.::||[ آخر المشاركات ]||::.
اخذ مني تحياتي وسلامي --- ميلا... [ الكاتب : خادم خدام الزجيه - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 1 - عدد المشاهدات : 5888 ]       »     خذ مني تحياتي وسلامي -- ولاد... [ الكاتب : سيد عدنان الحمامي - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 3 - عدد المشاهدات : 4828 ]       »     ولادة الامام الرضا ع --- مغرم ... [ الكاتب : سيد عدنان الحمامي - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 5 - عدد المشاهدات : 7182 ]       »     ابوذيات ونعي للأمام جعفر الصاد... [ الكاتب : سيد عدنان الحمامي - آخر الردود : سيد عدنان الحمامي - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 2342 ]       »     ولادة الحسن المجتبى ع [ الكاتب : سيد عدنان الحمامي - آخر الردود : سيد عدنان الحمامي - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 3071 ]       »     اعمل ما يفرح الامام المهدي في ... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 4501 ]       »     الإمام المهدي غيب الله وسره [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 2827 ]       »     الإِمَامُ المَهدِي قَائِدٌ عَا... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 2906 ]       »     بماذا ننتظر الإمام المهدي؟ [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 3001 ]       »     15 شعبان.. مولد الإمام المهدي ... [ الكاتب : شجون الزهراء - آخر الردود : شجون الزهراء - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 2537 ]       »    



 
 عدد الضغطات  : 14938



إضافة رد
#1  
قديم 11-30-2011, 07:15 PM
المراقبين
نورجهان غير متواجد حالياً
Saudi Arabia     Female
اوسمتي
المشرفة المميزة وسام شكر وتقدير المراقب المميز المراقب المميز 
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 15
 تاريخ التسجيل : Apr 2011
 فترة الأقامة : 5192 يوم
 أخر زيارة : 04-23-2023 (08:33 PM)
 المشاركات : 4,993 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي خطبة الاشباح






خطبه الأشباح


خطبة الأشباح
وهي من جلائل خُطبه عليه السلام :
روى مسعدة بن صدقة عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام أنّه قال: خطب أمير المؤمنين عليه السلام بهذه الخطبة على منبر الكوفة، وذلك أن رجلاً أتاه فقال له: يا أمير المؤمنين! صف لنا ربّنا مثلما نراه عيانا لنزداد له حبّاً وبه معرفة، فغضب ونادى: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس حتّى غصّ المسجد بأهله.

فصعد المنبر وهو مغضب متغيّر اللون، فحمد الله وأثني عليه وصلّى على النبي صلى الله عليه وآله، ثمّ قال:
الْحَمْدُ للهِ
الَّذِي لاَ يَفِرُهُ الْمَنْعُ وَالْجُمُودُ، وَلاَ يُكْدِيهِ الْإِعْطَاءُ وَالْجُودُ، إِذْ كُلُّ مُعْطٍ مُنْتَقِصٌ سِوَاهُ، وَكُلُّ مَانِعٍ مَذْمُومٌ مَا خَلاَهُ،

وَهُوَ الْمَنَّانُ بِفَوَائِدِ النِّعَمِ، وَعَوائِدِ المَزِيدِ وَالْقِسَمِ،
عِيَالُهُ الْخَلاَئِقُ، ضَمِنَ أَرْزَاقَهُمْ، وَقَدَّرَ أَقْوَاتَهُمْ، وَنَهَجَ سَبِيلَ الرَّاغِبِينَ إِلَيْهِ، وَالطَّالِبِينَ مَا لَدَيْهِ، وَلَيْسَ بِمَا سُئِلَ بِأَجْوَدَ مِنْهُ بِمَا لَمْ يُسْأَلُ.


الأول الّذي لم يكن له قَبْلٌ، الأول بلا أول كان قبله،
والآخر الّذي ليس له بَعْدٌ، والآخر بلا آخر يكون بعده،
الأول الّذي ليس لأوليته ابتداء، والآخر الّذي ليس لآخريته انقضاء،
ولا كان في مكان، ولا خلا منه مكان، وَإِنْهُ لَبِكُلِّ مَكَانٍ، ولا يجري عليه السّكون والحركة.

الْأَوَّلُ الَّذِي لَمْ يَكُنْ لَهُ قَبْلٌ فَيَكُونَ شَيءٌ قَبْلَهُ، وَالْآخِرُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ بَعْدٌ فَيَكُونَ شَيْءٌ بَعْدَهُ، وَالرَّادِعُ أَنَاسِيَّ الْأَبْصَارِعَنْ أَنْ تَنَالَهُ أَوْ تُدْرِكَهُ،

مَا اخْتَلَفَ عَلَيْهِ دَهْرٌ فَيَخْتَلِفَ مِنْهُ الحَالُ، وَلاَ كَانَ فِي مَكَانٍ فَيَجُوزَ عَلَيْهِ الْإِنتِقَالُ،



ولو وهب ما تنفّست عنه... ما أثّر ذلك في جوده
وَلَوْ وَهَبَ مَا تَنَفَّسَتْ عَنْهُ مَعَادِنُ الْجِبَالِ، وَضَحِكَتْ عِنْهُ أَصْدَافُ الْبِحَارِ، مِنْ فِلِزِّ اللُّجَيْنِ وَالْعِقْيَانِ، وَنُثَارَةِ الدُّرِّ وَحَصِيدِ الْمَرْجَانِ، مَا أَثَّرَ ذلِكَ فِي جُودِهِ، وَلاَ أَنْفَدَ سَعَةَ مَا عِنْدَهُ، وَلَكَانَ عِنْدَهُ مِنْ ذَخَائِرِ الْأَنْعَامِ مَا لاَ تُنْفِدُهُ مَطَالِبُ الْأَنَامِ، لاَِنَّهُ الْجَوَادُ الَّذِي لاَ يَغِيضُهُ سُؤَالُ السَّائِلِينَ، وَلاَ يُبْخِلُهُ إِلْحَاحُ المُلِحِّينَ.


