.::||[ آخر المشاركات ]||::.
اخذ مني تحياتي وسلامي --- ميلا... [ الكاتب : خادم خدام الزجيه - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 1 - عدد المشاهدات : 5888 ]       »     خذ مني تحياتي وسلامي -- ولاد... [ الكاتب : سيد عدنان الحمامي - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 3 - عدد المشاهدات : 4828 ]       »     ولادة الامام الرضا ع --- مغرم ... [ الكاتب : سيد عدنان الحمامي - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 5 - عدد المشاهدات : 7182 ]       »     ابوذيات ونعي للأمام جعفر الصاد... [ الكاتب : سيد عدنان الحمامي - آخر الردود : سيد عدنان الحمامي - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 2342 ]       »     ولادة الحسن المجتبى ع [ الكاتب : سيد عدنان الحمامي - آخر الردود : سيد عدنان الحمامي - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 3071 ]       »     اعمل ما يفرح الامام المهدي في ... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 4501 ]       »     الإمام المهدي غيب الله وسره [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 2827 ]       »     الإِمَامُ المَهدِي قَائِدٌ عَا... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 2906 ]       »     بماذا ننتظر الإمام المهدي؟ [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 3001 ]       »     15 شعبان.. مولد الإمام المهدي ... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 2537 ]       »    



 
 عدد الضغطات  : 14938



إضافة رد
#1  
قديم 02-09-2012, 06:52 PM
المراقبين
نورجهان غير متواجد حالياً
Saudi Arabia     Female
اوسمتي
المشرفة المميزة وسام شكر وتقدير المراقب المميز المراقب المميز 
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 15
 تاريخ التسجيل : Apr 2011
 فترة الأقامة : 5192 يوم
 أخر زيارة : 04-23-2023 (08:33 PM)
 المشاركات : 4,993 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي العفو عن المسيئين..نبينا محمد(صلى الله عليه وآله) مثالاً حياً لأبد الآبدين







خلق الله الإنسان وفي جبلته وتكوينه القصور والوقوع في الخطأ، فنحن جميعاً ذوو نسب عريق في الخاطئين والمخطئين.
لكننا مع يقيننا بهذه المسلَّمة لا نكاد نتذكرها إلا حين يخطئ أحدنا، فيستعتب ويعتذر بالاستشهاد بقوله صل الله عليه وآله وسلم : «كل بني آدم خطاء»، ويرى أن من حقه على الآخرين أن يقبلوا عذره ويصفحوا عن زللـه، إذ هو أخوهم غير المعصوم من الخطأ .
لكن الواحد فينا ينسى هذه المسلّمة تماماً حين يخطئ الآخرون في حقه ، فيعصيه ابنه، أو تتلكأ في تنفيذ أمره زوجُه ، التي هي أيضاً تغضب من خادمتها حين احترق الطعام بسبب نسيانها ، وأما ابنهما فقد هجر صاحبه وخله الوفي لأنه أخطأ في التصرف معه ذات مرة، وهكذا ينسى الواحد فينا أنه أحد هؤلاء المخطئين، وتثور ثائرته بسبب، وأحياناً من غير سبب.

وهنا تحين منا اِلتفاتة إلى النبي الأعظم صل الله عليه وآله وسلم ، لنتلمس هديه صل الله عليه وآله وسلم في التعامل مع المخطئين، لنرى كيف قوَّم صل الله عليه وآله وسلم اعوجاجهم؟ هل صرخ في وجوههم؟ هل تناولهم بالضرب والتجريح؟ فإذا عرفنا ذلك؛ فإنا نتعلم منه صل الله عليه وآله وسلم كيف ينبغي أن نتعامل مع المخطئ.

الحلم والعفو والإحسان إلى المسيء :
أول الأخلاق العظيمة التي يقابل المؤمن فيها جهل الآخرين عليه وإساءتهم إلى شخصه ؛ أن يلقاهم بالعفو والحلم، بدلاً من الغضب والانتقام، فإن الحلم والعفو خلقان يحبهما الله تعالى، ويحبهما رسوله المبعوث ليتمم مكارم الأخلاق.
لقد أصبح من البدهي أن يعفو المرء ويتجاوز في مقابل من يعلوه شرفاً أو مالاً أو منزلة، فيحْلُمَ عن إساءة رئيسه في العمل أو أخيه الأكبر أو غيرِهم ، لكن ذلك ليس من الحِلْم، وإن كان من جميل الصفات، فالحلم أن تتجاوز وتصبر على خطأ الجميع، الصغيرِ منهم والكبير،

