#1
|
||||||||||
|
||||||||||
لفظ "السلام" في القرآن الكريم
لفظ "السلام" في القرآن الكريم
"الإسلام" كلمةٌ مأخوذةٌ من "السّلام"، الذي يُعتبر غاية كلّ عاقل؛ ولهذا كان من دخل في الإسلام في سلامٍ وأمانٍ؛ وقد اشتُقّت هذه الكلمة من "السلام"، وتعني الانقياد؛ لأن المسلم مَن يسلم من الإباء والامتناع. ولفظ "السلام" في أصل اللغة - كما يقول اللغويون- يدلّ على الصّحة والعافية، فالسّلامة: أن يسلم الإنسان من العاهة والأذى. ومن أسمائه تعالى: السلام؛ لسلامته ممّا يلحق المخلوقين من العيب والنقص والفناء. ولفظ "السّلام" ورد في القرآن الكريم بصيغٍ مختلفةٍ في مئةٍ وأربعين موضعاً، ورد في مئة واثني عشر موضعاً بصيغة الاسم، من ذلك قوله عزّ وجلّ: {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً}(النساء:94)، وورد في ثمانية وعشرين موضعاً بصيغة الفعل، منها قوله سبحانه: {لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها}(النور:27). ولفظ "السّلام" ورد في القرآن الكريم على سبع معانٍ رئيسةٍ، هي: اسمٌ من أسماء الله، الإسلام، التّحية المعروفة، السّلامة من الشرّ، الثناء الحسن، الخير، خلوص الشيء من كلّ شائبة. وفي ما يلي تفصيل ذلك: السلام بمعنى (اسم من أسماء الله)، من ذلك قوله تعالى: {هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدّوس السّلام} (الحشر:33)، فـ {السلام} في الآية اسمٌ من أسمائه سبحانه؛ ومن هذا القبيل قوله عزّ وجلّ: {لهم دار السلام عند ربّهم}(الأنعام:127)... السلام بمعنى (الإسلام)، من ذلك قوله سبحانه:{يهدي به الله من اتّبع رضوانه سبل السلام} (المائدة:16... ونحو ذلك قوله سبحانه:{يا أيّها الذين آمنوا ادخلوا في السّلم كافّة} (البقرة:208)، يعني: الإسلام، كما قاله ابن عباس رضي الله عنهما وغيره. السلام بمعنى (التّحية المعروفة)، من ذلك قوله تعالى: {وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلامٌ عليكم} (الأنعام:54)، قال عكرمة : نزلت في الذين نهى الله عزّ وجلّ نبيه عن طردهم، وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا رآهم بدأهم بالسّلام. وقال ابن كثير: فأكرمهم بردّ السّلام عليهم، وبشّرهم برحمة الله الواسعة الشاملة لهم؛ ونحو هذا قوله سبحانه: {فإذا دخلتم بيوتاً فسلّموا على أنفسكم} (النور:61). السلام بمعنى (السّلامة من الشرّ)، من ذلك قوله سبحانه: {قيل يا نوح اهبط بسلامٍ منّا} (هود:48)، أي: بأمنٍ منّا أنت ومن معك من إهلاكنا، قال القرطبيّ: أي: بسلامةٍ وأمنٍ؛ ومن هذا القبيل قوله سبحانه:{ادخلوها بسلامٍ آمنين} (الحجر:46)، أي: سالمين من عقاب الله. السلام بمعنى (الثناء الحسن)، من ذلك قوله سبحانه: {سلامٌ على نوحٍ في العالمين} (الصافات:79)، قال ابن كثير: مفسِّر لما أبقى عليه من الذكر الجميل والثناء الحسن، أنّه يُسلَّم عليه في جميع الطوائف والأمم؛ ونحو ذلك قوله تعالى:{سلام على إبراهيم} (الصافات:109)، قال الشوكاني : السّلام: الثناء الجميل. وقد يُراد بـ (السّلام) في هاتين الآيتين ونحوهما: السّلامة من الآفات والشرور، وهو قولٌ في تفسير الآيتين ونحوهما. السلام بمعنى (الخير)، من ذلك قوله تعالى: {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً} (الفرقان:63)، قال الطبريّ: إذا خاطبهم الجاهلون بالله بما يكرهونه من القول، أجابوهم بالمعروف من القول، والسّداد من الخطاب. وقال مجاهد: قالوا سداداً من القول؛ ونحو هذا قوله سبحانه: {فاصفح عنهم وقل سلام}(الزخرف:89)، قال ابن كثير: لا تجاوبهم بمثل ما يخاطبونك به من الكلام السيّء، ولكن تألّفهم واصفح عنهم فعلاً وقولاً. السلام بمعنى (خلوص الشيء من كلّ شائبة)، وذلك في قوله تعالى:{ورجلاً سلماً لرجلٍ} (الزمر:29)، أي: رجلاً خالصاً لرجلٍ. رُوي ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما. وليس غيره في القرآن على هذا المعنى. ولا يخفى، أنّ المفسّرين قد يُرجّحون معنًى على معنًى، لدليلٍ شرعيٍّ، أو نقلٍ لغويٍّ، أو مقتضى سياقيٍّ، ولا غرابة في ذلك، ما دام اللفظ يحتمل هذه المعاني المتعدّدة. |
|
|
|