فقد الأخ يكسر الظهر

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
قال ابن لقمان الحكيم لما عاد من سفرته التي طالت وسأل عن والديه فأجايوه قومه بأنهما ارتحلاً عن هذه الحياة لقد ملكنا أمرنا ، وحينما سألهم عن الزوجة وجاءه الجواب منهم بأنها ماتت قال جددنا فراشنا ، وحينما سألهم عن أولاده وأمواله وجاءه الجواب بأن الأولاد هلكوا والأموال قد صُرفت قال عوضنا الله عنهم خيراً لكنه حينما سأل عن الأخوان وعلم بأنهم قضوا قال لقد كسر ظهري فقدهم
نعم أحبتي إن الوالدين حيث جعلهما الله قيمين فهما يحدان من حرية الولد بأوامرهما له ونصحهما وإرشادهما المتكرر فيشعره ذلك بأنه مقيد بأوامر ونواهي ونصح وإرشاد فإذا ما ارتحلا عن هذه الحياة وجد نفسه وقد أزاح تلك القيود وانطلق إلى الحياة ببركات تربيتهما له وتنظيمهما لحياته برسم الطريق السوي له ليكون رجلاً سوياً وثمرة طيبة من ثمار الخير فلا يملك إلا أن يبدي شكره لهما ويدعو الله بأن يرحمهما على ما قدما له في طفولته وشبابه وكبره ، ويسعد بعدهما بحياة مستقلة يؤسس خلالها بيتاً وأسرة سعيدة يكن هو القيم عليها والموجه والمرشد والناصح والمربي الأمين ، والزوجة هي ذلك الفراش الطيب الذي استقرت حياته معها بالمودة والرحمة والعشرة الطيبة ، وبما أن الله جل وعلا قد حلل له الزواج بعد رحيلها فهو لن يشعر بالوحدة لافتقادها إن أراد أن يستمتع بزوجة أخرى يستنكحها ويطيب حياته بالعشرة معها ويسكن إليها كما سكن إلى من قبلها ليؤسس معها حياة الإستقرار ، وأما الأولاد ومع أنهم فلذات الأكباد إلا أن الله جل وعلا وكما رزقه بهم فهو قادر على أن يرزقه بأمثالهم ليزينوا حياته ويعوضوه خيراً وكذا الأموال فهي وإن كانت عديل الروح إلا أنه في حال فقده لها لن تتوقف حياته فالله جل وعلا أمره بالسعي في مناكب الأرض ومن خلال ذلك سعيوضه بمثلها بل بزيادة عليها إن كان شاكراً له وصابراً على ما ابُتلي به من فقرٍ بعد غنى ، أما الأخ فذلك العضيد الذي لا يُستغنى عنه خصوصاً إذا كان ذلك الأخ مثل العباس ابن علي الذي جسد معنى الأخوة بمواقفه الجليلة والمشكورة من الله والتي تجلت في كربلاء حيث آل على نفسه أن يكون نعم المحامي لدين الله ونعم المدافع عن ولي الله ونعم الكفيل لحرم رسول الله صلى الله عليه وآله ، ليرسم تلك الصورة الجميلة التي خلدها التاريخ في تلك اللوحة الرائعة والتي ظهر في جانب منها قلبه الحاني على حرم آل البيت الأطهار وانكساره لسماع صراخ الأطفال منهم والنساء ومشاهتدته لهم وهم يلوذون بأذيال أخته الحوراء وقد كظهم العطش فما كان منه إلا أن استأذن أخاه لا لمبارزة الأعداء بل لجلب الماء لهم ليبردوا به أحشاءهم ، وفي جانب ثانٍ تتجلى المواساة المزينة لنفسه الطاهرة وذلك حينما وصل إلى الفرات وامتلك المشرعة وخاض الماء بكلتا يديه ثم غرف غرفة منه ، نظر إليه وقلبه يتفطر من الظمأ ثم رماه وأخذ ينشد قائلاً
يا نفس من بعد الحسين هوني .. وبعده لا كنتِ أو تكوني
هذا حسين وارد المنون .. وتشربين بارد المعين
وفي جانب آخر من تلك اللوحة الجميلة يُبدي العباس عليه السلام الوفاء ليراه القريب والبعيد على مر السنين وذلك بعد أن فُلقت هامته وأتاه الحسين ووضع رأسه في حجره رفع رأسه من حجر أخيه ورماه على الأرض فأخذ الحسين رأسه ثانية ومسح عنه التراب ووضعه في حجره فإذا به يرفعه ويرميه على الأرض وفي الثالثة قال له سيد الشهداء لمَ كلما أخذت برأسك ووضعته في حجري أراك ترمي به في التراب هنا يُبدي العباس جمال مواساته لأخيه الحسين بهذه الكلمات الطيبة حيث قال لأخيه سيدي أبا عبد الله أنت الآن تأخذ برأسي وتضعه في حجرك لكن بعد ساعة من يأخذ برأسه ويرفعه عن حر الهجير ، فمثل هذا الأخ في فراقه حرقة وفي فقده كسر للظهر لذا لم يتمالك سيد الشهداء نفسه حينما رآه صريعاً يخور في دمه حيث خارت قواه وانحنى ظهره ونادى بصوت عالي
الآن انكسر ظهري وقلت حيلتي وشمت بي عدوي
فسلام الله عليك يا أبا الفضل وسلام على مواقفك العظيمة وسلام على مصرعك الذي كسر ظهر الحسين وأدمع عينيه وفطر قلبه وسلام على أختك الحوراء التي افتجعت بخبر قتلك وسلام على أمك التي طابت نفسها حينما سمعت بخبر دفاعك المستميت عن أخيك الحسن وحرم رسول الله صلى الله عليه وآله
نعم الأخ أنت يا أبا الفضل لأخيك الحسين .. لقد طيبت مقالتي بذكرك في يوم آخى فيه رسول الله صلى الله عليه وآله بين المهاجرين والأنصار لأزين ذلك اليوم برسم أجمل صورة تجلت فيها وفاء ومواساة الأخ لأخيه
صــ آل محمد ــداح

رمضان مبارك عليكم ان شاء الله

وربي يتقبل جهودكم

احسنت كثيرا ووفقت ان شاء الله
موضوع رائع
تسلم عمي صداح ال محمد

لك تحياتي ودعائي

السلام على نعم المحامي
ونعم المدافع
ونعم الكفيل
السلام على ابي الفضل العباس ع
اخي صداح بوركت اناملك الزكيه

وبورك مروركما وفاح عطره فزكى هذا المقال وزينه

دمتما بهذا الولاء والعشق للحسين وأخيه العباس أيها الفاضلان

أبا قحطان * خادمة الشفيع

الاخ العزيز احمد عاشور
شكرا لكم
موضوع متميز ومفيد وممتع
جعل الله ثوابه في ميزان اعمالكم
تقبلوا تحياتي وخالص الدعاء

دمتما ودام فوح عطركما يعبق من خلال مروركما وزينة سطوركما أيها العزيزان

نورجهان * محمد أبو رغيف