لذا أكد النبي صل الله عليه وآله وسلم على التحلي بهذه الخصلة الجميلة تجاه أخطاء الضعفاء ، كالخدم، فقد سأل رجل النبي صل الله عليه وآله وسلم : (يا رسول الله كم أعفو عن الخادم؟ فصمت رسول الله صل الله عليه وآله وسلم ، فأعاد الرجل السؤال، وقال: يا رسول الله كم أعفو عن الخادم؟ فقال صل الله عليه وآله وسلم : «كل يوم سبعين مرة».)
أخرجه أبو داود ح (1949).

وأول منازل الحِلم؛ كظمُ الغيظ وتجرعُه واحتمالُ سببه والصبرُ عليه وعدمُ مواجهة أخطاء الآخرين بالسباب والصُراخ وغيرٍه من صور التضجر والتأفف، وقد حثّ على ذلك صل الله عليه وآله وسلم بقوله: «من كظم غيظاً وهو قادر على أن يُنفذه، دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي الحور العين شاء» ،أخرجه أبو داود ح (4777)، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود ح (3997).

هكذا فإن كظم الغيظ عند إساءات الآخرين من أحب الأعمال إلى رسول الله صل الله عليه وآله وسلم ، الذي قال: «ألا إن عمل الجنة حزْنٌ بِرَبوة [أي كصعود مرتفع صعب]، ألا إن عمل النار سهل بسهْوة، والسعيد من وقي الفتن، وما من جرعةٍ أحبُّ إلي من جرعة غيظ يكظِمها عبد، ما كظمها عبد للهِ إلا ملأ الله جوفَه إيماناً».أخرجه أحمد ح (3008).

قال ابن بطال: "مدح الله تعالى الذين يغفرون عند الغضب، وأثنى عليهم، وأخبر أن ماعنده خير وأبقى لهم من متاع الحياة الدنيا وزينتِها، وأثنى على الكاظمينَ الغيظ والعافينَ عن الناس، وأخبر أنه يحبهم بإحسانهم في ذلك" . شرح ابن بطال (9/296).

لكن الإسلام وهو يهذب أنفسنا لا يكتفي بتصبيِر المرء نفسَه وهو يطوي الغيظ في قلبه على مَن أخطأ عليه، بل يطالبه بالانتقال إلى المنزلة الثانية من منازل الحِلم، وهي العفو عن المخطئ ﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ﴾ (آل عمران: 134)، ذلك أن "العفو عن الناس من أجلِّ ضروب فعل الخير؛ حيث يجوز للإنسان أن يعفو حيث يتجه حقُه... وكظم الغيظ والعفو عن الناس من أعظم العبادة وجهاد النفس" . الجامع لأحكام القرآن (4/207-208).

وقد كان النبي صل الله عليه وآله وسلم يربي أصحابه على التجمل بصفة العفو، يقول أنس بن مالك: (ما رأيت النبي صل الله عليه وآله وسلم رفع إليه شيء فيه قِصاص إلا أمر فيه بالعفو) أخرجه النسائي ح (4784)، و أحمد في مسنده ح (13232).
وقد سبق صل الله عليه وآله وسلم إلى خلة العفو؛ فما كان قلبه ينطوي على غيظ على صاحب إساءة، فحين مرّ بمجلس المنافق عبدِ الله بنِ أُبي ابن سلول ، أساء الأدب مع النبي صل الله عليه وآله وسلم ، فاستشار النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم في أمر إساءته سعدَ بنَ عبادة سيد الخزرج، فقال سعد: يا رسول الله، اعف عنه، واصفح عنه، فوالذي أَنزل عليك الكتاب، لقد جاء الله بالحق الذي أُنزل عليك، وقد اصطلح أهل هذه المدينة على أن يتوجوه، فيُعصِّبوه بالعِصابة، فلما أبى الله ذلك بالحق الذي أعطاك الله شَرَق بذلك، فذلك فعل به ما رأيت، فعفا عنه رسول الله صل الله عليه وآله وسلم . أخرجه البخاري ح (4566)، ومسلم ح (1798).

