عرض مشاركة واحدة
قديم 10-25-2015, 11:12 PM   #5
عضو مميز


الصورة الرمزية الشيخ عباس محمد
الشيخ عباس محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 762
 تاريخ التسجيل :  May 2015
 أخر زيارة : 08-15-2017 (06:01 PM)
 المشاركات : 475 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



وجاء في وصية أمير المؤمنين (عليه السلام) لابنه الإمام الحسن (عليه السلام): (واعلم أن الذي بيده خزائن السماوات والأرض، قد أذن لك في الدعاء، وتكفل لك بالإجابة، وأمرك أن تسأله ليعطيك، وتسترحمه ليرحمك، ولم يجعل بينك وبينه من يحجبك عنه.. فإذا ناديته سمع نداك، وإذا ناجيته علم نجواك، فأفضيت إليه بحاجتك، وأبثثته ذات نفسك، وشكوت إليه همومك، واستكشفته كروبك، واستعنته على أمورك، وسألته من خزائن رحمته ما لا يقدر على إعطائه غيره من زيادة الأعمار، وصحة الأبدان، وسعة الأرزاق، ثم جعل في يديك مفاتيح خزائنه بما أذن لك فيه من مسألته، فمتى شئت استفتحت بالدعاء أبواب نعمته، واستمطرت شآبيب رحمته) (1).
2 - الدعاء شفاء من الداء: الدعاء شفاء من كل داء، ومن أوكد الأسباب في إزالة الأمراض المستعصية خصوصا الأمراض النفسية الشائعة في زماننا هذا، وقد أكدت البحوث الطبية أن الطب الروحي من أهم الأسباب في تخفيف مثل هذه الأمراض وإزالتها، والدعاء يقف على رأس مفردات الطب الروحي والعلاج النفسي. على أن الدعاء وصفة طبية روحية مقرونة بالرحمة والشفاء للمؤمنين الموقنين، قال تعالى: *(وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين)*(2). عن العلاء بن كامل، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): (عليك بالدعاء،
(هامش)
(1) نهج البلاغة، الرسالة (31). (2) سورة الإسراء: 17 / 82. (*)
ص 98
فإنه شفاء من كل دعاء) (1). وعن الحسين بن نعيم، قال: اشتكى بعض ولد أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: (يا بني، قل: اللهم اشفني بشفائك، وداوني بدوائك، وعافني من بلائك، فإني عبدك وابن عبدك) (2). والأدعية الخاصة بعلاج الأمراض المختلفة كثيرة، يمكن الوقوف على القدر الأكبر منها في بحار الأنوار للعلامة المجلسي (رضي الله عنه) (3).
3 - الدعاء ادخار وذخيرة: ومن آثار الدعاء إذا واظب عليه العبد في حال الرخاء أنه يكون له ذخيرة لاستخراج الحوائج في البلاء. قال الإمام الصادق (عليه السلام): (إن الدعاء في الرخاء يستخرج الحوائج في البلاء) (4).
4 - الدعاء يهذب النفس: الدعاء من أهم العوامل التي تسهم في بناء الإنسان المؤمن، لما فيه من العبودية المطلقة للواحد الحق، التي تكسب الداعي النقاء والصفاء وخشوع القلب ورقته، وتصنع منه ذاتا متواضعة لله تعالى، محبة للخير، ومصدرا للمعروف، وتبعا لفيض البركات، فيصل بتلك النفس إلى
(هامش)
(1) الكافي 2: 341 / 1. (2) الكافي 2: 411 / 3. (3) بحار الأنوار 95: 6 - 122. (4) الكافي 2: 343 / 3. (*)
ص 99
درجات المتقين والدعاء سلم المذنبين الذي يعرجون به إلى آفاق التوبة، حيث يخلون بربهم، ويبوءون بذنوبهم، وينزلونها عنده، ليخفف من غلواء نفوسهم المكبلة بالذنوب، فهو السبب الذي يوصلهم إلى درجات الطاعة والفضيلة، لينالوا درجة الإنسانية الكريمة، ويهذبوا نفوسهم، ويفلحوا بسعادة الدارين. قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (الدعاء مفاتيح النجاح، ومقاليد الفلاح) (1). وإذا تطلعنا في مفردات التراث الغزير الذي تركه لنا أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في مجال الدعاء، ولا سيما فيما روي عن الإمام زين العابدين (عليه السلام) في أدعية الصحيفة السجادية، فسنرى أنها تزخر بثروة كبيرة من النماذج التي تثير مفاهيم الحياة الفردية والاجتماعية على المستوى الأخلاقي وتحديد مكارم الأخلاق وخطوطها التفصيلية، وعلى المستوى التربوي في تحديد مفاهيم التربية الإسلامية وتهذيب النفس وصفائها، وتنمية نزعاتها الخيرة، وردعها عن غيها، وترويضها على طلب الخير. وخير مثال على ذلك هو دعاء الإمام زين العابدين (عليه السلام) في مكارم الأخلاق ومرضي الأفعال الذي جاء فيه: (اللهم صل على محمد وآل محمد، ومتعني بهدى صالح لا أستبدل به، وطريقة حق لا أزيغ عنها، ونية رشد لا أشك فيها... اللهم لا تدع خصلة تعاب مني إلا أصلحتها، ولا عائبة