صفاته تعالى في القرآن الكريم
فَانْظُرْ أَيُّهَا السَّائِلُ:
فما دلّك القرآن عليه من صفته فائتم به،
وما كلّفك الشيطان علمه... فكل علمه الى الله، فانّ ذلك منتهى حقّ الله عليك
فَمَا دَلَّكَ الْقُرْآنُ عَلَيْهِ مِنْ صِفَتِهِ فَائْتَمَّ بِهِ وَاسْتَضِىءْ بِنُورِ هِدَايَتِهِ،
وَمَا كَلَّفَكَ الشَّيْطَانُ عِلْمَهُ مِمَّا: لَيْسَ فِي الْكِتَابِ عَلَيْكَ فَرْضُهُ، وَلاَ فِي سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَئِمَّةِ الْهُدَى أَثَرُهُ، فَكِلْ عِلْمَهُ إِلَى اللهِ سُبْحَانَهُ، فَإِنَّ ذلِكَ مُنْتَهَى حَقِّ اللهِ عَلَيْكَ.



والرّاسخون في العلم
أغناهم الاقرار بجملة ما جهلوا تفسيره عن اقتحام السّدد الغيبية.
فاقتصر على ذلك، ولا تقدر عظمة الله سبحانه على قدر عقلك.
وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ هُمُ الَّذِينَ أَغْنَاهُمْ عَنِ اقْتِحَامِ السُّدَدِ الْمَضْرُوبَةِ دُونَ الْغُيُوبِ، الْإِقْرَارُ بِجُمْلَةِ مَا جَهِلُوا تَفْسِيرَهُ مِنَ الْغيْبِ الْمَحْجُوبِ، فَمَدَحَ اللهُ ـ تَعَالَى ـ اعْتِرَافَهُمْ بِالْعَجْزِ عَنْ تَنَاوُلِ مَا لَمْ يُحِيطُوا بِهِ عِلْماً، وَسَمَّى تَرْكَهُمُ التَّعَمُّقَ فِيَما لَمْ يُكَلِّفْهُمُ الْبَحْثَ عَنْ كُنْهِهِ رُسُوخاً، فاقْتَصِرْ عَلَى ذَلِكَ، وَلاَ تُقَدِّرْ عَظَمَةَ اللهِ سُبْحَانَهُ عَلَى قَدْرِ عَقْلِكَ فَتَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ.


هو القادر الّذي اذا ارتمت الأوهام لتدرك منقطع قدرته ... رَدَعَهَا وَهِيَ تَجُوبُ مَهَاوِيَ سُدَفِ الْغُيُوبِ... معترفة بأنّه لا ينال كُنْهُ معرفته، ولا تخطر ببال أولي الرّويّات خاطرة من تقدير جلال عزّته.

هُوَ الْقَادِرُ الَّذِي إِذَا ارْتَمَتِ الْأُوهَامُ لِتُدْرِكَ مُنْقَطَعَ قُدْرَتِهِ، وَحَاوَلَ الْفِكْرُ الْمُبَرَّأُ مِنْ خَطَرَاتِ الْوَسَاوِسِ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ فِي عَمِيقَاتِ غُيُوبِ مَلَكُوتِهِ، وَتَوَلَّهَتِ الْقُلُوبُ إِلَيْهِ لِتَجْرِيَ فِي كَيْفِيَّةِ صِفَاتِهِ، وَغَمَضَتْ مَدَاخِلُ الْعُقُولِ في حَيْثُ لاَ تَبْلُغُهُ الصِّفَاتُ لِتَنَاوُلِ عِلْمَ ذَاتِهِ، رَدَعَهَا وَهِيَ تَجُوبُ مَهَاوِيَ سُدَفِ الْغُيُوبِ، مُتَخَلِّصَةً إِلَيْهِ ـ سُبْحَانَهُ ـ فَرَجَعَتْ إِذْ جُبِهَتْ، مُعتَرِفَةً بِأَنَّهُ لاَ يُنَالُ بِجَوْرِ الْإِعْتِسَافِ كُنْهُ مَعْرِفَتِهِ، وَلاَ تَخْطُرُ بِبَالِ أُولِي الرَّوِيَّاتِ خَاطِرَةٌ مِنْ تَقْدِيرِ جَلاَلِ عِزَّتِهِ.


بديع السّموات والأرض
الّذي ابتدع الخلق على غير مثال امتثله
الّذي أنشأت الأشياء من غير سنخ، وصوّرت ما صوّرت من غير مثال، وابتدعت المبتدعات بلا احتذاء,
الَّذِي ابْتَدَعَ الْخَلْقَ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ امْتَثَلَهُ، وَلاَ مِقْدَارٍ احْتَذَى عَلَيْهِ، مِنْ خَالِقٍ مَعْبُودٍ كَانَ قَبْلَهُ،



وأرانا من ملكوت قدرته...
ما دلّنا باضطرار قيام الحجّة له على معرفته... فصار كلّ ما خلق حجّة له ودليلا عليه.
وَأَرَانَا مِنْ مَلَكُوتِ قُدْرَتِهِ، وَعَجَائِبِ مَا نَطَقَتْ بِهِ آثارُ حِكْمَتِهِ، وَاعْتِرَافِ الْحَاجَةِ مِنَ الْخَلْقِ إِلَى أَنْ يُقِيمَهَا بِمِسَاكِ قُوَّتِهِ، مَا دَلَّنا بِاضْطِرَارِ قِيَامِ الْحُجَّةِ لَهُ عَلَى مَعْرِفَتِهِ،

وَظَهَرَتِ الْبَدَائِعُ الَّتِي أحْدَثَها آثَارُ صَنْعَتِهِ، وَأَعْلاَمُ حِكْمَتِهِ، فَصَارَ كُلُّ مَا خَلَقَ حُجَّةً لَهُ وَدَلِيلاً عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ خَلْقاً صَامِتاً، فَحُجَّتُهُ بِالتَّدْبِيرِ نَاطِقَةٌ، وَدَلاَلَتُهُ عَلَى الْمُبْدِعِ قَائِمَةٌ.



فأشهدُ أن من شبّهك بتباين أعضاء خلقك... لم يعقد غيب ضميره على معرفتك، ولم يباشر قلبه اليقين بأنّه لا ندّ لك.

