عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 10-13-2019, 08:23 PM
المراقبين
شجون الزهراء غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 465
 تاريخ التسجيل : Mar 2012
 فترة الأقامة : 4387 يوم
 أخر زيارة : اليوم (04:51 AM)
 المشاركات : 5,025 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي يوم الحسين مدرسة الصبر الجميل






بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
يوم الحسين أو دروس القيام الحسيني المقدس.
فهي تبين كثيراً من تلكم الخصائص من خلال حوارات في عالم الملكوت والمعنى بين الله تبارك وتعالى وبين البلاء الذي تصوره القصيدة كوجود متجسد ذي شعور وهو يسجد مستسلماً لصبر زينب الصديقة الحوراء صلوات الله عليها ويناجي ربه متعجباً من صبرها أولاً وجازعاً ثانياً من عظمة المصائب التي نزلت بها منذ أن حلت في هذا العالم، ويسائل ربه الجليل تبارك وتعالى عن سر ذلكم الصبر الجميل الذي إنتصرت به الحوراء على كل تلك المصائب.

البلاء يسمع كلام ربه عن حاجته هو الى تعلم ما يجهله عن جوهرة الصبر المتألقة، فمن أين يتعلم البلاء ما عليه أن يعرفه عن حقيقة الصبر؟!

ما من سبيل له إلا أن يقصد كعبة الصبر عقيلة آل أبي طالب شقيقة حبيب الله الحسين، إن ربه هو من دله على خزانة العلم الإلهي الغيبي العزيز:
فارجع الى أمتي العليمة خاشعاً
تنبئك علما من لدني ملهما


هذه الشهادة الإلهية للصديقة الصابرة بامتلاكها العلم المتنزل عليها من لدن الله عزوجل.. إنما هي حجة لها سلام الله عليها على من آذاها ذلكم الأذى الأسطوري الفظيع، وحجة أيضاً على من يقول إنه يود هذه الصديقة ويتعاطف معها في رزاياها الطويلة، هذه الحجة البالغة كأنما تقول لنا: ينبغي أن نعرف العقيلة معرفة لائقة بمنزلتها عند الله، وأن نقدر عظمتها تقديراً يناسب حرمتها عند الله.
رجع البلاء الى العقيلة حائراً
خجلاً يذوب، ولا يطيق تكلما


لا غرابة أن يحار البلاء أمام معدن الصبر إبنة السيد الوصيين، ولا عجب أن ينعقد في محضرها منه اللسان، أي فم تبقى له قدرة على النطق إزاء عظمة إبنة فاطمة الزهراء البتول؟! ما ثمة إلا تنكيس الرأس خجلاً، وإلا الصمت العاجز الذهول:
رجع البلاء الى العقيلة حائراً
خجلاً يذوب، ولا يطيق تكلما

حيته في ود، وقالت: مرحباً
البيت بيت الحمد وداً أفعما
الصبر بالتحميد طاب مذاقه
والشكر فيه على المصائب قدما
أهلاً حللت، مبارك من قادم
أنعم فحملك مغنم لا مغرما

هذا هو جمال اللقيا والترحيب والضيافة من آل محمد الأصفياء الأوفياء، إنها نسمة هابة يلطف من حدائق أهل البيت الفياضة بالبهجة والنضارة والبهاء، ومولاتنا زينب هي الصورة الناطقة عن آل محمد أجمعين.
بهذه التحية الزيبنية الودودة المرحبة.. يذهب خجل البلاء ويستعيد لسانه قدرته على النطق والكلام، أي شعور بالضالة والصغار يمكث في قلب هذا المخلوق المطيع حين يسمع العليمة الإلهية تطمئنه أنه إنما جاء الى بيت الحمد على البلوى لا بيت الجزع والشكوى، وتعرفه أنها متحصنة بالصبر إزاء بلاءتها؛ لأنها مزجت الصبر مزج صدق بالحمد لله المنعم الرؤوف؟!
إنها سلام الله عليها تستقبل المصائب – قبل أن تقع المصائب – بقلب شاكر يرى نعم الله فيما يفعل، ويقدر هذه النعم أسمى ما يكون التقدير.
لابد أن يكون البلاء قد وعى الآن ما قالت له العقيلة العظيمة عن الغنيمة المستكنة في داخل البلاء، خلافاً للناس إذ يعدون البلاء النازل مغرماً وخسارة ومضرة:
أهلاً حللت، مبارك من قادم
أنعم فحملك مغنم لا مغرما


فأزاح عنه قولها استيحاشه
نادى، وأهوى ساجداً ومعظما:
يا كنز صبر الله، إنك شمسه
بضياك يغدو الصابرون الأنجما
فالصابرون يرونني ضراً لهم
نصباً، عذاباً حل فيهم، خيما

المشهد – يا أخي – هو نفسه يحكي لا يحتاج الى بسط وبيان.