ولما كتب النبي صل الله عليه وآله وسلم كتاب صلح الحديبية مع كفار قريش كره بعض سفهائهم الصلح مع المسلمين ، ونزل ثمانون رجلاً منهم من جبل التنعيم متسلحين يريدون غِرَّة النبي صل الله عليه وآله وسلم وأصحابه، لكن الله خذلهم وكشف أمرهم فأُخِذوا، واستحياهم النبي صل الله عليه وآله وسلم أي عفا عنهم، ففي شأن هؤلاء أنزل الله عز وجل: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ﴾ (الفتح: 24).

وحين دخل النبي صل الله عليه وآله وسلم مكة فاتحاً ,, مر بشعابها التي عُذب فيها أصحابه وقتلوا في سبيل دينهم، والذكريات المؤلمة تتخايل أمام عينيه، ولو تخايلت أمام ناظري ملك أو سوقة لأشعلت من حب الانتقام ما يحرق بشرره قلوب الطغاة ويشفي صدور المستضعفين.
لكن تلك الذكريات على مرارتها لم تمنع النبي صل الله عليه وسلم من الصفح الجميل فآثره على الانتقام والتشفي، فنادى أهل مكة: «ما تقولون إني فاعل بكم؟».
فقالوا والخوف المختلط بالرجاء يملأ قلوبهم: خيراً، أخ كريم وابن أخ كريم. فتعالى النبي صل الله عليه وسلم على عمق الجراحات وألم العذابات وقال: «أقول كما قال أخي يوسف:

(لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (يوسف: 92)، اذهبوا فأنتم الطلقاء».أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (9/118).


ومن عفوه صل الله عليه وآله وسلم مسامحته لليهودية التي همّت بقتله يوم خيبر، فأتته بشاة مسمومة، فأكل منها، فجيء بها فقيل: ألا نقتلها؟ فقال الرحمة المسداة صل الله عليه وآله وسلم : «لا» ، أخرجه البخاري ح (2617)، ومسلم ح (2190).
فعفا عنها النبي صل الله عليه وآله وسلم ، فلما مات بشر بن البراء بسبب ذلك السمِّ أمر النبي صل الله عليه وآله وسلم بقتلها قصاصاً له.

وفي مرة أخرى نام النبي صل الله عليه وآله وسلم تحت شجرةٍ، علق بها سيفه، فجاء أعرابي فاخترط سيفه، فاستيقظ النبي صل الله عليه وآله وسلم والسيف في يده صَلتاً، وهو يقول: من يمنعُك مني؟ فقال النبي صل الله عليه وآله وسلم بلسان المؤمن المستعين بربه: «اللهُ عز وجل».
فسقط السيف من يده، فأخذه رسول الله صل الله عليه وآله وسلم فقال: من يمنعك مني؟ فما وجد الأعرابي إلا أن يقول مسترحماً: كن كخير آخذ.
فقال صل الله عليه وآله وسلم : «أتشهد أن لا إله إلا الله؟» قال: لا، ولكني أعاهدُك أن لا أقاتِلَكَ، ولا أكونَ مع قوم يقاتلونك، فخلى النبي صل الله عليه وآله وسلم سبيله، فذهب إلى أصحابه ، فقال: قد جئتُكم من عندِ خير الناس .أخرجه أحمد في المسند ح (14512)، وأصل القصة في الصحيحين رواها البخاري ح (4137)، ومسلم ح (843).
قال ابن حجر: "كان بعد أن أخبر الصحابة بقصته ، فمنَّ عليه لشدة رغبة النبي صل الله عليه وآله وسلم في استئلاف الكفار ليدخلوا في الإسلام ، ولم يؤخذ بما صنع ، بل عفا عنه" . فتح الباري (7/427).

وتخلق النــبي صل الله عليه وآله وسلم بصفـة العفــو مذكور في الكتب التي تنبـأت عنه صل الله عليه وسلم قبل الإسـلام،
فقد روى البخـاري من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: (والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن .. ليس بفظ ولا غليظ، ولا سخاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا: لا إله إلا الله. ويفتح بها أعيُناً عُمياً، وآذاناً صُماً، وقُلوباً غُلفاً).أخرجه البخاري ح (2125).