فَأَشْهَدُ أَنَّ مَنْ شَبَّهَكَ بِتَبَايُنِ أَعْضَاءِ خَلْقِكَ، وَتَلاَحُمِ حِقَاقِ مَفَاصِلِهِمُ الْمُحْتَجِبَةِ لِتَدْبِيرِ حِكْمَتِكَ، لَمْ يَعْقِدْ غَيْبَ ضَمِيرِهِ عَلَى مَعْرِفَتِكَ، وَلَمْ يُبَاشِرْ قَلْبَهُ الْيَقِينُ بِأَنَّهُ لاَ نِدَّ لَكَ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ تَبَرُّؤَ التَّابِعِينَ مِنَ المَتبُوعِينَ إِذْ يَقُولُونَ: تَاللهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ،

كَذَبَ الْعَادِلُونَ بِكَ، إِذْ شَبَّهُوكَ بِأَصْنَامِهِمْ وَنَحَلُوكَ حِلْيَةَ الْمَخْلُوقِينَ بِأَوْهَامِهمْ، وَجَزَّأُوكَ تَجْزِئَةَ الْمُجَسَّماتِ بِخَوَاطِرِهِمْ، وَقَدَّرُوكَ عَلَى الْخِلْقَةِ الُْمخْتَلِفَةِ الْقُوَى بِقَرَائِحِ عُقُولِهِمْ.

فَأَشْهَدُ أَنَّ مَنْ سَاوَاكَ بِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِكِ فَقَدْ عَدَلَ بِكَ، والعادل بك
وَالْعَادِلُ بِكَ كَافِرٌ بِمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ مُحْكَمَاتُ آياتِكَ، وَنَطَقَتْ عَنْهُ شَوَاهِدُ حُجَجِ بَيِّنَاتِكَ،

وَإِنَّكَ أَنْتَ اللهُ الَّذِي لَمْ تَتَنَاهَ فِي الْعُقُولِ فَتَكُونَ في مَهَبِّ فِكْرِهَا مُكَيَّفاً، وَلاَ فِي رَوِيَّاتِ خَوَاطِرِهَا فَتَكُونَ مَحْدُوداً مُصَرَّفاً.
ومنها :
قَدَّرَ مَا خَلَقَ فَأَحْكَمَ تَقْدِيرَهُ، وَدَبَّرَهُ فَأَلْطَفَ تَدْبِيرَهُ، وَوَجَّهَهُ لِوِجْهَتِهِ فَلَمْ يَتَعَدَّ حُدُودَ مَنْزِلَتِهِ، وَلَمْ يَقْصُرْ دُونَ الْإِنْتِهَاءِ إِلى غَايَتِهِ، وَلَمْ يَسْتَصْعِبْ إِذْ أُمِرَ بِالْمُضِيِّ عَلَى إِرَادَتِهِ، وَكَيْفَ وَإِنَّمَا صَدَرَتِ الْأُمُورُ عَنْ مَشيئَتِهِ؟

الْمُنْشِىءُ أصْنَافَ الْأَشْيَاءِ بِلاَ رَوِيَّةِ فِكْرٍ آلَ إِلَيْهَا، وَلاَ قَريحَةِ غَرِيزَةٍ أَضْمَرَ عَلَيْهَا، وَلاَ تَجْرِبَة أَفَادَهَا مِنْ حَوَادِثِ الدُّهُورِ، وَلاَ شَرِيكٍ أَعَانَهُ عَلَى ابْتِدَاعِ عَجَائِبِ الْأُمُورِ، فَتَمَّ خَلْقُهُ، وَأَذْعَنَ لِطَاعَتِهِ، وَأَجَابَ إِلى دَعْوَتِهِ، لَم يَعْتَرِضْ دُونَهُ رَيْثُ الْمُبْطِىءِ، وَلاَ أَنَاةُ الْمُتَلَكِّىءِ، فَأَقَامَ مِنَ الْأَشْيَاءِ أَوَدَهَا، وَنَهَجَ حُدُودَهَا، وَلاَءَمَ بِقُدْرَتِهِ بَيْنَ مُتَضَادِّهَا، وَوَصَلَ أَسْبَابَ قَرَائِنِهَا، وَفَرَّقَهَا أَجْنَاساً مُخْتَلِفَات فِي الْحُدُودِ وَالْأَقْدَارِ، وَالْغرَائِزِ وَالْهَيْئَاتِ، بَدَايَا خَلاَئِقَ أَحْكَمَ صُنْعَهَا، وَفَطَرَهَا عَلَى مَا أَرَادَ وَابْتَدَعَهَا!


منها في صفة السماء
وَنَظَمَ بِلاَ تَعْلِيقٍ رَهَوَاتِ فُرَجِهَا، وَلاَحَمَ صُدُوعَ انْفِرَاجِهَا، وَوَشَّجَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَزْوَاجِهَا، وَذَلَّلَ لِلْهَابِطِينَ بِأَمْرِهِ، وَالْصَّاعِدِينَ بِأَعْمَالِ خَلْقِهِ، حُزُونَةَ مِعْرَاجِهَا، وَنَادَاهَا بَعْدَ إِذْ هِيَ دُخَانٌ مُبِينٌ، فَالْتَحَمَتْ عُرَى أَشْرَاجِهَا، وَفَتَقَ بَعْدَ الْإِرْتِتَاقِ صَوَامِتَ أَبْوَابِهَا، وَأَقَامَ رَصَداً مِنَ الشُّهُبِ الثَّوَاقِبِ عَلَى نِقَابِهَا، وَأَمْسَكَهَا مِنْ أَنْ تَمُورَ فِي خَرْقِ الْهَوَاءِ بِأَيْدِهِ، وَأَمَرَهَا أَنْ تَقِفَ مُسْتَسْلِمَةً لاَِمْرِهِ، وَجَعَلَ شَمْسَهَا آيَةً مُبْصِرَةً لِنَهَارِهَا، وَقَمَرَهَا آيَةً مَمْحُوَّةً مِنْ لَيْلِهَا، وَأَجْرَاهُمَا فِي مَنَاقِلِ مَجْرَاهُمَا، وَقَدَّرَ مَسِيَرهُما فِي مَدَارِجِ دَرَجِهِمَا، لُِيمَيِّزَ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ بِهِمَا، وَلِيُعْلَمَ عَدَدُ السِّنِينَ والْحِسَابُ بِمَقَادِيرِهِمَا، ثُمَّ عَلَّقَ فِي جَوِّهَا فَلَكَهَا، وَنَاطَ بِهَا زِينَتَهَا، مِنْ خَفِيَّاتِ دَرَارِيِّهَا، وَمَصَابِيحِ كَوَاكِبِهَا، وَرَمَى مُسْتَرِقِي السَّمْعِ بِثَوَاقِبِ شُهُبِهَا، وَأَجْرَاها عَلَى أَذْلاَلِ تَسْخِيرِهَا مِنْ ثَبَاتِ ثَابِتِهَا، وَمَسِيرِ سَائِرِهَا، وهُبُوطِهَا وَصُعُودِهَا، وَنُحُوسِهَا وَسُعُودِهَا.


ومنها في صفة الملائكة
ثُمَّ خَلَقَ سُبْحَانَهُ لِإِسْكَانِ سَمَاوَاتِهِ، وَعِمَارَةِ الصَّفِيحِ الْأَعْلَى مِنْ مَلَكُوتِهِ، خَلْقاً بَدِيعاً مِنْ مَلاَئِكَتِهِ، وَمَلاََ بهِمْ فُرُوجَ فِجَاجِهَا، وَحَشَا بِهِمْ فُتُوقَ أَجْوَائِهَا،

وَبَيْنَ فَجَوَاتِ تِلْكَ الْفُرُوجِ زَجَلُ الْمُسَبِّحِينَ مِنْهُمْ فِي حَظَائِرِ الْقُدُسِ، وَسُتُرَاتِ الْحُجُبِ، وَسُرَادِقَاتِ الْمَجْدِ،
وَوَرَاءَ ذلِكَ الرَّجِيجِ الَّذِي تَسْتَكُّ مِنْهُ الْأَسْمَاعُ سُبُحَاتُ نُور تَرْدَعُ الْأَبْصَارَ عَنْ بُلُوغِهَا، فَتَقِفُ خَاسِئَةً عَلَى حُدُودِهَا.

أَنْشَأَهُمْ عَلَى صُوَرٍ مُخْتَلِفَاتٍ، وَأَقْدَارٍ مُتَفَاوِتَاتٍ، أُولِي أَجْنِحَةٍ تُسَبِّحُ جَلاَلَ عِزَّتِهِ، لاَ يَنْتَحِلُونَ مَا ظَهَرَ فِي الْخَلْقِ مِنْ صُنْعِهِ، وَلاَ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ يَخْلُقُونَ شَيْئاً مَعَهُ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ، بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأمْرِهِ يَعْمَلُونَ.
جَعَلَهُمُ اللهُ فِيَما هُنَالِكَ أَهْلَ الْأَمَانَةِ عَلَى وَحْيِهِ، وَحَمَّلَهُمْ إِلى الْمُرْسَلِينَ وَدَائِعَ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، وَعَصَمَهُمْ مِنْ رَيْبِ الشُّبُهَاتِ، فَمَا مِنْهُمْ زَائِغٌ عَنْ سَبِيلِ مَرْضَاتِهِ،


وَأَمَدَّهُمْ بِفَوَائِدِ المَعُونَةِ، وَأَشْعَرَ قُلُوبَهُمْ تَوَاضُعَ إِخْبَاتِ السَّكِينَةِ، وَفَتَحَ لَهُمْ أَبْوَاباً ذُلُلاً إِلى تَمَاجِيدِهِ، وَنَصَبَ لَهُمْ مَنَاراً وَاضِحَةً عَلَى أَعْلاَمِ تَوْحِيدِهِ،

لَمْ تُثْقِلْهُمْ مُوصِرَاتُ الْآثَامِ، وَلَمْ تَرْتَحِلْهُمْ عُقَبُ اللَّيَالي وَالْأَيَّامِ، وَلَمْ تَرْمِ الشُّكُوكُ بِنَوَازِعِهَا عَزِيمَةَ إِيمَانِهمْ، وَلَمْ تَعْتَرِكِ الظُّنُونُ عَلَى مَعَاقِدِ يَقِينِهمْ، وَلاَ قَدَحَتْ قَادِحَةُ الْإِحَنِ فِيَما بَيْنَهُمْ، وَلاَ سَلَبَتْهُمُ الْحَيْرَةُ
مَا لاَقَ مِنْ مَعْرِفَتِهِ بِضَمائِرِهمْ، وَسَكَنَ مِنْ عَظَمَتِهِ وَهَيْبَةِ جِلاَلَتِهِ فِي أَثْنَاءِ صُدُورِهمْ، وَلَمْ تَطْمَعْ فِيهِمُ الْوَسَاوِسُ فَتَقْتَرِعَ
بِرَيْنِهَاعَلى فِكْرِهمْ.

مِنْهُمْ مَنْ هُوَ في خَلْقِ الْغَمَامِ الدُّلَّحِ، وَفي عِظَمِ الْجِبَالِ الشُّمَّخِ، وَفي قَتْرَةِ الظَّلاَمِ الْأَيْهَمِ, وَمِنْهُمْ مَنْ قَدْ خَرَقَتْ أَقْدَامُهُمْ تُخُومَ الْأَرْضِ السُّفْلَى، فَهِيَ كَرَايَاتٍ بِيضٍ قَدْ نَفَذَتْ فِي مَخَارِقِ الْهَوَاءِ، وَتَحْتَهَا رِيحٌ هَفَّافَةٌ تَحْبِسُهَا عَلَى حَيْثُ انْتَهَتْ مِنَ الْحُدُودِ الْمُتَنَاهِيَةِ،



قَدِ اسْتَفْرَغَتْهُمْ أَشْغَالُ عِبَادَتِهِ،
ووَصَلَتْ حَقَائِقُ الْإِيمَانِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَعْرِفَتِهِ،
وَقَطَـعَهُمُ الْإِيقَانُ (اليقـين) بِهِ إِلى الْوَلَهِ إِليْهِ،
وَلَمْ تُجَاوِزْ رَغَبَاتُهُمْ مَا عِنْدَهُ إِلى مَا عِنْدَ غَيْرِهِ.