كلنا نرى هنا أن البلاء الذي كان حائراً ألجم لسانه الخجل قد انبسطت أساريره لدى سماعه ما نطقت به العقيلة الصفية. وإذا فاجأه ما علمته من حقيقة حمد الله وشكره على البلايا والرزايا..
لم يستطع إلا أن يخر ساجداً في محضر علم الله الباهر وصبره الصبور. سجد البلاء هذا السجود الذي يذكر تذكيراً ساطعاً بسجود ملائكة الله لآدم في أفق علوي، ويذكر أيضاً بسجود يعقوب النبي لولده يوسف في أفق الأرض.
أدرك البلاء أنه الآن في حضرة "كنز صبر الله" لا أمام مفردة من مفردات الصبر، وأدرك أن عقيلة بني هاشم هي شمس صبر الله في سماء يستمد منها كل الصابرين، فيغدون نجوماً في آفاق هذه السماء.
وحده صبر زينب المعجون بالحمد، المسبوق أبداً بالشكر.. هو حقيقة الصبر.
البلاء الذي يتذوقه الناس قسراً فلا يجدون فيه غير طعم المرارة.. هو – في مذاق هذه المرأة الهاشمية الفذة – نعمة بهية، ولطف من ألطاف الله الخفية، لكن سنام البلاء الظاهر الذي يطفح فوقه يبدو للعين مصاباً وبلية.
إنه إذن بلاء نعمة ولطف خاص يقابل حتماً بالسجود شكراً للرب المنعم الرؤوف، سجود طوعي لدى رؤية جمال، في لحظة قدس خاضعة خاشعة للرب الجميل في صنعه الحسن في بلائه:
قالت: وربي، بل رأيتك نعمة
لطفاً خفياً بالمصاب مسنما
فسجدت شكراً.. أحمد الرب الذي
ما زال – مذ كنت – الرؤوف المنعما
صنع الجميل، وقد رأيت جماله
وعرفته بي راحماً بل أرحما
صنع الجميل، فلا أرى منه سوى
روح وريحان وطيب قدما


إن البلاء من صنع الحبيب، هو من اختاره لأحبائه الذين صفاهم واصطفاهم لنفسه، الحبيب الأول والآخر الذي لا حبيب سواه.. يقدم لمحبوبه باقة ورد رائعة التلاوين، عابقة بأزكى العبير، كيف يتلقى المحب إذن هدية الحبيب هذه؟ سيختارها راضياً ممتناً شاكراً ناطقاً بالحمد والثناء، هدية "ما يلقاها إلا الذين صبروا، وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم".
قالت سلام الله عليها عن حبها لربها، وهي تخاطب البلاء:
وبحبه اخترت المصاب لحبه
طوعاً، وكان الله قدماً أرحما
وبفضله طاب المصاب، وشربه
عسلاً يصير، وكان قبلاً علقما!

ثمة سر خفي وراء هذا كله، سر عظيم صير مذاق علقم الصبر مذاق مصفى الشهد ولذيذ العسل، وحول كل خطب دهى العقيلة الهاشمية غنيمة وهبة نفيسة.
ما هو هذا السر الجليل الذي يصنع العجائب، ويكون "المحال" عنده يسيراً هيناً يسر "الممكن" المألوف؟

الواقع أنه لا قمة أشمخ من قمة الحسين، ولا دوحة باسقة فرعاء كدوحة الحسين ولا سحابة دفاقة مدرارة كسحابة أبي عبدالله.. سيد الأسرة صاحب ملحمة الله العظمى في كربلاء.
هذا الفعل المذهل إنما هو بركة من بركات كف شقيق زينب المظلومة حبيب فؤادها الشهيد المظلوم، هي صلوات الله عليها، جلت هذه الحقيقة، وباحت – رحمة بنا – بهذا السر:
مسح الحسين على الفؤاد بكفه
فغدا يرى في كل خطب مغنما






 توقيع : شجون الزهراء

اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.

رد مع اقتباس