![]() |
بينات من الآيات الخضوع بين الطوع و الإكراه
بينات من الآيات الخضوع بين الطوع و الإكراه [15] [ و لله يسجد من في السموات و الارض طوعا و كرها ] " من " اسم موصول للعاقل و يبدو ان المراد منه هنا مطلق الأشياء . و ذلك لأن ما نسب إليها هو فعل العقلاء فلله يسجد من في السماوات والارض من الكائنات كالحيوان و الانسان ، و غيرهما مما لا يعلمه إلا الله ، انما تسجد لله خاضعة له بإرادتها فانلم تسجد لله طوعا أسجدها الله له كرها ، و السجود بالنسبة للمكرهين تعبير عن الخضوع لأمره ، فهذا الانسان محكوم بقوانين وضعها الله له في كل جوانب حياته ، و بعد مماته . [ و ظلالهم بالغدو و الآصال ] الغدو صباحا مع شروق الشمس ، و الآصال مساء عند غروب الشمس ، و هذا تعبير عن حركة الأرض حول الشمس ، و الغدو و الآصال هو بداية و نهاية نشوء الظل ، فالظل يبتدئ طويلا فيأخذ بالقصر حتى منتصف النهار ، حيث ينعدم و يبدأ في الطول ، حتى ينعدم نور الشمس ، فهويبتدئ طويلا ، و ينتهي طويلا ، و ينعدم فيما بينهما . و هكذا تخضع الظلال لحركة الشمس المسخرة بدورها للهسبحانه . أفلا يدلنا ذلك على سجود الطبيعة لله . [16] [ قل من رب السموات و الارض قل الله ] ليس العجب في الظل بل في منشأ الظل ، فكما قلنا : إن منشأ الظل هو دوران الأرض حول الشمـس ، إذا فالعجب كل العجب في هذين الخلقين السماوات و الأرض ، من ربهما و مسيرهما ؟ بالطبع هو الله وحده . [ قل أفأتخذتم من دونه أولياء ] اذا كان الله بهذه القوة و الهيمنة ، إذا فلماذا نتخذ غيره و ليا لا يملك من هذه القوة و الهيمنة شيئا ، بل لا يملك قوة ذاته ، و لا هيمنة على قواه . [ لا يملكون لأنفسهم نفعا و لا ضرا ] هذه الأصنام الحجرية أو البشر لا تملك النفع لنفسها ، و لا دفع الضر عنها ، فهل هي قادرة على إعطائك النفع أو دفع الضر عنك ؟! [ قل هل يستوي الأعمى و البصير ] المشكلة ليست في الحقائق من حولك ، إنما المشكلة في أعيننا ، فالعين مدخولة ، أما الحقائق فموجودة ، و العمى و البصر الحقيقيان ليسا في العين ، بل في القلب كما قال تعالى : [ فانها لا تعمى الأبصار و لكن تعمى القلوب التي في الصدور ] . [ أم هل تستوي الظلمات و النور ] الظلمات كما جاء في الخبر هي الكفر ، و النور هو الإيمان . [ أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقة فتشابه الخلق عليهم قل اللهخالق كل شيء ] لا يستطيع أي إنسان مهما كان أن يدعي أن هناك خالقا غير الله لهذا الكون ، فاذا لم يعترف بالله مثلا فلن يقول : إن الكون خلق نفسه ، قال تعالى : [ ولئن سألتهم من خلق السموات و الأرض و سخر الشمس و القمر ليقولن الله فأنى يؤفكون ] 61 / العنكبوت . [ و هو الواحد القهار ] قد يكون الواحد قهارا و قد لا يكون ، ولكن الله واحد و قهار .. واحد تدل على ذلك آياته ، و قهار غالب على كل شيء بقدرته و ارادته ، أما عصيان البشر له فليس انحسارا لقهره ، بل لأنه يمهل الكافرين ليزدادوا إثما مع إثمهم ، و إنما عجلة الله و إنتقامه السريع هو الانحسار الحقيقي لقهر الله فكما ورد في الدعاء : [ إنما يعجل مـن يخاف الفوت ، و إنما يحتاج الى الظلم الضعيف ] . فأما الزبد فيذهب جفاء : [17] [ أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها ] اي ان الأودية تسيل بقدر قطر المطر ، و هذه الآية تلمح الى أن المطر له مقادير معينة يقدرها الله حسب طاعة أو معصية العباد ، كما في قصة أصحاب الأحقاف ( قـــوم هود ) لما كفروا قطـــع الله عنهم المطر سبع سنوات ، وبعد أن جاءهم أهلكهـــم ، و قد قال تعالى: [ استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ] . [ فاحتمل السيل زبدا رابيا ] يقال : حمل للحامل بإرادته أو كان راضيا ، أما احتمل أي حمل قسرا ، كما يقال للضيف الثقيل : احتملت الضيف ، أو كما يقال : احتمل الأذى ، فالسيليحتمل الزبد ، و كأن الزبد غير مرغوب فيه ، و الزبد هو المخلفات و الأوساخ يجرفها السيل معه ، و قال صاحب المجمع : الاحتمال رفع الشيء على الظهر بقوة الحامل له ، و يقال : علا صوته على فلان فاحتمله و لم يغضب ، و الزبد و ضر الغليان ، و هو خبث الغليان ، و منهزبد القدر و زبد السيل ، و رابيا : مرتفعا يتزايد باستمرار تدفق السيول عليه . [ و مما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله ]كما أن ما يجرفه السيل زبد ، فكذلك المعادن التي تصهر بالنار لتصنع منها الحلي هي زبد أيضا ، و هذه إشارة بأن صناعة الحلي تعتمد على الصهر بدرجات حرارية كبيرة ، و سبب أن متع الحياة زبد أنها تشغل الانسان بالظاهر ، و تدعه ينسى هدفية الحياة ، و يتصور أن هدفية الحياة هو ما يحصل من هذه المتع . [ كذلك يضرب الله الحق و الباطل ] إذا فمتع الحياة مثل الزبد ، و هذا هو الباطل ، أما الحق فعادة ما يغفل عنه ، ذلك لأن الحق ليس الذي يستهويك ، انما الحق هو الذي يكمن خلف المباهج ، فلا تغرنك المباهج بل إبحث خلفها عن الحقيقة الناصعة . [ فأما الزبد فيذهب جفاء ] أي ان الزبد يتلاشى و يضيع هدرا ، قال الراغب في مفرداته : جفاء : و هو ما يرمي به الوادي أو القدر من الغثاء الى جوانبه ، يقال : أجفــأت القدر زبدها : ألقتـه إجفاء ، و أجفأت الأرض : صارت كالجفاء في ذهاب خيرها " . (1)(1) مفردات الفاظ القرآن / ص 92 . [ و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال ]اذا زال الزبد بقى الجوهر ، و الباطل لا يستطيع أن يغطي الحق أبد الابدين ، فالباطل سريع الزوال ، لانه ضد الطبيعة ، و ان الباطل لا يمتلك مؤهلات الوجود ليستمر . [18] [ للذين استجابوا لربهم الحسنى و الذين لم يستجيبوا له لو أن لهم ما في الأرض جميعا و مثله معه لأفتدوا به أولئك لهم سوء الحساب و مأواهم جهنم و بئس المهاد ]هذه العبرة من الأمثال : فالذين استجابوا لرسالة ربهم المتمثلة في المطر ، و ساحت أودية قلوبهم ، إستجابوا بالإيمان فان لهم الحسنى جنات تجري من تحتها الأنهار ، و الذين لم يستجيبوا لرسالة الله لو أن عندهم ما في الأرض و مثله معهم من الزبد لما منع عنهم سوء الحساب و جهنم . نعوذ بالله منها . |
الحمد لله الذي عرفنا نفسه بقدرته على مايشاء له الملك يوتي الملك لمن يشاء انه الحميد المجيد
احسنتم موفقين ان شاء الله وايبارك بجهودكم المعارف لكم منا دعاء بالعافيه والتوفيق في خدمة الزهراء وبنيها ع احسنتم واحسن الله اليكم |
الساعة الآن 06:39 AM |
Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010