لقدظهر أن هدف السقيفة أن يجلس على كرسي النبي صلى الله عليه وآله وسلم شخص مثل يزيد الذي شهد أئمتهم أنه كان لا يصلي، ويشرب الخمر وينكح البنات والأخوات والأمهات ، فيرسل جيشاً الى المدينة بقيادة شخص مثله ، ويأمره أن يرتكب فيها مجزرة، فيقتل ثلاثة آلاف من أهلها وفيهم بقية الصحابة، ويبيحها لجيشه للنهب والعدوان ثلاثة أيام، وتدخل خيولهم مسجد النبي عليهما السلام ويرتكب جنوده القتل والسرقة والزنا قرب قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ! (3)
كانت هذه الأعمال مدروسة بجدية، من أجل محو الإسلام! يعني محو ذكر كل الأنبياء عليهم السلام ، ثم محو كل جهود أمير المؤمنين عليه السلام لإحياء الإسلام وإعادة العهد النبوي !
إن الحسين عليه السلام أحيا الدين كله من آدم الى النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم وأحيا علياً عليه السلام الى آخر الدهر ! فهذه هي نتائج عمله صلوات الله عليه !
في كامل الزيارات ص222: (حدثني محمد بن عبد الله الحميري، عن أبيه، عن هارون بن مسلم ، عن عبد الرحمن بن الأشعث ، عن عبد الله بن حماد الأنصاري ، عن ابن سنان ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول: قبر الحسين بن علي عشرون ذراعاً في عشرين ذراعاً مكسراً، روضة من رياض الجنة، وفيه معراج الملائكة الى السماء، وليس من ملك مقرب ولانبي مرسل إلا وهو يسأل الله أن يزوره ، ففوج يهبط وفوج يصعد) !
وما ذلك إلا لأنه أحيا دين كل الأنبياء عليهم السلام .
والمسألة فوق هذا أيضاً.. ونقول ذلك لكي تعرفوا واجبكم في إقامة عزاء الحسين عليه السلام وتعظيم مقامه، فكل ما نقوم به من ذلك ليس إلا يسيراً، فالواجب الشرعي أن تحفظ الشعائر الحسينية بكل قوة وحسم ، وأن تكون في كل سنة أفضل من التي قبلها ! نعم ، المسألة بهذا المستوى .. لماذا ؟
لأن أساس عاشوراء إذا صار واهناً توجه الخطر الى الدين كله ، فإن بقاء الدين بعاشوراء ، وبقاء توحيد الله تعالى مرتبط بيوم عاشوراء ! إقرؤوا هذا التعبير وافهموا معنى: وبذل فيك مهجته! فقد بذل عليه السلام روحه من أجل بقاء توحيد الله تعالى ، فإحياء ذكراه وتعظيمها ، تعظيم للتوحيد.
روى في كامل الزيارات ص278، بسند قوي عن الإمام الصادق عليه السلام (حدثني أبي رحمه الله وعلي بن الحسين وجماعة مشايخي رحمهم الله،عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد ومحمد بن الحسين، عن محمد بن اسماعيل بن بزيع ، عن صالح بن عقبة ، عن زيد الشحام قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام : ما لمن زار قبر الحسين؟ قال: كان كمن زار الله في عرشه . قال قلت: ما لمن زار أحداً منكم؟ قال: كمن زار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ) !!
يا أبا عبد الله الحسين ، صلوات الله عليك .
ماذا فعلت حتى صار ثواب زيارتك كمن زار الله في عرشه ؟!
بينما ثواب الذي يزور أمير المؤمنين عليه السلام كمن زار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟!
ماذا فعلت .. فجعلت من كربلاء عرش الله ، وزيارتك فيها زيارة الله ؟!
ماذا فعل أبو عبد الله.. حتى روى ابن طاووس أن أخته زينب عندما هرعت الى مقتله وأقبل الشمر ليحز رأسه ، قال لأخته: إرجعي الى الخيمة، فأطاعته ورجعت ، وسمعت وهي راجعة ضحكة أبي عبدالله الحسين عليه السلام !
هذا هو العمل الذي عمله أبو عبد الله الحسين: بذل فيك مهجته !
روحي لك الفداء يا من أعطيت روحك وأنت مبتسم ، وهويت الى الأرض وأنت تقول: بسم الله وبالله ، وفي سبيل الله ، وعلى ملة رسول الله.
السلام عليك يا أبا عبد الله ، وعلى الأرواح التي حلت بفنائك.
( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ. إرْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ).