عرض مشاركة واحدة
قديم 06-16-2011, 02:19 AM   #5
المراقبين


الصورة الرمزية نورجهان
نورجهان غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 15
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 04-23-2023 (08:33 PM)
 المشاركات : 4,993 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي




في أحد مشهد آخر ...


أحد: اسم منطقة بالقرب من المدينة في سفح الجبل، وفيها وقعت واقعة أحد، والتقى المسلمون بالمشركين، واشتعلت نار الحرب وقامت على ساق، نقتطف من الواقعة موقف علي () فيها، وما أصابه من العناء.
وقد كانت راية قريش مع طلحة بن أبي العبدري من بني عبد الدار، فبرز ونادى: يا محمد أو يا معاشر أصحاب محمد تزعمون أنكم تجهزونا بأسيافكم إلى النار ونجهزكم بأسيافنا إلى الجنة، فمن شاء أن يلحق بجنته فليبرز إلي، فبرز إليه أمير المؤمنين () وهو يقول:
يا طلح إن كنتم كما تقول لكم خيول ولنا نصـــول
فاثبت لننظر أينا المقـتول وأينا أولـــى بما تقـــول
فقد أتاك الأسد الصؤل
بصارم ليس به فـلــــــول ينصره القاهر والرسول
فقال طلحة: من أنت يا غلام؟ قال: أنا علي بن أبي طالب، قال: قد علمت يا قضم، إنه لا يجسر علي أحد غيرك، فشد عليه طلحة فضربه، فاتقاه أمير المؤمنين () بالحجفة، ثم ضربه أمير المؤمنين على فخذيه فقطعهما جميعاً فسقط على ظهره، وسقطت الراية، فذهب علي () ليجهز عليه فحلفه بالرحم فانصرف عنه، فقال المسلمون: ألا أجهزت عليه؟ قال: قد ضربته ضربة لا يعيش منها أبداً، ثم أخذ الراية سعيد بن أبي طلحة، فقتله علي ()، وسقطت رايته إلى الأرض فأخذها عثمان بن طلحة، فقتله علي () وسقطت رايته إلى الأرض فأخذها الحارث بن أبي طلحة، فقتله علي () وسقطت رايته إلى الأرض فأخذها عزيز بن عثمان فقتله علي () وسقطت رايته إلى الأرض فأخذها عبد الله بن جميلة بن زهير فقتله علي () وسقطت رايته إلى الأرض، فقتل أمير المؤمنين التاسع من بني الدار وهو أرطأة بن شرحبيل مبارزة، وسقطت الراية إلى الأرض فأخذها مولاهم صوأب فضربه أمير المؤمنين () على يمينه فقطعها، وسقطت الراية إلى الأرض فأخذها بشماله، فضربه أمير المؤمنين () على شماله فقطعها فسقطت الراية إلى الأرض فاحتضنها بيديه المقطوعتين، ثم قال: يا بني عبد الدار هل أعذرت فيما بيني وبينكم؟ فضربه أمير المؤمنين () على رأسه فقتله وسقطت الراية إلى الأرض، فأخذتها عمرة بنت علقمة الحارثية فنصبتها.
وانهزم المشركون وتبعهم المسلمون وشرعوا بجمع الغنائم، ولما رأى المشركون ذلك ووجدوا المسلمين مشغولين بالنهب رجعوا من طريق آخر، وجعلوا المسلمين في الوسط، وحملوا عليهم حملة رجل واحد، بقيادة خالد بن الوليد، وقتلوا من المسلمين مقتلة عظيمة، وانقسم الناس آنذاك إلى قسمين: المنهزمين وهم الأكثر عدداً، والثابتين وهم ما بين قتيل وجريح، وكان علي () أكثرهم جراحاً، فقد أصيب في ذلك اليوم بتسعين جراحة يصعب علاجها وتداويها(2).
في البحار: وقال شقيق بن سلمة: كنت أماشي عمر بن الخطاب إذ سمعت منه همهمة، فقلت له: مه يا عمر؟ فقال: ويحك!! أما ترى الهزبر القثم بن القثم، والضارب بالبهم، الشديد على من طغى وبغى، بالسيفين والراية!!! فالتفت فإذا هو علي بن أبي طالب.
