عرض مشاركة واحدة
قديم 09-07-2018, 04:08 AM   #2
المراقبين


الصورة الرمزية شجون الزهراء
شجون الزهراء غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 465
 تاريخ التسجيل :  Mar 2012
 أخر زيارة : 04-21-2024 (10:40 PM)
 المشاركات : 5,025 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



ففي كامل الزيارات (الباب الأربعون: ص116) بإسناده عن الإمام الصادق× قال:

(لا تدع زيارة قبر الحسين× لخوف، فإنّ من ترك زيارته رأى من الحسرة ما يتمنّى أنّ قبره كان عنده).

إذا كان هذا حال من يقصّر في زيارته× فما بالك بحال أولئك الذين يثيرون غبار الشبهات والإعتراضات على زيارته وشعائره القدسية، ثم الويل الويل لمن يحارب تلك الشعائر ويعتدي على زوّار الحسين× ليبتغي من وراء ذلك إطفاء نور الله المتجلّي في المصباح الحسيني الهادي، إلّا أنّ الله أبى إلّا أن يتم نوره، ولو كره المنافقون والكافرون.

فعلى كل واحد منّا بكلّ ما أتاه الله أن يقوم بإحياء الشعائر الحسينية بطاقاته وأمواله وأقلامه وأقدامه وبكل إمكانياته ليزداد في كل ذلك مثوبة وبركات وتوفيقاً.

نعم لابّد من الإصلاح وتبديل النقاط السلبية فيها إلى نقاط إيجابية، ولابّد من حسن النية وحسن الفاعل وحسن العمل، فلا تكفي النية الحسنة مع مرجوحية الفعل ومفسدته. فإنّ حسن النية ليست كافية في التفاعل مع قضايا أبي عبد الله الحسين×، بل لابّد من حسن العمل وصلاحه، وإلّا فإنّ أقلّ وأدنى خطأ وأن لم يكن عن عمد فإنّه يعكس الأثر السلبي على الشعائر الحسينية المقدسة.

فعلينا جميعاً كل بحسب شأنه وكما يملك العالم بعلمه والشاعر بشعره والتاجر بماله، والشاب بطاقاته، والمرأة بحياتها، والخطيب بخطاباته، فكل صنف وطائفة عليها أن تقدّم المزيد في هذا السبيل الإلهي وما هو الأفضل والأكمل والأطهر والأكثر والأعظم خالصاً ومخلصاً إن شاء الله تعالى.

ولابّد لنا من التقيد بأحكام الله والتورع عن إبداء الرأي إذا لم نكن من أهل النظر والرأي الإجتهادي كمراجع التقليد بل نرجع الأمر إلى أهله أولئك الفقهاء العظام من لهم الحق في الإفتاء والقضاء، ولا نتجاوز عن حدود الله قيد شعرة، فإنّ أحكام الله أعزّ من أوليائه، وهل شهادة الإمام الحسين× إلّا إحياء لدين جدّه المصطفى‘ إن كان دين محمد لم يستقم إلّا بقتلي فيا سيوف خذيني.

أليس رسول الله أفضل الخلائق وأنّه العلّة الفائيّة للكون الرحب بتمامه، به بدء الله وبه يختم، وأنّه لعلى خلق عظيم، فكان قاب قوسين أو أدنى من العلّي الأعلى، ولكن عندما يصل الأمر إلى الأحكام الإلهية يقول سبحانه وتعالى:

﴿ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ (44) لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ﴾ ().

ومن المعلوم أنّ القضية الشرطية صادقة حتى مع عدم صدق المقدم والتالي، فإنّه لا ريب أنّ الرسول الأعظم‘ لا يفعل ذلك، إلّا أنّ الله تعالى أراد أن يبين ويخبر عن أمر مهم جداً، ألا وهو عظمة أحكام الله تعالى وتعظيمها وحرمة الإفتاء من دون علم ومعرفة.

إنّ إحياء عاشوراء في كل عام يدل على حياة مذهب أهل البيت^ وبقائه، ومن ثمّ من يتفاعل مع قضية الإمام الحسين بأي شكل من الأشكال، فإنّه يؤجر على ذلك ويثاب بجزيل الثواب، كما أنّ من يقف أمام هذا المدّ الحسيني فإنّه يعاقب بعقاب أليم، ويمحى ذكره، وهذه سنة إلهية ولن تجد لسنة الله تحويلاً ولا تبديلاً.