قَدِ اسْتَفْرَغَتْهُمْ أَشْغَالُ عِبَادَتِهِ، ووَصَلَتْ حَقَائِقُ الْإِيمَانِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَعْرِفَتِهِ، وَقَطَعَهُمُ الْإِيقَانُ بِهِ إِلى الْوَلَهِ إِليْهِ، وَلَمْ تُجَاوِزْ رَغَبَاتُهُمْ مَا عِنْدَهُ إِلى مَا عِنْدَ غَيْرِهِ.




قَدْ ذَاقُوا حَلاَوَةَ مَعْرِفَتِهِ،
وَشَرِبُوا بِالْكَأْسِ الرَّوِيَّةِ مِنْ مَحَبَّتِهِ،
وَتَمَكَّنَتْ مِنْ سُوَيْدَاءِ قُلُوبِهمْ وَشِيجَةُ خِيفَتِهِ،

فَحَنَوْا بِطُولِ الطَّاعَةِ اعْتِدَالَ ظُهُورِهمْ، وَلَمْ يُنْفِدْ طُولُ الرَّغْبَةِ إِلَيْهِ مَادَّةَ تَضَرُّعِهِمْ، وَلاَ أَطْلَقَ عَنْهُمْ عَظِيمُ (القربى) والزُّلْفَةِ رِبَقَ خُشُوعِهمْ، وَلَمْ يَتَوَلَّهُمُ الْإِعْجَابُ فَيَسْتَكْثِرُوا مَا سَلَفَ مِنْهُمْ، وَلاَ تَرَكَتْ لَهُمُ اسْتِكَانَةُ الْإِجْلاَلِ نَصِيباً فِي تَعْظِيمِ حَسَنَاتِهمْ، وَلَمْ تَجْرِ الْفَتَرَاتُ فِيهِمْ عَلَى طُولِ دُؤُوبِهِمْ، وَلَمْ تَغِضْ رَغَبَاتُهُمْ فَيُخَالِفُوا عَنْ ر َجَاءِ رَبِّهِمْ، وَلَمْ تَجِفَّ لِطُولِ الْمُنَاجَاةِ أَسَلاَتُ أَلْسِنَتِهمْ، وَلاَ مَلَكَتْهُمُ الْأَشْغَالُ فَتَنْقَطِعَ بِهَمْسِ الْجُؤَارِ إِلَيْهِ أَصْواتُهُمْ، وَلَمْ تَخْتَلِفْ فِي مَقَاوِمِ الطّاعَةِ مَناكِبُهُمْ، وَلَمْ يَثْنُوا إِلَى رَاحَةِ التَّقْصِيرِ فِي أَمرِهِ رِقَابَهُمْ، وَلاَ تَعْدُو عَلَى عَزِيمَةِ جِدِّهِم بَلاَدَةُ الْغَفَلاَتِ، وَلاَ تَنْتَضِلُ فِي هِمَمِهِمْ خَدَائِعُ الشَّهَوَاتِ.

قَدِْ اتَّخَذُوا ذَا الْعَرْشِ ذَخِيرَةً لِيَومِ فَاقَتِهمْ، وَيَمَّمُوهُ عِنْدَ انْقِطَاعِ الْخَلْقِ إِلى المَخْلُوقِينَ بِرَغْبَتِهمْ، لاَ يَقْطَعُونَ أَمَدَ غَايَةِ عِبَادَتِهِ، وَلاَ يَرْجِعُ بِهمُ الاِسْتِهْتَارُ بِلُزُومِ طَاعَتِهِ، إِلاَّ إِلَى مَوَادَّ مِنْ قُلُوبِهمْ غَيْرِ مُنْقَطِعَةٍ مِنْ رَجَائِهِ وَمَخَافَتِهِ، لَمْ تَنْقَطِعْ أَسْبَابُ الشَّفَقَةِ مِنْهُمْ، فَيَنُوا في جِدِّهِمْ، وَلَمْ تَأْسِرْهُمُ الْأَطْمَاعُ فَيُؤْثِرُوا وَشِيكَ السَّعْىِ عَلَى اجْتِهَادِهِمْ.


ولَمْ يَسْتَعْظِمُوا مَا مَضَى مِنْ أَعْمَالِهِمْ، وَلَوِ اسْتَعْظَمُوا ذلِكَ لَنَسَخَ الرَّجَاءُ مِنْهُمْ شَفَقَاتِ وَجَلِهِمْ، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي رَبِّهِمْ بِاسْتِحْواذِ الشَّيْطَانِ عَلَيْهِمْ،

وَلَمْ يُفَرِّقْهُمْ سُوءُ التَّقَاطُعِ، وَلاَ تَوَلاّهُمْ غِلُّ التَّحَاسُدِ، وَلاَ تَشَعَّبَتْهُمْ مَصَارِفُ الرِّيَبِ، وَلاَ اقْتَسَمَتْهُمْ أَخْيَافُ الْهِمَمِ، فَهُمْ أُسَرَاءُ إِيمَانٍ لَمْ يَفُكَّهُمْ مَنْ رِبْقَتِهِ زَيَغٌ وَلاَ عُدُولٌ وَلاَ وَنىً وَلاَ فُتُورٌ،

وَلَيْسَ في أَطْبَاقِ السَّمَاءِ مَوْضِعُ إِهَابٍ إِلاَّ وَعَلَيْهِ مَلَكٌ سَاجِدٌ، أَوْ سَاعٍ حَافِدٌ، يَزْدَادُونَ عَلَى طُولِ الطَّاعَةِ بِرَبِّهمْ عِلْماً، وَتَزْدَادُ عِزَّةُ رَبِّهِمْ فِي قُلُوبِهِمْ عِظَماً.


