يكون درعاً واقياً من سلاح الباطل الممزق لجسد الأمة ، وبلسماً شافياً لدين الله من سرطان حكام الضلال ..

الحسين في كربلاء حينما استغاث كان يعلم بأن لا ناصر له في يوم عاشوراء ، وإنما كانت استغاثته للأجيال المتعاقبة ، لذا جلجل بندائه لها في ذلك اليوم الأرض وملأ الأجواء بذبذبات تقرع آذان الأجيال المتعاقبة ، يُصغي لها من نبض قلبه بالإيمان ، ويُصم منها من قادته نفسه لحبائل الشيطان ..

لقد حشد الحسين باستغاثته جنوداً لا تُحصر أعدادهم بكَمٍ يتوقون للمنية ويستأنسون بالموت كما الأعداد القليلة التي كانت معه في أرض الفداء ..

قد يسألني سائل: كيف تقول أن الحسين قد حشد جنوداً لا حصر لعددهم وهم محصورون بنيف وعشرين مليون نسمة قد غطوا أرض كربلاء ..

عزيزي: لا تنظر لجنود الحسين بنظرة قاصرة مداها لا يتعدى سنة واحدة أو سنتين ، انظر بعين باصرة لجنود الحسين منذ السنة التي اُستشهد فيها وإلى هذا الزمان ، واحصر إن استطعت عددهم وبعدها اطرح ما تشاء من سؤال ..

التاريخ يُحدثنا عن ثورات متعاقبة زلزلت عروش الطغاة قام بها جنوداً لبوا نداء الحسين مُتخذين من أهداف حركته المباركة سلاحاً يواجهون به أسلحة الدمار ، منهم من لحق بأصحاب الحسين ومنهم من تمكن من قتلة الحسين فعجَّل بأرواحهم إلى عذاب النار ..

التاريخ يخبرنا أن من جنود الحسين من دفع المال لشم التربة التي عليها سقط صريعاً والتراب الذي ضم جسده الطاهر ، ومنهم من قبِل أن تُقطع يديه ورجليه وتُفقع عينيه والثمن: الوصول لأرض الخلود زائراً سيد الشهداء ، ومنهم من قدّم رأسه للسياف مٌعبِّداً بدمائه النازفة من نحره طريقاً لزائرٍ يزور سبط النبي المختار ..

ها نحن ذا نرى اليوم الحشود المليونية قد زحفت ماشية نحو كربلاء من أقطاب الأرض المختلفة ، حاملين أرواحهم على الأكف متحدِّية الأحزمة الناسفة والمفخخات ، غير عابئين بالمؤامرات ، ولا خائفين من جنود الضلال ، سلاحهم حب الحسين والإيمان بأهداف حركته المباركة ..

أنظار العالم متوجهة اليوم لكربلاء بتعجب ترى جنود الحسين كيف يتسابقون في الوصول لضريحه مشياً على الأقدام ، في مسيرة لا مثيل لها طولاً وفكراً وإيماناً وحباً ..

هل حدث التاريخ عن قائد يقود جنوداً بهذا العدد وهو تحت التراب؟ وهل أخبر التاريخ بمسيرة تقطع مئات الأميال للوصول لمرقد قائد مات منذ أكثر من 1300 عام؟ وهل شهد التاريخ عن فكرٍ وقد عقول الملايين بأهدافٍ خطط لها قبل مئات الأعوام؟ وهل سطر التاريخ حباً وعشقاً يسيل في عروق الأجيال كحب الحسين وعشقه المتنقل من راحل إلى قادم منذ اللحظة التي لامس فيها جسده الطاهر التراب وإلى يوم الناس هذا والذي تترجل فيه ملايين النفوس ماشية لمرقده الشريف مسلمة عليه ومجددة معه العهد والميثاق؟ ..

للحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تنطفئ أبداً وصرخة مدوية تُصغي لها الآذان وحباً جنونياً تحمل له أرواح على ألأكف ويُمشى إليه بصدور عارية إلى مافيه الكرامة والعزة وإن أُزهقت في سبيل ذلك الأرواح ..

إن الجموع الزاحفة اليوم تقول لكل من سلك نهج يزيد في جبروته وبغيه وطغيانه كما قالت زينب الحوراء عليها السلام للطاغي يزيد لما رأته يقرع ثغر الحسين بسوطه (كد كيدك واسعى سعيك وناصب جهدك فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تُميت وحينا) ..

اللهم احفظ زوار الحسين وتقبل زيارتهم وأشركنا في طيب دعائهم وأرجعهم إلى أوطانهم سالمين من فتك الإرهابي ، غانمين المغفرة والرحمة والرضوان ..

صــ آل محمد ــداح (النجــ احمد ــار)