وإذا كان في يوم عاشوراء عام 61 للهجرة النبوية إلتقى الفريقان والمعسكران: الحسيني واليزيدي فإنّه في كل عام يلتقي الفريقان، فمن كان في خطّ الإمام الحسين× ينال الثواب والرحمة الإلهيّة، ومن كان على نهج يزيد والأمويين فإنّه يحقّ عليه العذاب والعقاب والسخط الإلهي و﴿ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ ﴾ () ويبقى هذا الإفتراق إلى يوم يبعثون.

لقد كان حبيب بن مظاهر الأسدي كوفيّاً، كما إنّ شمر بن ذي الجوشن من أهل الكوفة، فكلاهما من مدينة واحدة، إلّا أنّه شتّان ما بين عاقبتيهما ومنتهى حياتهما في يوم عاشوراء، فإنّ حبب ختمت حياته المباركة وهو في صف سيد الشهداء× وقائد في معسكره، وذلك اللعين كان من زمرة أعداء الإمام الحسين ومن قاتليه ومن قوّاد النفاق والكفر.

وكم من الناس من تفاعل مع الإمام الحسين ومع شعائره ومجالس عزائه فإصابته نسيم الرحمة الإلهية وسعد في عاقبة حياته.

فهذا زهير بن القين المعروف عنه أنّه كان في البداية عثماني الهوى أي كان يعتقد بأنّ عثمان قتل مظلوماً وإنّ أمير المؤمنين علي× شريك في دمه، وهذا وهب كان نصرانياً في بداية أمره، إلّا أنهما بلغا في عاشوراء المقام المحمود والمنزلة العظيمة حتى صار كل واحد منهما كباقي شهداء كربلاء يقف أمامهم الملايين من زوّار قبورهم الطاهرة ليخاطبهم بقوله (بأبي أنتم وأمّي) فيفدونهم بالآباء والأمهات، وفي الزائرين العلماء الأعلام والفقهاء العظام ومراجع الدين والمؤمنون فضلاً عن عامة الناس.

إنّ الإمام الحسين× دعى زهيراً فإستجاب له وسعد في دنياه وآخرته، ودعا أيضاً عبيد الله بن الحرّ الجُعفي لنصرته فلم يستجب دعوة إمامه فشقى وخسر الدنيا والآخرة.

فالإمام الحسين وشعائره وفي عصرنا هذا إنما هو مقياس ومختبر ومحك لمعرفة الحق من الباطل، والنور من الظلام، والخير من الشّر والفضائل من الرذائل. فهناك من أولياء الإمام الحسين وشيعته ومواليه من يفتتن به، وكان الإمام الحسين× في قنوت صلاته يسأل من ربه ( وأعذ أولياءك من الإفتتان بي) ().

فعاشوراء محطّة إختبار وإمتحان، فقد فاز فيها قوم وربحوا، وسقط آخرون وخسروا، وهذا جارٍ إلى قيام الساعة.

فهناك من يخدم بكل ما أُوتي من طاقة ويضحي بالنفس والنفيس في إقامة الشعائر الحسينية إلى هي مظهر شعائر الله، فكان في العسكر الحسيني وفي صفّ حبيب وزهير ووهب والحر بن يزيد الرّياحي، وهناك من يثير الشبهات ويصنع المشاكل ويضع العراقيل في طريق وديمومية هذه الشعائر، فيشكك فيها ويستهزء بمن يقيمها، فكان في صف الشمر وحرملة وعمر بن سعد ويزيد بن معاوية، فيسقط في الفتنة، ولا تشمله دعوة الإمام الحسين× في قنوته.

أو تدري أنّه كان مع الإمام الحسين قبل ليلة العاشر أكثر من ألف نفر من واكبه في مسيره إلى كربلاء، وكان يصلّي خلف إمام زمانه ويقبّل يديه ويسأله عن معالم دينه، إلّا أنّه في يوم عاشوراء سقط وإتخذ الليل جملاً وخرج من خيام الحسين فلم يبق معه إلّا سبعون ونيّف، فأولئك أرادوا دنيا الإمام× ولمّا علموا أنّه يستشهد في غدٍ يوم العاشر من محرم الحرام، فإنّهم خذلوه ونقضوا بيعته وإلتحقوا بدنيا يزيد اللعين، فكانوا عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم، يدورونه أينما درّت معائشهم، فإذا محّصوا بالبلاء قلّ الدّيانون، فلم يبق إلّا القليل من عباد الله الشكور، وكان أكثرهم ثلاثون ألف ويزيدون لا يفقهون ولا يعلمون كالأنعام بل أضل أولئك هم الغافلون.

فاعتبروا يا أولي الأبصار، ولم ينجح في هذا الإمتحان والإختبار إلّا القليل، الأنذر فالأنذر فقد أعاذهم الله من الإفتتان بسيد الشهداء×.