‏‏‏‏وكما امتثل النبي صل الله عليه وآله وسلم صفة العفو فإنه رغب أمته بهذا الخلق النبيل: «ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً ، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله».أخرجه مسلم ح (2588).
وقد امتثل هذا الخلق المؤمنون وأصحابه تأسياً به صل الله عليه وآله وسلم ، فينقل عن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب حين قدم عليه عيينة بن حصن فقال مخاطباً الخليفة الذي دانت له الروم والفرس: هي يا ابن الخطاب، فوالله ما تعطينا الجزل، ولا تحكم بيننا بالعدل. فغضب عمر حتى همَّ به.
فقال له الحُرُّ بنُ قيس: يا أمير المؤمنين ، إن الله تعالى قال لنبيه صل الله عليه وآله وسلم : " خُذِ لْعَفْوَ وَأْمُرْ بالْعُرْفِ وَأَعْرِض عَنِ لْجَاهِلِينَ " (الأعراف: 199)، وهذا من الجاهلين.
يقول ابن عباس: والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقَّافاً عند كتاب الله .أخرجه البخاري ح (4642).

لكن المثال الأعلى في التعامل مع المخطئين ليس الوقوف على حال كظم الغيظ والعفو فحسب، بل الانتقال إلى منزلة ثالثة أعظم، وهي الإحسان إلى المخطئ، فكظم المرء غيظه فعل حسن، وأحسنُ منه العفو عن المسيء،
وأعظم من هذا وذاك أن نحسـن إلى من أســاء إلينــا، فنقابـل الإســاءة بالإحسـان " وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ " (آل عمران: 133-134).

وحين أخبر الله تعالى نبيه عن بعض مكر المشـركين من أهل الكتاب وخيانتهم له؛ أمره بالعفو عنهم والصفح، لا بل حثه على الإحسان إليهم: " وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيـلاً مِّنْهُـمُ فَـاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ " (آل عمران: 13).

وعلم النبي صل الله عليه وآله وسلم أصحابه خلة الإحسان إلى المسـيء بفعله الجميل حين جاءه رجل يشكو قرابته الذين يقابلون إحسانه بالإساءة، فقال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصِلُهم ويقطعون، وأحسنُ إليهم ويسيئون إلي، وأحلُم عنهم ويجهلون علي؟! فقال صل الله عليه وآله وسلم مشجعاً له على الاستمرار في الإحسان إلى المسيئين: «لئن كنتَ كما تقول فكأنما تُسِفُّهم الملَّ، ولا يزال معك من الله ظهيرٌ عليهم ما دُمت على ذلك» . أخرجه مسلم ح (2558).

لقد أمر الله تعالى نبيه وأتباعه من المؤمنين بمقابلة الإساءة بالحسنة : " ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ " (المؤمنون: 96)، وقد قال ترجمان القرآن ابن عباس في تفسيرها: (الصبر عند الغضب، والعفو عند الإساءة، فإذا فعلوه عصمهم الله وخضع لهم عدوهم) .ذكره البخاري معلقاً في صدر كتاب تفسير القرآن.


ولن يفوتنا تأمل الهدي النبوي في التعامل مع إساءة كبرى تتعلق بالعِرض، وهو من أعظم ما يُغضَب له وينتقم،
وذلك في قصة الخليفة الأول أبي بكر مع ابن خالته مِسطح بنِ أثاثة،
فقد كان أبوبكر يتعهده بالنفقة والإحسان والرعاية، فلما تحدث أصحاب الإفك في ابنته عائشة كان مسطح فيمن تحدث فيها، فقال أبو بكر: والله لا أنفق على مِسطح شيئاً أبداً.
ولو قدر لأحدنا أن يمثُل في مثل هذا الموقف لأرعد وأزبد، ولسب وجدّع، ولربما قتل أو ارتكب جناية ، إذ قد يعفو المرء عن كل جناية إلا فيما يخص الأعراض، فكيف يكون الحال والأمر متعلق بالطاهرة أم المؤمنين وحبيبة رسول رب العالمين.
وإذا كان الظلم من الغريب مفهوماً ؛ فإنه مستنكر وقبيح من القريب ، ويزيد قبحه إذا كان بحق محسن وصاحب حق، لذا فلا أرى أبابكر جانب العدل حين قرر: (والله لا أنفق على مِسطح شيئاً أبداً).
لكن الله يرتفع بالمؤمن عن مرتبة العدل إلى منزلة الفضل، فأنزل: " ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم " (النور: 22)،
فقال أبو بكر: (بلى، والله إني أحب أن يغفر الله لي). فأعاد النفقة عليه، وقال: (والله لا أنزعها منه أبداً).أخرجه البخاري ح (2661)، ومسلم ح (2770).

