عرض مشاركة واحدة
قديم 11-20-2020, 09:42 PM   #4
المراقبين


الصورة الرمزية شجون الزهراء
شجون الزهراء غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 465
 تاريخ التسجيل :  Mar 2012
 أخر زيارة : 04-21-2024 (10:40 PM)
 المشاركات : 5,025 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي




26 ـ قال الصادق 7: خمسة لا ينامون : الهام بدم يسفكه ، وذو مال كثير لا أمين له ، والقائل في الناس الزور والبهتان عن عرض من الدنيا يناله ، والمأخوذ بالمال الكثير ولا مال له ، والمحبّ حبيباً يتوقّع فراقه .

ما أجمل ما يخبرنا الامام الصادق 7 عن واقع الانسان ، فان النوم وان كان راحة الجسد وسباتاً، الّا انّه من كان يعيش القلق والاضطراب الروحي كيف تغمض عينيه ، بل يتقلّب على فراشه يفرقع أصابعه ويتنفّس الصّعداء، وإن كان مؤمناً يسترجع ويتحوقل .

ثمّ القلق النفسي والاضطراب الروحي المانع من النوم يتولّد من عوامل : أبرزها ما أشار إليه الامام الصادق 7.

منه : من هام وقصد أن يسفک دماً ويقتل نفساً، فان القتل أمر عظيم ، الا لمن كان معتاداً عليه فمات قلبه فمن همّ بسفک دم لا تأخذه النوم بسهولة ، بل يتململ كتململ السليم ، وكذلک من كان عنده المال الكثير كالتجار ولا أمين له ، فانه يخاف السراق في كلّ لحظة ، فمثل هذا يصعب عليه النوم ، وكذلک من قال في حقّ الناس وعرضهم وشخصيتنهم زوراً وبهتاناً ينال بذلک من حطام الدنيا، فهذا يخاف الناس فلا تنام عينيه ، وكذا من كان عليه المال الكثير كالمديون ، وحكمت عليه المحكمة بالاعدام أو السجن المؤبّد أو ان يأتي بالمال ولا مال له ، فانه يبقى طوال الليل قلقاً متفكّراً يدبّر لنفسه أمراً فلا ينام ، وأخيراً العاشق الولهان بحب حبيبه ويخاف فراقه أو يتوقع أن يفارقه عن قريب ، فانه الحب عذاب ، وكان العشق ناراً ولهيباً في قلب العشيق يمنعه عن النوم .

27 ـ قال رسول الله 6: النوم أخو الموت ولا يموت أهل الجنّة .

قال الله سبحانه وتعالى : (اللهُ يَتَوَفَّى الاَْنْفُسَ حيüنَ مَوْتِها وَالَّتيü لَمْ تَمُتْ فيü مَنامِها فَيُمْسِکُ الَّتيü قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الاُْخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فيü ذلِکَ لآَياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )[14] .



ورد في الأحاديث الشريفة : تفكّر ساعة خير من عبادة ستّين سنة ، إذ نتيجة التفكر مع سلامات المقدمات من الصغريات والكبرويات أن يسلم المتفكّر في عقائده وسلوكه وحياته على كلّ المستويات ، وقد دعا الاسلام بمصدر ثقافته في الكتاب الكريم والأحاديث الشريفة إلى إعمال التفكّر الصحيح ، حتى أعدّه أفضل من عبادة ستّين عاماً، وفي هذا معنى ومغزاً، ثمّ من مجالات التفكير السليم نوم الانسان ، فانّه ينام الانسان حتّى يفقد أحاسيس اليقظة ، فتذهب نفسه وروحه الملكوتيّة إلى الملأ الأعلى ، وتبقى النفس الملكيّة والظاهريّة المدبرة للبدن حتّى نومه ، وان الله ليتوفّى الأنفس أي يأخذ تمام النفس اذا جاء أجل الانسان المحتم المكتوب في اللوح المحفوظ ، وهذا التوفّي التام وربما يكون في النوم ، والتي لم تمت في منامها يرسلها الله سبحانه لتصل إلى أجلها المحتّم والمعلوم الثابت في اللوح المحفوظ . أو تصل إلى الآجال المعلقة المكتوبة والمتغيرة في لوح المحو والإثبات فهناک وجه شبه كبير من الموت وبين النوم حتى صوّرهما رسول الله6 بالاخوّة أي كلاهما بمنزلة أخوين من أبوين ، ثمّ أشار 7 إلى أن الموت يموت يوم القيامة ، وإنه يذبح كما ورد في الأخبار، ويكون حينئذٍ الخلود والأبديّة في النيران ـ والعياذ بالله ـ أو الجنان ـ رزقنا الله ـ فلا يموت أهل الجنّة حينئذٍ.

ثمّ الأرواح تصعد إلى السماء عند النوم ، فالمفروض على من يقصد فراش النوم أن يكون متطهراً، فلا ينام وهو جنب أو محدث بالحدث الأصغر، بل يغتسل أو يتوضّأ وينام ، لما ورد ذلک في الأخبار المعتبرة .

