عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 10-27-2020, 04:44 PM
المراقبين
شجون الزهراء غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 465
 تاريخ التسجيل : Mar 2012
 فترة الأقامة : 4388 يوم
 أخر زيارة : يوم أمس (04:51 AM)
 المشاركات : 5,025 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي قيادة الرسول الأعظم لوحدة المجتمع الإسلامي



بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته
قيادة الرسول الأعظم للمجتمع الإسلامي على مبدأ الوحدة وعلى مبدأ الترابط. كيف كانت هذه القيادة التي تتمثل في الروح الوحدوية والأبوية التي تجسدت في شخصية الرسول الأعظم ؟ مجموعة من الباحثين: مسيحيين ومستشرقين تحدثوا عن شبهة الاغتيالات، ماذا يعني شبهة الاغتيالات؟ يقولون النبي تصدى لمجموعة اغتيالات في عهده، وهذه لا تنسجم مع روح الرحمة وروح العدالة. كيف يتصدى النبي وهو قائد يتمتع بصفة الرحمة، يقول عنه الكتاب: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ فمن هو رحمة للعالمين كيف يتصدى لاغتيالات وقتل لمن يعارضه، لمن يناوئه، من أين هذه التهمة أتت؟

حدثت في المدينة في عهد النبي خمسة أحداث قتل فيها أشخاص:

الحدث الأول: قتل أبي عفك.

رجل من رجالات اليهود قتل في المدينة المنورة. لما جاء المسلمون من مكة إلى المدينة، المسلمون أذكياء خلال سنتين سيطروا على السوق وسيطروا على اقتصاد المدينة وسيطروا على الإعمار. اليهود جزء من المدينة، جزء من شعب المدينة، رأوا أن الخطر أحدق بهم، طوقهم المسلمون من كل جانب ومكان فبدئوا يدفعون الخطر عن أنفسهم وبدئوا يفكرون: كيف يتخلصون من هذا الخطر المحدق؟ المهاجرون سيطروا على كل موارد الإمكان، بدئوا يفكرون، أبو عفك من رجالات اليهود أول من نادى بسب رسول الله وتحريض أهل المدينة عليه، وتحريض أهل المدينة على المهاجرين من أهل مكة ولقحت فتنة وخلافات وجدل، فنذر سالم ابن عمير، نذر لله أن يقتل أبي عفك مهما كانت النتيجة. وقتله في مكان من الأمكنة وانتشر الخبر أن أبي عفك، رجل يهودي معروف قتل. لما قُتل أبو عفك، هناك امرأة اسمها العصماء بنت مروان، هي امرأة أموية من بني أمية لكن كانت تقطن المدينة، لما سمعت بقتل أبي عفك تأففت وأخذت موقف حاد وبدأت تشتم النبي وتشتم الدين وتطالب الأنصار بأن يقفوا موقف حازم من النبي وأن يتخلوا عن قبول دعوته.

شخص آخر رأى بأن القضية ستأخذ وقت أطول وهو عمير بن عوف قال: سأقتلها مهما كانت النتيجة، ودخل عليها وهي نائمة طعنها بسيفه قضى عليها. جاء الدور الثالث: دور كعب ابن الأشرف. كعب ابن الأشرف لا يختلف، شخصية بارزة عند اليهود يعتبرونه وجها لهم وشيخاً لهم، عين من أعيانهم. كعب ابن الأشرف كان يتربص الوضع، يقرأ الظروف والأوضاع كيف ستنتهي؟ بدأت بوادر معركة بدر استبشر، قال المسلون هم كلهم قلة وأهل مكة قريش قوية، وتملك سلاح ورجال فتوقع 80% أن المسلمين سينهزمون، ستنتهي المشكلة. تفاجئ أن المسلمون انتصروا في يوم بدر واندحر المشركون فأصابته ردة فعل وأخذ يهجو النبي بشعره، هو كان شاعر. وزاد أنه صار يتشبب يعني يتغزل بنساء رسول الله بأسمائهن، يريد أن يحرك الجو من الفتنة. ويتشبب بالنساء المسلمات، ومع ذلك الرسول كان يأمر المسلمين بالهدوء وتركه وشأنه إلى أن تمادى فذهب إلى مكة وجلس مع قريش وتعاهد معها على حرب النبي وما خرج من مكة حتى أجمعت قريش على الحرب، حتى قال له أبو سفيان: أنحن أهدى أم دين محمد وأصحابه؟ قال: بل أنتم أهدى سبيلا.

