عرض مشاركة واحدة
قديم 11-20-2020, 09:39 PM   #2
المراقبين


الصورة الرمزية شجون الزهراء
شجون الزهراء غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 465
 تاريخ التسجيل :  Mar 2012
 أخر زيارة : 04-21-2024 (10:40 PM)
 المشاركات : 5,025 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي





وهذه دعوة نبويّة صادقة تخبرنا عن صدق مقولة اُمّ سليمان ، بل ورد في الحديث الصادقي الشريف أيضآ.

8 ـ قال أبو عبدالله 7 في وصيّته لعبدالله بن جندب : يابن جندب أقلّ النوم بالليل والكلام بالنهار، فما في الجسد شيء أقلّ شكراً من العين واللسان ، فان أُمّ سليمان قالت لسليمان 7: يا بنيّ إيّاک والنوم فانه بفقرک يوم يحتاج الناس إلى أعمالهم[6] .



فلابدّ من يقظة مع العمل الصالح ، والّا فكما قال رسول الله 6 لما رأى شابّاً وسيماً، فسأل عن شغله فاُخبر أنه لا يشتغل ، فقال 6 سقط من عيني .

9 ـ قال الامام الباقر 7: قال موسى 7 لله سبحانه : أيّ عبادک أبغض إليک ؟ قال : جيفة بالليل ـ كناية عن كثرة النوم وانه كالجيفة الميتة والنتنة من أكل الحرام وغير ذلک ـ بطّال بالنهار ـ لا يعمل ولا يشتغل عاطل باطل ، فيعيش في هامش الحياة سفيهاً خفيف العقل ، مستخفاً بحقوق الله وحقّ الناس والأُسرة .

ثمّ من خاف يوم القيامة وخاف أهوال يوم المطلع وعقابها المروعة وخاف الهجوم المباغت في الليل من قبل الأعداء من الجنّ والانس المعبّر عنه بالبيات كيف ينام الليل ؟

10 ـ قال أميرالمؤمنين 7: من خاف البيات قلّ نومه[7] .



وعلى المرء والعبد أن يكون شاكراً لربّه ، وإن شكر فان الله يزيده النعم والآلاء، وانما يشكره بكلّ وجوده بأن يعرف النعمة والمنعم ، وأن يستخدمها في خدمة المنعم ، فكل ما للانسان إنما هي من نعم الله التي لا تعدّ ولا تحصى ، ومن أجمل وأعظم نعمه الحسيّة والشهوديّة العين في جسد الانسان ، فشكرها أن تكون في طاعة الله، وذلک باليقظة الواعية .

11 ـ قال الامام الكاظم 7: (لا تعوّد عينيک كثرة النوم ، فانها أقلّ شيء في الجسد شكراً، فكثير ما تكفر وتستر النِّعم الاخرى .

12 ـ قال الصادق 7: إن الله عزّوجلّ يبغض كثرة النوم وكثرة الفراغ ـ فلا يستغل أوقاته بالعلم والعمل ـ.

13 ـ وقال 7: كثرة النوم مذهبة للدين والدنيا.

فمن كثر نومه خسر الدين والدنيا، فانه يقصر في حياته المعاشية بكثرة نومه ، كما يتهاون في حياته المعاديّة فيذهب الدين والدنيا، كما ورد في المثل يكون كالمستكدى والمستعطي اليهودي ، فلا دين له ولا دنيا، خسر الدنيا والآخرة ، وذلک هو الخسران المبين .

فالحذار الحذار من كثرة النوم ، فانه من طلب العلى سهر الليالي ومن سهر الليالي فاز بالمعالي .

14 ـ عن النبي 6: أنين المؤمن تسبيح ، وصيامه تهليل ، ونومه عبادة .

من لطف الله سبحانه على عباده وخلقه أنه من كان مؤمناً من الرجال والنساء، أن يثيبه على أعماله الصالحة ، ويجزيه بما وعده من الجنّات النعيم ، ويزيد عليه لطفاً، أن يعطيه ويهبه على حالاته ، وإن لم يعمل من فعل أو قول ، فاذا كان صائماً في شهر رمضان المبارک ونام ، فان الله يجعل نومه عبادة ، ومن خصائص العبادة أن تمهد الطريق وتعبّده الى الله سبحانه ، كمن كان راكباً في الطائرة ، فانها يصل من فيها إلى مقصده سواء أكان مستيقظاً أو نائماً، فكما ان المستيقظ يصل إلى مقصوده ، كذلک النائم ، وكذلک الصائم في طائرة صومه ، يحلّق إلى ربّه وإن كان نائماً في ساعات نهاره ، وكذلک أنين المؤمن من آلامه وأوجاعه ، فانّه يُثاب عليه بثواب التسبيح وكمن قال (سبحان الله) وصيامه كمن قال (لا اله إلّا الله) ونومه عبادة ، تُقرّبه إلى الله سبحانه ، وبمثل هذا يتكامل الانسان ويصل إلى فلسفة حياته وسرّ وجوده .

15 ـ قال النبي 6: النوم على سبعة أوجهٍ : نوم الغفلة فهو الذي في مجلس الذكر، ونوم الشقاوة فهو الذي وقت الصبح ، ونوم العقوبة فهو النوم الذي وقت الصلاة ، ونوم اللّعنة وهو الذي فيه بعد صلاة الفجر، ونوم الراحة فهو النوم عند استواء النهار، ونوم الرخصة فهو نوم العشاء، ونوم الحسرة فهو نوم ليلة الجمعة .