28 ـ قال أميرالمؤمنين علي 7: لا ينام المسلم وهو جنب ، ولا ينام الّا على طهور ـ أي غسل أو وضوء أو تيمّم والأوّل أظهر ـ فان لم يجد الماء فليتيمّم بالصعيد، فان روح المؤمن تروح إلى الله عزّوجلّ فيلقاها ويبارک عليها، فان كان أجلها قد حضر جعلها في مكنون رحمته ، وإن لم يكن أجلها قد حضر بعث بها مع أُمنائه من ملائكته ، فيردُّوها في جسده[15] .



فهذه الروح الكبرى الطاهرة بالطهور تقترن مع الملائكة اُمناء الرحمن في نزولها إلى الأرض لترتبط بالجسد مرّة اُخرى .

29 ـ عن الامام الباقر 7: ما من عبد من شيعتا ينام إلّا أصعد الله عزّوجلّ روحه إلى السماء فيبارک عليها، فان كان قد أتى عليها أجلها جعلها في كنوز رحمته ، وفي رياض جنّةٍ وفي ظلّ عرشه ، وان كان أجلها متأخّراً بعث بها مع أمنته من الملائكة ، ليردوها إلى الجسد الذي خرجت منه لتسكن فيه[16] .



بشاركم يا شيعة أميرالمؤمنين حياةً طيبةً في الدنيا في يقظتها ونومها، وسعادة أبديّة في الآخرة في جنانها ونعيمها، وانّ ملائكة الله لستغفر لكم ، وتشتاق إلى رؤيتكم في دنياكم وآخرتكم .

30 ـ قال رسول الله 6 لعلي 7: يا علي انّ أرواح شيعتک لتصعد إلى السماء في رقادهم ووفاتهم ، فتنظر الملائكة إليها كما ينظر الناس إلى الهلال ، شوقاً إليهم ولما يرون من منزلتهم عند الله عزّوجلّ[17] .



31 ـ عن الامام الرضا 7: انّ النوم سلطان الدماغ وهو قوام الجسد وقوّته .

انّ الله سبحانه خلق الإنسان من روح سماوي وجسد أرضي ، وفي جسده الدماغ الذي هو بمنزلة الحاكم والسلطان على تصرّفات البدن من حركاته وسكناته ، الا انّ الله جعل على هذا السلطان سلطاناً وهو النوم ، فاذا جاء النوم وحكمه غلب الدماغ وأسقطه عن تدبير البدن في حال يقظته ، فلا تبصر العين ولا تسمع الأُذن ، وينام القلب ، ثمّ هذا النوم سلطان الله جعله قوام الجسد وقوّته ، فانّ قيمومة البدن وتقويته وتفاعله من النمو والرشد وغيرهما انّما يكون بالنوم .

32 ـ قال الامام الهادي 7: السهر ألذّ للمنام .

اللذّة ويقابلها الألم إما أن تكون حسيّة أو عقليّة وروحيّة ، فاذا كان من ألذّ اللذائذ الجسديّة الجماع والمقاربة الجنسيّة كما ورد في الأخبار، فانّ السهر في الليل يزيد في لذّة النائم والنوم ، وهذا ما يدلّ عليه التجربة والوجدان ، فمن سهر ليله يحسّ بلذّة كبيرة في نومه ومنامه .

33 ـ قال أميرالمؤمنين علي 7: المستثقل النائم تكذبه أحلامه .

انّ الأحلام والرؤيا ممّا لا يمكن انكارها، وان اختلفت الأقوال في حقيقتها، الّا انّه يرى الانسان في منامه ما يرى من الأحلام كما نصّ على ذلک القرآن الكريم ، كما في قصّة يوسف 7، ثمّ من الأحلام ما هي صادقة ، ومنها ما هي كاذبة ، ومنها أضغاث أحلام .

فمن نام على ثقل في معدته بكثرة الأكل والشرب المعبّر عند بالمستثقل النائم فان أحلامه اذا أخبر بها ستكذبه ، أي يكون كاذباً في أحلامه ، فلا تكون من الأحلام الصادقة ، ومن ثمّ تكون شاهدة على كذب حكاية أحلامه ، وهذا يدلّ على كراهة الاستكثار من الأكل لاسيّما عند النوم ، وورد: أن تعشيت فتمشَّ ، أي لا تنام بعد العشاء والأكل مباشرة بل عليک أن تمشي حتّى يستهضم الأكل ، كما عليه الطّب الحديث .

34 ـ قال أميرالمؤمنين 7: ما انقص النوم لعزائم اليوم .

من الطبيعي لأصحاب الأعمال أن يخططوا للمستقبل ، لاسيّما تخطيطهم في الليل لأعمال واشغال النهار، فان المخطّط تارة طويل الأمد وآخر قصير الأمد، فمن يعزم على عمل في الليل ويصمم على قضاء ذلک في بكور صباحه ، فان النوم وكثرته وربّما ينقض تلک العزيمة ، بل ربما يكون في كثير من الموارد كذلک كما أشار إليه أميرالمؤمنين العارف بحقائق الاُمور باذن ربّه جلّ جلاله قائلاً: ما انقض النوم لعزائم اليوم ـ وكأنه في مقام التعجّب أو الاخبار ـ.