رجع إلى المدينة فرح متبختر أن الدنيا أصبحت في يده. عندما رجع إلى المدينة، هذه الحادثة الوحيدة التي تصدى الرسول إليها بشكل مباشر. وقف رسول الله، قال: من لي بكعب الأشرف، يعني يطلب قتله. من لي بكعب الأشرف؟ فابتدر إليه محمد ابن مسلمة، قال: أنا له يا رسول الله. محمد ابن مسلمة كيف يقتل كعب ابن الأشرف وهو شيخ معروف عند اليهود؟ بالتأكيد لديه حماية، لديه جماعة، كيف يصل إليه؟ اتفق مع أبي نائلة. أبو نائلة مسلم لكن أخو كعب ابن الأشرف من الرضاعة هما أخوان، أبو نائلة مسلم، كعب ابن الأشرف يهودي، لكنهما أخوان من الرضاعة، يعني كعب ابن الأشرف يأمن من أخيه أبي نائلة المسلم. اتفق مع أخيه على قصة معينة، فجاء أبو نائلة إلى كعب ابن الأشرف، قال: أطلب منك أن تبيعني طعامًا. النخيل في ذلك الوقت كانت بيد اليهود، يعني كانت المصدر الزراعي الاقتصادي المهم بأيديهم. قال: اطلب منك أن تبيعني طعامًا. أين الثمن؟ ليس لدي. الثمن ليس عندك يعني يكون أن ترهن لدي شيء، لابد أن تترك لي رهنًا حتى اطمئن. ارهن امرأتك، كيف أرهن امرأتي؟ ارهن أولادك، كيف أرهن أولادي؟ أنت لا تقبل أرهن زوجتي أو أولادي عندك. قال له: أنا أقترح عليك. اقترح. قال أرهن عندك السلاح. أحضر لك السلاح وأجعله رهنًا عندك إلى أن أوفي الثمن.

قال له: حسنًا، قبلت ذلك. رجع أبو نائلة وجمع جماعته وهيئوا السلاح. هم ذاهبون لينقلونه رهن إلى كعب ابن الأشرف ويقبضون الطعام منه. وصلوا إلى بيته ونادى عليه: انزل يا كعب. فلما سمعت زوجته، كان حديث عهد بها، لعله الزوجة الثانية الثالثة، الله أعلم. فلما سمعت الصوت قالت: إني أشم رائحة الموت. قال لها: لا، لا عليك. نزل من برجه. وقف. أخذ أبو نائلة أخوه، أخذه وشمه في رأسه، فشم منه رائحة الطيب وأبدى له إعجابه بالطيب الذي شمه. هذا اطمئن إليه أيضًا، ومن جهة أخوه من الرضاعة، ومن جهة جاء يدفع الرهن، ومن جهة ثالثة شمه وضمه، أمن منه. فقبض أبو نائلة على فوديه وقدمه، فقال: اضربوا عدو الله. فخبطوه بأسيافهم فقتلوه. طبعًا هذه الحادثة أثارت اليهود، يهود المدينة. قامت ضجة كبيرة وحصل خوف شديد لديهم وقالوا: قتله محمد غيلة وغدرًا. الذي قتل هو محمد. وقتله غيلة وغدرًا. كيف لهذه القضية أن تصير. هذه غدر، هذه غيلة. من الذي قتل كعب ابن الأشرف؟ كل الجماعة من قبيلة واحدة، قبيلة الأوس. الأوس والخزرج في المدينة قبيلتان متنافستان على الزعامة. إذا فعلت واحدة منهم شيئًا، الثانية لا بد أن تفعله. فكعب ابن الأشرف كان له ظهير، ظهيره أبو رافع. كيف يعني ظهيره؟ يعني دائمًا معه. كما أن كعب ابن الأشرف كان يهجو النبي بشعره ويحرض الناس عليه وينبذ الدين والرسالة، كان ظهيره في ذلك من؟ أبو رافع. نفس الدور يقوم به. فقال الخزرج: كما قتل الأوس كعب، فلنقتل أبا رافع، حتى لا يفوزوا بمنقبة لم نفز بها. فقام بنو الخزرج وقتلوا أبا رافع. راح الرابع منهم.

