عرض مشاركة واحدة
قديم 10-25-2015, 11:13 PM   #6
عضو مميز


الصورة الرمزية الشيخ عباس محمد
الشيخ عباس محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 762
 تاريخ التسجيل :  May 2015
 أخر زيارة : 08-15-2017 (06:01 PM)
 المشاركات : 475 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



ومن الأدعية التي تتضمن الأصل الأول من أصول العقيدة الإسلامية، دعا الإمام السجاد (عليه السلام) في الصحيفة السجادية، قال (عليه السلام): (الحمد لله الأول بلا أول كان قبله، والآخر بلا آخر يكون بعده، الذي قصرت عن رؤيته أبصار الناظرين، وعجزت عن نعته أوهام الواصفين...) (1). والنبوة من مفردات المضمون العقيدي التي يجدها الإنسان ظاهرة في الدعاء، حيث الحديث عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ومسؤوليته إزاء الرسالة، بشكل يعمق علاقة الداعي الروحية بالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، ويعزز فهمه لأبعاد شخصيته ومكارم أخلاقه وإخلاصه لله، ودوره في تبليغ الرسالة وتجسيد معانيها، ووصيته بالإمامة لمن بعده، باعتبارها الامتداد الطبيعي للنبوة، وبيان مهمتها في إقامة مبادئ الدين والكتاب الكريم والحفاظ على السنة المباركة، وبيان صفات الإمام ومكارم أخلاقه وفضائله ودلائله. وكان من دعاء الإمام الكاظم (عليه السلام) المعروف بدعاء الاعتقاد: (... اللهم إني أقر وأشهد، واعترف ولا أجحد، وأسر وأظهر، وأعلن وأبطن، بأنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأن محمدا عبدك ورسولك، وأن عليا أمير المؤمنين، وسيد الوصيين، ووارث علم النبيين.. إمامي ومحجتي، ومن لا أثق بالأعمال وإن زكت، ولا أراها منجية لي وإن صلحت إلا بولايته والائتمام به والإقرار بفضائله.. اللهم وأقر بأوصيائه من أبنائه أئمة وحججا وأدلة وسرجا، وأعلاما ومنارا، وسادة وأبرار... اللهم فادعني يوم حشري وحين نشري بإمامتهم، واحشرني في
(هامش)
(1) الصحيفة السجادية: الدعاء رقم (1) في التحميد لله عز وجل والثناء عليه. (*)
ص 104
زمرتهم، واكتبني في أصحابهم، واجعلني من إخوانهم، وانقذني بهم يا مولاي من حر النيران...) (1). وأكثر ما يلاحظ الداعي في التراث العريق لأهل البيت (عليهم السلام) هو التذكير باليوم الآخر، واستحضار الموقف بين يدي الله تعالى عندما يقوم الناس لرب العالمين، حيث شمول الحساب ودقته لكل ما قام به الإنسان في حياته مع التذكير بالجنة ونعيمها الخالد الذي أعده الله تعالى للمؤمنين المتقين، وبالنار وعقابها المقيم الذي أعده الله للكافرين المتمردين. وجميع أدعيتهم (عليهم السلام) تلهج بنغمة توحي بالخوف من عقاب الله تعالى والرجاء في ثوابه، وأغلبها تصلح شواهد على ذلك، وقد جاءت بأساليب بليغة تبعث في قلب المتدبر الرعب والفزع من الإقدام على المعصية.
7 - الدعاء يرد القضاء ويدفع البلاء: الدعاء من أقوى الأسباب التي يستدفع بها البلاء ويكشف بها السوء والضر والكرب العظيم، قال تعالى: *(أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء)*(2). وقال تعالى: *(وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين * فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر)*(3).
(هامش)
(1) مهج الدعوات: 233. (2) سورة النمل: 27 / 62. (3) سورة الأنبياء: 21 / 83 - 84. (*)
ص 105
