بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين ..
وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ 84 سورة يوسف ..
البكاء: حالة نفسية لا إرادية ينج عن الألم والحزن الشديد ..
ذهب الكثير من أصحاب الرأي إلى أن البكاء سلاح ضعيف يستخدمه من لا يقوى على ذب السوء عنه ودفع البلاء ، يستدلون بذلك على استخدام الأطفال للبكاء وبكثرة لضعفهم وعدم مقدرتهم على الدفاع عن أنفسهم وذب الضيم عنهم ..
ذهب آخرون من أصحاب الرأي إلى أن البكاء سلاح قوي وذو أثر عظيم لذا اتخذته المرأة بكثرة لتستميل به قلب الرجل وتأخذ منه ما تريد ..
لقد أولت الشريعة السمحاء إهتماما كبيراً بالبكاء نظراً لما له من أثر طيب على النفس ، خصوصاً ما إذا كان من خشية الله ..
البكاء سبيل من السبل التي يتقرب بها المؤمن إلى الله وباب من أبواب الرحمة الإلهية وطريق من طرق الوصول لرضوان الله ..
تتجلى عظمة البكاء عند الصافين أقدامهم في محراب الصلاة ، المنقطعين إلى ربهم بخالص الدعاء ، الخائفين من عظيم عذابه والطامعين في نعيم جنانه ، يغسلون بالبكاء قلوبهم من الأردان ، ويطيبون به نفوسهم ويُزينون به وجوههم ، ويجلون به همومهم وأحزانهم ، ليبدو أثر ذلك عليهم من خلال تعاملهم مع من يحيطون بهم من أهل وأصدقاء ..
للبكاء أثر عظيم في إظهار مظلومية المستضعفين وإبداء أهداف الناهضين في وجوه الطغاة والمتجبرين ..
ونحن نعيش أيام الحسين الخالدة والتي ما كانت أن تبقى لهذا اليوم لولا بكاء السبايا وصراخ الأطفال الذين طبعوا بدموعهم ملحمة كربلاء الحسين على صحائف من نور يراها العالم بأسره ، فيتخذها من أراد التحرر من الإستعباد نبراساً يهتدي به إلى سمو المجد والعزة والخلاص من الذل والهوان ..
يستنكر من ليس له دراية بأثر البكاء على شيعة الحسين ذرف الدوع الساخنة في أيام عاشوراء ، ويسخر منهم بكلام هزيل لا فيه سند ولا دليل ..
إن للدموع الساخنة على مصاب سيد الشهداء عليه السلام أثرها البالغ على عروش الطغاة ، لذا حاربوها بكل ما أتوا من قوة لكنهم فشلوا وخسئوا ، وذبوا بغيظهم لمزابل التاريخ ، أما الحسين والباكون فبقوا ناشرين للخير ما بقي الزمان ، مرعبين بدموعهم الهمالة الظالمين ، مقلقين مضاجع المتجبرين ..
ستبقى كربلاء خالدة بدموع النبلاء وسيبقى عاشوراء خالداً بسلاح العزة الذي استعملته الحوارء ومن معها من نساء وأطفال في مجالس الطغاة ، ليطفوا به رصاصة الموت في قلوب طغاة بني أمية ويلقوهم في مزابل التأريخ ولعنة الأمة إلى يوم الدين ، في المقابل أحيت الحوراء ومن معها من سبايا ثورة سيد الشهداء وأهدافها بدموعهم المسفوحة وخطابهم الصادح لتبقى خالدة ما بقي الزمان ..

صــ آل محمد ــداح ( النجــ احمد ــار)