بقي ابن سمينة، ابن سمينة هو يهودي لكن لم يكن ذا دور مهم، أخلصوا عليه معهم. بالنتيجة، هذه الحوادث جمعها جملة من الباحثين وألصق شبهة بالنبي أن هذا القائد قائد اغتيالات، قائد يتعامل مع المعارضة، مع النقد، بالسحق والإبادة والقتل. هذا قائد يحمل روح دموية، لا يحمل روح الرحمة، لا يحمل روح العدالة التي نادى بها القرآن. ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ﴾ هذه الشبهة، نحن كيف نجيب عنها؟ النبي الأعظم محمد فعلًا هو تصدى لقتل بعض هؤلاء، يجوز البعض الآخر من غير أذنه، من غير أن يدري، ولكن هذا قطعًا قتل كعب ابن الأشرف بأمره القضية صارت. ما هي المنطلقات التي استند إليها النبي في إبادة كعب ابن الأشرف والقضاء عليه؟ هنا عدة منطلقات:

المنطلق الأول: الإخلال بالسلم الأهلي
.
هل الإخلال بالسلم الأهلي جريمة أم لا؟ جريمة. كيف جريمة؟ المجتمع العقلائي بدوله، بقوانينه الدولية اتفق على أن استقرار الحياة الاجتماعية هدف لا محيص عنه، ضرورة لا بديل عنها. المجتمع العقلائي والقوانين الدولية كلها تنص على ضرورة استقرار الحياة الاجتماعية. نبذ خطاب التحريض على العنف أو التحريض على الكراهية.

أمثلة:

الشاهد الأول:

إستراتيجية الأمم المتحدة عام 2006 التي اتفق عليها دول العالم تنص على ماذا هذه الإستراتيجية؟ تنص على إدانة الإرهاب بكل أشكاله وألوانه. وتنص الإستراتيجية على ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة والعاجلة. هذا نفس التعبير الوارد في ميثاق الأمم المتحدة، اتخاذ الإجراءات اللازمة والعاجلة إزاء الإرهاب. وهناك تعبير مهم في هذه الوثيقة: وضرورة التعزيز على الحوار والتفاهم والتناسق بين الثقافات والأديان والشعوب والحضارات. لا بد أن يصبح تفاهم وتحاور وتسامح بين جميع الشعوب والأديان والحضارات. وتعزيز الاحترام المتبادل بين الأديان، والقيم والمعتقدات الدينية. إذن، لديك أنت إستراتيجية تقرها الأمم المتحدة 2006 على أن أي خطاب وأي نشاط وأي عمل يكون مخلًا بالاحترام المتبادل بين الأديان أو بين المعتقدات أو يكون مخلًا بالعلاقة بين الشعوب يعتبر إرهاب. إرهاب مدان.

الشاهد الثاني:

نأتي إلى دراسة كتبها فيتت بونكامورن. بونكامورن قانوني تايلندي، أستاذ في إحدى جامعات بانكوك إلا أنه مستشار في الأمم المتحدة. لديه كتاب يدرس فيه وثيقة اتفقت عليها دول آسيا والمحيط الهادي. دول آسيا والمحيط الهادي اتفقوا على هذه الوثيقة. ماذا تنص الوثيقة؟ تنص على «هذا التعبير موجود أيضًا»: تجريم كل دعاية من شخص أو جهة تحرض على الكراهية والعنف الديني أو العرقي أو القومي. هذا كله يعتبر ماذا؟ جريمة. جريمة يعاقب عليها. بل بعض الدول من دول آسيا مثل الصين، عقوبة الصين على خطاب الكراهية من 4 سنين إلى 12 سنة سجن.

الشاهد الثالث:

الدكتور ياسر محمد اللمعي، أستاذ كلية الحقوق بجامعة طنطا بمصر عنده أيضًا كتاب حول خطاب الكراهية. يذكر في هذا الكتاب أن الولايات المتحدة ترى أن كل خطاب يحرض على الفتنة مساوي للإرهاب من حيث الإدانة والعقوبة. وقد تصل عقوبة هذا الخطاب إلى 20 سنة سجنًا. إذن، نحن أمام قوانين دولية، نحن أمام قيم عقلائية نرى أن أي عمل يدعو إلى الكراهية، يدعو إلى العنف فهو عمل مدان ومجرم. فكيف بجماعة يتصدون لتحريض أهل المدينة على شق العصا، تحريض أهل المدينة على قتل الرسول. التعاقد مع قريش وأهل مكة على حرب رسول الله وإبادته هذا واضح أنه من أوضح مصاديق التحريض على الكراهية والعنف الديني والقومي. مدان بقوانين الأمم المتحدة.