ومنها في صفة الارض ودحوها على الماء
كَبَسَ الْأَرْضَ عَلى مَوْرِ أَمْوَاجٍ مُسْتَفْحِلَةٍ، وَلُجَجِ بِحَارٍ زَاخِرَةٍ، تَلْتَطِمُ أَوَاذِيُّ أمْواجِهَا، وَتَصْطَفِقُ مُتَقَاذِفَاتُ أَثْبَاجِها، وَتَرْغُو زَبَداً كَالْفُحُولِ عِنْدَ هِيَاجِهَا، فَخَضَعَ جِمَاحُ الْمَاءِ الْمُتَلاَطِمِ لِثِقَلِ حَمْلِهَا، وَسَكَنَ هَيْجُ ارْتِمَائِهِ إِذْ وَطِئَتْهُ بِكَلْكَلِهَا، وَذَلَّ مُسْتَخْذِياً إِذْ تَمعَّكَتْ عَلَيْهِ بِكَوَاهِلِهَا، فَأَصْبَحَ بَعْدَ اصْطِخَابِ أَمْوَاجِهِ، سَاجِياً مَقْهُوراً، وَفِي حَكَمَةِ الذُّلِّ مُنْقَاداً أَسِيراً، وَسَكَنَتِ الْأَرْضُ مَدْحُوَّةً فِي لُجَّةِ تَيَّارِهِ، وَرَدَّتْ مِنْ نَخْوَةِ بَأْوِهِ وَاعْتِلاَئِهِ، وَشُمُوخِ أَنْفِهِ وَسُمُوِّ غُلَوَائِهِ، وَكَعَمَتْهُ عَلَى كِظَّةِ جَرْيَتِهِ، فَهَمَدَ بَعْدَ نَزَقَاتِهِ، وَ لَبَدَ بَعْدَ زَيَفَانِ وَثَبَاتِهِ.
فَلَمَّا سَكَنَ هَيْجُ الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ أَكْنَافِهَا، وَحَمْلِ شَوَاهِقِ الْجِبَالِ الْبُذَّخِ عَلَى أَكْتَافِهَا، فَجَّرَ يَنَابِيعَ الْعُيُونِ مِنْ عَرَانِينِ أُنُوفِهَا، وَفَرَّقَهَا فِي سُهُوبِ بِيدِهَا وَأَخَادِيدِهَا، وَعَدَّلَ حَرَكَاتِهَا بِالرَّاسَيَاتِ مِنْ جَلاَمِيدِهَا، وَذَوَاتِ الشَّنَاخِيبِ الشُّمِّ مِنْ صَيَاخِيدِهَا، فَسَكَنَتْ مِنَ الْمَيَدَانِ لِرُسُوبِ الْجِبَالِ فِي قِطَعِ أَدِيمِهَا، وَتَغَلْغُلِهَا مُتَسَرِّبَةً في جَوْبَاتِ خَيَاشِيمِهَا، وَرُكُوبِهَا أَعْنَاقَ سُهُولِ الْأَرَضِينَ وَجَرَاثِيمِهَا، وَفَسَحَ بَيْنَ الْجَوِّ وَبَيْنَهَا، وَأَعَدَّ الْهَوَاءَ مُتَنَسَّماً لِسَاكِنِهَا، وَأَخْرَجَ إِلَيْهَا أَهْلَهَا عَلَى تَمَامِ مَرَافِقِها.
ثُمَّ لَمْ يَدَعْ جُرُزَ الْأَرْضِ الَّتي تَقْصُرُ مِيَاهُ الْعُيُونِ عَنْ رَوَابِيهَا، وَلاَ تَجِدُ جَدَاوِلُ الْأَنْهَارِ ذَرِيعَةً إِلى بُلُوغِهَا، حَتَّى أَنْشَأَ لَهَا نَاشِئَةَ سَحَابٍ تُحْيِي مَوَاتَهَا، وَتَسْتَخْرِجُ نَبَاتَهَا.
أَلَّفَ غَمَامَهَا بَعْدَ افْتِرَاقِ لُمَعِهِ، وَتَبَايُنِ قَزَعِهِ. حَتَّى إِذَا تَمَخَّضَتْ لُجَّةُ الْمُزْنِ فِيهِ، وَالْتَمَعَ بَرْقُهُ فَي كُفَفِهِ، وَلَمْ يَنَمْ وَمِيضُهُ فِي كَنَهْوَرِ رَبَابِهِ، وَمُتَرَاكِمِ سَحَابِهِ، أَرْسَلَهُ سَحًّا مُتَدَارَكاً، قَدْ أَسَفَّ هَيْدَبُهُ، تَمْرِيهِ الْجَنُوبُ دِرَرَ أَهَاضِيبِهِ، وَدُفَعَ شَآبِيبِهِ.
مَّا أَلْقَتِ السَّحابُ بَرْكَ بِوَانَيْهَا، وَبَعَاعَ مَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ مِنَ الْعِبْءِ الْمَحْمُولِ عَلَيْهَا، أَخْرَجَ بِهِ مِنْ هَوَامِدِ الْأَرْضِ النَّبَاتَ، وَمِنْ زُعْرِ الْجِبَالِ الْأَعْشابَ،فَهِيَ تَبْهَجُ بِزِينَةِ رِيَاضِهَا،وَتَزْدَهِي بِمَا أُلْبِسَتْهُ مِنْ رَيْطِ، أَزَاهِيرِهَا، وَحِلْيَةِ مَا سُمِطَتْ بِهِ مِنْ نَاضِرِ أَنْوَارِهَا، وَجَعَلَ ذلِكَ بَلاَغاً لِلْأَنَامِ، وَرِزْقاً لِلْأَنْعَامِ، وَخَرَقَ الْفِجَاجَ فِي آفَاقِهَا، وَأَقَامَ المَنَارَ لَلسَّالِكِينَ عَلَى جَوَادِّ طُرُقِهَا.


فلمّا مهد أرضه، وأنفذ أمره، اختار آدم (ع) ... ليقيم الحجّة به على عباده، ولَمْ يُخْلِهِمْ بَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ،... بَلْ تَعَاهَدَهُمْ بَالْحُجَجِ عَلَى أَلْسُنِ الْخِيَرَةِ مِنْ أَنْبِيَائِهِ، وَمُتَحَمِّلِي وَدَائِعِ رِسَالاَتِهِ، قَرْناً فَقَرْناً، حَتَّى تَمَّتْ بِنَبِيِّنَا مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَ سَلَّمَ- حُجَّتُهُ، وَبَلَغَ الْمَقْطَعَ عُذْرُهُ وَنُذُرُهُ،

فَلَمَّا مَهَدَ أَرْضَهُ، وَأَنْفَذَ أَمْرَهُ، اخْتَارَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ، خِيرَةً مِنْ خَلْقِهِ، وَجَعَلَهُ أَوّلَ جِبِلَّتِهِ، وَأَسْكَنَهُ جَنَّتَهُ، وَأَرْغَدَ فِيهَا أُكُلَهُ، وَأَوْعَزَ إِلَيْهِ فِيَما نَهَاهُ عَنْهُ، وَأَعْلَمَهُ أَنَّ فِي الْإِقْدَامِ عَلَيْهِ التَّعرُّضَ لِمَعْصِيَتِهِ، وَالْمُخَاطَرَةَ بِمَنْزِلَتِهِ; فَأَقْدَمَ عَلَى مَا نَهَاهُ عَنْهُ ـ مُوَافَاةً لِسَابِقِ عِلْمِهِ ـ فَأَهْبَطَهُ بَعْدَ التَّوْبَةِ لِيَعْمُرَ أَرْضَهُ بِنَسْلِهِ، وَلِيُقِيمَ الْحُجَّةَ بهِ عَلَى عِبَادِهِ،

ولَمْ يُخْلِهِمْ بَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ، مِمَّا يُؤَكِّدُ عَلَيْهِمْ حُجَّةَ رُبُوبِيَّتِهَ، وَيَصِلُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَعْرِفَتِهِ، بَلْ تَعَاهَدَهُمْ بَالْحُجَجِ عَلَى أَلْسُنِ الْخِيَرَةِ مِنْ أَنْبِيَائِهِ، وَمُتَحَمِّلِي وَدَائِعِ رِسَالاَتِهِ، قَرْناً فَقَرْناً; حَتَّى تَمَّتْ بِنَبِيِّنَا مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَ سَلَّمَ- حُجَّتُهُ، وَبَلَغَ الْمَقْطَعَ عُذْرُهُ وَنُذُرُهُ،


وَقَدَّرَ الْأَرْزَاقَ فَكَثَّرَهَا وَقَلَّلَهَا، وَقَسَّمَهَا عَلَى الضِّيقِ والسَّعَةِ فَعَدَلَ فِيهَا لِيَبْتَلِيَ مَنْ أَرَادَ بَمَيْسُورِهَا وَمَعْسُورِهَا، وَلِيَخْتَبِرَ بِذلِكَ الشُّكْرَ والصَّبْرَ مِنْ غَنِيِّهَا وَفَقِيرِهَا، ثُمَّ قَرَنَ بِسَعَتِهَا عَقَابِيلَ فَاقَتِهَا، وَبِسَلاَمَتِهَا طَوَارِقَ آفَاتِهَا، وَبِفُرَجِ أَفْرَاحِهَا غُصَصَ أَتْرَاحِهَا. وَخَلَقَ الْآجَالَ فَأَطَالَهَا وَقَصَّرَهَا، وَقَدَّمَهَا وَأَخَّرَهَا، وَوَصَلَ بَالْمَوْتِ أَسْبَابَهَا، وَجَعَلَهُ خَالِجاً لِأَشْطَانِهَا، وَقَاطِعاً لمَرائِر ِأَقْرَانِهَا.



عَالِمُ السِّرِّ مِنْ ضَمَائِرِ الْمُضْمِرِينَ، وَنَجْوَى الْمُتَخَافِتِينَ، وَخَوَاطِرِ رَجْمِ الظُّنُونِ، وَعُقَدِ عَزِيمَاتِ الْيَقِينِ، وَمَسَارِقِ إِيمَاضِ الْجُفُونِ، وَمَا ضَمِنَتْهُ أَكْنَانُ الْقُلُوبِ وَغَيَابَاتُ الْغُيُوبِ، وَمَا أَصْغَتْ لاِسْتِرَاقِهِ مَصَائِخُ الْأَسْمَاعِ، وَمَصَائِفُ الذَّرِّ، وَمَشَاتِي الْهَوَامِّ، وَرَجْعِ الْحَنِينِ مِنْ الْمُولَهَاتِ، وَهَمْسِ الْأَقْدَامِ، وَمُنْفَسَحِ الثَّمَرَةِ مِنْ وَلاَئِجِ غُلُفِ الْأَكْمَامِ، وَمُنْقَمَعِ الْوُحُوشِ مِنْ غِيرَانِ الْجِبَالِ وَأَوْدِيَتِهَا، وَمُخْتَبَإِ الْبَعُوضِ بَيْنَ سُوقِ الْأَشْجَارِ وَأَلْحِيَتِهَا، وَمَغْرِزِ الْأَوْرَاقِ مِنَ الْأَفْنَانِ، وَمَحَطِّ الْأَمْشَاجِ مِنْ مَسَارِبِ الْأَصْلاَبِ، وَنَاشِئَةِ الْغُيُومِ وَمُتَلاَحِمِهَا، وَدُرُورِ قَطْرِ السَّحَابِ في مُتَرَاكِمِهَا، وَمَا تَسْفِي الْأَعَاصِيرُ بِذُيُولِهَا، وَتَعْفُو الْأَمْطَارُ بِسُي ُولِهَا، وَعَوْمِ بَنَاتِ الْأَرضِ فِي كُثْبَانِ الرِّمَالِ، وَمُسْتَقَرِّ ذَوَاتِ الْأَجْنِحَةِ بِذُرَا شَنَاخِيبِ الْجِبَالِ، وَتَغْرِيدِ ذَوَاتِ الْمَنْطِقِ فِي دَيَاجِيرِ الْأَوْكَارِ، وَمَا أوْعَبَتْهُ الْأَصْدَافُ، وَحَضَنَتْ عَلَيْهِ أَمْوَاجُ الْبِحَارِ، وَمَا غَشِيَتْهُ سُدْفَةُ لَيْلٍ، أَوْ ذَرَّ عَلَيْهِ شَارِقُ نَهَارٍ، وَمَا اعْتَقَبَتْ عَلَيْهِ أَطْبَاقُ الدَّيَاجِيرِ، وَسُبُحَاتُ النُّورِ، وَأَثَرِ كُلِّ خَطْوَةٍ، وَحِسِّ كُلِّ حَرَكَةٍ، وَرَجْعِ كُلِّ كَلِمَةٍ، وَتَحْرِيكِ كُلِّ شَفَةٍ، وَمُسْتَقَرِّ كُلِّ نَسَمَةٍ، وَمِثْقَالِ كُلِّ ذَرَّةٍ، وَهَمَاهِمِ كُلِّ نَفْسٍ هَامَّةٍ، وَمَا عَلَيْهَا مِنْ ثَمَرِ شَجَرَةٍ، أَوْ ساقِطِ وَرَقَةٍ، أَوْ قَرَارَةِ نُطْفَةٍ، أوْ نُقَاعَةِ دَمٍ وَمُضْغَةٍ، أَوْ نَاشِئَةِ خَلْقٍ وَسُلاَلَةٍ, لَمْ تَلْحَقْهُ فِي ذلِكَ كُلْفَةٌ، وَلاَ اعْتَرَضَتْهُ فِي حِفْظِ مَا ابْتَدَعَ مِنْ خَلْقِهِ عَارِضَةٌ، وَلاَ اعْتَوَرَتْهُ فِي تَنْفِيذِ الْأُمُورِ وَتَدَابِيرِ الْمَخلُوقِينَ مَلاَلَةٌ وَلاَ فَتْرَةٌ، بَلْ نَفَذَهُمْ عِلْمُهُ، وَأَحْصَاهُمْ عَدَدُهُ، وَوَسِعَهُمْ عَدْلُهُ، وَغَمَرَهُمْ فَضْلُهُ، مَعَ تَقْصِيرِهِمْ عَنْ كُنْهِ مَا هُوَ أَهْلُهُ.


الخاتمة بالدّعاء
اللَّهُمَّ أَنْتَ أَهْلُ الْوَصْفِ الْجَمِيلِ، وَالتَّعْدَادِ الْكَثِيرِ، إِنْ تُؤَمَّلْ فَخَيْرُ مَأْمُولٍ، وَإِنْ تُرْجَ فَخَيْرُ مَرْجُوٍّ. اللَّهُمَّ وَقَدْ بَسَطْتَ لي فِيَما لاَ أَمْدَحُ بِهِ غَيْرَكَ، وَلاَ أُثْنِي بِهِ عَلَى أَحَد سِوَاكَ، وَلاَ أُوَجِّهُهُ إِلَى مَعَادِنِ الْخَيْبَةِ وَمَوَاضِعِ الرِّيبَةِ، وَعَدَلْتَ بِلِسَاني عَنْ مَدَائِحِ الْآدَمِيِّينَ، وَالثَّنَاءِ عَلَى الْمَرْبُوبِينَ الْمَخْلُوقِينَ.

اللَّهُمَّ وَلِكُلِّ مُثْنٍ عَلَى مَنْ أَثْنَى عَلَيْهِ مَثُوبَةٌ مِنْ جَزَاءٍ، أَوْ عَارِفةٌ مِنْ عَطَاءٍ، وَقَدْ رَجَوْتُكَ دَلِيلاً عَلَى ذَخَائِرِ الرَّحْمَةِ وَكُنُوزِ الْمَغْفِرَةِ.

اللَّهُمَّ وَهذَا مَقَامُ مَنْ أَفْرَدَكَ بِالتَّوْحِيدِ الَّذِي هُوَ لَكَ، وَلَمْ يَرَ مُستَحِقّاً لِهذِهِ الَْمحَامِدِ وَالْمَمادِحِ غَيْرَكَ، وَبِي فَاقَةٌ إِلَيْكَ لاَ يَجْبُرُ مَسْكَنَتَهَا إِلاَّ فضْلُكَ، وَلاَ يَنْعَشُ مِنْ خَلَّتِهَا إِلاَّ مَنُّكَ وَجُودُكَ، فَهَبْ لَنَا فِي هذَا الْمَقَامِ رِضَاكَ، وَأَغْنِنَا عَنْ مَدِّ الْأَيْدِي إِلَى مَن سِوَاكَ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ!

نسألكم خالص الدعاء

تحياتي نورجهان




 توقيع : نورجهان


رد مع اقتباس
قديم 12-02-2011, 07:27 PM   #2
مشرف


الصورة الرمزية محمد أبورغيف
محمد أبورغيف غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 85
 تاريخ التسجيل :  May 2011
 أخر زيارة : 07-14-2014 (01:24 PM)
 المشاركات : 850 [ + ]
 التقييم :  10
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



احسنتم كثيراً وربي يتقبل منكم هذا الجهد الموفق

وشكرا عالطرح الرائع المميز

وننتظر منك كل جديد من المواضيع الهادفة والولائية
تقبلو تحياتي وخالص التقدير والاحترام



 

رد مع اقتباس
قديم 12-03-2011, 04:52 PM   #3
عضو مميز


الصورة الرمزية ابو مجتبى البدراوي
ابو مجتبى البدراوي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 70
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 08-31-2013 (10:50 AM)
 المشاركات : 1,193 [ + ]
 التقييم :  10
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
وأرحمنا بهم يا كريم

السلام عليك يا أبا الأحرار
رزقنا الله زيارته في الدنيا وشفاعته بالآخرة


ورحم الله والديكم على الطرح المبارك
يعطيكم ربي ألف عافية
وفقكم الله ورعاكم


 

رد مع اقتباس
إضافة رد


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




Loading...


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY:
! ωαнαм ! © 2010
سعودي كول