ولو همست في أذن الكثيرين منا اليوم: أين موقعنا من هذه الأخلاق في التعامل مع المسيئين فإن الإجابة ستكشف بُعدَنا الكبير عن منهج النبي صل الله عليه وآله وسلم .

ولو سألنا واحداً من هؤلاء المتنكبين هدي النبي صل الله عليه وآله وسلم في العفو والصفح والإحسان إلى المسيء؛ لاعتذر بأن المعاملة الحسنة مع المخطئين تغريهم بالمزيد من الإساءة، وأنه بتجربته الواسعة اكتشف أن العنف والضرب أقدر على إصلاح العوج وتقويمه من أي وسيلة أخرى، فالضرب هو الطريق الأقرب في تقويم الاعوجاج عند الكثيرين منا، فهو ميسور يقدر عليه كل واحد منا؛ وبخاصة إذا كان المخطئ أو المقصـر بحقنا أضعف منا، كالابن أو الخادم ، وأحياناً يمارسه بعض السفهاء - ممن لم يفهم شراكة الزوجة وحقوقها - مع زوجته، فيستقوي على أنوثة لطيفة بذكورة جافية لم تبلغ به قدر الرجال.

ونقول لهؤلاء وأولئك: إن الذين تتحدثون عن تقويمهم بالضرب من جنس أولئك الذين احتمل النبي صل الله عليه وآله وسلم أخطاءهم، فرباهم بغير الضرب والعنف، رغم أن جرم بعض أولئك أكبر بكثير من أخطاء أبنائنا أو خدمنا أو زوجاتنا، ومع ذلك فإن سيد الرجال محمد صل الله عليه وآله وسلم ما كان يستخدم الضـرب وسيلة في تقويم اعوجاج معوج ، فلم يضرب صل الله عليه وآله وسلم قط أحداً تأديباً ، وما كان الضـرب والعنف مسلكاً له صلى الله عليه وآله وسلم إلا في ميادين الجهاد والتضحية في سبيل الله،
حدَّثت بذلك زوجته عائشة فقالت: «ما ضرب رسول الله صل الله عليه وآله وسلم شيئاً قط بيده، ولا امرأة ولا خادماً إلا أن يجاهد في سبيل الله» . أخرجه مسلم ح (2328).

" نعم، الضرب وسيلة مباحة شرعاً ومقبولة في دروب التربية وتصحيح الخطأ إذا انضبطت بضوابطها الشرعية وآدابها، لكن تركه أفضل وأولى " ،شرح النووي على صحيح مسلم (15/84).

تأسياً بالنبي صل الله عليه وآله وسلم ، واستعاضة عنه بوسائله صل الله عليه وسلم في التربية، تلك الوسائل التي لا يكاد يطرقها الكثير من الآباء مع أبنائهم، ولا المعلمون مع طلابهم، لكنه محمد صل الله عليه وسلم معلم الأمة، وقدوة المربين إلى يوم الدين.

اللَّهُمَّ اجْعَلْ عَمَلَنَا كُلَّهُ خَالِصَاً لِوَجْهِكَ الكَرِيمِ بحق نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين


أتمنى للجميع وقت طيب ومفيد
وكل عام وأنتم بالف خير
تحياتي للجميع
نورجهان





 توقيع : نورجهان


رد مع اقتباس
قديم 02-10-2012, 06:39 AM   #2
مديــر عام


الصورة الرمزية سيد عدنان الحمامي
سيد عدنان الحمامي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 06-12-2025 (08:43 PM)
 المشاركات : 7,699 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Iraq
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkgreen
افتراضي



ربي يعطيكم القووه لمواصلة

هذه الخدمه المباركه


احسنتم

موضوع طيب ومفيد











نور جهان



لكم منا دعاء بالعافيه

والتوفيق في خدمة الزهراء وبنيها ع

احسنتم واحسن الله اليكم


 
 توقيع : سيد عدنان الحمامي



رد مع اقتباس
قديم 02-11-2012, 04:32 PM   #3
المراقبين


الصورة الرمزية نورجهان
نورجهان غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 15
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 04-23-2023 (08:33 PM)
 المشاركات : 4,993 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي





 
 توقيع : نورجهان



رد مع اقتباس
إضافة رد


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




Loading...


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY:
! ωαнαм ! © 2010
سعودي كول