الحديث الشريف واضح المعنى ، فان انقسام النوم انماهو باعتبار متعلّقة ، كما أن بعض الأقسام انما استعمل فيه الكناية والمجاز، فمن كان في مجلس الذكر الذي يذكر فيه اسم الله سبحانه أو يذكر فيه العلم والحكمة ، فانّه مَن نام عن مثل هذا المجلس ، فإنّه يعد من الغافلين المبعدين عن الرحمة الالهيّة ، ومن ثمّ لا يفوز بالمكارم والعُلى والمفاوز، وأمّا نوم الشقاء وحرمانه من السعادة ، فانه لمن نام وقت الصبح أي وقت تقسيم الأرزاق كما مرّ، ومن نام عن صلاته كيف لا يعاقب على نومته ؟ ويبعد عن الرحمة الالهيّة ، والذي يكون بمعنى اللعنة من نام بعد صلاة الفجر، فان المؤمن النشط يبكر في طلب رزقه أو علمه ، فكيف ينام وقت الفجر، وانّما تتمدّد أعصابه وينام براحة وهناء عند إستواء النهار قبل الزوال بساعة والتي يسمى بنوم القيلولة ويرخص له أن ينام بعد صلاة العشاء، وأمّا نوم الحسرة ، فانه يتحسّر يوم القيامة على ساعة نامها في ليالي الجُمع ، فان ليلة الجمعة ليلة مباركة لمن استيقظها بالعبادة والطاعة وطلب العلم النافع والعمل الصالح .

16 ـ في الحديث القدسي : يا موسى كذب من زعم انه يُحبّني وهو ينام طول ليلته ، أليس كلّ حبيب يُحبّ الخلوة مع حبيبه ؟

إنّ العلاقة بين العبد وربّه علاقة في أسمائه الحسنى وصفاته العليا، علاقة الربّ والمربوب ، ومن ثمّ تكون التجلّيات الربوبيّة والظليّة ، فانت الرازق وأنا المرزوق ، وأنت الخالق وأنا المخلوق ، وأنت المالک وأما المملوک ، وأنت السيّد وأنا العبد، وهكذا باقي الأسماء والصفات ، إلّا الحبّ والولاية : فأنت الحبيب الولي وأنا الحبيب الولي ، فكما ان الله يتّصف بالولاية والحبّ ، وانّه ولي عبده المؤمن ، كذلک العبد يتّصف بالولاية والحب وانه ولي ربّه(يُحبُّهُمْ وَيُحبُّونَهُ )[8] ، وهذا ان

دلّ على شيء فانّه يدلّ على عظمة الحبّ بين العبد وربّه ، ثمّ للحب علامات ومن أبرز علاماته : أنّ الحبيب يحب خلوة حبيبه ، ويأنس به ، كما في دعاء صلاة الليل «غارَتِ النُّجُومُ وَنامَتِ الْعُيُونُ وَ خَلا كُلُّ حَبيüبٍ بِحَبيüبِهِ وَ خَلَوْتُ بِکَ اَنْتَ الَْمحْبُوبُ اِلَىَّ » فمن أحبّ الله فانّه لا ينام كلّ الليل كالبهائم ، بل يتهجّد فيه ويقوم نصفه أو يزيد أو ينقص ، وكما قال الامام الصادق 7 عجبت لمن يدّعي حبّ الله كيف ينام الليل ، فانّ النوم على المحبّين حرام ، فمن يزعم انّه يحبّ الله إمّا أن يكون صادقاً في زعمه ودعواه أو كاذباً، ولكلّ شيء بيّنة ودليل ، وبينة صدقه أن يقوم ليله بمناجات ربه ، كذب من زعم أنّه يحبّ الله وهو ينام طول ليلته ، أليس من الوجدان أن كلّ حبيب يحبّ الخلوة مع حبيبه ؟ اللّهمّ أرزقنا حبّک وحبّ من يحبّک ، وحبّ كلّ عمل يوصلنا إلى قربک ، آمين .

17 ـ وكان الامام الرضا 7 قليل النوم بالليل كثير السهر، يُحيى أكثر لياله من أوّلها إلى الصبح ، ولكم في رسول الله 6 وعترته الأطهار : اُسوة حسنة وقدوة صالحة ، فإن من سيرتهم الذاتيّة ان يسهروا الليالي ، ويقومونها بالعبادة والزلفى إلى الله سبحانه ، فهذا ثامن الحجج مولانا الامام علي بن موسى الرضا 7 قليل النوم بالليل كثير السهر، ومن أن أراد أن يحشر معه ، لابدّ أن يكون في خطّه ونهجه ويتحلّى بأفعاله وأقواله ، وأن يشبهه في سلوكه ، فان الجنس مع الجنس يميل ، والسنخيّة علّة الإنضمام ، فكيف يكون جيرانه يوم القيامة اذا لم يشبّه به ، ويقتدي بهديه ، وكيف يدّعي المؤمن انّه من شيعته ولا يتّبع خطاه ، ولا ينهج مناهجه القويمة ، فان المحب لمن يحب مطيع ، وهذا أمر واضح لا غبار عليه .

18 ـ عن رسول الله 6: ما زال جبرئيل يوصيني بقيام الليل حتّى ظننت أنّ خيار اُمّتي لن يناموا.

هذا الحديث النبوي الشريف صريح بأنّ اُمّة محمّد المصطفى 6 ليسوا سواء، فمنهم الأخيار الأبرار ومنهم عامّة الناس ، واذا كان حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين ، فما بالک بالعامّة والخاصة الأبرار.


 
 توقيع : شجون الزهراء

اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.


رد مع اقتباس