وقال تعالى: *(ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم)*(1). فبالدعاء يرد القضاء ويصرف البلاء المقدر، وبذلك وردت الأحاديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأئمة أهل البيت (عليهم السلام)، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (ادفعوا أبواب البلاء بالدعاء) (2). وروى زرارة عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: قال لي: (ألا أدلك على شيء لم يستثن فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ قلت: بلى، قال: الدعاء يرد القضاء وقد أبرم إبراما) وضم أصابعه (3). وروى ميسر بن عبد العزيز، عن الإمام الصادق (عليه السلام)، قال: قال لي: (يا ميسر، ادع ولا تقل إن الأمر قد فرغ منه، إن عند الله عز وجل منزلة لا تنال إلا بمسألة) (4). وعنه (عليه السلام)، قال: (إن الدعاء يرد القضاء، ينقضه كما ينقض السلك وقد أبرم إبراما) (5). وقال الإمام أبو الحسن موسى الكاظم (عليه السلام): (عليكم بالدعاء، فإن الدعاء لله والطلب إلى الله يرد البلاء وقد قدر وقضي ولم يبق إلا إمضاؤه، فإذا
(هامش)
(1) سورة الأنبياء: 21 / 76. (2) قرب الإسناد: 55. (3) الكافي 2: 341 / 6. (4) الكافي 2: 338 / 3. (5) الكافي 2: 340 / 1. وسائل الشيعة 7: 36 / 4. (*)
ص 106
إمضاؤه، فإذا دعي الله عز وجل وسئل صرف البلاء صرفه) (1). وأحاديث هذا الباب كثيرة، نكتفي بهذا القدر للدلالة على صحة دفع الضرر ورد القضاء والبلاء بالدعاء والتضرع والاقبال إلى الغفور الرحيم بقلب يملؤه الاخلاص ويعمره الإيمان. وإلى هذا الحد تنتهي الآثار المترتبة على الدعاء والابتهال إلى الله تعالى في دار الدنيا، وللدعاء مضامين كثيرة تترتب عليها آثار أخرى لا يمكن الإحاطة بها في هذه الرسالة، ويمكن مراجعتها في كتاب بحار الأنوار للعلامة المجلسي (رضي الله عنه). وفيما يلي نتعرض للرد على الشبهة القائلة بمنافاة الدعاء مع الاعتقاد بالقضاء والقدر. الدعاء والقضاء والقدر: هناك تساؤلات كثيرة حول منافاة الدعاء مع الاعتقاد بالقضاء والقدر، وأول ما يتبادر إلى الذهن هو قول اليهود المعبر عنه في قوله تعالى: *(وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء)*(2). قال اليهود: (إن الله لما خلق الأشياء وقدر التقادير، تم الأمر وخرج زمام التصرف الجديد من يده بما حتمه من القضاء، فلا نسخ ولا استجابة
(هامش)
(1) الكافي 2: 341 / 8. وسائل الشيعة 7: 36 / 1. (2) راجع بحار النوار 95: 124 - 347. (3) سورة المائدة: 5 / 64. (*)
ص 107
لدعاء، لأن الأمر مفروغ منه) (1). وقد تسرب هذا الاعتقاد في جملة ما تسرب من معتقدات اليهود والإسرائيليات إلى التراث الإسلامي العريق الذي ينبذ بوضوحه وإشراقه كل وافد غريب لا يمت إلى الدين القويم وشرعة الإسلام الحنيف بصلة. وكان من جملة الإثارات حول هذا الموضوع، أن قالوا: (إن المطلوب بالدعاء إن كان معلوم الوقوع عند الله تعالى، كان واجب الوقوع، فلا حاجة إلى الدعاء، وإن كان غير معلوم الوقوع، كان ممتنع الوقوع، فلا حاجة أيضا إلى الدعاء) (2). وقالوا: (المدعو إن كان قدرا، لم يكن بد من وقوعه، دعا به العبد أو لم يدع، وإن لم يكن قدرا لم يقع سواء سأله العبد أم لم يسأله) (3). ومع وضوح الإجابة عن مثل هذه التساؤلات من خلال محكمات الكتاب الكريم والسنة المطهرة على ما سيأتي بيانه، إلا أن البعض ظن بصحتها، فتركوا الدعاء وسائر أعمال البر، لاعتقادهم بأن للإنسان مصيرا واحدا لا يمكن تغييره ولا تبديله، وأنه ينال ما قدر له من الخير أو الشر. ولا شك أن ذلك ناشئ عن فرط جهلهم بظنهم أن الدعاء أمر خارج عن نطاق القضاء والقدر ويعيد عن الحكمة الإلهية، والواقع أن الدعاء وإجابته من أجزاء القضاء والقدر، وأن المقدر معلق بأسباب، ومن أسبابه الدعاء، ومتى أتى العبد بالسبب وقع المقدر، وإذا لم يأت بالسبب انتفى
(هامش)
(1) تفسير الميزان 2: 32. (2) تفسير الرازي 5: 98. (3) الجواب الكافي: 15. (*)


يتبع


 

رد مع اقتباس