المنطلق الثاني: نقض العهد.

الجماعة نقضوا معاهدة. يعني الرسول لم يأمر بقتله إلا بعد أن نقض المعاهدة. كيف؟ هي قيادة محنكة. النبي منذ أن دخل المدينة أجرى معاهدة. لم يجلس من غير معاهدة. اجلس في بلد غريب من غير معاهدة هذا غير يمكن. منذ أن جلس في المدينة عقد معاهدة بين المهاجرين والأنصار، بين الأوس والخزرج، بين المسلمين واليهود والمسيحيين. والمؤرخون ذكروا ذلك، إذا تقرأ كتاب محمد حسين هيكل الكاتب المصري: «حياة محمد»، يذكر هذه المعاهدة يعبر عنها: مؤتمر الأديان في المدينة المنورة. يعني اجتمع المسيحيون واليهود والمسلمون تحت سقف واحد وأجروا معاهدة ووقعوا عليها. هذه المعاهدة بها عدة بنود:

البند الأول:
اليهود لهم دينهم آمنون على أنفسهم وأموالهم ومواليهم والمؤمنون كذلك.

البند الثاني: اليهود تتعاهد بنصر المسلمين إذا حُورب المسلمون. والمسلمون يتعهدون بنصر اليهود إذا حورب اليهود. معاهدة.

البند الثالث:
ألا تجار قريش ولا من ينصرها. يعني قريش إذا استجارت بأحد من المدينة ضد النبي، لا يجيرها أحد. لا المسلمون ولا اليهود ولا المسيحيون. وأن الكل آمنون، بقوا أو خرجوا إلا من ظلم أو أثم. لذلك، يعتبر أبو عفك، أبو رافع، كعب ابن الأشرف ممن نقض المعاهدة بعد أو وقع عليها. وقد قال تبارك وتعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ۖ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا﴾ هذا المنطلق الثاني الذي اعتمد عليه النبي في إجراء هذه العقوبة على هؤلاء.

المنطلق الثالث: إعاقة القيادة الحكيمة النبوية عن القيام بمشروع الوحدة.

النبي يمتلك روح وحدوية، النبي بطبعه يمتلك الروح الأبوية الوحدوية. وطبعًا هذا من صفات القيادة الناجحة. القيادة الناجحة هي القيادة التي تحتضن الجميع، تستوعب الجميع، تحتوي الجميع مهما اختلفوا، مهما تباينوا. القيادة الناجحة من تحتضن وتحتوي وتشمل الكل بحنانها، بأبوتها، برعايتها، هكذا كان النبي محمد . ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ التعبير القرآني لم يجعله بالمسلمين، حتى غير المسلمين. قال: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ﴾ من الذين جاءهم؟ كلهم مسلمين، ومسيحيين ويهود. ﴿َعَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾ حتى لو أنتم غير مسلمين ﴿حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ﴾ يعني المؤمنين خصهم بعناية معينة وباقي الناس أيضًا خصهم بعناية أخرى. المؤمنين لهم عناية، وباقي الناس باختلاف أديانهم ومشاربهم لهم عناية أيضًا ولهم رعاية من قبله ، لأن الرسول كان مصر على وحدة المجتمع المدني بجميع أديانه، بجميع ألوانه، مصر على انسجام المجتمع المدني بجميع ألوانه. لذلك اتخذ خطوات في هذا المضمار. من خطواته:

الخطوة الأولى:
إعطاء سهم من الزكاة للمؤلفة قلوبهم. المؤلفة قلوبهم بمعنى المنافقين. مع ذلك الرسول يعطيهم. مثل الفقراء يعطيهم سهم من الزكاة. مع أنهم أغنياء، يعطيهم سهم من الزكاة من أجل مداراتهم، درء خطرهم. هذه خطوة كان يقوم بها من أجل ترسيخ الوحدة.