وعلينا بالدّعاء والعمل الصالح وأن نحافظ على أنفسنا ونقي أهلنا، ونحافظ على إخواننا من أهل الإيمان من السقوط في هذا الإمتحان، وندع إثارة الفتن والمشاكل والبلابل والشبهات، ونرجع في كل صغيرة وكبيرة إلى ذوي الإختصاص فنرجع إلى الفقهاء العظام لنأخذ الفتوى منهم في كل مفردة من مفردات الشعائر الحسينية، ولا يفتي من عند أنفسنا، فإنّه من افتى بغير ما أنل الله فإنّه يتبوء مقعده من النار، فلابّد من التورّع من إبداء الرأي في أحكام الله والإلتزام بالرجوع إلى من له حق الإفتاء وبيان الأحكام الإلهيّة، وهذا ما يشهد به العقل السليم والفطرة الموحدة والوجدان الواعي، والقرآن الكريم والعرفان القويم، وهل بعد الحق إلّا الضلال.

وعلى كل واحد منّا أن يدعو للمخلصين في إقامة عزاء سيد الشهداء× أن يوفقهم الله ويلهمهم القوة والصبر وزيادة التحمل في هذا السبيل، فنقتدي في ذلك بمولانا الإمام الصادق× في دعائه لزوار قبر الإمام الحسين× (فإرحم تلك الوجوه التي غيّرتها الشمس، وإرحم تلك الصرخة التي كانت لنا) ().

هنيئاً لأرباب النعيم نعيمهم، طوبى لأولئك الذين لا يعرفون ليلهم من نهارهم في خدمة قضية سيد الشهداء× وإقامة الشعائر الحسينينة من تعاز ومنابر ورثاء وخدمات وإطعام وإرشاد وتثقيف.

عظّم الله أجورنا وأُجورهم بمصابنا بسيدنا ومولانا سيد الشهداء الإمام الحسين وأحسن الله لنا العزاء وجعلنا وإياهم من الطالبين بثأره مع وليه الإمام المنصور المهدي الموعود من آل محمد #.

إخوتي في الإيمان في العقيدة الحقّة من المفروض علينا أن نُمهّد لدولة إمام زماننا× الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً، فنقوم بالواجب بالمستوى المطلوب، ونزداد علماً ومعرفة في الله سبحانه وفي الإسلام الحنيف، ولا سيما في أيّام محرم الحرام وصفر المظفّر، علينا أن نزداد معرفةً وعلماً وقراةً جديدةً بالإمام الحسين× وبثورته الخالدة، ويكون الإيمان منّا مستكملاً، بالعمل الصالح خالصاً وتامّاً على ضوء العلم واليقين.

أو تدري أن اليقين في الثقافة الإسلامية وفي مدرسة أهل البيت^ ينقسم إلى ثلاث مراتب، وتعدّ أمهات المراتب في اليقين وهي: علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين.

واليقين بمعنى العلم الذي لاشك ولا ريب ولا شبهة فيه، فلم يتزلزل فإنّه كالجبل الراسخ لا تحركّه ولا تزعزعه عواصف الإثارات والشبهات والإشكالات والفتن والقيل والقال وإختلاف الأحوال وتضارب الأقوال.

وأضرب لك مثالاً في معرفة المراتب الثلاث:

فمن يرى دخاناً من وراء جدران فيقول: (خلف الجدران نار، وأعلم بذلك علم اليقين، وإذا إقترب من النار حتى أحسّ بحرارتها، فإنّه يقول بكونها ناراً أيضاً إلّا إنّه يعلم بها بعين اليقين إذ رآها وأحسّ بها من قرب، وإذا دخل في النار وإحترق بها فإنّه يقول بالنار أيضاً إلّا أنّه بحق اليقين وثبوته.

فكل واحد من هؤلاء الثلاثة يقول: النار النار، إلّا إنّه ما بين رتبة وأخرى ما بين السماء والأرض من الفاصل وحينئذٍ من كان يعتقد بالإمام الحسين× وبشعائره وبعاشوراء فإنّه يصيح تارة (لبيك يا حسين) إلّا إنّه بمرتبة علم اليقين فإنّه كمن رأى الدخان من وراء الجدران وآخر يقول (لبيك يا حسين) إلّا أنّ÷ ـ أي جماله وجلاله وأحس به بكل وجوده فهو من عين اليقين، وأمّا الثالث فيقول (لبيك يا حسين) لبيك يا داعي الله إلّا أنّه يعيش ذلك من داخله وصميمه ومن أعماق وجوده، وكأنه يحترق بالهيب عشق الإمام الحسين وحبّه متلبساً بحق اليقين.


 
 توقيع : شجون الزهراء

اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.


رد مع اقتباس