عرض مشاركة واحدة
قديم 08-15-2021, 01:31 AM   #4
المراقبين


الصورة الرمزية شجون الزهراء
شجون الزهراء غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 465
 تاريخ التسجيل :  Mar 2012
 أخر زيارة : 05-19-2024 (03:30 PM)
 المشاركات : 5,025 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي





وقد استعمل الشاعر بعض الفاظ القران لتقريب فكرته مع بعض التحوير والتقديم والتأخير لكي يتناسب مع البيت الشعري ولتوضيح ذلك نذكر التعاليق الآتية:

النصّ الشعريّ النصّ القرآنيّ

وأذن في

مِن الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين

كل من

فجٍ كل

أناسٌ فج عميق

فالشاعر أخر بعض الألفاظ واستعمل (أناس) بدل (الناس) كما في النص القرآني.

أما عن وجه التقارب بين بيت الله ومزار العباس عليه السلام ، فكما إن فضل الكعبة واستحباب النظر إليها والبكاء حولها وفيها وفضل ما يتعلق بها من الركن والمقام أكدته الكثير من الروايات([25]) فالعباس عليه السلام يقصد بالزيارة ويطاف به ويتبرك فيه كما يتبرك بركن البيت الأعظم ويلثم كما يلثم الحجر الأسود ويلتزم ويستلم كما يمسك الملتزم ويستلم ركن الحطيم.([26])

وفضلا عن ذلك إن العباس أصبح باب من أبواب الله في الدنيا، فهو باب معنوي وروحي إلى مدينة المعنويات، والمعارف والروحانيات والفضائل، وإلى حصن الإيمان والتقوى والقرب إلى الله تعالى، وإلى رسوله صلى الله عليه وآله وإلى أوليائه عليهم السلام ([27]).

ومن الشواهد الأخرى التي ركزت على بيان الدور الرسالي للعباس عليه السلام قول الشاعر (فاهم هاشم محمد العيساوي) في قصيدته (سبحان جودك):

(الكامل)

عباس فوق الطف كنت حمامة
قمرا يوزع في السماء أصابعا
ما قال ربك للملائكة اسجدوا




بيضاء من قرأ ارتفاعك أبـصرك
سبحان ربك كيف شاء فصوّرك
لولا انسكابك للحسين فقدرك([28])



إنّ القارئ للعبارة الشعرية (ما قال ربك للملائكة اسجدوا)، توحي له من أول قراءة لقوله عزّ وجل: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾([29])، ولكن الشاعر لكي يتناسب الوزن، تـصرف ببعض الألفاظ وحذف الآخر فاستبدل (وإذ) بـ (ما) النافية، وقرنها بـ(لولا) الـشرطية وحذف (آدم) للـضرورة الشعرية وجعله مقدرة عند السامع كونه واضح المعنى، ونفى السجود لآدم عليه السلام ، لولا الموقف البطولي، والتفاني الذي قدمه العباس في سبيل الإسلام، والمعنى إن الله جعل للإنسان منزلة كبيرة، وفضله على سائر المخلوقات، للمواقف والخصائص والدور الذي يقوم به، لذلك أمر الملائكة أن تسجد له تقديراً له، هذا على نحو العموم، أما على وجه الخصوص ففيه اشاره لتفضيل أئمة أهل البيت عليهم السلام على سائر الخلق، وممّا يؤكد هذا المعنى ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله : (إنَّ الله تبارك وتعالى خلق آدم فأودعنا صلبه وأمر الملائكة بالسجود له تعظيماً لنا وإكراماً، وكان سجودهم لله عزّ وجلّ عبوديّة ولآدم عليه السلام إكراماً وطاعةً لكوننا في صلبه، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سجدوا لآدم كلَّهم أجمعون) ([30]).

أما يخص الانتصار الذي كان للحسين والعباس عليهما السلام فمن ذلك قول الشاعر (سيف الذبحاوي)، في قصيدته (راحل إلى البياض):

(البسيط)

مثل الفراش تجذر في وسامته
تلك الاناجيل: أرواح معلقة
ارقل خطاك نخيلا، أرض حيرته
والأمنيات اعطها إيماءة علويـ
نـصر من الله جند ما هنالك مهـ




حيث الجراح: ورود تنزف السورا
لكن قناديل نور الله فيه ترى
قد فتشت عنك خصبا تستر الصحرا
ـةً، لترسم فرشاة المنى الظفرا
ـزوم وفتح قريب من رؤاك سرى([31])



البيت الأخير في المقطوعة ينقلك مباشرة إلى قوله تعالى: ﴿نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾([32])، وفي النص إشارة إلى الانتصار الذي تحقق على يد الحسين والعباس عليهما السلام وكل من شارك في معركة الطف.

وقد انتصر العباس عليه السلام بكل مواقفه ونال كلتا الحسنيين: غلبة السيف على الظلم، وغلبة الدم على السيف الظالم، وفاز هو ومن معه بالشهادة العليا، فهو نور يضئ إلى الآن ولم يستطيع ظلم التحريف أن يغطيه.

ثانياً: القرآنية المباشرة المحوّرة غير المحورية:

وهو أن يعمد الشاعر إلى النصّ الأوّل (القرآنيّ) فيأتي بتراكيبه ولكن بتوظيف جديد؛ أي: دلالة أخرى، وهي مرحلة أعلى في التوظيف من القرآنية المباشرة المحورة المحورية، أمّا في هذه القرآنية فإنّ الأمر يتوقف على درجة واحدة وهي النصّ دون المحورية، وذلك لأنّ الاستسلام للنصّ في الحالة الأولى كان على درجتين وهي النص والدلالة.

وهي (تقوم على مجاراة النصّ الشعريّ للنصّ القرآنيّ، ومن ثمّ الانحراف إلى مقصديّة مختلفة)([33]).

ومن الخصائص العباسية التي صورها الشعراء من خلال القرآنية في هذا المبحث هي: (الشجاعة)، (منزلة العباس عند الحسين)، (دروه الرسالي).

فمما ورد عن شجاعته قول الشاعر(محمد عبد الرضا الحرزي) ([34])، في قصيدته الموسومة بـ (بقيّة السيف):

(البسيط)

وجاء يعدو إلى جيش العدى غضباً
فلو رأتْهُ النصارى يومَ غارته




أفديهِ محتشداً يدعو لمحتشدِ
قالتْ هو اللهُ لم يُولدْ ولم يلدِ([35])




 
 توقيع : شجون الزهراء

اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.


رد مع اقتباس