الخطوة الثانية:
هدم مسجد ضرار. نتصور مسجد والنبي يأتي ليهدمه، هو مسجد لكن النبي يهدمه. لما أسس النبي مسجد قباء أسس المنافقون مقابل مسجد قباء مسجدًا آخر حتى يؤثروا على اجتماع المؤمنين وانسجام المؤمنين. الرسول اعتبر مسجد ضرار أمر بهدمه فهدم من أجل تحقيق الوحدة والانسجام بين أبناء المجتمع المدني.

الخطوة الثالثة
:
أمره بقتل كعب ابن الأشرف وأبي رافع وأمثال هؤلاء ممن كانوا منابع للفرقة والفتنة في صفوف المجتمع المدني.

المنطلق الرابع: الإساءة إلى المقدسات، الإساءة إلى الرموز المقدسة.
اليوم المجتمع الدولي يدين ويجرم الإساءة إلى المقدسات، مقدسات الأديان المختلفة. يعتبر ذلك جريمة، نحن قد لا نوافق على تفاصيل هذه النقطة، إنما هذه النقطة في مجمله تخدمنا في قرار النبي : إدانة الاعتداء على الرموز المقدسة. وهؤلاء اعتدوا على أكبر رمز مقدس لدى المجتمع المدني ألا وهو محمد رسول الله . فإن النبي لم يكن نبيًا فقط، بل كان شعار. النبي ليس فقط نبي، شعار يرفع على المآذن وفي الصلاة وفي العقود وفي الإيقاعات. النبي تحول إلى شعار، تحول إلى رمز يمثل دولة، يمثل تيار، يمثل مد كبير. لذلك الاعتداء عليه اعتداء على أكبر رمز مقدس آنذاك. إذن، كل هذه المبررات، من الممكن واحد من هذه المبررات غير كافي للقتل، لكن مجموع هذه المبررات كافية لقرار القتل وعقوبة القتل. الإخلال بالسلم الأهلي، إعاقة القيادة النبوية عن تحقيق مشروع الوحدة، نقض العهد، الإساءة إلى الرموز المقدسة، مجموع هذه العلل والمنطلقات كانت كافية لاتخاذ النبي قرار القتل بالنسبة لكعب الأشرف، وأبي رافع وأمثاله.

المقدس، نسمع فلان مقدس، فلان مقدس. ماذا يعني المقدس؟
القداسة هي النزاهة التي لا يشوبها عيبًا ولا خدشًا، كل عيب لا يلحقها، كل خدش لا يلحقها. الذي يملك القداسة بالذات، يعني يملك النزاهة التامة التي لا يشوبها عيب ولا نقص ولا خدشه، هو: الله جل جلاله. المقدس بالذات: هو الله، لأن الله هو الكمال المطلق الذي لا يشوبه نقص أبدًا. لذلك القرآن قال: ﴿الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾ غيره يكتسب القداسة منه. النبي مقدس لكن قداسته اكتسابية. الإمام مقدس لكن قداسته اكتسابية. المقدس بالذات: الله، وكل من انتمى إليه اكتسب القداسة منه. وجه الله محمد . فالله مقدس ومحمد مقدس لأنه وجه الله. الإمام وجه الله.

”السلام على محال معرفة الله، ومساكن بركة الله، ومعادن حكمة الله، وحفظة سر الله، وحملة كتاب الله“ هم وجه الله فهم المقدسون بقداسة الله تبارك وتعالى. الحسين مقدس لأن هذه الروح روح ذابت في الله، فنيت في الله. روح كانت تناجي الله. ”عميت عين لا تراك عليها رقيبا، وخسرت صفقةُ عبد لم تجعل له من حبك نصيبا“ القداسة كانت تشعشع في روح الحسين وسرت قداسة الروح إلى الجسم. أصبح جسم الحسين جسمًا مقدسًا لأنه جسم فني في طاعة الله، فني في عبادة الله. سرت القداسة من الروح إلى الجسم، وسرت القداسة من الجسم إلى التراب الذي أحاط بذلك الجسم والذي ضم جنبات ذلك الجسم. القداسة سرت من روح الحسين إلى جسم الحسين، ومن جسم الحسين إلى تراب الحسين.



 توقيع : شجون الزهراء

اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.

رد مع اقتباس