(هامش)
(1) الكافي 2: 340 / 2. (*)
ص 100
أونب بها إلا حسنتها، ولا أكرومة في ناقصة إلا أتممتها..) (1).
5 - الدعاء سلاح المؤمن: الدعاء سلاح ذو حدين، فهو من جانب سلاح في مواجهة هوى النفس الأمارة ومطاردة شهواتها، ومواجهة الشيطان وغروره، وحب الدنيا وزخرفها، وهذا هو حد الانتصار على النفس، الذي يؤدي إلى تهذيبها والارتفاع بها إلى درجات الصالحين، ومن جانب آخر فإن الدعاء عدة المؤمن لمواجهة أعدائه، وهو السلاح الذي يشهره في وجه الظالمين. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (الدعاء سلاح المؤمن، وعمود الدين، ونور السموات والأرض) (2). وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): (ألا أدلكم على سلاح ينجيكم من أعدائكم، ويدر أرزاقكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): تدعون ربكم بالليل والنهار، فإن سلاح المؤمن الدعاء) (3). وقال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (الدعاء ترس المؤمن) (4). ولقد اتخذ الأنبياء والأوصياء والصالحون من الدعاء سلاحا يقيهم شرور أعدائهم من الكافرين والمتمردين.
(هامش)
(1) الصحيفة السجادية، الدعاء رقم (20). (2) الكافي 2: 339 / 1. وعيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 37 / 95. (3) الكافي 2: 240 / 3. (4) الكافي 2: 340 / 4. (*)
ص 101
قال الإمام الرضا (عليه السلام) لأصحابه: (عليكم بسلاح الأنبياء، فقيل: وما سلاح الأنبياء؟ قال (عليه السلام): الدعاء) (1). وفي الكتاب الكريم والسنة المطهرة أمثلة كثيرة لآثار الدعاء في رد كيد الأعداء والانتصار عليهم. قال تعالى: *(ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم * ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين)*(2). ولما اشتد الفزع بأصحاب طالوت لكثرة العدد والعدة في صف جالوت وجنوده، دعوا الله متضرعين، قال تعالى: *(ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين * فهزموهم بإذن الله)*(3). وفي بدر حيث التقى الجمعان، دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ربه واستنصره متضرعا إليه حتى سقط رداؤه (4)، فأنجز له الله تعالى ما وعده، وأمده بألف من الملائكة مردفين، ولاحت بشائر الانتصار، قال تعالى: *(إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين)*(5). وعندما دخل الإمام الصادق (عليه السلام) على المنصور العباسي، الذي توعده
(هامش)
(1) الكافي 2: 340 / 5. (2) سورة الأنبياء: 21 / 76 - 77. (3) سورة البقرة: 2 / 250 - 251. (4) راجع دلائل النبوة / البيهقي 3: 50 - 51. (5) سورة الأنفال: 8 / 9. (*)
ص 102
بالقتل، دعا الإمام (عليه السلام) ربه متوسلا إليه للخلاص من الشر والعدوان، قال (عليه السلام): (يا عدتي عند شدتي، ويا غوثي عند كربتي، احرسني بعينك التي لا تنام، واكنفني بركنك الذي لا يرام) (1). ولما عزم موسى الهادي بن المهدي العباسي على قتل الإمام الكاظم (عليه السلام) بعد مقتل الحسين بن علي بن الحسن صاحب فخ (رضي الله عنه)، دعا الإمام الكاظم (عليه السلام) ربه للخلاص من شره وظلمه، فمات الهادي بعد الدعاء بأيام (2). ولما تمادى المتوكل بالظلم والعدوان، دعا عليه الإمام الهادي (عليه السلام)، فقتل المتوكل بعد ثلاثة أيام على يد ابنه المنتصر وبغا ووصيف وجمع من الأتراك (3).
6 - الدعاء تلقين لأصول العقيدة: إذا تأملنا الأدعية المأثورة عن أهل البيت (عليهم السلام) نجد أنها تمثل مدرسة لتعليم العقيدة الإسلامية والانفتاح على جميع مفرداتها، حيث يستحضر الداعي في وعيه توحيد الخالق وصفاته ومشيئته وإرادته وعلمه وقضاءه وقدره، ويتحدث عنها بطريقة ايحائية تحرك الأصل الأول من أصول العقيدة في الروح، وتعمق إحساسها بخالقها جل وعلا في حالة من التقاء الفكر والشعور، تحقق وضوح الرؤية وحصول اليقين، حينما يجد المؤمن ربه قريبا فيناجيه، ومحيطا به فيدعوه، ويجد نفسه محتاجا فيعطيه.
(هامش)
(1) عدة الداعي: 62. (2) راجع الدعاء في مهج الدعوات: 319. وأمالي الطوسي 2: 35. (3) راجع الدعاء في مهج الدعوات: 265. (*)


يتبع


 

رد مع اقتباس