وإلى مثل هذا المعنى عنه 7 أيضاً:

35 ـ من كثر في ليله نومه ، فاته من العمل ما لا يستدركه في يومه[18] .



فانه في تخطيطه وتدبيره الليلي يحدّد لكلّ عمل وقته الخاص ، فاذا لم يبكرو لم يبادر، ونام وكثر نومه فانه يفوته في مقام الامتثال ، فيترک أحد العملين لا محالة كما هو واضح .

انّ النوم بمنزلة الغريم والدائن الذي يطالب الانسان ليأخذ من عمره العزيز والثمين والذي هو قصير جداً بل يعدّ في قبال أبدية الروح وخلودها في الجنان أو النيران بمنزلة لمح البصر أو هو أقرب ، فمثل هذا الغريم سرعان ما يفني هذا العمر القصير، ويفوّت كثير الأجر والثواب ، فان عبادة اليقظان أثم من النائم ، كما في الأعمال المعاشيّة ، فانه يستأجر المستيقظ في العمل دون النائم ، فمن نام عن العمل فاته الأجر والاُجرة ، والى هذا المعنى أشار أميرالمؤمنين علي 7 قائلاً:

36 ـ بئس الغريم النوم ، يفني قصير العمر، ويفوّت كثير الأجر.

وكثرة النوم يسبب في كثرة الأحلام المزعجة والتي هي من أضغاث الأحلام كما أشار إلى ذلک الامام العسكري 7.

37 ـ من أكثر المنام رأى الأحلام .

فاذا كان كثرة النوم هذا مآله وما يترتّب عليه من الضياع والحرمان والنقص ، فكيف ينام المرء ويغفل عن طلب المعالي والفوز بالخيرات والحسنات ؟!

فالاسلام دين العلم والعمل ، والوعي واليقظة ، والخير والسعادة ، والحياة الطيبة والعيش الرغيد، وانه اعطى لكلّ شيء حكمه وقانونه باصول ثابتة يستنبط منها الفروع المتغيّرة ، وحتّى أشار إلى بعض الجزئيّات لتكون في المستقبل من القواعد الكليّة التي يرجع إليها في كثير من المواضيع والموارد، الا انّ لغة الاسلام لغة الأحكام التكليفيّة الخمسة المعروفة عند الفقهاء باسم : الواجب والحرام والمستحب والمكروه والمباح ، والأوّل : ما فيه المصلحة التامّة واتيان الفعل مع المنع من التحرّک ، والثاني : ما فيه المفسدة التامّة والمنع من الاتيان ، والثالث : ما فيه المصلحة الراجحة واستحباب الفعل مع جواز تركه ، والرابع : ما فيه الحزازة واوليّة الترک مع جواز اتيانه ، والخامس : متساوى الطرفين في الاتيان والترک .

وبهذا يريد الاسلام للانسان أن يرتبط في كلّ أحواله في معاشه ومعاده بالسماء دائماً، فيضفى على أفعاله وأقواله وأعماله هالة القدسيّة والتقرّب والزلفى إلى الله سبحانه ، فيعيش الطهارة والنزاهة من الحدث والخبث ، ومن الرذائل والقبائح ، ومن الذنوب والمعاصي والآثام .

وحينما ترجع إلى روايات النوم تجد نفسک بين الواجبات والمحرّمات والمستحبّات والمكروهات ، فمن المكروهات والذي يدلّ عليه العقل ويرشد إليه العقلاء.

38 ـ عن الصادق عن آبائه : قال : قال رسول الله 6: ان الله كره لكم أربعاً وعشرين خصلة ونهاكم عنها ـ تارة بنهي تحريمي فيدل على الحرمة أو نهي تنزيهي وإرشادي فيدل على الكراهة ـ فقال : وكره النوم قبل العشاء الآخرة ـ أي قبل صلاة العشاء ـ وكره الحديث بعد العشاء الآخرة ، وكره النوم فوق سطح ليس بمحجّر ـ بالجدار أو ما شابه ذلک ـ وقال : من نام على سطح غير محجّر فبرئت ذمّته ـ أي لو سقط ومات أو جرح فالذنب عليه ولم يتحمّل أحد مسؤوليته لأن المفروض عليه أن يتورّع عن ذلک المكان أو يفعل ما يحفظ من السقوط ـ وكره أن ينام الرجل في بيت وحده ـ فان الشيطان سرعان ما يوسوس له لاسيّما الشباب حتّى يوقعه في الحرام كالاستمناء والعياذ بالله ـ.

وعلى كلّ واحد أن يختار الحدّ الوسط بلا افراط ولا تفريط ، فينام في وقته ويستيقظ في وقته ، ويراعي كلّ الآداب والتحفظات ، فلا يسهر في وقت نومه ، الا اذا كان السهر أفضل من النوم .

39 ـ قال رسول الله 6: لا سهر إلّا في ثلاثة : متهجّد بالقرآن ، وفي طلب العلم ، أو عروس تهدى إلى زوجها[19] .


 
 توقيع : شجون الزهراء

اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.


رد مع اقتباس