فقال: ادن مني أحدثك عن شجاعته وبطولته، بايعنا النبي (صلّى الله عليه وآله) يوم أحد على أن لا نفر، ومن فر منا فهو ضال، ومن قتل منا فهو شهيد، والنبي (صلّى الله عليه وآله) زعيمه، إذ حمل علينا مائة صنديد، تحت كل صنديد مائة رجل أو يزيدون، فأزعجونا عن طاحونتنا، فرأيت علياً () كالليث يتقي الذر إذ قد حمل كفاً من حصى فرمى به وجوهنا، ثم قال: (شاهت الوجوه، وقطت وبطت ولطت، إلى أين تفرون؟ إلى النار؟) فلم نرجع، ثم كر علينا الثانية وبيده صفيحة يقطر منها الموت!!! فقال: بايعتم ثم نكثتم؟ فو الله لأنتم أولى بالقتل ممن أقتل، فنظرت إلى عينيه كأنهما سليطان يتوقدان ناراً، أو كالقدحين المملوءين دماً، فما ظننت إلا ويأتي علينا كلنا فبادرت أنا إليه من بين أصحابي فقلت: يا أبا الحسن، الله الله!! فإن العرب تفر وتكر، وإن الكرة تنفي الفرة.
فكأنه استحيا، فولىا بوجهه عني، فما زلت أسكن روعة فؤادي فو الله ما خرج ذلك الرعب من قلبي حتى الساعة...
ولم يبق مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إلا أبو دجانة سماك بن خرشة وأمير المؤمنين () وكلما حملت طائفة على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) استقبلهم أمير المؤمينن (صلوات الله عليه) فيدفعهم عن رسول الله، ويقتلهم حتى انقطع سيفه.
عن عكرمة قال: سمعت علياً () يقول: لما انهزم الناس يوم أحد عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لحقني من الجزع عليه ما لم يلحقني قط، ولم أملك نفسي وكنت أمامه أضرب بسيفي بين يديه، فرجعت أطلبه فلم أره فقلت: ما كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ليفر، وما رأيته في القتلى، وأظنه رفع من بيننا إلى السماء، فكسرت جفن سيفي، وقلت في نفسي: لأقاتلن به عنه حتى أقتل، وحملت على القوم فأفرجوا عني وإذا أنا برسول الله (صلّى الله عليه وآله) قد وقع على الأرض مغشياً عليه فقمت على رأسه، فنظر إلي فقال: ما صنع الناس يا علي: فقلت: كفروا يا رسول الله، وولوا الدبر من العدو، وأسلموك، فنظر النبي (صلّى الله عليه وآله) إلى كتيبة قد أقبلت إليه فقال لي: رد عني يا علي هذه الكتيبة، فحملت عليها أضربها بسيفي يميناً وشمالاً حتى ولوا الأدبار، فقال النبي (صلّى الله عليه وآله): أما تسمع يا علي مديحك في السماء؟ إن ملكاً يقال له رضوان ينادي: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي.
فبكيت سروراً وحمدت الله سبحانه على نعمته.
وفي رواية قال الصادق (): انهزم الناس عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فغضب غضباً شديداً وكان إذا غضب انحدر من وجهه وجبهته مثل اللؤلؤ من العرق، فنظر فإذا علي () إلى جنبه، فقال: ما لك لم تلحق ببني أبيك؟ فقال علي (): يا رسول الله أكفر بعد إيماني؟ إن لي بك أسوة، فقال: أما الآن فاكفني هؤلاء، فحمل علي () فضرب أول من لقي منهم، فقال جبرائيل (): إن هذه لهي المواساة يا محمد، قال: (إنه مني وأنا منه) قال جبرائيل: وأنا منكما.
وأقبل علي () إلى المدينة وهو ثقيل بالجراحات، وبات على الفراش، ولما أصبح النبي (صلّى الله عليه وآله) جاء إلى دار علي يعوده، فبكى علي () وقال: يا رسول الله أرأيت كيف فاتتني الشهادة؟ فقال الرسول: إنها من ورائك يا علي(3).

الهوامش :
(2) البحار ـ ج6.
(3) البحار ـ ج9.

- يُتبع -




 
 توقيع : نورجهان


التعديل الأخير تم بواسطة نورجهان ; 06-16-2011 الساعة 02:26 AM

رد مع اقتباس