|
#1
|
||||||||
|
||||||||
![]() اخلاق اهل البيت عليهم السلام الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين . وبعد : فان علم الاخلاق هو : العلم الباحث في محاسن الاخلاق ومساوئها ، والحث على التحليبالاولى والتخلي عن الثانية . ويحتل هذاالعلم مكانة مرموقة ، ومحلاً رفيعاً بين العلوم ، لشرف موضوعه ، وسمو غايته . فهونظامها ، وواسطة عقدها ، ورمز فضائلها ، ومظهر جمالها ، اذ العلوم بأسرها منوطةبالخلق الكريم ، تزدان بجماله ، وتحلو بآدابه ، فان خلت منه غدت هزيلة شوهاء ، تثيرالسخط والتقزز . ولا بدعفالاخلاق الفاضلة هي التي تحقق في الانسان معاني الانسانية الرفيعة ، وتحيطه بهالةوضاءة من الجمال والكمال ، وشرف النفس والضمير ، وسمو العزة والكرامة ، كما تمسخهالاخلاق الذميمة ، وتحطه الى سوي الهمج والوحوش . وليس اثرالاخلاق مقصورا على الافراد فحسب بل يسري الى الامم والشعوب ، حيث تعكس الاخلاقحياتها وخصائصها ومبلغ رقيها ، او تخلفها في مضمار الامم . وقد زخرالتاريخ بأحداث وعبر دلت على ان فساد الاخلاق وتفسخها كان معولاً هداماً في تقويضصروح الحضارات ، وانهيار كثير من الدول والممالك : واذا اصيب القوم في اخلاقهم فأقم عليهم مأتماً وعويلاً وناهيك فيعظمة الاخلاق ، ان النبي (ص) اولاها عناية كبرى ، وجعلها الهدف والغاية من بعثتهورسالته ، فقال : )((بعثت لأتمممكارم الاخلاق)( وهذا هو مايهدف اليه علم الاخلاق ، بما يرسمه من نظم وآداب ، تهذب ضمائر الناس وتقوم اخلاقهم، وتوجههم الى السيرة الحميدة ، والسلوك الامثل . وتختلف مناهجالابحاث الخلقية واساليبها باختلاف المعنيين بدراستها من القدامى والمحدثين : بينمتزمت غال في فلسفته الخلقية ، يجعلها جافة مرهقة عسيرة التطبيق والتنفيذ . وبينمتحكم فيها بأهوائه ، يرسمها كما اقتضت تقاليده الخاصة ، ومحيطه المحدود ، ونزعاتهوطباعه ، مما يجردها من صفة الاصالة والكمال . وهذا ما يجعل تلك المناهج مختلفةمتباينة ، لا تصلح ان تكون دستوراً اخلاقيا خالداً للبشرية . والملحوظللباحث المقارن بين تلك المناهج ان افضلها واكملها هو : النهج الاسلامي ، المستمدمن القرآن الكريم ، واخلاق اهل البيت عليهم السلام ، الذي ازدان بالقصد والاعتدال ،واصالة المبدأ ، وسمو الغاية ، وحكمة التوجيه ، وحسن الملائمة لمختلف العصوروالافكار . وهو النهجالفريد الامثل الذي يستطيع بفضل خصائصه وميزاته ان يسمو بالناس فرداً ومجتمعاً ،نحو التكامل الخلقي ، والمثل الاخلاقية العليا ، بأسلوب شيق محبب ، يستهوي العقولوالقلوب ، ويحقق لهم ذلك بأقرب وقت ، وايسر طريق . هو منهج يمثلسمو آداب الوحي الالهي ، وبلاغة اهل البيت عليهم السلام ، وحكمتهم ، وهم يسيرون علىضوئه ، ويستلهمون مفاهيمه ، ويستقون من معينه ، ليحيلوها الى الناس حكمة بالغة ،وادباً رفيعاً ، ودروساً اخلاقية فذة ، تشع بنورها وطهورها على النفس ،فتزكيها وتنيرها بمفاهيمها الخيرة وتوجيهها الهادف البناء . من اجل ذلكتعشقت هذا النهج ، وصبوت اليه ، وآثرت تخطيط هذه الرسالة ورسم ابحاثها على ضوئهوهداه . ولئن اهتدى بهاناس وقصر عنه اخرون ، فليس ذلك بقادح في حكمته وسمو تعاليمه ، وانما هو لأختلافطباع الناس ، ونزعاتهم في تقبل مفاهيم التوجيه والتأديب ، وانتفاعهم بها ، كاختلافالمرضى في انتفاعهم بالادوية الشافية والعقاقير الناجعة : فمنهم المنتفع بها ،ومنهم من لا تجديه نفعاً . ومما يحز فيالنفس ، ويبعث على الاسى والاسف البالغين ، ان المسلمين بعد ان كانوا قادة الامم ،وروادها الى الفضائل ، ومكارم الاخلاق ، قد خسروا مثاليتهم لأنحرافهم عن آدابالاسلام ، واخلاقه الفذة ، ما جعلهم في حالة مزرية من التخلف والتسيب الخلقيين . لذلك كان لزاماً عليهم ـ اذا ما ابتغوا العزة والكرامة وطيب السمعة ـ ان يستعيدواما اغفلوه من تراثهم الاخلاقي الضخم ، وينتفعوا برصيده المذخور ، ليكسبوا ثقة الناسواعجابهم من جديد ، وليكونوا كما اراد الله تعالى لهم «خير امة اخرجت للناس» . وتلكامنية غالية ، لا تنال الا بتظافر جهود المخلصين من اعلام الامة الاسلامية وموجهيها، على توعية المسلمين ، وحثهم على التمسك بالاخلاق الاسلامية ، ونشر مفاهيمهاالبناءة والاهتمام بعرضها عرضا شيقا جذابا ، يغري الناس بدراستها والافادة منها . وهذا ما حداني الى تأليف هذا الكتاب ، وتخطيطه على ضوء الخصائص التالية : (1) ان هذاالكتاب لم يستوعب علم الاخلاق ، وانما ضم اهم ابحاثه ، وابلغها اثرا في حياة الناس .وقد جهدت ما استطعت في تجنب المصطلحات العلمية والفاظها الغامضة ، وعرضتها بأسلوبواضح مركز ، يمتع القارىء ، ولا يرهقه بالغموض والاطناب ، الباعثين على المللوالسأم . (2) اختيارالاحاديث والاخبار الواردة فيه من الكتب المعتبرة والمصادر الوثيقة لدى المحدثينوالرواة . (3) الاهتمامبذكر محاسن الخلق الكريم ، ومساوىء الخلق الذميم ، وبيان آثارهما الروحية والماديةفي حياة الفرد او المجتمع . والجديربالذكر : ان المقياس الخلقي في تقييم الفضائل الخلقية ، وتحديد واقعها هو : التوسطوالاعتدال ، المبرأ من الافراط والتفريط . فالخلق الرضي هو : ما كان وسطاً بينالمغالاة والاهمال ، كنقطة الدائرة من محيطها ، فان انحرف عن الوسط الى طرف الافراطاو التفريط غدا خلقاً ذميماً . فالعفة فضيلة بين رذيلتي الشر والجمود : فان افرطالانسان فيها كان جامداً خاملاً ، معرضاً عن ضرورات الحياة ولذائذها المشروعة ، وانفرط فيها وقصر ، كان شرها جشعاً ، منهمكاً في اللذائذ والشهوات . والشجاعةفضيلة بين رذيلتي التهور والجبن : فان افرط الشجاع فيها كان متهوراً مجازفا فيمايحسن الاحجام عنه ، وان فرط وقصر كان جباناً هياباً محجماً عما يحسن الاقدام عليه . والسخاء فضيلة بين رذيلتي التبذير والبخل : فان افرط فيها كان مسرفا مبذرا سخيا علىمن لايستحق البذل والسخاء، وان فرط فيها وقصر كان شحيحاً بخيلاً فيما يجدر الجودوالسخاء فيه ... وهكذا دواليك . من اجل ذلككان كسب الفضائل ، والتحلي بها ، والثبات عليها ، من الاهداف السامية التي يتبارىفيها ، ويتنافس عليها ، ذوو النفوس الكبيرة ، والهمم العالية ، ولا ينالها الا ذوحظ عظيم . ولم ار امثال الرجال تفاوتا
لدى المجد حتى عد الف بواحد واني لارجوالله عز وجل ان يتقبل مني هذا المجهود المتواضع ويثيبني عليه ، بلطفه الواسع ،وكرمه الجزيل ، وان يوفقني واخواني المؤمنين للانتفاع به ، والسير على ضوئه ، انهولي الهداية والتوفيق. |
![]() |
#2 |
![]() مديــر عام ![]() |
![]()
اسئل الله لك العافيه سيدنا الجليل
احسنتم كثيرا ووفقتم ان شاء الله موضوع مفيد للباحث والمطّلع والموالي ربي ايوفقك تحياتي ودعائي |
![]() ![]() |
![]() |
#3 |
مشرف
![]() |
![]() احسنتم کثیرا سیدنا الغالی
وفقکم الباری لکل خیر وان شاء الله لا یحرمنا من جمیل مواضیعکم جهد نیر و مساهمه تستحق الثناء کتبها الله بمزان حسناتکم |
![]() |
![]() |
#4 |
عضو مميز
![]() |
![]()
السلام عليكم احبتي ورحمة الله وبركاته
والصلاة والسلام على اشرف الخلق اجمعين ابا الزهراء محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين الشكر الجزيل للسيد المدير العام والأخ الفاضل محمد ابو رغيف على هذه الكلمات والعبارات القيمة شملنا الله وإياكم بشفاعة محمد وآله الأطهار إنه سميع مجيب |
![]() |
![]() |
|
|
|